لجريدة عمان:
2025-07-05@03:09:51 GMT

عُمان تحرضُ فضول الكوريين!

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

عندما وقف طابورٌ طويل من الكوريين في معرض سيؤول الدولي للكتاب من أجل الحصول على توقيع الكاتبة جوخة الحارثي على النسخة المترجمة من «سيدات القمر»، أو من أجل أن تُكتب أسماؤهم باللغة العربية بيد الخطاط العُماني بدر الغافري، أو ليخوضوا تجربة ارتداء الزي العُماني، أو ليطلعوا على المخطوطات المهمة، لاسيما مخطوطة «معدن الأسرار في علم البحار» لناصر بن علي بن ناصر بن مسعود الخضوري (1870 - 1962)، أو مخطوطة الطبيب العُماني راشد بن عميرة الذي شرّح جسد الإنسان قبل ٤٠٠ سنة، فذلك يُرينا بوضوح دور الثقافة كقوة ناعمة، تتركُ أثرا بالغ الرقة -كأثر الفراشة- لكنه أثر عميق الفاعلية والنفوذ.

سأتذكر أيضا قوة الأدب عندما جذبت رواية جوخة الحارثي جمهورا غفيرا لجلسة النقاش، وكيف حرّضت القراءة أسئلتهم الحيوية عن المكان العُماني وعن العرب والإسلام حتى عن فلسطين.

فكلّ هذه الأشياء تُرينا إمكانية التحرر من النظرة الضيقة للثقافة، وترينا أيضا ضرورة تحرير الثقافة من تقديمها بأنماط تقليدية، فهي قادرة على التغلغل في أشكال لا تعد ولا تحصى من حياتنا.

فالحضور العُماني في ذهن الآخر الأبعد منا جغرافيا ما يزال يعتريه شيء من الهشاشة، وهذا ما ينبغي الاشتغال عليه، فكما قال الشاعر الألماني غوته: «ليس هناك عقاب أقسى على المرء من العيش في الجنة بمفرده، فالمؤكد أن الوجود دون الآخرين يبدو ضربا من المستحيل».

فبينما ينخرط العالم في سباقات محمومة على تمثلات سياسية بعضها دموي وجارح، يمكن أن تمنح الثقافة مجتمعاتها حصانة نفسية واعية، ويمكنها أيضا أن تنعش السياحة وتصنع تصورات واقعية عنا، وأن تجلب الاقتصاد والاستثمارات من خارج المراكز الأساسية.

فمن يُراقب عن كثب التجربة الكورية يجدها حديثة نسبيا، وربما ظروفها تشبه ظروفنا، لكنها انتقلت من «التضور جوعا» لتصبح ثاني أعلى اقتصاد بعد اليابان في آسيا. ويعيد البعض قوة كوريا الجنوبية -كما هو حال سنغافورة- لأنها بدأت بإصلاح نظامها التعليمي منذ عام 1942.

وبقدر ما يُشاع انتهاء زمن الورق وبدء ثورات التقنيات الحديثة يعترينا الاطمئنان عندما نزور بلدان الصناعة المتقدمة فنرى الإقبال الشديد والتزاحم على دور النشر من قبل أجيال شابة، الأمر الذي يُهدئ من روعنا الذي تهيجه تلك الدعوات التي تشي بانتهاء كل ما هو إنساني وأصيل.

فالمفاجأة كانت بتعرفنا على عاصمة النشر الكورية «باجو»، مدينة الكتب التي أُسست عام 1989م بواسطة مجموعة من الناشرين والفنانين لتغدو المكان المعني بكل ما يختص بصناعة الكتب، الأمر الذي حرّك عجلة الثقافة والاقتصاد بصورة لافتة.

ولذا تساءلنا عن غياب «المشروع» عن أوطاننا، غياب الاستراتيجيات بعيدة المدى، تلك التي تتطلب قوى السلطة ولغة المال والمؤسسات الكبرى، فلا تكفيها الجهود الفردية للمثقفين!

فالثقافة الآن لا تتصلب في أبراجها العتيدة، إنّها تسيل كنهر «الهان» لتأخذ أشكالا عدّة، قد تبدو على هيئة أدب أو ترجمة أو بحث أو موسيقى أو أغنية أو لوحة أو صورة أو دراما .. إلى آخره.

