يحاول اللوبي الداعم لدولة الاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية "إيباك" الإطاحة بالنائب الأمريكي، جمال بومان، بسبب مواقفة الداعمة للفلسطينيين.

نشرت مجلة "بوليتيكو"  تقريرا عن النائب الديمقراطي جمال بومان الذي غيرت زيارة لدولة الاحتلال مواقفه السياسية وربما كلفته إعادة انتخابه.

وفي التقرير الذي أعده كالدر  ماتشغو جاء فيه أن بومان نزل في نهاية عام 2021 من حافلة سياحية في مدينة الخليل.

والتي لا تزال تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية ومحاطة بأسلاك شائكة وتغطيها نقاط التفتيش.

وكان بومان في زيارة لمدة ثلاثة أيام للشرق الأوسط، ولكنه كان يشاهد أشياء لم ير مثلها، غيرت مواقفه من دولة الاحتلال والقضية الفلسطينية.

 وفي ذلك اليوم زار مدرسة تديرها الأمم المتحدة حيث كان يسمع من نوافذها صوت الرصاص الحي وتنشقوا رائحة العجلات المحترقة التي تسربت من نوافذ المدرسة.

وعاد بومان بمعنويات متدنية  و "هناك شوارع لا يمكنك المشي فيها وأماكن لا يمكن الذهاب إليها، فقط لأنك فلسطيني" حيث كتب تغريدة أرفقها بصورة له مع التلاميذ  و "عندما سألت عن أحلامهم، كانت إجابتهم بسيطة: الحرية ويجب أن ينتهي الاحتلال".

واستحضر ما حدث لاحقا، قائلا: "تستطيع أن تشعر بمدى الاختناق الذي تعيشه الضفة بسبب المستوطنات". وكانت الرحلة لحظة تغير بالنسبة له، واحدة تركت ظلالا من الشك حول منظور حل الدولتين، وهي السياسة التي تتبناها الإدارة الأمريكية.

وقال "كان حل الدولتين هو  ما تقوله للجميع حتى لا يزعجوك وتستطيع من خلاله إرضاء الجميع، حرية للفلسطينيين ودولة يهودية"، لكن ما أخذه معه بعد رحلة استمرت خمسة أيام هو أن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها رغبة بدعم عملية سلمية مستدامة وأن استمرار الولايات المتحدة تقديم الدعم لإسرائيل بدون شروط أمر غير حكيم.

وبعد الرحلة غير بومان موقفه ليصبح واحدا من أشد نقاد إسرائيل في الكونغرس بدلا من متابعة دعم الموقف الرسمي للحزب. وانتقل من التصويت لدعم المساعدات لإسرائيل وجهود التطبيع إلى دعم حركة المقاطعة لها.



 ولاحظ ذلك الناخبون في دائرته الانتخابية التي يعيش فيها أكبر تجمع لليهود الأمريكيين، ويواجه النائب الآن تحد في الانتخابات المقبلة، بسبب تغير مواقفه.

وهو الآن يواجه تحد في الانتخابات التمهيدية من مدير شركة ويستشتر كاونتي، جورج لاتيمر، الذي جعل دعم إسرائيل جزءا من حملته الانتخابية.

وقبل الانتخابات في الأسبوع المقبل يبدو أن هذه استراتيجية لاتيمر أثمرت جهودها. ففي واحد من استطلاعات المنطقة أجراها مركز بيكس-11 في بداية حزيران/يونيو أظهر تقدم لاتيمر بـ 17 دقيقة على بومان.

 ومع استمرار المنافسة بين بومان ولاتيمر اندلعت معركة أخرى بين اليسار والوسط في الحزب الديمقراطي، وبين النائبة الديمقراطية ألكسندرا أوكاسيو كورتيز وجماعة اللوبي المؤيدة لإسرائيل إيباك. ومن هنا أصبحت رحلته عام 2021 إلى الضفة الغربية علامة هامة قد تنهي مسيرته السياسية. وكان بومان مدير مدرسة حيث دخل في حلبة النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي في أول لحظة أصبح فيها سياسيا. ففي عام 2020، هزم النائب المفضل لإيباك إليوت إنجل الذي مثل الدائرة لمدة طويلة.

وأنفقت المنظمات المؤيدة لإسرائيل مليوني دولار على الحملة، لكن بومان فاز بدعم من منظمة العدالة الديمقراطية  وفي ذروة انتشار حركة حياة السود مهمة.  وفي البداية حاول، بومان التقليل من حملة اللوبي المؤيد لإسرائيل مشيرا إلى أنه دعم حل الدولتين وعبر عن رفضه لحركة المقاطعة والتي يدعمها الكثيرون في اليسار.

وعندما هزم بومان إنجيل لاحظ موقع "ذي انترسيبت" "ما هو واضح أن خسارة اللوبي الإسرائيلي ليس بالضرورة انتصارا مباشرا لحركة حقوق الفلسطينيين".

وعندما دخل الكونغرس، كان هذا التقييم صحيحا، حيث صوت خلال 10 أشهر من انتخابه على رزمة 3.3 مليار دولار  دعما لإسرائيل ولتمويل القبة الحديدية. ودعم مشروع قرار لتعزيز اتفاقيات إبراهيم بين إسرائيل ودول عربية منها الإمارات والبحرين والمغرب.

ورغم كونه جزءا من المجموعة في الكونغرس المعروفة بـ "الفرقة" إلا أنه انفصل عنها واختار متابعة الموقف الديمقراطي الرسمي فيما يتعلق بمساعدة إسرائيل، مع أنه دعم مشروع قرار لتحديد الدعم لها. وأغضب اليسار عندما زار إسرائيل فيما نظر إليها على أنها دعم تكتيكي للحكومة الإسرائيلية وبخاصة بعد ظهوره في صورة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، إلا أن الرحلة غيرت نظرته وجعلته قريبا من اليسار.

وتضمنت رحلته لقاءات مع مسؤولين في منظمات إنسانية وحقوقية ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمد اشتية. وزار القدس والقبة الحديدية ومتحف ياد فاشيم وأجزاء من الضفة الغربية وقال إنها ذهب إلى الحدود مع غزة وحاول العبور إليها ولكن الحكومة منعته نظرا للمخاطر. وبعد عودته غير من مواقفه، ففي شباط/فبراير 2022 سحب دعمه لمشروع يقوي اتفاقات "أبراهام" للتطبيع، ودعم مشروع قرار للاعتراف بيوم النكبة. وبعد نجاته من تحديات عدة دعمتها الجماعات المؤيدة لإسرائيل، صوت ضد قرار في مجلس النواب يؤكد أن إسرائيل ليست "دولة عنصرية" وشجب معاداة السامية وقاطع  خطاب رئيس إسرائيل اسحق هيرتسوغ، مع أنه التقى به في إسرائيل.

 وبحلول 2023 زاد غضب عدد من الحاخامات الذي كتبوا رسالة مفتوحة "13 حاخاما من نيويورك يقولون لبومان: توقف عن مهزلة معاداة إسرائيل". دعم نفس الحاخامات لاتيمر وساعدوا بجمع أصوات لهزيمة بومان. ورغم شجبه هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر إلا أنه كان أول من دعا لوقف اطلاق النار في الكونغرس وصوت لصالح تحديد الدعم لإسرائيل، مما دفع مجموعة جي ستريت التوقف عن دعمه، مشيرة لخلافات في النهج. وتقول المجلة إن إيباك والجماعات المرتبطة بها ضخت ملايين الدولارات لهزيمة بومان ودعم لاتيمر الذي يتهم النائب الحالي بأنه لم يفعل الكثير لمساعدة دائرته.



ويعتبر السباق بينهما الأكثر كلفة لمجلس النواب. وقال بومان في مقابلة أخيرة "دعمت إيباك ماغا (حركة ترامب) واليمين المتطرف الجمهوري وهم نفس الجمهوريين الذين حاولوا تغيير نتائج عام 2020،  ويقوم المعارضين الأشداء لي في الحزب الديمقراطي بالتعاون مع هؤلاء الناس للتخلص مني". و"كان لدى إيباك قبلي إليوت إنجيل ولهذا كان لديهم السيطرة الكاملة على المنطقة، كما لديهم السيطرة الكاملة على الكونغرس". لكن بومان يشعر الآن بانفصام مع ناخبين في دائرته،  ومنذ هجمات حماس تحول من كانوا في صف اليسار إلى اليمين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال الانتخابات ترامب امريكا احتلال انتخابات ترامب طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ماذا نعرف عن مشروع التهويد الأخضر الذي تنفذه إسرائيل؟

طالما ارتبط مشروع تهويد القدس بمحاولات إحكام الاحتلال فرض السيطرة على الأرض، وإقصاء الهوية الأصيلة، ومن بين وسائل التهويد التي لا يتم تسليط الضوء عليها "التشجير الاستيطاني"، وقد عاد الحديث عنها تزامنًا مع الحرائق الضخمة التي اندلعت في القدس المحتلة في نهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي، وكيف أسهمت هذه النباتات الدخيلة في مفاقمة الحرائق واتساع رقعتها، لتطال أكثر من 100 موقع في جبال القدس المحتلة، وهو ما أجبر الاحتلال على طلب المساعدة وإخلاء المستوطنين من مناطق الحرائق وغيرها من الإجراءات.

ونسلّط الضوء في هذا المقال على جانبٍ منسيّ من تهويد شطري القدس المحتلة مرتبطٍ بالحدائق والتشجير، ونقدّم من خلاله إطلالة على تاريخ هذا النمط الخفيّ من التهويد، وكيف وظف المشروع الصهيوني الغابات لتحقيق أهدافه في السيطرة على الأرض الفلسطينية، وإخفاء القرى العربية، واستمرار هذا الأسلوب حتى يومنا هذا، من خلال "الحدائق التوراتية" التي تحاصر الشطر الشرقي من القدس المحتلة.

من البدايات إلى ملايين الأشجار الدخيلة

بدأ الاستيطان في القدس بشكلٍ مبكر، فتوازيًا مع توسع الأحياء الفلسطينية خارج البلدة القديمة، استطاع بعض الأثرياء إنشاء أحياء يهودية خارج حدود البلدة القديمة، أُقيم حي "يمين موشيه" في منطقة جورة العناب في عام 1850، وهو أول الأحياء اليهودية التي أُقيمت في القدس، وقد اشتراه السير موشيه مونتيفيوري في عام 1854، تلاه حي "مئاه شعاريم" في منطقة المصرارة، و"ماقور حابيم" في المسكوبية في عام 1858، واستطاع مونتيفيوري بناء سبعة أحياء استيطانية أخرى حتى عام 1892.

إعلان

وعلى الرغم من القيود العثمانية فإن الاستيطان استمرّ بالتوسع، فحتى عام 1917 وصل عدد المستوطنات إلى نحو 16 مستوطنة، وقد تركزت في الشطر الغربي من القدس، ولعب أثرياء الصهاينة دورًا بارزًا في تمويل هذه المستوطنات، بدعمٍ من القنصليات الأجنبية.

وبالتوازي مع بدايات الاستيطان، أطلقت المنظمات الصهيونية نوعًا آخر من الاستيطان، وهو الاستيطان بالتشجير، من خلال الصندوق القومي اليهودي (Jewish National Fund)، والذي تأسس في عام 1901، وبحسب معطيات الصندوق فقد استطاع منذ تأسيسه زراعة أكثر من 260 مليون شجرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتغطي هذه الغابات أكثر من 250 ألف فدان (نحو 1.1 مليون دونم)، وبحسب معطيات الصندوق تتنوع الأشجار المنتشرة في هذه المساحات ما بين البلوط، الصنوبر، اللوز، السرو، الأرز وبعض الأنواع الأخرى.

ولا تقدّم معطيات "الصندوق" بياناتٍ واضحة حول حجم التشجير الاستعماري في شطري القدس المحتلة، إلا أن أجزاء كبيرة من شطرها الغربيّ تمّ تشجيرها، ومن أبرزها الجبال الغربية في هذا الشطر، والطريق التاريخي الواصل ما بين القدس ويافا، وغيرها من المناطق التي تحيط بالبلدة القديمة.

