منذ عملية "طوفان الاقصى" وما تلاها، بدا واضحاً تحييد الجانب البحري عن المواجهات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، فبقيت المنصات بعيداً عن أي تصعيد، وان كانت فصائل مقاومة عراقية أعلنت استهداف مصافي النفط في حيفا في نيسان الماضي، بواسطة الطيران المسيّر، في رسالة حملت تهديداً مبطناً أن لا خطوط حمراء عند "محور المقاومة" وأنه قادر على ضرب حقول الغاز إذا تمادت إسرائيل في حربها.



بالنسبة إلى حزب الله فإن ما ينتظر لبنان من استحقاقات بعد هذه الحرب سيعود نفعها على كل لبنان، فإنجازات النصر أمنياً وبرياً وبحرياً وسيادياً ستعود بركاتها، بحسب ما قال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله على كل لبنان وكل الشعب اللبناني، مشيراً في خطابه في نيسان الماضي إلى إعادة فتح ملف النفط والغاز في البحر، وبأن المقاومة لن تقبل بالوضع القائم حالياً حيث يواصل العدو استخراج الغاز من كاريش فيما يقع لبنان تحت رحمة الشركات العالمية. وهنا تشدد مصادر سياسية بارزة على أن ملف التنقيب عن النفط والغاز سيكون في صلب نقاشات "اليوم التالي للحرب"، فالحزب لن يترك الأمور على حالها، والحلول التي يعمل عليها للوضع في جنوب لبنان ربطاً بالترسيم البري ستكون مقرونة أيضاً بتعهدات دولية بعدم تعطيل عمليات التنقيب واستخراج الغاز واستفادة لبنان من ثرواته البحرية.

ويعتقد الباحث في مجال الطاقة، في معهد عصام فارس في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور مارك أيوب في حديث لـ"لبنان24" ان الابتعاد عن استهداف المنصات في الاشهر الثماني الأولى يعكس صورة الخطوط الحمراء الاقليمية والدولية التي وضعت في الايام الاولى للحرب. لكن تجدر الاشارة الى أمرين:

- الأول أن حقل تمار تم وقف الإنتاج منه بين 7 و29 تشرين الاول خوفا من التصعيد قبل أن يعاود الإنتاج.

- الثاني أن عدم استهداف منصات الحفر في المياه الفلسطينية حتى الآن لا يعني أنها لن تدخل المعركة بحسب تطورات الميدان وأمد الحرب وأفقها، وبالتالي إدخالها من ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها، إلا أنها حتى الساعة غير مشمولة فيها.

يبدي كثيرون اقتناعاً أن توتال تتقاطع مع إسرائيل في ما خص تفرّد تل أبيب باستخراج الغاز في شرقي المتوسط، خاصة وأن في تاريخ 22 شباط الماضي بدأ الغاز الطبيعي بالتدفق من حقل شمال كاريش إلى إنرجان باور، ومنع هذا الغاز حدوث نقص كان محتملاً عندما تم إيقاف إمدادات الغاز من حقل تمار للغاز الطبيعي لأسابيع معدودة في بداية الحرب في غزة. وبالتوازي غاب التقرير الرسمي الواجب صدوره عن شركة توتال إنرجي حول نتائج الحفر في البلوك 9 اللبناني، علماً أن الشركة لم تقدّم أي تعديلات جديدة على العقد في البلوكين 8 و10، بعد صدور قرار مجلس الوزراء بالتعديلات الأخيرة في حين أن دورة التراخيص الثالثة تنتهي في 2 تموز المقبل، ولم تتقدّم أي شركة في أيّ من البلوكات المعروضة

ويقول أيوب في هذا السياق إن البلوكين 8 و10 عادا الى كنف البلوكات المعروضة للمزايدة في دورة التراخيص الثالثة، ولم يعد هناك أي تفاوض من توتال والكونسورتيوم منذ شباط 2024, وليس هناك أي مؤشرات عن نية لتقديم طلبات من توتال أو أي شركة أخرى قبل 2 تموز متوقعاً تأجيل مهلة تقديم التراخيص الى آواخر العام 2024 أو مطلع العام 2025. أما بالنسبة للتقرير، فأصبح من البديهي بعد زيارة وفد توتال الى بيروت الأسبوع الماضي أن الحجج التقنية المعطاة هي واهية والموضوع أصبح سياسياً بحت مرتبط بمدى تطور الجبهة في الجنوب ومفاوضات الحدود التي يقودها الوسيط الأميركي في ملف الطاقة آموس هوكشتاين. في المقابل، حاول وفد توتال خلال زيارته التأكيد أن الشركة تجارية ولا تدخل الحسابات السياسية في عملها وانها تبدي اهتماماً بالمشاريع القائمة في لبنان وانها سوف تستمر في عمليات الاستكشاف في البلوكَين 8 و10، فضلاً عن اهتمامها بمشاريع الطاقة المتجددة.