فمثلا «الموجة» أو «التدفق الكوري» للعالم نهض على استعمال الدراما التلفزيونية التي قدّمت «قصص الحبّ والصداقة والعلاقات العائلية» والتي استغنت قدر الإمكان عن العنف، إضافة إلى انتشار موسيقى البوب الكوري بشكل هائل، فوصلت إلى الغرب والشرق والأوسط. الأمر الذي يجعلنا بحاجة لأن نغرف من مكوناتنا لا أن نستعير ما هو خارجنا، فكل تفصيل صغير منا، من أزيائنا وطعامنا وغنائنا وعمارتنا يمكن أن يغدو جوهر أيقونة بديعة وجاذبة للآخر.

مشكلتنا الأساسية تتجلى في أننا ننظرُ بعين قاصرة إلى الثقافة، باعتبارها قوة غير منتجة، بلا مردود مباشر، وننسى أو نتناسى المردود الذي يأتي على مهل ودون ضجيج، فما ينبغي أن نتذكره جيدا أنّه عندما تعصف بالعالم الأزمات الاقتصادية والسياسية، فإن الثقافة هي من تصلح ما يُفسداه بمد جسورها وإعمال الوعي، لا تجييش القوى الهدامة.

لدينا ثراء التنوع الجغرافي وتجذر التاريخ العميق، والأدب الرصين، والجيل الفتي، ولكن ينقصنا «المشروع» الذي نُغذي عبره فضول العالم وتوقه، فلا يمكن لأحد الآن - كما في السابق- أن يلعن نأي الجغرافيا أو مشقة الطريق!

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الع مانی

إقرأ أيضاً:

التوقيع على اتفاقيتين استثماريتين بمدينة المضيبي الصناعية باستثمار يتجاوز 5.7 مليون ريال عُماني

العُمانية: وقعت مدينة المضيبي الصناعية التابعة للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" اليوم على اتفاقيتين استثماريتين بإنشاء عدد من المصانع المتخصصة في صناعة المواد الكهربائية والإلكترونية والأثاث المنزلي ومواد مخازن التبريد، إضافة إلى إنشاء مسلخ آلي للدواجن ومصنع للمطهرات، بقيمة استثمارية تتجاوز 5.7 مليون ريال عُماني.

وتتمثل الاتفاقية الأولى التي وقعت عليها مدينة المضيبي الصناعية مع شركة المادة الأولية العالمية في إنشاء 4 مصانع بالمدينة، يختص المصنع الأول بصناعة المواد الكهربائية والإلكترونية، والثاني بصناعة الأثاث المنزلي، والمصنع الثالث يتعلق بصناعة مواد مخازن التبريد، والمصنع الرابع لصناعة الأبواب والنوافذ بأنواعها، بقيمية استثمارية بلغت 5 ملايين ريال عُماني.

في حين جاءت الاتفاقية الثانية بين مدينة المضيبي الصناعية وشركة الشرق الأوسط للثروة الحيوانية، لتنفيذ مشروع إنشاء مسلخ آلي لتهيئة وذبح وتغليف الدواجن ومصنع للمطهرات، بقيمة استثمارية بلغت 750 ألف ريال عُماني.

وقع الاتفاقيتين من جانب مدينة المضيبي الصناعية المهندس سعيد بن خلفان الشبيبي القائم بأعمال مدير عام المدينة، وكل من منج فانهاو المدير التنفيذي لشركة المادة الأولية العالمية، وعصام نصر الدين مصطفى المدير التنفيذي لشركة الشرق الأوسط للثروة الحيوانية، وبحضور سعادة محمود بن يحيى الذهلي محافظ شمال الشرقية وسعادة الشيخ سعود بن محمد الهنائي والي المضيبي.

وقال سعادة الشيخ والي المضيبي: تمثل مدينة المضيبي الصناعية إضافة اقتصادية واجتماعية لسلطنة عُمان، بفضل موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط ولايات محافظ شمال الشرقية، بالإضافة إلى وقوع المدينة بالقرب من الطريق المؤدي إلى مدينة الدقم الاقتصادية بمحافظة الوسطى وعدد من المدن الصناعية في محافظات مسقط والداخلية والظاهرة وجنوب الشرقية، فضلا عن وجود العديد من المشروعات التنموية والاقتصادية في المحافظة أبرزها سوق الموارد بولاية سناو - قيد الإنشاء- وغيرها من الأسواق في ولايات شمال الشرقية، كل هذه المعطيات تجعل مدينة المضيبي الصناعية مركزًا حيويًّا للصناعات الحديثة والثقيلة في سلطنة عُمان.

وأضاف سعادتُه أن المدينة الصناعية تمتد على مساحة حوالي 9 ملايين متر مربع، حيث يتم تطوير المرحلة الأولى بمساحة 3 ملايين متر مربع، وهي مرحلة مخصصة للقطاعات التجارية والصناعية، مشيرا إلى أن المدينة تهدف إلى تعزيز التنمية الصناعية في محافظة شمال الشرقية، وستعمل كمحفز للاستثمار ومظلة للمشروعات النوعية، مما يسهم في توفير فرص عمل لأبناء ولاية المضيبي ومحافظة شمال الشرقية، مؤكدا على أن مدينة المضيبي الصناعية تقدم العديد من الحوافز الاستثمارية، تشمل الإعفاءات الضريبية بالإضافة إلى عقود إيجار تمتد لـ 30 عامًا قابلة للتجديد، كما تسعى إلى تعزيز التكامل الدولي من خلال إبرام اتفاقيات عالمية، مما يعزز مكانتها كمحور اقتصادي إقليمي ودولي.

من جانبه قال القائم بأعمال مدير عام مدينة المضيبي الصناعية إن التوقيع على الاتفاقيتين يعد نقلة جديدة من مراحل توطين المشروعات الصناعية بالمدينة الصناعية، مؤكدا على أن "مدائن" وبالتعاون مع الشركاء تعمل على استقطاب المستثمرين وتحفيزهم من خلال الحوافز المقدمة والإعفاءات التي تضمن استقطاب أكبر عدد من المستثمرين من داخل سلطنة عُمان وخارجها وفي مختلف القطاعات الاقتصادية والتجاري.

وبين أنه من المتوقع إرساء مناقصة تنفيذ المرحلة الأولى للمدينة الصناعية بداية الربع القادم من هذا العام، مشيرا إلى أن المناقصة تتضمن إنشاء الشوارع الداخلية والخدمات الأساسية للمدينة الصناعية مثل شبكات الكهرباء والماء والانترنت والصرف الصحي، وتسوير المدينة والبوابات الرئيسة، ومبنى التسهيلات ومكاتب الموظفين ومجمع مدائن الريادي ومجمع مدائن الزراعي.

وأكد على أن مدينة المضيبي الصناعية نجحت خلال الربع الأخير من العام الماضي في توطين 5 مشروعات صناعية بحجم استثمارات يبلغ 5 ملايين و800 ألف ريال عُماني بعد الإعلان الرسمي عن بدء استقبال طلبات الاستثمار في مدينة المضيبي الصناعية في أكتوبر من العام الماضي، ليبلغ إجمالي الاستثمارات الحالية في المدينة حوالي "11.6" مليون ريال عماني تقام على مساحة "75" ألف متر مربع.

مقالات مشابهة

  • المحرضون على أذية الناس..«كفى»!
  • أحمد الغافري أول عُماني يتخرج من جامعة لندن للأعمال بدرجة الماجستير التنفيذي
  • عندما تضحك الدموع
  • إبراز عراقة التاريخ البحري العُماني في الاحتفال باليوم العالمي للبحارة
  • الإنسان العُماني.. سلوكٌ مُتّزن يعكس حكمة التاريخ
  • الامتياز التجاري العُماني
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • أكثر من ٣ ملايين ريال عُماني القيمة التسويقية للقمح المحلي خلال الموسم ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥م
  • التوقيع على اتفاقيتين استثماريتين بمدينة المضيبي الصناعية باستثمار يتجاوز 5.7 مليون ريال عُماني
  • تدشين أولى رحلات "الطيران العُماني" إلى أمستردام بمعدل 4 رحلات أسبوعيًا