الأسعار عبء إضافي على كاهل السودانيين
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
بات ارتفاع الأسعار يثقل كاهل السودانيين في مدينة بورتسودان، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة، إذ سجلت المواد الغذائية في المدينة الساحلية زيادة قياسية، دفعت الناس إلى العزوف عن ارتياد الأسواق لشراء العديد من السلع الاحتياجات.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، بدأت العملة المحلية في رحلة هبوط متواصلة مع تصاعد ضجيج الرصاص بين طرفي النزاع، فقد تجاوز سعر صرف الدولار في آخر تحديث 2000 جنيه سوداني، وسط استمرار تفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في البلاد.
وفي الأيام الأخيرة، شهد الجنيه تدهوراً سريعاً، دفع وكلاء الشركات الكبرى وبعض التجار إلى إغلاق محالهم التجارية، والإحجام عن البيع، خوفاً من تعرضهم لخسائر مالية، بينما اضطر آخرون إلى رفع أسعار سلعهم بشكل مباشر، في محاولة للحفاظ على توازن معدلات الربح في ظل تراجع قيمة العملة.
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة، أعلن، الجمعة، انتهاء مباحثات منفصلة استمرت 9 أيام في جنيف مع الجيش والدعم السريع دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.
تفادي خسارة مالية فادحة
في حديث لـ”الشرق”، قال تاجر المواد الغذائية في سوق بورتسودان، ياسين عبد السلام، إن تذبذب قيمة الجنيه أجبرت التجار على رفع أسعار المنتجات لتفادي الخسارة، مشيراً إلى أن البضائع “يُمكن أن تفسد داخل المخازن، وقد تفقد قيمة شرائها بسبب تدهور العملة المحلية، لأن ذلك يؤثر على رأس مال التجار إذا لم يتابعوا أسعار الصرف على رأس كل ساعة”.
بدوره، ذكر وكيل إحدى الشركات العاملة في مجال الأدوات الكهربائية، أنه أوقف عمليات البيع تماماً، وبات يتأهب لإغلاق محله التجاري، وذلك إلى حين معالجة التدهور اليومي في قيمة الجنيه السوداني. وقال إن الخسارة مؤكدة حال استمرار البيع في الظروف الحالية، معتبراً في تصريحات لـ”الشرق”، أنه “على الجميع الإحجام عن البيع حتى لا يتعرضوا لخسائر فادحة”.
ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، جعلت الحرب السودانية أكثر من 25 مليون شخص في مواجهة مستويات متفاقمة من انعدام الأمن الغذائي، كما باتت 14 منطقة مهددة بالمجاعة في أنحاء السودان، وفي يونيو الماضي قدّر المرصد الدولي لمراقبة الجوع، أن نحو 755 ألفاً في السودان يواجهون “وضعاً كارثياً” هو أحد أسوأ مستويات الجوع الشديد.
ويعاني 8.5 مليون نسمة، أو نحو 18% من سكان السودان، نقصاً في الغذاء، قد يُسفر عن سوء تغذية حاد ووفاة، أو يتطلب استراتيجيات تعامل طارئة، وفقاً لهذا التحديث.
وذكرت وسائل إعلام سودانية، أن “ورق الشجر أصبح طعاماً” لبعض السودانيين، جراء تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، في وقت حذّرت الأمم المتحدة من أن تأخر وصول المساعدات بسبب القيود، يُهدد بمزيد التدهور في أوضاع السكان، وحثّت طرفي الصراع على تيسير إيصال المعونات الإنسانية بشكل عاجل.
ومما يزيد الأوضاع المعيشة صعوبة أمام من تبقى من السودانيين، الارتفاع اليومي الكبير في أسعار السلع، وهو ما جعل الكثير من العائلات تتخلى عن بعض المواد الغذائية من قائمة الاحتياجات، حيث بلغ مثلاً سعر كيلو لحم الضأن 18 ألف جنيه، بعدما كان 12 ألفاً بداية الأسبوع الماضي، في حين وصل سعر كيلو السكر إلى 2200 جنيه، وكيلو العدس (3 آلاف جنيه)، وكيلو الطماطم (12 ألف جنيه)، ورطل الشاي 10 آلاف جنيه.
تحديات معيشية
وتحدثت مريم جواي لـ”الشرق”، عن التحديات التي باتت ترهق المواطنين في ظل ارتفاع أسعار المنتجات، قائلة إنها أُجبرت على التخلي عن بعض السلع الضرورية بسبب ارتفاع أسعارها، والاستعاضة عنها ببدائل منخفضة السعر لتقليل الكلفة، لافتةً إلى أنه في بعض الأحيان يرتفع سعر السلعة أكثر من مرة خلال اليوم الواحد، حيث يُبرر التجار الزيادة بتغيّر سعر الصرف في السوق.
ويُشارك مريم الرأي، إدريس حسن صالح، الذي قال إنه أسقط الكثير من السلع الضرورية، وخاصة اللحوم، لارتفاع أسعارها، وتابع “لم تعد هذه الأشياء في متناول اليد، وكذلك الفواكه وبعض الخضروات مثل الطماطم”، وجعلت هذه الضغوطات إدريس يتدبّر أموره المعيشية بأقل تكلفة، حتى يتمكن من إعالة بناته الست وطفله الصغير.
ولم تكن إحسان عوض، وهي ربة منزل، أحسن حالاً من سابقيها، فقد أصبحت تشتري السلع بشكل يومي، لأنها لا تستطيع دفع قيمة احتياجات أسرتها لمدة أسبوع، خاصة أنها اضطرت إلى النزوح 3 مرات من الخرطوم إلى مدني، ومن ثم إلى بورتسودان، وذكرت أنها تعتمد على مساعدة أحد أقربائها المغتربين في إحدى دول الخليج.
وأضافت إحسان: “حتى المساعدة المالية التي أتلقاها من أحد أقاربي لا تكف لـ10 أيام، ولهذا تنازلت مجبرة عن بعض السلع، حتى يتبقى معي من المال ما يكفي لـ20 يوماً، ومن ثم اضطر إلى الاستدانة من بعض المعارف، الأمر الذي جعلني مثقلة بالديون”.
ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم، إبراهيم أونور، أن القفزات الكبيرة في سعر الدولار مقابل الجنيه منذ بداية عام 2024، أثارت بعض الشكوك حول العوامل التي تحرك أسعار السوق السوداء، معتبراً أن “أسباب انفلات الدولار ليست مبررة، بل هي نتيجة لتدخل مقصود لرفع سعر الصرف”.
وألقى أونور بالمسؤولية على جهات لم يسمها، تقف وراء “افتعال حرب اقتصادية”، وقال إن مواجهتها تستدعي إجراءات أمنية مشددة في الوقت الراهن، والسعي لتكوين احتياطي مقدر من الذهب للبنك المركزي في المستقبل المنظور.
الشرق
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محافظ أسيوط: فتح منفذًا جديدًا لبيع اللحوم البلدية بأسعار مخفضة بمركز أبنوب
أكد اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط على استمرار جهود المحافظة في زيادة منافذ بيع اللحوم البلدية بالمراكز، وطرحها بأسعار مخفضة، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي وتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لضبط الأسواق وتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة، في خطوة تهدف إلى تخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين ومواجهة محاولات المغالاة في الأسعار.
وأوضح محافظ أسيوط أن الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبنوب، برئاسة مصطفى علي، افتتحت منفذًا جديدًا لبيع اللحوم البلدية ضمن مبادرة المحافظة "تخفيف الأعباء عن المواطنين"، والتي تهدف إلى طرح كميات من السلع بأسعار أقل من مثيلاتها في السوق، بما يضمن استقرار الأسعار ويحد من استغلال بعض التجار.
وأشار المحافظ إلى أن المنفذ الجديد يقدم اللحوم البلدية بسعر 290 جنيهًا للكيلو، وهي منتجات مزارع الثروة الحيوانية، وتخضع للإشراف البيطري ويتم ذبحها بالمجازر الآلية، بمشاركة ناصر سالم، نائب رئيس المركز، والمتابعة الميدانية لرئاسة المركز. وتهدف هذه الخطوة إلى دعم الأسر البسيطة والمتوسطة وتوفير بدائل شرائية آمنة بعيدًا عن ممارسات الاحتكار ورفع الأسعار دون مبرر.
وأكد اللواء هشام أبو النصر أن هذه المبادرات تأتي ضمن حزمة إجراءات شاملة تتبناها محافظة أسيوط لتخفيف الأعباء عن المواطنين، وضمان وصول السلع الأساسية بأسعار مناسبة إلى المستهلكين، مع تعزيز الرقابة على الأسواق ومنافذ البيع لتحقيق أقصى استفادة من المبادرات الحكومية لدعم المواطنين.
وكان محافظ أسيوط قد وجه رؤساء المراكز بالتوسع في فتح منافذ بيع إضافية على مستوى القرى والمراكز، ضمن استراتيجية شاملة لتعزيز الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار، بالتنسيق مع كافة الأجهزة الرقابية، لضمان توفير السلع الأساسية للمواطنين بجودة عالية وأسعار عادلة.