ويعتبر أيوب أن توتال متحمسة للطاقات المتجددة بقدر حماستها للعودة الى البلوك 9 للحفر. فالحديث عن عرض منشأة الطاقة الشمسية مع قطر للطاقة يعود للعام 2023 أي ما قبل الحرب، في حين أن الامور اليوم مجمدة على كل الاصعدة ولم تعد توتال تظهر الحماسة نفسها، فكل شيء مرتبط بما يمكن أن تؤؤل اليه الامور في الجنوب.

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تسلم نص الكتاب الذي أرسله إليه وزير الطاقة وليد فياض جوابا على رسالة شركتي "توتال" و"قطر انرجي" بالنسبة لمعمل الطاقة المتجددة بقدرة نحو100 ميغاوات حيث اقترح الأخير حلاً قانونياً يسمح بالإسراع في تنفيذ هذا المشروع لتتمكن الشركتان من الإستثمار في بناء المعمل، ولقد أرسل الرئيس ميقاتي لهما الرسالة بحسب اقتراح وزارة الطاقة، مع الإشارة إلى أن مصادر نيابية تشير لا يمكن الترخيص لأي شركة بإنتاج الكهرباء من دون العودة إلى مجلس النواب.




المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

"ممارسات غير إنسانية".. الأصوات المعارضة للحرب على غزة تعلو في صفوف الجيش الإسرائيلي

مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وارتفاع أعداد القتلى، تتزايد الأصوات المعارضة داخل الجيش الإسرائيلي لا سيما بين جنود وضباط الاحتياط. وقد خرج بعضهم عن صمته علنًا، في انتقاد غير مسبوق للحكومة وقراراتها التي يصفونها بأنها غير أخلاقية وتحمل دوافع سياسية. اعلان

ومن بين هؤلاء يوڤال بن آري، جندي احتياط خدم في جولتين داخل القطاع، الأولى في الشمال والثانية في الجنوب، وقد أعلن عبر مقابلة مع شبكة NBC أنه يرفض المشاركة في ما وصفه بـ"جرائم حرب"، مشددًا على أن "الموقف الوطني الحقيقي هو أن تقول لا".

كما عبّر عن شعوره بالخجل والذنب حيال معاناة المدنيين في غزة، قائلاً: "أناشد الحكومة الإسرائيلية وقف تجويع مليوني إنسان".

بن آري، الذي أعيد تجنيده في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 رغم إصابته السابقة في ساقه، أشار إلى أن صدمته من حجم الدمار الذي شاهده خلال المهمة الأولى دفعته لاحقًا إلى طلب إعفائه من المهمة بعد أسبوع واحد فقط على انتشار جديد جنوب القطاع في آذار/مارس. وقد كتب عبر وسائل التواصل: "لن أرتدي هذا الزي العسكري ما دامت هذه الحكومة في السلطة".

ورغم تلقيه دعمًا من بعض أفراد عائلته وأصدقاء مقرّبين، فقد واجه بن آري أيضًا اتهامات بـ"الخيانة" و"التخلي عن الرهائن"، وهي اتهامات قال إنه كان يتوقعها. ودوّن تجربته لاحقًا في مقال بصحيفة "هآرتس" دون الإفصاح عن هويته.

تصاعد المعارضة داخل المؤسسة العسكرية

لم يكن موقف بن آري معزولًا عن موجة اعتراض آخذة في الاتساع، فمع انطلاق عملية "عربات جدعون" مطلع الشهر الجاري، تصاعد زخم الرافضين داخل الجيش الإسرائيلي.

ووفق منظمة "ريستارت إسرائيل"، التي ترصد الاعتراض على سياسات الحكومة، فقد وقّع أكثر من 12 ألف جندي حالي وسابق على رسائل احتجاج منذ انهيار الهدنة في آذار/مارس، دعوا فيها إلى وقف الحرب، وأعلنوا رفضهم أداء أي مهام قتالية مستقبلية في حال استمرارها.

