نتنياهو لبلينكن: لا يمكن تصوّر أن تحجب واشنطن الأسلحة عن إسرائيل
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، الثلاثاء 18 يونيو 2024، أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد لدى زيارته تل أبيب الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأمريكية تعمل على حل مسألة حجب أسلحة وذخائر عن إسرائيل.
وفي 10 و11 يونيو/ حزيران الجاري، زار بلينكن تل أبيب ضمن جولة شرق أوسطية قادته أيضا إلى الأردن وقطر، في إطار جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ، وذلك غداة تبنّي مجلس الأمن مشروع قرار أمريكي يدعم مقترح الرئيس جو بايدن بهذا الخصوص.
وقال نتنياهو في بيان أرسل مكتبه نسخة منه للأناضول: "عندما كان الوزير بلينكن مؤخرا في إسرائيل، أجرينا حوارا صريحا، وقلت إنني أقدّر كثيرا الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل منذ بداية الحرب".
واستدرك: "لكنني قلت أيضا إنه من غير المعقول أن تقوم الإدارة الأمريكية في الأشهر القليلة الماضية بحجب الأسلحة والذخائر عن إسرائيل".
وأضاف: "إسرائيل، وهي أقرب حلفاء الولايات المتحدة، تقاتل من أجل حياتها، وتقاتل إيران وأعداءنا المشتركين الآخرين"، وفق تعبيره.
وأكمل: "أكد لي الوزير بلينكن أن الإدارة (الأمريكية) تعمل ليل نهار لإزالة هذه العقبات. بالتأكيد آمل أن هذا هو الوضع، ينبغي أن يكون الأمر كذلك".
ووفق البيان ذاته، أشار نتنياهو إلى أنه "خلال الحرب العالمية الثانية، قال تشرشل للولايات المتحدة: أعطونا الأدوات (الأسلحة اللازمة للحرب) وسنقوم بالمهمة. وأنا أقول: أعطونا الأدوات وسننهي المهمة بشكل أسرع بكثير".
ولم يحدد نتنياهو نوعية الأسلحة التي تحجبها واشنطن.
ومنذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أرسلت الولايات المتحدة إلى إسرائيل كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات، بحسب بيانات إسرائيلية وأمريكية. المصدر : وكالة سوا
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
ليست مسرحية بل لعبة العروش السياسية
صراحة نيوز – كتب زيدون الحديد
في مشهد يعيد إلى الأذهان ما يمكن أن تفعله القوى العظمى حين تتقاطع مصالحها مع نار الحرب، جاء وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وإيران ليمثل لحظة سياسية بالغة الدلالة، ليس فقط على مستوى الإقليم، بل على مسرح النظام الدولي بأسره.
ففي الوقت الذي اعتقد فيه البعض أن شرارة الحرب الأخيرة بين الجانبين لم تكن إلا مسرحية سياسية أو تصفية حسابات أمنية محدودة، جاءت الطريقة التي أدير بها وقف التصعيد لتكشف عن حقيقة مغايرة وهي ان اللعبة أكبر من مجرد صراع حدودي أو حرب استخبارية، وانما لعبة قوى كبرى، والتي يدير دفتها من يمتلك القدرة على إطلاق رصاصة البدء وصافرة النهاية.
تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاءت لتضيف بعدا آخر للقراءة السياسية، فبينما دعا في خطاباته العلنية إلى التهدئة وضبط النفس، أطلق في المقابل تصريحات اعتبرها البعض متناقضة، لكنها برأيي الشخصي حملت رسالة صريحة وهي أن لا قانون فوق القانون الأميركي، وأن قانون القوة هو الحاكم الأول والأخير في معادلة الصراع.
وهنا أقول انه وفي الوهلة الأولى كانت تظهر التصريحات متضاربة بين تحذير من التصعيد وتأكيد على “حق الولايات المتحدة في حماية مصالحها وحلفائها”، ولكنها لم تكن إلا جزءا من تكتيك سياسي متعمد من ترامب، الذي اعتاد استخدام الأسلوب الرمزي الموارب، فكان يوجه رسائل مباشرة للقوى الإقليمية والدولية مفادها أن الولايات المتحدة وحدها من يملك القرار الفصل، متى تبدأ الحرب، ومتى تفرض التهدئة، وكيف ترسم ملامح المشهد اللاحق.
فخطاب ترامب هو تجسيد عملي لفكرة أن الولايات المتحدة ليست ملزمة بأي معيار دولي حين يتعلق الأمر بمصالحها الإستراتيجية، وأنها — متى شاءت — قادرة على خلط الأوراق وتغيير قواعد الاشتباك وفقا لإرادتها.
وهكذا، أثبتت الإدارة الأميركية عبر تصريحات ترامب الأخيرة، أن الهيمنة لا تتطلب بالضرورة الحرب، بل يكفي أن تمتلك واشنطن القرار لتشعل أو تطفئ فتيلها، في لحظة تقرر فيها وحدها متى تكون القوة هي القانون، فترامب، الذي لطالما تباهى بقدرته على صناعة المشهد السياسي كما يشاء، بدا وكأنه أراد تذكير العالم أن قرار الحرب والسلم في هذه المنطقة، ومهما تعددت القوى الإقليمية، ما يزال في جيب الولايات المتحدة، وأن واشنطن — سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا في البيت الأبيض — هي اللاعب الأوحد القادر على توقيت اندلاع المواجهات أو إسدال الستار عليها.
من هنا، فإن من كان يظن أن الحرب الأخيرة مسرحية عبثية أو مواجهة محدودة بلا أبعاد إستراتيجية، كان مخطئا، بل الحقيقة أنها كانت واحدة من أذكى الألعاب السياسية التي أديرت بعناية، ليجري خلالها اختبار توازن القوى في الإقليم، وقياس استعدادات الحلفاء والخصوم، ومن ثم إعادة ضبط الإيقاع بما يخدم مصلحة الكبار.
ما جرى لم يكن استعراضا ميدانيا، بل رسالة أميركية مزدوجة أولا، للداخل الأميركي الذي يراقب تراجع نفوذ واشنطن في بعض الملفات العالمية وثانيا، لحلفاء الولايات المتحدة وخصومها على السواء، بأن واشنطن، وإن أرهقتها حروب أو زعزعتها انتخابات، قادرة على استعادة قرار الهيمنة متى شاءت.
في المحصلة، ما بين قصف ووقف، ودمار وهدوء، ما تزال اللعبة الكبرى تدار بعقل بارد من غرف القرار في واشنطن، بينما تتقاذف الشعوب كلفة الحسابات الجيوسياسية، في مشهد لن يكون الأخير في تاريخ هذه المنطقة.