قصة حب أحمد رامي لأم كلثوم.. بدأت بـ«نظرة» وانتهت بـ«اكتئاب واعتزال»
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
عام 1975 كان حزينا على الشاعر أحمد رامي، الذي كتب لأم كلثوم «كوكب الشرق» 300 أغنية وقصيدة، وكان يرافقها في كل جولاتها، بل أحبها «من أول نظرة»، ووقع في غرامها وكان يهتم بها أكثر من نفسه، بحسب حواره المنشور في مجلة صباح الخير في 29 يناير عام 1976، إذ اعتزل الشاعر العالم منذ وفاتها وحتى إجراء الحوار الأول له بعد رحيلها.
عام كامل من الاعتزال بعد رحيل أم كلثوم، ليقرر أحمد رامي نعيها برثاء مؤثر: «ما جال في خاطري أنّي سأرثـيها بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها.. قد كنتُ أسـمعها تشدو فتُطربني.. واليومَ أسـمعني أبكي وأبـكيهــا.. وبي من الشَّجْوِ..من تغريد ملهمتي.. ما قد نسيتُ بهِ الدنيا ومـا فـيها.. وما ظننْـتُ وأحلامي تُسامرنـي.. أنّي سأسـهر في ذكرى ليـإلىها.. يـا دُرّةَ الفـنِّ.. يـا أبـهى لآلئـهِ.. سبـحان ربّي بديعِ الكونِ باريها.. مهـما أراد بياني أنْ يُصـوّرها.. لا يسـتطيع لـها وصفاً وتشبيها»، ليدل هذا الرثاء الحزين على مدى حبه لكوكب الشرق.
كيف تحدث أحمد رامي عن أم كلثوم؟أحمد رامي تحدث لأول مرة بعد عام من رحيل «ثومة»، قائلا: «أصيبت 4 مرات بالاكتئاب بسبب رحيل ثومة والشعور بالوحدة وفضّلت الابتعاد عن الناس.. لا أرغب في الحديث عنها مع أحد حتى أهل بيتي، فالحديث عنها يترك أثارا سلبية في نفسي، ذكرياتي كانت أقوى من محاولاتي للتعبير عنها بالكلام.. لذلك ابتعدت واختليت بنفسي».
«كيف لا أفعل ذلك واهتمامي بها قبل اهتمامي بنفسي!»، هي الإجابة المقتضبة التي رد بها أحمد رامي، على تساؤل لماذا كنت تهتم وتحب أم كلثوم؟، مستكملا: أنني أحاول الهروب من مثل هذه الذكريات وصراحة لا أحب الحديث فيها مع أحد، متحدثا عن آخر مرة رأى فيها كوكب الشرق: «لن أنسى آخر مرة سعدت فيها بلقائها أثناء مرضها الأخير، وأردت الانصراف فأبت إلا أن تقوم هي وأحد أقربائها بتوصيلي إلى منزلي إشفاقا عليّ من الإرهاق في إيجاد سيارة توصلني.. ورفضت هذا لكني وافقت أمام رغبتها في استنشاق الهواء وتغيير المنظر، وودعتني أمام منزلي إذانا بحرماني من رؤيتها بعد ذلك، وقد حاولت رؤيتها بعد ذلك إلا أن اشتداد المرض عليها كان حائلا بين زيارتها».
أحمد رامي يتعرض لصدمة ما السبب؟صدمة رحيل أم كلثوم كانت شديدة على أحمد رامي، ففضلّ البقاء في منزله منعزلا، يتذكر كيف كانت لحظاتهم معا: «كنت أوثر أن أعيش معها راحلة بما علق في خاطرى من صور عشرتنا الطويلة، متذكرا كلمات ىخر قصيدة كتبتها لها وهي ليلة البدر في رأس البر، التي كانت محببة لأم كلثوم، وكلمتها سألت حبيبي متى نلتقي!».
كان أحمد رامي يؤمن بموهبة أم كلثوم وبصوتها الذل لم يأتِ بعده: «حباها الله صوتا فريدا في نبراته وقوته واتساعه وتلوينه إلى درجة لا أظن أن هذا الدهر يجود بمثلها، فإن وُجد الصوت على أحسن الفروض لن توجد الروح التي كانت بها والإحساس المرهف بما كانت تغنيه.. كنت أرى أم كلثوم تبكي وهي تشدو وسألتها لماذا بكيتي فأجابت أسمع قبل أن أغني.. كانت تطرب لصوتها وكانت لديها إخلاص في امتاع السامعين بأحلى ما عندها».
