مؤتمر القاهرة ينجح في جمع القوى السودانية حول وقف الحرب ورفض التدخل الخارجي
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
وقف الحرب ووحدة السودان وإغاثة المنكوبين.. أبرز مخرجات مؤتمر القاهرة
نجح مؤتمر القاهرة للقوى السودانية الذي انعقد السبت الماضي في جمع معظم ألوان الطيف السوداني من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وقوى سياسية مختلفة، وهي سابقة لم تنجح فيها أي من دول الجوار منذ اندلاع الحرب في أبريل من العام 2023.
واتفق السودانيون على ضرورة وقف الحرب بين الجيش ومتمردي الدعم السريع لإنقاذ البلاد من حالة الدمار والخراب التي حلت بها، كما اتفقوا على العودة إلى منبر جدة للتفاوض، مع البحث عن آليات جديدة لتنفيذ مطالب منبر جدة الخاصة بانسحاب قوات الدعم السريع من المنازل والمؤسسات المدنية، والسماح بمرور المساعدات إلى الأسر السودانية داخل مدنهم ومنازلهم.
وأكد المؤتمر على وحدة وسلامة أراضي السودان، والحفاظ على جيش واحد للبلاد، ورفض التدخلات الخارجية، ورسم مستقبل البلاد من خلال حوار سوداني ـ سوداني، كما شكل المؤتمر أمانة عامة لتنفيذ ما اتفق عليه، وتطوير النقاش لتنفيذ أهداف المؤتمر خاصة إنقاذ المدنيين وتسهيل مرور المساعدات، ومخاطبة المجتمعين الدولي والإقليمي للإيفاء بالتزاماتهم في دعم النازحين واللاجئين من أبناء الشعب السوداني.
وجاء المؤتمر في ظروف سياسية وعسكرية تهدد وجود وبقاء الدولة السودانية خاصة بعد الانتصارات السريعة والمتلاحقة لقوات الدعم السريع والتي تمكنت من خلالها هذه القوات من احتلال مدينة الفولة عاصمة غرب كردفان، ومدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، ومدينة الدنجر، وهو ما يهدد بفرض سيطرة التمرد على الولايات الكبرى في البلاد، ما يعني استمرار الحرب لسنوات قادمة. وقد حاولت القوى السياسية في مؤتمر القاهرة الانتباه إلى أن الدولة السودانية في حالة تهديد وجودي نظرًا لفتح الأبواب أمام تقسيمها والتدخل الخارجي، وتفتيت السودان إلى دويلات صغيرة.
وكانت القاهرة قد نجحت للمرة الأولى في جمع الكتلة الوطنية السودانية وهي المكون الذي يتشكل من قرابة 80% من القوى السياسية والمدنية السودانية مع تنسيقية تقدم بقيادة عبد الله حمدوك، والمحسوبة على الدعم السريع، وهي التنسيقية التي تحظى بدعم دولي وإقليمي، ونجحت في عقد مؤمر موسع لها في نهاية مايو الماضي بأديس أبابا، واقتصر الحضور على داعمي قوات التمرد والمناهضين للجيش السوداني مما أحدث انقساما كبيرا داخل الشارع السوداني أدى إلى نقل حالة من العداء بين القوى السياسية لم يألفها الشارع السوداني من قبل.
وتخوف المراقبون من فشل مؤتمر القاهرة لسيطرة هذه الحالة العدائية على القوى السياسة وعدم القدرة على التفاوض، بل وحذرت قيادات سودانية من الوصول إلى التشابك بالأيدي بين الطرفين إذا ما انعقد المؤتمر، ولكن الجهود المصرية نجحت في جمع الفرقاء على ثوابت وطنية لا يمكن لأحد الاختلاف عليها، وهي وحدة أراضي السودان، ووحدة القوات المسلحة ووقف الحرب وفتح الممرات الآمنة لوصول الدعم ومواد الإغاثة للمنكوبين من الحرب.
