قبلان: لا خوف على لبنان ولا نحتاج الى تطمينات من أحد
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، توجه في شقها السياسي، الى "الشعب اللبناني وبالأخص للإخوة المسيحيين"، بالقول: خسارةُ المسيحيين تعني خسارةً للمسلمين، وواقع تجربتنا وواقع الارض منذ عشرات السنين يؤكد ذلك، ولبنان لا يقوم إلا بشراكتنا الوطنية، وجبهة الجنوب بكل صمودها وانتصاراتها وأثمانها السيادية إنما هي من أجل هذا البلد وطائفته اللبنانية ومصالحه الاقليمية وضميره الأخلاقي، ولذلك احذروا أبواق الفتنة الطائفية، واحذروا ممن يستثمر بالتخويف والتبخيس والتقسيم وشيطنة الشريك المسلم وخاصة المقاومة التي لولاها لم يبق للبنان وجود، والبلد بلدنا جميعا وشراكتنا أبدية، ونحن لن نختار بديلا عن الشريك المسيحي".
وأشار أنه "وفقا لضرورات شراكتنا الأهلية والوطنية، لا محل لموتور، ولا ساتر لصهيوني، ولا لمرتزِق غادر، ولا لغرفة سوداء، ولا لخطاب تقسيمي، ولا لمشروع أو بوق ضد مصلحة لبنان، بل يجب عزل جماعة الفتنة والتقسيم والارتزاق عن مصالح البلد وضروراته الوطنية، وواشنطن وحلفاؤها ووكلاؤها ليسوا أكثر من تجار خراب وفتن".
وأكد المفتي قبلان "أن لبنان اليوم قوي بمقاومته وبشراكته الوطنية، وما تقوم به المقاومة وضع لبنان في قلب الميزان الاقليمي، ولا خوف على لبنان ولا نحتاج الى تطمينات من أحد، لأن المقاومة بترسانتها السيادية الثقيلة هي الضمانة الاستراتيجية، واسرائيل تدرك هزيمتها المدوية إن دخلت أي حرب شاملة".
وطالب بمعالجة الملفات الداخلية سيما الاستحقاق الرئاسي، وتوجه للمؤيدين وللمعارضين بالقول:"التسوية الرئاسية محتومة عاجلا أم آجلا، ولا يمكن أن نقبل بنحر المشروع السياسي الوطني، كما لا يمكن تسليم لبنان لأي مشروع خارجي، ولن تمر علينا لعبة السواتر والوجدانيات، لأن البلد يقوم بالخيارات لا بالأماني، الحل فقط بتسوية رئاسية يربح فيها الجميع، ولا قيمة للديموقراطية اللبنانية اذا خدمت مصالح واشنطن وإسرائيل وبروكسل على حساب السيادة الوطنية، ومن يعتقد أن الانتخابات النيابية ستغير هذا الواقع هو واهم، ومن روج لفكرة التأخير إنتظارا لحرب غزة خابَ مع خيبة نتنياهو في غزة ولبنان، الحل فقط بتسوية لبنانية وطنية وغير ذلك مستحيل".
وتوجه المفتي قبلان للحكومة اللبنانية بالقول:" يجب القيام بأقل الواجب، سيما قطع يد كارتيلات اللعب الأسود بالطوابع المالية، والطابع الالكتروني هو الحل، وصندوق الضمان الاجتماعي مطالب بتوسيع تغطيته للعمليات والاستشفاء بشكل أوسع مما عليه، والدولة مطالبة بأن تكون أقوى من المستشفيات والأطباء، وترك الادارات العامة للإنهيار الكامل هو كارثة وطنية، والأجهزة الأمنية مطالبة بفرض الأمن خاصة في الشوارع، ولا عذر للهروب من الوظيفة الأمنية على الاطلاق، ولا بدّ من الانتهاء من ملف النزوح الذي يحتاج للشجاعة الوطنية فقط، خاصة أن حماية الديموغرافيا اللبنانية والأسواق والأمن والبضاعة والعملة الصعبة واليد اللبنانية أمر مستحيل مع وجود أزمة النزوح، وكذلك المطلوب حماية الدولة من كارتيلات المال التي تلتهم كل شيء بالبلد".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حزب الله.. الرقم الإسلامي الصعب
في 25 مايو 2000، تحقق أحد أهم الانتصارات في تاريخ الصراع العربي-الصهيوني، حيث انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان تحت ضربات المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله، منهية بذلك 18 عامًا من الاحتلال. كان هذا الانتصار بمثابة أول هزيمة عسكرية لإسرائيل في تاريخها، حيث أجبرت على الانسحاب دون شروط سياسية، مما أعطى المقاومة شرعية شعبية وعسكرية غير مسبوقة.
لقد أثبت حزب الله أنه “الرقم الإسلامي الصعب” في المعادلة الإقليمية، حيث اعتمد على استراتيجية عسكرية تعتمد على حرب العصابات والاستخبارات الدقيقة، بالإضافة إلى بناء شبكة اجتماعية وسياسية داخل لبنان عززت من قوته كحركة مقاومة وكمكون رئيسي في المشهد السياسي اللبناني.
لكن بعد عام 2000، واجه حزب الله تحديا جديدا يتمثل في الحفاظ على مكتسبات المقاومة وتطوير أدواتها في ظل بيئة إقليمية وداخلية متغيرة. ومع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005، والضغوط الدولية التي أعقبت الخروج السوري من لبنان، تعرض الحزب لاستهداف سياسي وإعلامي مكثف، حيث حاولت القوى الموالية للغرب إضعاف نفوذه.
لكن حزب الله، بقيادة شهيد الأمة الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله استطاع أن يحول التحديات إلى فرص، حيث عزز تحالفه مع إيران وسوريا، وطور قدراته العسكرية بشكل كبير، مما مكنه من تحقيق انتصار جديد في حرب تموز 2006، حيث صمد أمام آلة الحرب الإسرائيلية وأثبت أن المقاومة قادرة على مواجهة الجيش الإسرائيلي الأقوى في المنطقة. بل وتطور دور حزب الله في جبهات المقاومة الإقليمية حيث لم يقتصر دور الحزب على لبنان، بل امتد إلى جبهات أخرى ضمن جبهات المقاومة، حيث لعب دورا محوريا في فلسطين وسوريا والعراق واليمن.
ومع كل تلك الانتصارات والنجاحات وعلى مدى السنوات، فقد تعرض حزب الله لاستشهاد عدد من قادته البارزين، أبرزهم القائد العسكري الكبير عماد مغنية، وكذلك عدد من القادة الميدانيين في سوريا. لكن هذه الخسائر لم تضعف من عزيمة الحزب، بل زادته إصرارا على الاستمرار في مسيرته الجهادية.
ولكن في عام 2024، تعرض حزب الله لضربة موجعة باستشهاد شهيد الأمة الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله، الذي كان يعتبر أحد أبرز القادة الاستراتيجيين في تاريخ المقاومة. ومع ذلك، أثبت الحزب مرة أخرى أنه مؤسسة قائمة على التخطيط المدروس، حيث عمل على إعادة تموضعه سياسيا وعسكريا، مستمرا في إرباك العدو الصهيوني وعملائه في الداخل اللبناني.
ورغم كل التحديات، يبقى حزب الله أحد أهم الفاعلين في المعادلة الإقليمية، حيث يحافظ على توازن الرعب مع إسرائيل، ويمثل ركيزة أساسية في محور المقاومة. وان القيادة الجديدة للحزب، وإن كانت تفتقد لبعض الرموز التاريخية، إلا أنها تسير على نفس النهج الذي رسمه مؤسسو الحزب، معتمدة على خطط مدروسة تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في لبنان والمنطقة.
ذكرى التحرير ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي تأكيد على أن المقاومة هي الخيار الوحيد لتحرير الأرض ومواجهة المشروع الصهيوني، وأن حزب الله، برغم كل الضغوط، ما زال الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه.