المعروف تاريخياً أن النظام السعودي هو من يشن الحروب على اليمن منذ تأسيسه بريطانياً في موازاة تأسيس ما تعرف بـ “إسرائيل”.
شن حرباً على الحجاج اليمنيين داخل أراضي ما بات تعرف بالسعودية وقتل قرابة أربعة آلاف حاج..
وبدعم بريطانيا شن حرباً احتل من خلالها أراض يمنية شاسعة وهي نجران وجيزان وعسير، غير الربع الخالي.
حين تأتي ثورة سبتمبر أو أكتوبر يشن ذات النظام حروبه ويستضيف مرتزقة وينشئ لهم إذاعة باسم المملكة اليمنية أو مسمى الجنوب الحر، والأمر تطور في آخر حروب هذا النظام على اليمن حتى الآن إلى فضائيات وليس فقط مجرد إذاعات..
لا أحد في هذا العالم برمته يمكنه تصديق أن النظام السعودي تعنيه حرية أو ديموقراطية أو شرعية أو مشروعية لأنه العدو اللدود لكل هذه العناوين، فكيف يصدق أنه يدافع عن ثورة أو جمهورية..
إسرائيل هدفها وأمنيتها كمشروع أن تبيد الشعب الفلسطيني وتبحث عن عناوين بمساعدة أمريكا لتفعيل هذه الإبادة، كما استعمال الإرهاب و “حماس”.
النظام السعودي هدفه وأمنيته إبادة الشعب اليمني وكل ما يستعمله عناوين لتفعيل مشروعه، إبادة الشعب اليمني كما يأمل أو يحلم أو يتوهم..
إن المشروعية هي التي تفرضها الشعوب وتمثل الشعوب ولمن يريد له أن يتابع المشروعية الشعبية كاملة الوضوح ومكتملة الأركان منذ تفعيل العدوان السعودي – ومعه الإماراتي ـ منذ 2015م بحيث أنه يمكن الجزم بأنه لا توجد مشروعية شعبية أقوى من هذه المشروعية التي يجسدها الشعب، وبالتالي فالمشروعية الشعبية وهي أساس المشروعية لأي نظام ليست هبة ولا توهب لا من أمريكا أو بريطانيا ولا حتى من ما تسمى أمم متحدة أو مجلس أمن، فالشعوب فقط هي من يمنح أو يسحب مشروعية..
ولهذا يعنينا ربط موقف اليمن المساند لفلسطين بعمليات في البحرين الأحمر والعربي حتى المحيط الهندي والمتوسط بموقف الإسناد الشعبي الاستثنائي والنادر على مستوى المنطقة والعالم، فكيف لعملاء بريطانيا ثم أمريكا وإسرائيل أن يتحدثوا عن شرعية أو مشروعية في اليمن؟..
إبادة الشعب الفلسطيني هي المشروعية للمشروع الإسرائيلي وإبادة الشعب اليمني هو ذات المشروع، والمشروع في فهم مرجعية الكيان الصهيوني و “الدنبوع” في اليمن ومن خلفه “الدنبوع” في فلسطين، وكل الخونة والعملاء في التاريخ البشري لفاقدي الحد الأدنى من القيم يقولون عن أنفسهم أنهم هم الأوطان والوطنية وهم الشرعية والمشروعية ولكنهم دائماً ما يرفضون أي قراءة أو مقارنة من أرضية المشروعية الشعبية وباتوا يستعيضون ذلك بجيوش الذباب الألكتروني، ولهذا فالنظام السعودي بين الأقوى في مشروعية الذباب الألكتروني معيار الشرعية والمشروعية..
عندما يصل الأمر إلى استهداف شعب أو شعوب بالإبادة الجماعية فليس أمامه غير استعمال كل الخيارات المتاحة بما فيها ما يسمى الاستراتيجية أو الانتحارية لأن أي شعب يهدد بإبادته فعليه أن لا يظل ينتظر الموت والإبادة، والأفضلية رفض هذه الإبادة وأن يموت وهو في الرفض والمقاومة لهذا الإجرام..
لعله من حقي تذكير القيادة الثورية والسياسية أنني ممن أدلوا برأيهم الرافض بشدة لهذه المسماة “الهدنة” وما حدث وكل ما يحدث حتى الآن هو ما توقعته وراهنت عليه..