التشجير وإحياء نبوءات توراتية

لم تقف أهداف أذرع الاحتلال عند السيطرة على الأرض فقط، وهو ما سنبينه لاحقًا، إلا أنه ارتبط بالأساطير الدينية التوراتية، من خلال ربط المشروع الاستعماري في الأراضي المحتلة بالأشجار، فقد استند التفسير الصهيوني إلى نصوصٍ تتحدث عن "الأرض الموعودة" الغنية، والتي تضم أنواعًا من الأشجار، وهي: "الصنوبر، الصندل، الفستق، البلوط، الأرز، الطرفاء، السرو، الصفصاف، العرعر، الحور، الطلح".

إلى جانب مركزية الزراعة في الفكر اليهودي، وتخصيص أعياد خاصة بالشجرة تعود إلى الحقبة المبكرة من الاستيطان في عام 1887، ودفع مختلف الشرائح الاجتماعية على المشاركة في التشجير خلال يوم محدد من العام، وتُشير المعطيات إلى ربط اليهودية مفهوم الشجرة بالإنسان، ومن العادات لدى المستوطنين زراعة شجرة سرو أو صنوبر للمولودة الأنثى، وشجرة أرز للمولود الذكر، في سياق ارتباط الأشجار والإنسان في الفكر اليهودي، وغيرها.

إعلان

وعلى الرغم من هذه المركزية الدينيّة، فإن الدفع نحو استنساخ البيئة الأوروبية وسرعة الوصول إلى النتائج، كانت هي التي تدفع الصندوق القومي اليهودي لاختيار أنواع الأشجار، فقد زُرعت أشجار الكينا بشكلٍ كبيرٍ جدًا في المراحل الأولى من "الاستيطان الأخضر"، وتشكل اليوم شجرة الصنوبر نحو ثلث عدد الأشجار في الغابات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، على الرغم من ذكر هذه الشجرة لمرة واحدة فقط في النصوص اليهودية.

توظيف الزراعة في المشروع الصهيوني

"كانت فلسطين في نظر المهاجرين الصهاينة الجدد كصفحة بيضاء سيصمّمون عليها وطنهم المُتَخَيَّل، ويحقّقون عليه النبوءة بخلق شيء من لا شيء"، بهذه العبارة المهمة التي أوردتها إليسا روزنبرغ في بحثها بعنوان "خلق شيء من لا شيء". وروزنبرغ أكاديمية إسرائيلية ومهندسة للمناظر الطبيعيّة.

وتُشير روزنبرغ إلى توسيع التحريج (زراعة الغابات) بشكل كبير إبان الاحتلال البريطاني، بالتوازي مع عمل الصندوق القومي اليهودي، وكان هدف البريطانيين منع تعرية التربة، وتثبيت الكثبان الرملية، وتوفير الأخشاب والوقود، وقد سهّل وجود جهات معنية بالغابات في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية استيراد البذور والشتلات من المستعمرات البريطانية البعيدة، بما في ذلك الهند، وأستراليا، ومصر، وقبرص.

واستجلب الاحتلال البريطاني نحو 250 نوعًا من النباتات من 20 دولة مختلفة خلال مدة احتلاله. وأسهم الاحتلال البريطاني بإطلاق التشجير الاستيطاني بقوة، فقد زرعت سلطات "الانتداب" نحو 20 مليون شجرة، ووفّرت نحو 15 مليون شجرة أخرى للمستوطنات اليهودية ولجهاتٍ أخرى، وفي الفترة نفسها لم يكن نشاط الصندوق القومي اليهودي بهذه القوة، فقد أسهم بزراعة أعداد أقل بكثير من الأشجار خلال المدة نفسها.

من أبرز تجليات حملات التشجير الممنهجة، محاولة استنساخ التصور الأوروبي- الصهيوني لهذه الأرض، وتُشير المصادر إلى أن العمال وجلّ مهندسي الغابات في الصندوق القومي قدِموا من أوروبا الشرقية، وهو ما أدى إلى تنفيذ تصوراتهم عن الغابات وشكلها واستعمالاتها في الأراضي المحتلة التي يتم تشجيرها، وهو ما أدى لأن تصبح غابات الصنوبر التي أقامها الصندوق أشبه بغابات شمال أوروبا، إضافةً إلى محاولة المستوطنين الدخلاء التكيف مع الأراضي المحتلة، في محاولة للعثور على مكان "يشبه" هؤلاء الدخلاء في بلادٍ غريبة عنهم.