جنود من الجيش الإسرائيلي ينعون الرقيب أول روعي ساسون، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.Maya Alleruzzo/ AP

وفي هذا السياق، برز موقف الطيار المتقاعد غاي بوران (69 عامًا) في مقابلة مع شبكة NBC، والذي عبّر عن رفضه العلني لما يجري، مؤكدًا من تل أبيب أن الاعتراض لا يأتي من منطلق التعب بل لأن "هذه الحرب غير شرعية".

وكان بوران من أوائل من بادروا إلى صياغة رسالة احتجاج وقّع عليها نحو 1200 من الطيارين الحاليين والسابقين. واعتبر أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "غارق في مشاكل قانونية خطيرة"، في إشارة إلى محاكمته في قضايا فساد.

ورأى بوران أن الحرب تُدار خدمةً لمصالح الشركاء اليمينيين في الائتلاف الحاكم، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين هددا بإسقاط الحكومة في حال التوصل إلى هدنة مع حماس، كما دعا كلاهما إلى "إبادة كاملة" للحركة، واحتلال غزة مجددًا وإعادة توطينها. وعلّق بوران قائلًا: "إسرائيل أصبحت رهينة لهذا الابتزاز السياسي".

حرب "غير إنسانية"

اعتراضات أخرى برزت من داخل صفوف ضباط الاحتياط. أحدهم، برتبة رائد، أعرب عن قلقه من تصريحات بعض الوزراء بشأن استخدام التجويع كأداة ضغط، قائلاً: "هذه لم تعد حكومة أخلاقية... على الجيش أن يضع حدًا لهذا الجنون".

وعلى الرغم من أن القانون الإسرائيلي يمنع فصل الموظفين دون مبرر قانوني، أفادت تقارير بأن الجيش قام فعلًا بفصل أو تهديد عدد من الجنود الموقّعين على رسائل الرفض.

في المقابل، اكتفى الجيش الإسرائيلي بإصدار بيان مقتضب قال فيه إن "الجنود الاحتياطيين الذين يتركون عائلاتهم ووظائفهم للدفاع عن البلاد هم ركيزة أساسية في قوة الجيش"، من دون أن يتطرق إلى الانتقادات أو الخلفيات السياسية المرتبطة باستمرار الحرب.

Relatedمظاهرات في تل أبيب تطالب بعودة الرهائن وبإنهاء الحرب في غزةإسرائيل تتهم ماكرون بشن "حملة صليبية ضد الدولة اليهودية" بعد انتقاده الحرب على غزةغزة: جوع وطوابير ولا حل في الأفق.. الآلاف يتجمعون أمام مركز جديد للمساعدات في رفح

وفي ختام تصريحاته، قال بوران إن الصراع الجاري لم يعد سوى "حرب انتقام"، محذرًا من غياب الحلول الواقعية: "حتى الجيش يقول إن هذا ليس حلًا طويل الأمد. إذا احتلّ غزة، فعليه أن يطعم سكانها، ويعالجهم، ويوفر لهم التعليم والبنية التحتية. من سيتولى ذلك؟".

اعلان

أما بن آري، فاختصر موقفه بالقول: "لا يمكن تهجير مليوني إنسان من ديارهم بهذه البساطة... هذا فعل غير إنساني".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • 40 تريليون قدم مكعبة تحت أعماق البحر.. خطة أمريكية سورية لإنعاش قطاع الطاقة
  • بطاقة 1200 أسطوانة يومياً.. شركة البريقة تدشّن نقطة «تعبئة غاز» في بلدية براك الشاطئ
  • نائب:حكومة البارزاني تسعى لفرض هيمنتها على النفط والغاز في الإقليم
  • شركة غاز البصرة تعلن عن زيادة في إنتاجية الغاز
  • "ممارسات غير إنسانية".. الأصوات المعارضة للحرب على غزة تعلو في صفوف الجيش الإسرائيلي
  • توجيه حكومي بالعمل بالطاقات القصوى لإنتاج الغاز وتجهيز محطات توليد الطاقة الكهربائية
  • نائب:اتفاقيات مسرور مع الشركات النفطية الأمريكية غير دستورية
  • النفط يواصل التدفق.. أكثر من 1.4 مليون برميل يومياً وإنتاج غازي يتجاوز 2.5 مليار قدم مكعب
  • للحرب وجوه كثيرة
  • الغاز الموعود ينتظر التقرير وعقد الاستكشاف ينتهي غداً: هل تنسحب توتال؟