كتبت " الشرق الاوسط": يشغل «اليوم التالي» ما بعد الحرب، الأفرقاء اللبنانيين، لا سيما بعدما كرّست «جبهة المساندة» في الجنوب الانقسام في لبنان بشكل أكبر، بين «حزب الله» وحلفائه من جهة، ومعارضيه من جهة أخرى، وهم الذين يطلقون المواقف الرافضة لتفرده بقرار الحرب عبر منطق وحدة الساحات وإمساكه اليوم بقرار المفاوضات، وبالتالي هو الأمر الذي قد ينعكس على الواقع السياسي في لبنان بعد انتهاء الحرب.



وبانتظار ما ستنتهي إليه مفاوضات الهدنة في غزة التي يربطها «حزب الله» بوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، يبعث الحزب بـ«رسائل طمأنة» إلى الأفرقاء اللبنانيين، كان آخرها عبر قول النائب في كتلة الحزب حسن فضل الله: «بالنسبة لليوم التالي لما بعد وقف العدوان، هو يوم لبناني بامتياز، يحدده أهل لبنان والمعنيون بهذه المواجهة من جهات رسمية ومن المقاومة تحت سقف حماية السيادة، وتعزيز قوة الردع للبنان، ومنع العدو من تحقيق أهدافه، وعدم السماح له بأن يحصل بالسياسة على ما عجز عنه في الحرب، وبالوسائل القتالية وبالقصف والتدمير والاغتيالات».
لكن لا يرى معارضو الحزب أن لهذه «التطمينات» فائدة ما دام الواقع السياسي والعسكري في لبنان لم يتبدّل، وتحديداً لجهة عدم تطبيق الدستور وتفرد الحزب بقرار الحرب والسلم، وفريقه السياسي بقرارات الدولة. وهو ما يعبّر عنه النائب في كتلة حزب «القوات اللبنانية» غياث يزبك بقوله: «كلام فضل الله مردود لأن ليس هكذا تدار الدول». ويؤكد أن «الدستور ينص على سيادة الدولة، وعلى أن يرعى رئيس الجمهورية المفاوضات والعلاقات الدولية بين لبنان والخصوم والحلفاء والأصدقاء، لكن ما دام هذا المنطق لا يسود على الحدود فكل ما يقوله (النائب) فضل الله وغيره من قيادات الحزب هو عملية ذرٍّ للرماد في العيون».
وفي حين يشكّك يزبك بكلام فضل الله، يتحدث عن محاولات لخلق أعراف جديدة يقوم بها «حزب الله» وحليفه رئيس البرلمان نبيه بري، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى قبل الوصول إلى اليوم التالي يقوم الحزب بعملية إبعاد وخلق عرف بأن لبنان يحكَم من دون رئيس للجمهورية، ومؤسسة المجلس النيابي بقيادة بري تدير المجلس بطريقة ملتوية يقتطع عبرها بري صلاحيات لا تعود له عبر إدارة شأن المجلس وصلاحيات مرتبطة بالرئاسة، فيما يبدو واجهة للانقلاب المتمادي الذي يقوم به (حزب الله) الذي يأخذنا إلى الحرب من دون سؤال، وإذا قلنا له: أنت تعود إلى البلد بالدمار، يقول: أنتم تتعرضون للمقاومة».
يشير يزبك إلى التهديد بالسلم الأهلي الذي يلجأ إليه «حزب الله» ضد معارضيه بمجرد مخالفتهم له، ويقول: «ما سُمح للحزب بأن يقوم به إضافةً إلى سطوة السلاح والاستقواء بالسوريين فيما مضى والإيرانيين اليوم، هي التسوية التي كان يفرضها على اللبنانيين الحريصين دائماً على لعب دور أُم الصبي، حمايةً للسلم الأهلي، بحيث إنه يرى دائماً أنه إذا رفضت مخالفة الدستور كما يريد يعني أنك تتلاعب بالسلم الأهلي مهوِّلاً بالحرب وهو ما أدى بنا إلى ما نحن عليه اليوم». ويتحدث كذلك عن «عملية تخدير المجتمع اللبناني كي يتمكن الحزب من الاستمرار بما يقوم به منذ التسعينات، وهو ما أدى بنا اليوم إلى فوضى وخراب اقتصادي وأمني ودبلوماسي».
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله فضل الله

إقرأ أيضاً:

هجوم المسيّرات على موسكو.. رسائل في العمق وانتظار الرد الروسي!

في تطور نوعي غير مسبوق منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، تعرضت العاصمة الروسية موسكو، فجر الأحد الموافق 1 يونيو 2025، لهجوم جوي واسع بالطائرات المسيّرة الأوكرانية، اعتبره المراقبون الأكبر من نوعه حتى الآن. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إسقاط 337 طائرة مسيّرة، منها 91 فوق موسكو، والبقية فوق ثماني مناطق أخرى، أبرزها كورسك وفورونيج وبيلغورود.

هذا الهجوم، الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص وأدى إلى إصابة أكثر من عشرين آخرين وتضرر عدد من البنايات، يحمل دلالات تتجاوز المعركة الميدانية التقليدية، ليشكل منعطفًا حرجًا في مسار الصراع، ويضع موسكو أمام تحدٍّ جديد في عمقها الاستراتيجي.