يتذكر أحمد رامي، قصة حبه لأم كلثوم، من خلال أغنيتين هما: «قصة حبي»، و«هجرتك يمكن أنسى هواك»: «إذا خلوت بنفسي أسمع القطعتان، كنت أخلص لها الود من كل قلبي وأحس أنها تقدر الصداقة حق قدرها، وكان سبب إعجابي بها أنها لن تتكرر، لذلك كانت الصدمة وية قحين رحلت وتركتني ولكنها لم تغب يوما عن خاطري.. آراها بجواري في كل مكان.. أسمع صوتها تحدثني.. تعيش معي في قلبي وعقلي!»
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشاعر أحمد رامي أم كلثوم كوكب الشرق أم كلثوم لأم کلثوم أحمد رامی أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
نظرة علمية من الفضاء على الإبادة الزراعية في غزة
في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، تكشف دراسة حديثة عن الآثار المدمرة التي لحقت بالقطاع الزراعي في غزة، الذي يُعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.
باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل صور الأقمار الصناعية عالية الدقة، توصل الباحثون في دراسة حديثة منشورة في دورية "ساينس أوف ريموت سينسنج" إلى أن ما بين 64% إلى 70% من حقول المحاصيل الشجرية، و58% من البيوت البلاستيكية (الدفيئات الزراعية التي تحفظ درجة حرارة محددة للمزروعات)، قد تعرضت للتدمير بحلول سبتمبر/أيلول 2024.
هذه النتائج تُظهر حجم الكارثة التي ألمت بقطاع غزة، والتي ستترك آثارًا طويلة الأمد على الأمن الغذائي والقدرة الاقتصادية للسكان.
ويقول هي ين، الأستاذ المساعد في قسم الجغرافيا، ورئيس مختبر الاستشعار عن بعد وعلوم الأرض بجامعة ولاية "كنت" الأميركية، والمؤلف الرئيسي في الدراسة في تصريحات حصلت عليها الجزيرة نت: "يُظهر تقييمنا معدلًا مرتفعًا للغاية من الأضرار المباشرة والواسعة النطاق التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة، سواءً مقارنةً بالتصعيدات السابقة هناك في عامي 2014 و2021، أو في سياق تصعيدات أخرى"
ويضيف "على سبيل المثال، خلال حرب يوليو وأغسطس عام 2014، تضررت حوالي 1200 دفيئة زراعية في غزة. وهذه المرة، تضرر ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف هذا العدد."
ويقول ين: "على مدار الأشهر السبعة عشر الماضية، قمنا بتحليل صور الأقمار الصناعية في أنحاء قطاع غزة لتحديد حجم الدمار الزراعي في المنطقة. ويكشف بحثنا المنشور حديثًا ليس فقط عن النطاق الواسع لهذا الدمار، بل أيضًا عن الوتيرة غير المسبوقة المحتملة التي حدث بها. يغطي عملنا الفترة حتى سبتمبر 2024، ولكن تتوفر أيضًا بيانات إضافية حتى يناير 2025."
إعلاناعتمدت الدراسة على تحليل صور الأقمار الصناعية من نوع "بلانيت سكوب" و"سكاي سات"، والتي توفر دقة تصل إلى 50 سم، مما مكن الباحثين من مراقبة التغيرات في الأراضي الزراعية بدقة عالية. تم استخدام نماذج تعلم آلي لرسم خرائط مفصلة للأراضي الزراعية قبل الحرب وتقييم الأضرار التي لحقت بها خلال السنة الأولى من الحرب على غزة.
يضيف ين: "قبل الحرب، كانت الطماطم والفلفل والخيار والفراولة تُزرع في الحقول المفتوحة والبيوت البلاستيكية، وكانت أشجار الزيتون والحمضيات تصطف على طول صفوفها في أنحاء غزة. وتُعد هذه الأشجار تحديدًا تراثًا ثقافيًا مهمًا في المنطقة، وكانت الزراعة جزءًا حيويًا من اقتصاد غزة. كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك هناك يُنتج في القطاع نفسه، وكان الغذاء يُشكل نسبة مماثلة من صادراته."
وفقًا للدراسة، غطت المحاصيل الشجرية، مثل الزيتون والحمضيات، حوالي 23% من مساحة قطاع غزة قبل الحرب، أي ما يعادل 8242 هكتارًا. ومع نهاية سبتمبر/أيلول 2024، تضرر ما بين 5305 إلى 5795 هكتارًا من هذه المحاصيل، مع تفاوت كبير بين المحافظات.