إعلان

ولم يكن الارتباط بالأرض التي قدِم منها المستوطنون هو الماثل في هذه الغابات فقط، بل عملت هذه الأذرع التهويدية على ربط هذه الحدائق مع رواية الاحتلال، على الصعد الروحية والدينية، وعبر تخليد الشخصيات المؤسِسة للكيان، وتلك الداعمة له في تأسيسه، فقد أطلق الصندوق على هذه الغابات الاستيطانية أسماء المستوطنين الأوائل، والمقاتلين، وغيرهم من رموز الكيان، إلى جانب شخصيات أسهمت في دعم الاستيطان، وعلى سبيل المثال تُشكّل الغابات المزروعة في القدس المحتلة لغرض الذكرى والتخليد، ما يعادل ثُلث هذه الغابات، ومن أبرز هذه الغابات "غابة القديسين" أو "الشهداء".

الحدائق التوراتية وابتلاع أراضي القدس

بدأت فكرة الحدائق التوراتية على أثر احتلال الشطر الشرقي من القدس المحتلة منذ سبعينيات القرن الماضي، وتصاعدت بشكل كبير في العقدين الماضيين، مع إقرار سلطات الاحتلال عددًا من المخططات الهيكلية، والتي وصلت إلى سبع حدائق ضخمة.

والحدائق "التوراتية" مصطلح مضلل يهدف منه الاحتلال إلى إسباغ روايته الدينية على الأراضي الفلسطينية في المدينة المحتلة بهدف السيطرة عليها، وما يتبع هذه السيطرة من منع أي وجود فلسطينيّ في محيط الأقصى، وبطبيعة الحال ارتباط هذه المصطلحات بـ"المعبد" المزعوم والعدوان المتصاعد على الأقصى، إذ تتركز هذه الحدائق في محيط المسجد الأقصى، وتلاصق سور القدس التاريخيّ، وفي عددٍ من المواضع تتوسع لتطوق البلدة القديمة والمناطق المحيطة بها، وخاصة في الجهات الجنوبية والشرقية والشمالية.

وتُشير المعطيات إلى تصاعد الاهتمام الحكومي الإسرائيلي بهذه الحدائق منذ عام 2005، فقد أقرت أذرع الاحتلال ميزانياتٍ ضخمة لتطوير هذه الحدائق، وتُشير المعطيات إلى أن هذه الحدائق شملتها ميزانيات متعلقة بتعزيز موقع القدس "وجهة سياحية"، ودعم بلدية الاحتلال في القدس ومشاريع تهويدية أخرى، ولا يقوم على هذه الحدائق جهة بعينها، إذ ينشط على تطويرها عددٌ من أذرع الاحتلال من بينها جمعية إلعاد الاستيطانية، وسلطة الطبيعة والحدائق العامة الإسرائيلية، وبطبيعة الحال تُشارك كلٌ من بلدية الاحتلال في القدس، وشركة تطوير القدس، ما سمح بتعزيز حجم هذه الحدائق، فقد تجاوزت مساحتها 2700 دونم، وتتوزع هذه الحدائق على الشكل الآتي:

إعلان الحديقة التوراتية المحيطة بالبلدة القديمة، ومساحتها 1100 دونم، وهي أكبر هذه الحدائق، تمت المصادقة عليها في عام 1974، وتُعدّ أخطرها، فهي ملاصقة لسور القدس والأقصى، وتستهدف أجزاء من مقبرة الرحمة، إلى جانب ضمها عددًا من الحفريات والمواقع الأثرية، والمخاطر المترتبة على هذه الحديقة بالذات، أن الاحتلال يتعامل معها على أنها امتدادٌ للمساحات غير المسقوفة في الأقصى، وأن البناء الإسلامي لا يتجاوزها، في سياق مخططاته الرامية إلى تهويد المسجد وتقسيمه. الحديقة التوراتية في وادي الصوانة ومساحتها 170 دونمًا. الحديقة التوراتية في السفوح الشمالية الشرقية لجبل المشارف على أراضي بلدة العيسوية/الطور، ومساحتها 730 دونمًا. "حديقة الملك" التوراتية، المقامة على أراضي حي البستان في بلدة سلوان، ومساحتها 50 دونمًا. حديقة جبل الزيتون ومساحتها 470 دونمًا. حديقة "شمعون هتصديق" على أراضي حي الشيخ جراح، ومساحتها 120 دونمًا. حديقة "باب الساهرة" ومساحتها 40 دونمًا.

وإلى جانب "الحدائق التوراتية"، تفتتح بلدية الاحتلال عددًا كبيرًا من الحدائق الاستيطانية، وتصاعد افتتاحها في ظل استمرار العدوان على غزة، ففي 16/2/2024 كشفت مصادر فلسطينية عن توقيع بلدية الاحتلال في وقتٍ سابق اتفاقية مع الصندوق القومي اليهودي، لتحويل أراضٍ من بلدة بيت حنينا وحزما إلى غابة استيطانية بمساحة ألف دونم.

وخلال شهر يوليو/ تموز 2024 افتتحت بلدية الاحتلال 3 حدائق جديدة للمستوطنين، على أراضي المقدسيين، أحدثها في قرية المالحة. ومن قبلها حديقتان على أراضي جبل المكبر وبيت حنينا في مستوطنتي "أرمون هنتسيف" و"راموت". وفي 28/8/2024 افتتحت بلدية الاحتلال حديقة عامة في مستوطنة التلة الفرنسية، على مساحة 63 دونمًا.

ويستمرّ افتتاح الحدائق، وكان آخرها في 14/5/2025، وكانت الحديقة التاسعة التي افتتحتها بلدية الاحتلال منذ 7/10/2023.

إعلان "تزهير الصحراء" والاستيلاء على الأرض وغيرها

في خطاب افتتاحي "للكنيست" عام 1951، طلب رئيس وزراء الاحتلال ديفيد بن غوريون من المستوطنين الاتحاد من أجل "تزهير الصحراء"، وأعلن عن حملة لزراعة آلاف الأشجار "على مساحة 5 ملايين دونم"، وهو ما يعادل حينها نحو ربع مساحة دولة الاحتلال، وأشار بن غوريون إلى واحدٍ من أهداف المشروع يتمثل بأنه "الطريقة الوحيدة لمساعدة اليهود على تنمية علاقة وجدانية قوية مع الأرض".

ورغم من هذا الهدف الحالم، فإن التشجير الكثيف أسهم في تحقيق سيطرة الاحتلال على مساحاتٍ شاسعة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن أمثلة هذا الطمس ما قامت به "غابات القدس"، والتي غطت عددًا كبيرًا من القرى الفلسطينية على غرار قرى "القبو، علّار، صوبا، عين كارم" وغيرها.

وتُظهر الكثير من الصور التي يلتقطها المشاؤون أطلال منازل الفلسطينيّين بين أشجار الصنوبر، كما في قرية عجّور قضاء القدس المُقام على أراضيها حديقة بريطانيا، وقرية لوبيا قضاء طبريا المُقام على أراضيها حديقة جنوب أفريقيا، إضافةً إلى الكثير من المواضع الأخرى، التي ظهرت على أثر اندلاع حرائق في جبال القدس، من بينها المدرجات الزراعية، التي تمثل جزءًا من هوية هذه البلاد وإرثًا تاريخيًا زراعيًا قيّمًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • حماس: المقترح الأمريكي الذي وافقت عليه إسرائيل حول الهدنة في غزة لا يستجيب لمطالبنا
  • إسرائيل تقبل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة
  • ماذا نعرف عن مشروع التهويد الأخضر الذي تنفذه إسرائيل؟
  • انتخاب قاض أردني لعضوية العدل الدولية.. مواقفه حادة تجاه الاحتلال الإسرائيلي
  • الملك يستقبل أعضاء من الكونغرس الأمريكي
  • البريزات يستقبل وفداً من الكونغرس الأمريكي ويبحث سبل التعاون المشترك
  • السيد القائد الحوثي: العدو الإسرائيلي يحاول استعادة الردع من خلال هذا العدوان المتكرر على المنشآت المدنية في بلدنا
  • غلوبس: العجز المالي لإسرائيل يتسع بسبب تمويل حرب غزة
  • ألمانيا توجه انتقادات حادة لإسرائيل بسبب غارات غزة: «لن نتضامن بالإجبار»
  • قصة الحاج القذافي الذي عادت الطائرة مرتين لتقلّه إلى السعودية – فيديو