أدرك التفاعل الشعبي الواسع مع موقف وخطابات قائد الثورة فيما يتصل بالنظام السعودي، وأعرف أنه لا يوجد سياسياً وإعلامياً في إطار الاصطفاف الوطني من يختلف أو يتباين في هذا الموقف، ولكنني من وضعي كمتابع- وليس من فهم متعمق للجانب العسكري بما فيها الجانب المعلوماتي- أرى أنه لم تكن من حاجة لتحذيرات أو إنذارات ولا لرسائل ولا لوساطات ولا أي تفاوضات وكان الأفضل أن نفاجئهم بمثلما تفاجئنا بشنهم العدوان والمثل الشعبي والقبلي في اليمن يقول “ما يفك الهجوة إلا السيل”..
ليس في هذا تطاولاً ولم يعد في حياتنا ما يثير نرجسية أو الخيلاء و “طاووسية” ولكننا وصلنا كشعب لحقيقة أن الموت بات أشرف من مزيد الإذلات، ومن حقنا على القيادة الثورية والسياسية أن تحافظ على شرف الموت ولا تدعنا للموت تحت الإذلال..
ومع ذلك فالسير والمسار هو وفق وخيارات القيادة الثورية والسياسية في هدنة طالت ولم تثمر إيجابية تذكر ثم ما بعد الهدنة من تحذيرات ورسائل، فهل كنا نحتاج لهدنة توصلنا إلى رسائل وتحذيرات.. وهل يمثل ذلك دعوة تفاوضية أو ضغطاً للتفاوض وكأننا لم نصل لا إلى استقرار ولا إلى قرار..؟!!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دعاية السجون المصرية بين التجميل والتزييف.. ودور النخب بكشف الحقيقة
إنّ مواجهة النظام العسكري المستبد الذي يسعى لتجميل صورته في الداخل والخارج لا تكون إلا بفضح ألاعيبه ونشر الحقيقة التي تهدد أركان حكمه وتزلزل استقراره، ولذلك من واجبنا أن نكشف الستار عن ألاعيب العسكر في غسل العقول وتنويم الشعوب.
فحين يتحوّل القمع إلى دعاية ويُغسَل الدم بالتجميل في مشهد يبدو وكأنه مسرحية سوداء، يقف النظام المصري ليُصدر للعالم صورة مزيّفة عن واقعه القمعي، مستخدما بعض الفنانين للترويج لما يسميه "تطوير السجون"، وكأننا أمام منشآت سياحية من فئة الخمس نجوم، لا أوكار تعذيب وظلم حُشر فيها عشرات الآلاف من الأبرياء، فقط لأنهم خالفوا السلطة الرأي أو عارضوا انقلابا عسكريا ما زالت آثاره الكارثية تتراكم على الوطن والمواطن.
منذ انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، دخلت مصر نفقا مظلما من القمع السياسي، جعل السجون المصرية عنوانا للمرحلة ومركز ثقلها، إذ قُدّر عدد المعتقلين السياسيين منذ ذلك التاريخ وحتى الآن بما يزيد على مائتي ألف معتقل، يوجد منهم حتى اليوم ما يزيد على ستين ألفا داخل السجون، بحسب تقارير منظمات حقوقية دولية ومحلية. بينهم آلاف من النساء، وأكثر من ألف معتقلة منذ لحظة الانقلاب، بعضهن تجاوزن السبعين من العمر، وآلاف من الشباب الذين قضوا زهرة أعمارهم في الزنازين، وعشرات من الأطفال القُصّر، ومئات من الشيوخ فوق الستين والسبعين.
هذه الحملات الإعلامية ليست سوى محاولة لتبييض وجه نظام فقد شرعيته، وتوثقت جرائمه، واستُهلكت كل مبرراته. فهل صار تجميل السجون أولوية وطنية؟ وهل تنمية البلاد تبدأ من تحويل المعتقلات إلى فنادق، بينما لا يجد الفقراء رغيفا ولا المريض سريرا ولا الشاب فرصة عمل؟
كل هؤلاء لم يُدانوا بجرم حقيقي، ولم يُحاكموا في محاكمات عادلة، بل كانت خصومتهم الوحيدة أنهم ينتمون إلى تيار سياسي معارض، أو أنهم عبّروا عن رأي، أو شاركوا في مظاهرة، أو كتبوا تدوينة تنتقد النظام.
التعذيب والانتهاكات.. سياسة ممنهجة لا استثناءات
داخل هذه السجون "العصرية"، تمارس أبشع صور التعذيب الجسدي والنفسي. تقارير موثقة لمنظمات كـ"هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" تشير إلى استخدام منظم للتعذيب، والصعق بالكهرباء، والضرب، والحبس الانفرادي، والحرمان من الزيارة والعلاج، والمنع من الطعام والشراب. لم يعد التعذيب حالة فردية تُدان، بل سياسة ممنهجة يُكافأ منفذوها وتُبرأ ساحتهم إعلاميا وقانونيا.
ويُضاف إلى هذه الانتهاكات، الإهمال الطبي المتعمّد الذي أودى بحياة المئات من المعتقلين، من بينهم رموز سياسية ودعوية وفكرية مثل الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، الذي تُرك ينزف على أرض المحكمة حتى فاضت روحه، دون أي تدخلٍ طبي، ليُسدل الستار على واحدة من أبشع صور القتل البطيء المتعمّد في العصر الحديث.
التجميل الزائف.. غسل الأيدي القذرة بالدعاية
وفي مقابل هذه الكارثة الإنسانية، يخرج علينا النظام ببرامج مصوّرة، يصحب فيها بعض الفنانين والمشاهير لتفقد ما يسميه "مجمع السجون الجديد"، في محاولة ساذجة لتجميل وجهه القبيح. تتحدث هذه البرامج عن غرف مكيفة، ورعاية صحية، وملاعب رياضية، بل وسينمات ومسارح، بينما تُسجى في الزنازين أجساد معتقلين لا يرون الشمس لأسابيع، ويُمنعون من أبسط الحقوق كالماء النظيف أو العلاج أو الزيارات.
إن هذه الحملات الإعلامية ليست سوى محاولة لتبييض وجه نظام فقد شرعيته، وتوثقت جرائمه، واستُهلكت كل مبرراته. فهل صار تجميل السجون أولوية وطنية؟ وهل تنمية البلاد تبدأ من تحويل المعتقلات إلى فنادق، بينما لا يجد الفقراء رغيفا ولا المريض سريرا ولا الشاب فرصة عمل؟
المشروع الصهيوني وتمكين القمع
ما يجب أن يُقال بصراحة: إن ما يحدث في مصر هو جزء من مشروع إقليمي واسع، تتقاطع فيه مصالح سلطات الاستبداد المحلي مع أجندة صهيونية تريد تفكيك قوى الأمة الحية، وعلى رأسها الحركة الإسلامية، وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين، التي تمثل سدا منيعا أمام مشروع تصفية القضية الفلسطينية، وتطبيع العلاقة مع الاحتلال.
الصمت على هذه الجرائم هو شراكة في الظلم، ومن يتغافل عن هذه الانتهاكات، ويختار الصمت، إنما يصطف إلى جانب الجلاد، حتى ولو لم يرفع سوطا. إن من يسكت عن آلاف المعتقلين من الرجال والنساء والشيوخ، لا يختلف كثيرا عمّن يغلق عليهم الأبواب
إن اعتقال آلاف الدعاة والمفكرين والسياسيين، وملاحقة كل من ينتمي لفكرة أو دعوة أو حركة تقاوم الهيمنة الصهيونية، إنما هو تنفيذ مباشر لمطلب أمريكي صهيوني قديم: إنهاء كل تيار يوقظ الشعوب، أو يحرضها على الكرامة، أو يربطها بالإسلام كهوية ومشروع حضاري.
السكوت مشاركة.. والمقاومة واجب
الصمت على هذه الجرائم هو شراكة في الظلم، ومن يتغافل عن هذه الانتهاكات، ويختار الصمت، إنما يصطف إلى جانب الجلاد، حتى ولو لم يرفع سوطا. إن من يسكت عن آلاف المعتقلين من الرجال والنساء والشيوخ، لا يختلف كثيرا عمّن يغلق عليهم الأبواب.
إن المطلوب اليوم ليس مجرد الشكوى أو التحسر، بل تحرك عملي ومدروس لإنقاذ ما تبقى من مصر والكرامة فيها. يجب فضح هذا النظام في المحافل الدولية، ورفع قضايا أمام المحاكم الدولية، وتنظيم الحملات الشعبية والحقوقية، وتوحيد الجهود الإعلامية والسياسية للدفاع عن المعتقلين وحقهم في الحياة والحرية.
إن تجميل السجون لا يغيّر من طبيعتها، وإن تحويل المعتقل إلى فندق لا يبرر وجود سجين سياسي واحد خلف القضبان. وما لم نُدِن هذا النظام ونفضح جرائمه، ونحشد شعوبنا لمقاومته، فستمتد الزنازين، وتُطمس الحقيقة، ويُعاد تدوير الاستبداد بأدوات أكثر خداعا وبهتانا.