وقد شهدت مدينة غزة أعلى نسبة تدمير، حيث تضرر أكثر من 90% من المحاصيل الشجرية، تليها محافظة شمال غزة بنسبة 73%. في المقابل، كانت محافظة رفح الأقل تضررًا بنسبة 42%.
دفيئات زراعية مدمرةاحتوى القطاع على قرابة 7219 دفيئة زراعية قبل الحرب، معظمها يتركز في المناطق الجنوبية والوسطى من القطاع. بحلول سبتمبر 2024، تضررت 58% من هذه الدفيئات، مع تدمير كامل للدفيئات في مدينة غزة وشمال غزة بحلول نهاية عام 2023.
بدأ الفريق عمله بتحديد محاصيل الأشجار المتضررة وغير المتضررة بصريًا لتدريب نموذج التعلم الآلي، حتى يتمكن من تحديد ما يبحث عنه. وبعد تشغيل النموذج على جميع بيانات الأقمار الصناعية، راجع الفريق عينة من النتائج للتأكد من دقتها.
إعلاننظرًا للتباين الكبير في صور الدفيئات الزراعية عبر الأقمار الصناعية، استخدم الفريق طريقة منفصلة لرسم خريطة للأضرار التي لحقت بها. وجد الباحثون أن أكثر من 4 آلاف دفيئة زراعية قد تضررت بحلول سبتمبر/أيلول 2024، وهو ما يمثل أكثر من 55% من إجمالي الدفيئات الزراعية المرصودة قبل الحرب.
يضيف ين "في جنوب القطاع، حيث وُجدت معظم الدفيئات الزراعية، كان الدمار مُستمرًا نسبيًا من ديسمبر 2023 فصاعدًا. ولكن في شمال غزة ومدينة غزة، وهما أقصى محافظتين شماليتين من بين المحافظات الخمس في القطاع، كان معظم الضرر قد وقع بالفعل بحلول نوفمبر وديسمبر 2023. وبنهاية فترة دراستنا، كانت جميع الدفيئات الزراعية قد دُمرت."
أمن غذائي كارثيتشير الدراسة إلى أن الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي في غزة له تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي للسكان، الذين يعتمدون بشكل كبير على الإنتاج المحلي لتلبية احتياجاتهم الغذائية. قبل الحرب، كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك في غزة يُنتج محليًا، وكانت الزراعة تشكل جزءًا حيويًا من الاقتصاد المحلي.
يجدر بالذكر أن الهجمات على الأراضي الزراعية محظورة بموجب القانون الدولي. إذ يُعرّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين من خلال (حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم) بأنه جريمة حرب.
كما تُعرّف اتفاقيات جنيف هذه المواد التي لا غنى عنها بأنها (المواد الغذائية، والمناطق الزراعية لإنتاجها، والمحاصيل، والثروة الحيوانية، ومرافق وإمدادات مياه الشرب، وأعمال الري).
يقول ين "أظهرت نتائجنا أن ما بين 64% و70% من جميع حقول محاصيل الأشجار في غزة قد تضررت. قد يعني ذلك إما تدمير بعض الأشجار، أو إزالة حقل الأشجار بالكامل، أو أي شيء بينهما. وقعت معظم الأضرار خلال الأشهر القليلة الأولى من الحرب في خريف 2023."
إعلانلن تكون إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة مهمة سهلة. فبالإضافة إلى إزالة الأنقاض وإعادة بناء الدفيئات الزراعية، هناك حاجة إلى تنظيف التربة من التلوث المحتمل وإعادة بناء البنية التحتية للري والصرف الصحي وهو ما قد يستغرق جيلًا أو أكثر. إذ تحتاج أشجار الزيتون والحمضيات 5 سنوات أو أكثر لتصبح منتجة، و15 عامًا حتى تصل إلى مرحلة النضج الكامل.
ويختتم ين "تقدم دراستنا إحصاءات شفافة حول مدى وتوقيت الأضرار التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة. إلى جانب توثيق آثار الحرب، نأمل أن يُسهم ذلك في جهود إعادة الإعمار الضخمة المطلوبة."
وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى الأمل في أن تُسهم هذه البيانات في دفع المجتمع الدولي نحو اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم سكان غزة ومساعدتهم على تجاوز هذه الكارثة الإنسانية والبيئية.