نقل المعركة إلى قلب روسيا

رسائل أوكرانيا في هذا التصعيد واضحة: لم يعد هناك "ملاذ آمن" داخل روسيا، بما في ذلك العاصمة. فبعد أشهر من القصف الروسي على خاركيف

وزابوريجيا ومدن أخرى، جاءت هذه الضربة لتقول إن يد كييف باتت قادرة على الوصول إلى العمق الروسي، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا نفسيًا وسياسيًا.

الكرملين، الذي ظل يفاخر طوال السنوات الماضية بأن دفاعاته الجوية قادرة على صدّ التهديدات، تلقى رسالة محرجة أمام الرأي العام المحلي والدولي.

ومهما تكن نتائج الاعتراضات الصاروخية، فإن مجرد تحليق هذا العدد الكبير من المسيّرات فوق موسكو يُعدّ فشلًا استراتيجيًا وخرقًا لهيبة السلطة.

دلالات التوقيت والسياق الإقليمي

الهجوم لم يأتِ في فراغ، بل إنه يتقاطع مع عدة تحولات:

- تعثر المحادثات غير المباشرة بين روسيا والغرب بشأن هدنة أو تسوية، خاصة مع تصاعد الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا.

- تصعيد روسي متواصل ضد منشآت الطاقة والبنية التحتية في شرق أوكرانيا، وخصوصًا خاركيف.

- اقتراب قمم سياسية دولية حاسمة قد تناقش مستقبل الحرب، حيث تسعى كييف لتذكير الحلفاء بأن المبادرة لا تزال بيدها.

- كما يتزامن الهجوم مع زيارة وفد من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى موسكو، في لحظة دبلوماسية حرجة، وكأن كييف أرادت تذكير الجميع بأن لغة الحرب لم تنتهِ بعد.

خيارات الرد الروسي: بين التصعيد والاحتواء

ردّ موسكو بات متوقعًا، لكنه محفوف بالتكلفة، فأمام بوتين عدة خيارات:

1. تصعيد عسكري شامل ضد كييف أو لفيف أو مدن حدودية، عبر استهداف واسع للبنية التحتية المدنية، في محاولة لاستعادة الردع.

2. فتح جبهات جديدة في المناطق الرمادية كمولدوفا (ترانسنيستريا) أو تعزيز الحضور العسكري في بيلاروسيا.

3. تصعيد سيبراني أو استخباراتي ضد أوكرانيا وداعميها في الغرب.

4. استخدام الحدث كورقة ضغط دبلوماسية، للتأكيد على تورط الناتو في الحرب، واستدعاء الدعم الشعبي داخليًا.

غير أن الكرملين يدرك أن أي رد غير محسوب قد يُغرق روسيا في مستنقع استنزاف طويل، خصوصًا مع اتساع الفجوة الاقتصادية وتململ قطاعات من النخبة الروسية.

انعكاسات جيوسياسية

الغرب سيجد في الهجوم ذريعة لتقديم المزيد من أنظمة الدفاع الجوي المتطورة لأوكرانيا، مع تعزيز استراتيجية "الردع دون التدخل المباشر".

الصين والهند ستواصلان دعوات التهدئة، مع مراقبة دقيقة لاحتمال انزلاق الحرب نحو الإقليم الأوسع.

دول الجوار كبولندا ورومانيا ودول البلطيق بدأت فعليًا رفع درجات التأهب، تحسبًا لأي ردود فعل روسية غير متوقعة.

نهاية مفتوحة على الاحتمالات

يبقى أن الهجوم يمثل تحولًا لافتًا في ديناميكية الحرب: من حرب مواقع إلى حرب عمق، ومن اشتباك تقليدي إلى معركة إرادات سياسية واستراتيجية. لم تعد موسكو عصية، ولم تعد كييف فقط في موقع الدفاع.

هل يختار بوتين التصعيد الشامل، أم يعود إلى طاولة التفاوض وفق قواعد جديدة؟

هل تنجح أوكرانيا في فرض معادلة "الداخل بالداخل"، أم يدفعها الغرب نحو ضبط النفس؟

أسئلة مفتوحة على صيف ساخن، ومشهد دولي لا يزال يُكتب بالنار والمسيّرات!

روسيا: مصرع وإصابة 36 شخصًا في انهيار جسر وخروج قطار عن مساره

مبعوث روسيا بالأمم المتحدة: مستعدون للقتال طالما اقتضت الضرورة

روسيا والصين تستعدان لتنفيذ أكثر من 80 مشروعا بقيمة 200 مليار دولار

مقالات مشابهة

  • هجوم المسيّرات على موسكو.. رسائل في العمق وانتظار الرد الروسي!
  • ضغوط أميركية لسلة اتفاقات أمنية جنوبا.. مقاربة حزب الله للسلاح تصادم الدولة
  • لا معالجات قريبة لسلاح الحزب والمخيمات بدون ضمانات
  • تصاعد معارضة الحرب في صفوف الجيش الصهيوني لجريمة الإبادة في غزة
  • "ممارسات غير إنسانية".. الأصوات المعارضة للحرب على غزة تعلو في صفوف الجيش الإسرائيلي
  • بنسعيد: البام استمر في المعارضة 12 سنة و قدم بدائل في الحكومة
  • سوريٌّ وقع في قبضة أمن الدولة... هذا ما كان يقوم به في أحد المقاهي
  • بعد انتقاده بوتين.. هل يمهّد ترامب لتجاهل التسوية السياسية للحرب الأوكرانية؟
  • سرّ لافت يكشفه حزب الله
  • حزب الله.. الرقم الإسلامي الصعب