انطلاق جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر واليمن
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
انطلقت أعمال جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر واليمن اليوم /الثلاثاء/ بانعقاد اجتماع كبار المسئولين من البلدين، حيث ترأس الجانب المصري السفير د.محمد البدري، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، بحضور السفير إيهاب أبو سريع، مساعد وزير الخارجية المرشح سفيراً لمصر لدي الجمهورية اليمنية، فيما ترأس الجانب اليمني السفير خالد محفوظ بحاح سفير الجمهورية اليمنية بالقاهرة.
وناقش الجانبان - خلال الاجتماع - مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، تمهيداً لعرضها على وزيري خارجية الدولتين، حيث شدد السفير د.محمد البدري، على دعم مصر الراسخ لوحدة الدولة اليمنية واستقلالها وسلامة أراضيها، مشددا على ما يمثله أمن واستقرار اليمن من أهمية قصوى للأمن القومي المصري وأمن المنطقة العربية ومنطقة البحر الأحمر.
وثمن رئيس الوفد اليمني، الدور المصري الداعم للمؤسسات الوطنية اليمنية، معرباً عن تطلع بلاده إلى دفع التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات، بما فيها تفعيل أطر التعاون الثنائي بينهما، وعلى رأسها اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين، والحفاظ على دورية انعقاد آلية الحوار الاستراتيجي بينهما.
وتطرق الاجتماع - كذلك - إلى القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث شدد الجانبان على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وكذا سرعة إنهاء العمليات العسكرية في رفح، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، مؤكدين على موقف البلدين الرافض تماماً لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، فضلاً عن ضرورة دفع جهود إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
وتناول الاجتماع - كذلك - تطورات الأوضاع في كل من السودان وليبيا، حيث أكد الجانبان علي تطابق مواقف البلدين في هذا الشأن، مشددين على ضرورة التوصل إلى حلول فورية ومستدامة للأزمة في البلدين الشقيقين، بما يحقق الاستقرار فيهما ويلبي طموحات شعبيهما.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: اليمن مصر مصر واليمن
إقرأ أيضاً:
القدسُ وغزّةُ واليمنُ في جبهةٍ واحدة: الردُّ الإيراني يُشرِقُ من محورِ الوعيِ والنار
في زمنٍ تتشظّى فيه الخرائطُ وتسقطُ فيه الأقنعةُ، أثبتت المقاومةُ أنّ المعركةَ لم تعُد حبيسةَ الجغرافيا، ولا أسيرةَ القرارِ الرسميِّ المرهونِ في عواصمِ العمالةِ والتطبيع.. بل باتت معركةَ أمّةٍ، وساحةَ تلاقٍ بين الوعيِ والدم، بين البصيرةِ والصاروخ، بين القدسِ وغزّة، وبين اليمنِ وطهران!
إنَّ الردَّ الإيرانيَّ النوعيَّ على الاعتداءاتِ الصهيونيةِ، لم يكن مجرّدَ إطلاقِ صواريخَ وطائراتٍ مسيّرة، بل كان إعلانًا صريحًا عن ميلادِ مرحلةٍ جديدةٍ في معادلةِ الردعِ والمواجهة، مرحلةٍ يتكاملُ فيها سيفُ طهران مع نارِ صنعاء، ويهدرُ فيها صوتُ الأمّةِ من غزّة حتى قممِ مران، ليصلَ رجعُ صداهُ إلى عُمقِ تل أبيبَ، حيثُ الملاجئُ تغصُّ بالمستوطنينَ الخائفينَ من بأسِ اللهِ النازلِ بأيدي المجاهدين.
لقد جاءت الضربةُ الإيرانيةُ مدروسةً، منسّقةً، محمّلةً برسائلَ استراتيجيةٍ عابرةٍ للزمن والمكان:
رسالةٌ للعدو: لسنا من نُستفزُّ ونصمت، بل من نُصيبُ ونتقنُ متى وأين وكيف نردّ.
ورسالةٌ للحلفاء: أنتم في قلب المعركة، وظهورُكم مكشوفةٌ بظهورنا، وصدورُكم ممدودةٌ بصبرِنا ونارِنا.
ورسالةٌ للأمّة: القدسُ ليست رمزيةً بل وجهةُ البوصلة، وغزّةُ ليست وحدها، واليمنُ ليس متفرّجًا بل فاعلًا في ميدانِ النار.
طهرانُ تضربُ… وغزّةُ تستبشرُ:
حينما دوت أصوات المسيّراتِ والصواريخِ فوقَ مواقعِ العدوّ، أدركت تل أبيب أنّ الحسابَ قد بدأ.
فطوالَ الأشهرِ الماضية، اغتالت “إسرائيلُ” رموزًا من محورِ المقاومةِ في سوريا ولبنان وغزّة، وكان رهانُها أنَّ إيرانَ – المقيّدةَ بالعقوباتِ والضغوطِ – لن تُقدِم على التصعيد، لكنها فوجئت بردٍّ مباغتٍ أذهلَ حتّى حلفاءها في واشنطن، وردّدت الأوساطُ الصهيونيةُ عبارة:
“نحنُ لم نعد نواجه غزّة فقط… بل نواجه محورًا موحّدًا يبدأ من إيران ولا ينتهي في صنعاء.”
اليمنُ… اليدُ التي تُلهبُ الخاصرةَ الصهيونية:
من صعدةَ وتعزَ والحديدةِ وصنعاء، كانت السُفنُ التجاريةُ الصهيونيةُ تُستهدَف، والمضائقُ تُغلق، وشرايينُ “إسرائيل” البحريةُ تُخنقُ بشعارِ “الموت لأمريكا… الموت لإسرائيل”. فاليمنُ – رغمَ الحصارِ والجراحِ – أثبتَ أنَّه مكوّنٌ رئيسٌ في معادلةِ النار، لا تابعٌ ولا هامشيّ.
ومع الردِّ الإيرانيّ الأخير، ازدادَ التنسيقُ وتكاملَ الأداء، فالصواريخُ التي ضربت قواعدَ إسرائيلَ كانت تُراقَبُ من عيونِ اليمن، والتشويشُ الإلكترونيُّ والانذارُ اللاسلكيُّ والتشويشُ على الأقمارِ كان ضمنَ غرفةِ عملياتٍ مشتركةٍ تتكلمُ بالفارسيةِ والعربيةِ وتُصلّي نحوَ القدس.
البصيرةُ التي سبقت الصواريخ:
ليس الردُّ صاروخًا فقط… بل هو حربُ وعي، وحربُ سرديةٍ، وحربُ قرار.
من طهرانَ إلى الضاحيةِ إلى صنعاءَ إلى بغدادَ ودمشقَ، خرجَ خطابٌ موحّدٌ يربطُ القدسَ بالوجودِ، ويصوغُ المعركةَ بمنظورِ وعدِ الله، وهنا تتجلّى الآيةُ الكريمة: { قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٖ مُّؤْمِنِينَ }
فمن كان يظنُّ أنَّ صدورَ المؤمنينَ لن تُشفى؟
ها قد بدأت تُشفى بصاروخٍ من كرمانشاه، وبمسيرةٍ من مارب، وبدعاءٍ من غزّة، وبدمعةٍ من القدسِ الأسيرة.
الختام: من القدسِ يبدأُ العهد
الردُّ الإيرانيّ الأخير، وما رافقه من عملياتِ الوعدِ الصادقِ ٣ في لبنان، وصواريخِ اليمنِ البحرية، لم يكن سوى مشهدٍ أول من الفصلِ القادم، فصلٌ عنوانُه: القدسُ هيَ المحور، والمقاومةُ هيَ الدولة، والأمّةُ باتت جبهةً واحدة.
وإنَّ العدوَّ ليعلمُ – وإن أنكر – أنَّ ما بينه وبينَ الهزيمةِ مسافةَ قرارٍ أخيرٍ في طهران، وصاروخٍ خاطفٍ من صنعاء، وانتفاضةٍ من بينِ أزقّةِ غزّة، وفتيةٍ في الضفةِ لا يخافونَ الموتَ لأنهم يحيونَ بالوعد.
بسم الله قاصمِ الجبارين، والناصرِ للمستضعفين.. { قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٖ مُّؤْمِنِينَ }، القدسُ وغزّةُ وطهرانُ وصنعاء… جبهةٌ واحدةٌ تُسقِطُ هيبةَ العدوِّ وتكسرُ عنجهيتَه.
وفي مشهدٍ مزلزلٍ حُفِرَ في ذاكرةِ التاريخ، اندفعَ الردُّ الإيرانيّ، لا من طهرانَ وحدها، بل من قلبِ محاورِ الحقِّ مجتمعةً: من غزّةَ إلى صعدة، ومن قمّةِ دماوند إلى ميدانِ السبعين.
ردٌّ لم يكن على هيئةِ صواريخٍ فحسب، بل كان سيلًا من وعيٍ وهُدى، ورسالةً بليغةً بلُغةِ الحديد والنار: إنَّ زمنَ الإفلاتِ من العقابِ قد انتهى.
فحينَ اجتَرأ الكيانُ الصهيونيُّ على استهدافِ منشآتٍ نوويةٍ إيرانية، وعلى اغتيالِ علماءٍ وقادةٍ عسكريين، ظنًّا منه أنّ الهيبةَ تُصنعُ بالبلطجة، جاءه الردُّ مُجلجلًا على شكلِ طوفانٍ من الكرامةِ والسيادة، حامِلًا في طيّاته عباراتٍ ناريّةً كتبتها منظوماتُ المقاومةِ بالصواريخِ الدقيقة والطائراتِ المسيّرة.
لقد استُهدفت القواعدُ التي كانت تُعرَفُ بـ”قلاع الردع”، فإذا بها تتحوّلُ إلى رمادٍ مُذلٍّ أمامَ تكنولوجيا الشرقِ المقاوم. وتمَّت إصابةُ مراكزِ القيادةِ كـ”الكريّا”، وضُربت مراكزُ التجسس، ومنشآتُ الذكاءِ الاصطناعي، وأجهزةُ التشويشِ والحربِ الإلكترونية.
لم تَعُدْ هذه المراكزُ خنادقَ مُحصّنة، بل أهدافًا مباحةً في زمنِ الردعِ المبارك، ولم يكن اليمنُ غائبًا عن هذا المشهدِ البطولي. فقد أعلنَ السيّدُ عبدُالملك بدرُ الدين الحوثي يحفظه الله، بصوتٍ يصدحُ من قلبِ ميدانِ السبعين: “نحنُ شركاءُ إيرانَ في الموقفِ بكلِّ ما نستطيعُ، وما نملِكُ، وما نُقدِّمُ، من الكلمةِ إلى الطائرة، ومن المنبرِ إلى الجبهة.”
فأيُّ شرفٍ أعظمُ من أن يقفَ شعبُ الإيمانِ والحكمةِ على جبهةٍ واحدةٍ مع الجمهوريةِ الإسلاميةِ في إيران، نصرةً لغزّة، وذودًا عن القدس، ودحرًا للصهيونية؟
لقد جاءت مشاركةُ اليمنِ، لا كأمرٍ طارئ، بل كتجلٍّ صادقٍ لمنهجيةِ المشروعِ القرآني، الذي يعتبرُ أيَّ عدوانٍ على محورِ المقاومةِ عدوانًا عليه.
فغاراتُ الطائراتِ المسيّرةِ اليمنية، والضرباتُ البالستيةُ القادمةُ من أقصى الجنوبِ العربي، كانت جزءًا عضويًا في هذه الملحمة، دكّت أهدافًا استراتيجيةً في النقب، وأربكت السلاحَ الجويَّ الصهيونيَّ الذي بات عاجزًا عن حمايةِ نفسه.
ولم يكن الردُّ الإيرانيُّ فعلاً ارتجاليًا، بل استوفى شروطَ الردعِ السياسي والعسكري والمعنوي.
فإيرانُ لم تضرب لكي تُسجِّلَ موقفًا، بل لتقولَ بصوتٍ جهور: “كلُّ مَن يعتدي على فلسطين، وعلى محورِ المقاومة، سيدفعُ الثمنَ، وإنْ بعدَ حين.”
ولقد دفعت تل أبيب الثمن.. شللٌ في البنيةِ التحتية، انهيارٌ نفسيٌّ في الداخل، ورُعبٌ جماعيٌّ دفعَ المستوطنين إلى الاختباءِ كالفئران.
الخاتمة: الصاروخُ القادم نحوَ قلبِ المفاعل:
ولنا موعدٌ قادمٌ… ليس مع البياناتِ الدبلوماسية، ولا مع مؤتمراتِ الشجبِ والاستنكار، بل مع الصواريخِ الارتجاجيّةِ الإيرانيّة التي ستُربكُ الأرضَ تحت أقدامِ الغزاة، وتزلزلُ قبابَ الرعبِ في تل أبيب، وتُوجّهُ البوصلةَ نحو الهدفِ الأثمنِ والأخطر: المفاعلُ النوويُّ الصهيونيُّ في النقب:
إنهُ الوعدُ القادمُ… وعدُ البركانِ إذا انفجر، والحقِّ إذا انتصر، والقدسِ إذا نادت من تحتِ الركامِ: “هل من ناصر؟” فاستعدّوا يا أربابَ الحرب، يا قادةَ الاستكبارِ والدمار.. فما بيننا وبينكم، صواريخُ لا تعرفُ الرحمة، وزمنٌ لا مكانَ فيه للضعفاء…
والله غالبٌ على أمرهِ ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبٌ وباحثٌ سياسيٌّ مناهضٌ للاستكبارِ العالمي