وكان لحضور وزير الخارجية المصري الجديد، بدر عبد العاطي، دور مؤثر في إقناع الحضور بالاهتمام المصري الكبير بالقضية السودانية وضرورة الوصول إلى اتفاقات عاجلة لوقف الحرب أولًا، وبحث مستقبل السودان وإعادة الإعمار باعتبارها قضايا عاجلة يجب أن يتجاوز بها السودانيون خلافاتهم الضيقة.
ويعد التحرك المصري على مستوى الأزمة السودانية هو الثالث من نوعه منذ اندلاع الأزمة، حيث بادرت القاهرة بعقد مؤتمر لدول الجوار في يوليو الماضي نجحت من خلاله في إثناء التحرك الإقليمي بالتدخل العسكري في السودان، حيث رفض رؤساء دول الجوار أي تدخل خارجي، وأكدوا وحدة التراب السوداني، وهو ما حسب للقاهرة بأنه نجاح كبير أنقذ السودان من مسار التدخل الدولي من ناحية وتمزيق السودان من ناحية أخرى من.
وكانت القاهرة قد نجحت بداية هذا العام في تجميع معظم القوى والأحزاب السودانية وممثلي الإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، لتشكيل كتلة سودانية واحدة أطلق عليها الكتلة الديمقراطية، والتي أصبحت فيما بعد رقمًا فاعلًا في المسرح السياسي السوداني.
ويرى المراقبون أن نجاح القاهرة في جمع الفرقاء حول طاولة حوار وتفاوض واحدة يرجع إلى أن الموقف المصري كان واضحًا منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع حول ضرورة وقف جميع النزاعات السودانية واعتبار أن وحدة السودان من المقدسات الوطنية مع رفضها القاطع للتدخل الأجنبي الذي ساهم ويساهم في إطالة أمد الحرب وتوسيعها، كما يسمح بإدخال مزيد من الأسلحة والمرتزقة إلى داخل البلاد، ما يحيل النزاع المحلي إلى نزاع إقليمي ودولي لا يمكن السيطرة عليه.
وحرصت الإدارة المصرية على تسهيل تلك الجولات المتعددة من الحوار السوداني- السوداني لإعادة المسألة السودانية إلى الشعب السوداني بدلا من تداولها إقليما ودوليا بين أيدي أطراف تمثل الاستعمار بكافة أشكاله البغيضة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الجيش السوداني قوات الدعم السريع الأزمة السودانية القوى السودانية مؤتمر القاهرة مؤتمر القاهرة الدعم السریع وقف الحرب فی جمع
إقرأ أيضاً:
قوات الدعم السريع تسيطر على حقل هجليج الاستراتيجي.. ما دلالات الخطوة على الحرب في السودان؟
تنتج منطقة هجليج، في الظروف الطبيعية، نحو 600 ألف برميل نفط يومياً، وتشكل مصدراً رئيسياً لإيرادات الخرطوم.
أعلنت قوات الدعم السريع، الإثنين، سيطرتها الكاملة على منطقة هجليج النفطية في ولاية جنوب كردفان السودانية، في خطوة وصفتها بأنها "نقطة محورية" في مسار المواجهات مع الجيش السوداني.
وجاء في بيان صادر عن القوات أن مقاتليها "تمكنوا صباح اليوم من استلام منطقة هجليج الاستراتيجية"، مشيرة إلى الأهمية الاقتصادية الحاسمة للمنطقة التي "ظلت تشكل مورداً مهماً لتمويل الحرب وتوسيع نطاقها وإطالة أمدها".
وأكدت قوات الدعم السريع التزامها بـ"تأمين وحماية المنشآت النفطية الحيوية" في هجليج، مشددة على حرصها على "ضمان مصالح دولة جنوب السودان التي تعتمد بشكل كبير على موارد النفط الذي يتدفق عبر الأراضي السودانية إلى الأسواق العالمية". كما تعهّدت بتوفير "الحماية اللازمة لجميع الفرق الهندسية والفنية والعاملين في المنشآت النفطية، بما يوفر بيئة عمل آمنة لهم".
هَجْلِيج: مصدر دخل استراتيجي للسودان وجنوب السودانتنتج منطقة هجليج، في الظروف الطبيعية، نحو 600 ألف برميل نفط يومياً، وتشكل مصدراً رئيسياً لإيرادات الخرطوم. كما تعد محوراً لوجستياً حيوياً لتصدير النفط الجنوب سوداني، إذ يعتمد جنوب السودان بنسبة كبيرة على خط أنابيب يمر عبر الأراضي السودانية.
وتقع هجليج قرب الحدود مع جنوب السودان، وتشكل معبراً حدودياً مهماً يربط السودان بعدد من جيرانه، بينهم تشاد وليبيا.
وبعد إكمال قوات الدعم السريع سيطرتها على إقليم دارفور في 26 أكتوبر الماضي، تركزت المعارك في كردفان، الذي يشكل مع دارفور نحو نصف مساحة السودان ويضم نحو 30% من سكانه و35% من موارده الاقتصادية.
ويشكّل كردفان، المقسم إلى ثلاث ولايات، حلقة وصل استراتيجية بين مناطق سيطرة الجيش في الشمال والشرق والوسط، ومنطقة دارفور حيث تتمركز قوات الدعم السريع.
Related السودان.. المنسّقة الأممية تدق ناقوس الخطر: عشرات الآلاف محاصرون في الفاشر والغذاء لا يكفيالبرهان يرفض ورقة مسعد بولس ويهاجم الإمارات.. كيف يبدو المشهد الميداني في السودان؟الإمارات تتهم قائد الجيش بعرقلة مقترح وقف إطلاق النار في السودانويصعب التحقق بشكل مستقل من التطورات الميدانية في كردفان بسبب انقطاع الاتصالات وصعوبة وصول وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية. ومع ذلك، تشير تقارير من مسؤولين محليين وعاملين في المجال الإنساني، إضافة إلى الأمم المتحدة، إلى تكثيف القصف والضربات بالطائرات المُسيرة، وحدوث نزوح واسع للسكان ومخاوف من وقوع فظائع.
وإلى جانب حقوله النفطية، يضم كردفان مناجم ذهب ومنشآت زراعية هامة، إذ يُعد من أكبر منتجي الصمغ العربي في السودان، ويُسهم في إنتاج السمسم والذرة الرفيعة والحبوب الأخرى، إضافة إلى كونه معقلاً رئيسياً للثروة الحيوانية.
وتقع منطقة غرب كردفان عند التقاء خط سكك حديدية رئيسي يربط كوستي في ولاية النيل الأبيض بنيالا، مقراً لحكومة تحالف "تأسيس" التي تم تشكيلها مؤخراً، إضافة إلى مدينة واو في جنوب السودان.
القتال يتركز على مدن رئيسية في كردفانوتتركز المعارك حالياً حول مدن الأبيض وكادوقلي والدلنج وبابنوسة، وهي مناطق يتمركز فيها الجيش بكثافة. وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، منذ أشهر، وهي تقع على طريق استراتيجي يربط دارفور بالعاصمة الخرطوم، وتحوي مطاراً استُخدم لوجستياً لأغراض عسكرية. فيما أعاد الجيش مؤخراً السيطرة على مدينة بارا، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً شمال الأبيض.
أعلنت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي أنها "حررت" مدينة بابنوسة في غرب كردفان، لكن الجيش السوداني نفى ذلك، ما يعكس حالة التناقض المستمرة في الروايات الميدانية بين الطرفين.
ويواجه آلاف المدنيين في مدن كادوقلي والدلنج بجنوب كردفان أوضاعاً إنسانية متردية جراء الحصار المطوّل، الذي يحرمهم من الغذاء والدواء.
وفي جنوب الإقليم، يتعرض معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال في كاودا إلى ضغط متزايد من الجيش، الذي يسعى إلى إضعاف هذا الفصيل المتحالف مع قوات الدعم السريع.
وفي سياق متصل، جددت قوات الدعم السريع "التزامها بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها من جانب واحد"، مشددة على "احتفاظها بحق الدفاع عن النفس".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة