نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية مقالا لخبير عسكري يسلط الضوء على الهجوم الأوكراني المضاد، ويستعرض جملة من التفاصيل المتعلقة به والعوامل التي يرى الكاتب أنها أدت إلى فشله فشلا ذريعا.

وفي مقاله بالصحيفة، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد في قوات الدفاع الجوية الروسية ميخائيل خودارينوك إن قادة القوات الأوكرانية وجنودها -الذين تدرّبوا على أيدي مدربين عسكريين غربيين- رفضوا اتباع التكتيكات العسكرية التي أشارت بها دول حلف شمال الأطلسي "ناتو" خلال هجومهم المضاد ضد القوات الروسية.

وأشار خودارينوك إلى أن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية ذكرت في تقرير لها أن قيادة القوات المسلحة الأوكرانية قررت العودة إلى اتباع التكتيكات القتالية التي كانت تعتمدها سابقا، نظرا لأن الأساليب الغربية للهجوم المضاد لم تؤت أكلها وأظهرت عدم كفاءتها بالمعارك التي دارت في زاباروجيا ومناطق أوكرانية أخرى.

ويرى بعض المحللين أن الحرب الروسية الأوكرانية تعيد إلى الأذهان حرب الخنادق إبّان الحرب العالمية الأولى، عندما كان تقدم القوات لمسافة 1.5 كيلومتر يعد نجاحًا كبيرًا، وكانت معارك طاحنة تدور من أجل السيطرة على مفترق طرق وفق المقال.


ويتساءل الخبير العسكري عن أسباب التشابه بين صعوبة المعارك وقتها ومعارك الصراع الحالي رغم أننا في القرن 21، ويرى أن هناك جملة من العوامل ساعدت روسيا على إحباط الهجوم الأوكراني المضاد من ضمنها:

الاستعداد الروسي لصد الهجوم

واستفاض العميد المتقاعد بمقاله في شرح استعدادات الجيش الروسي لصد الهجوم الأوكراني المضاد، والتكتيكات العسكرية التي اتبعها لإلحاق الهزيمة بالقوات المهاجمة.

وقال إن الجيش الروسي اعتمد تكتيكا عسكريا كلاسيكيا يقوم على رصد دفاعات القوات المهاجمة وتحديد المواقع الممكن اختراقها، ومن ثم نشر مجموعة رئيسية من المدفعية بالمنطقة التي يراد أن ينطلق منها الهجوم الرامي لاقتحام خطوط الدفاع الأوكرانية.

ويصل عدد المدفعية الثقيلة التي استخدمها الجيش الروسي لصد الهجوم المضاد، في بعض النقاط بجبهات القتال، إلى 300 مدفع لكل كيلومتر وفق المقال.

وأوضح الجنرال المتقاعد أن الجيش الروسي كان ينشر تشكيلات قتالية في مناطق الاختراق. وفي الليلة السابقة للهجوم، تُنقل فرق من خط الدفاع الأول إلى خط المواجهة، مع إحداث تغييرات على مستوى الوحدات والتشكيلات التي كانت تحتل المواقع الدفاعية في وقت سابق.

كما أوضح أن التفوق الجوي والالتزام بعمليات التمويه من العوامل التي ساعدت القوات الروسية على القيام بكل استعداداتها لصد الهجوم الأوكراني في سرية تامة بعيدا عن أعين عدوها، وقد جرت تلك التحضيرات بمساعدة سلاح الجو، مما أعاق جهود الاستطلاع الأوكرانية.

اختراق الجبهة الأوكرانية

بحسب خودارينوك فقد بدأ الروس هجوما كاسحا ضد طليعة القوات الأوكرانية التي تصدرت الهجوم المضاد.

وفي اليوم والساعة المحددين، بدأ سلاح المدفعية الروسية استعداداته للهجوم. وفي غضون ساعتين من إطلاق النار الكثيف من آلاف المدافع دُمر الخط الدفاعي الأول للقوات الأوكرانية. تلا ذلك تدخل جنود المشاة والدبابات الروسية. ومع تمكن فرق المشاة المهاجمة من الوصول لمواقع إطلاق نيران مدفعية القوات الأوكرانية، وصلت تعزيزات أخرى من وحدات الجيش لاستكمال اختراق الدفاعات الأوكرانية. وبدأت مطاردة القوات الأوكرانية التي انسحبت تحت وقع المفاجأة.

ووفق الخبير العسكري، فقد تراوح معدل تقدم القوات الروسية يوميًا بين 20 و25 كيلومترًا، ووصل أحيانًا إلى نحو 60 و70 كيلومترًا.


عوامل أخرى حاسمة

من بين العوامل الأخرى التي أدت إلى فشل الهجوم الأوكراني المضاد -وفق خودارينوك- التفوق الجوي ووسائل الاستطلاع الحديثة التي مكنت الجيش الروسي من رصد تحركات القوات الأوكرانية، خاصة وأن تضاريس جنوب أوكرانيا تخلو من المواقع التي تسهل على قواتها عمليات التمويه والاختباء.

ويوضح الكاتب أنه بمجرد شروع المدفعية التابعة للقوات الأوكرانية في التمركز بمكان ما والاستعداد لشن هجوم، يتم رصدها جوا من خلال طائرات الاستطلاع والُمسيّرات الروسية.

وغالبا ما يتعرض سلاح الجو الروسي لنيران مدفعية القوات الأوكرانية التي يرصدها، وهو ما يمثل تحديا للقوات الروسية.

وهناك عامل آخر لفشل الهجوم المضاد يتمثل في قلة عدد القوات الأوكرانية التي قال الخبير العسكري الروسي إنها تعاني نقصا حادا بالذخيرة، مما حول هجومها المضاد إلى مغامرة انتحارية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الهجوم الأوکرانی المضاد القوات الأوکرانیة التی الجیش الروسی

إقرأ أيضاً:

لماذا اختارت أوكرانيا أهدافا روسية بعيدة وما رسائل هجومها النوعي؟

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم الفلاحي إن الهجوم الأوكراني بطائرات مسيرة على قاعدة عسكرية روسية في سيبيريا يمثل نقلة نوعية في طبيعة المعركة، ويوجه رسالة مباشرة لموسكو حول قدرة كييف على نقل الحرب إلى العمق الروسي رغم بُعد المسافة.

وأوضح الفلاحي في تحليل عسكري أن هذا الهجوم يكشف عن اختراق استخباراتي غير مسبوق للداخل الروسي، مشيرا إلى أن تنفيذ هجوم جوي بهذا الحجم يتطلب معلومات دقيقة ومراقبة متقدمة لمنشآت عسكرية على بُعد آلاف الكيلومترات من خطوط التماس.

وأضاف أن القدرة الأوكرانية على تنفيذ مثل هذه العمليات تعني وجود ثغرات كبيرة في المنظومتين الأمنية والدفاعية الروسيتين، كما يعكس ضعفا في الإجراءات الحمائية حول واحدة من أهم القواعد الجوية التي تحتضن قاذفات من الثالوث النووي الروسي.

وكانت تقارير قد تحدثت عن هجوم بطائرات مسيرة استهدف قاذفات إستراتيجية من طراز "تو-95″ و"تو-22" في قاعدة "بيلايا" الجوية بسيبيريا، مما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة، في هجوم وصف بأنه الأول من نوعه على بعد أكثر من 4300 كيلومتر من الجبهة.

وأعلن مسؤول بجهاز الأمن الأوكراني لوكالة رويترز أن العملية استهدفت أكثر من 40 طائرة روسية، بينها طائرات بعيدة المدى تُستخدم عادة لإطلاق صواريخ على أهداف داخل أوكرانيا، مؤكدا أن العملية جاءت ضمن هجوم واسع يهدف إلى إضعاف قدرات روسيا الجوية.

إعلان أهمية إستراتيجية

وأكد الفلاحي أن هذه الطائرات التي تم استهدافها تمثل أهمية إستراتيجية قصوى بالنسبة لموسكو، حيث تتمتع بمدى طويل يتيح لها الوصول إلى أهداف في أوروبا وأميركا دون الحاجة للتزود بالوقود، مما يجعل استهدافها ضربة قاسية على المستوى العسكري والمعنوي.

وأضاف أن الهجوم يوجه أيضا رسالة مزدوجة: الأولى أوكرانية تؤكد على قدرة كييف في الرد خارج حدودها التقليدية، والثانية من الغرب، وتحديدا من واشنطن والعواصم الأوروبية، تقول لروسيا إن استمرار الحرب دون تسوية سياسية لن يكون دون كلفة موجعة.

وأشار إلى أن اشتراك أكثر من جهة في تنفيذ العملية، بينها الاستخبارات والمشغلون الميدانيون، يكشف عن تعقيد عملياتي متقدم، وهو ما يُعد تطورا جديدا في طبيعة المواجهة التي باتت تشمل أهدافا إستراتيجية في العمق الروسي.

وبين الفلاحي أن الهجوم الأخير لم يكن منفصلا عن عمليات مشابهة جرت مؤخرا، بينها استهداف جسور وسكك حديد، فضلا عن هجمات سابقة طالت قواعد جوية روسية. واعتبر أن هذه العمليات تؤشر إلى اعتماد أوكرانيا على العمل الأمني الخاص لفرض معادلة جديدة.

وأكد أن الرسالة الرئيسية التي تحملها مثل هذه الضربات، هي أن أوكرانيا لا تزال قادرة على نقل المعركة إلى الداخل الروسي، وأن عليها ألا تقبل بالشروط التي تحاول موسكو فرضها عبر التصعيد العسكري، خصوصا مع تكثيف الهجمات الجوية الروسية.

اختراقات حقيقية

وفي معرض تقييمه للثغرات الروسية، قال الفلاحي إن وجود "عملاء" أو متعاونين داخل الأراضي الروسية يشير إلى اختراقات حقيقية في الأجهزة الأمنية، ويؤكد أن أوكرانيا لا تعتمد فقط على المسيرات بل على عمل استخباراتي معقد ممتد داخل العمق الروسي.

وأفاد بأن توقيت الهجوم يتزامن مع تصعيد روسي كبير، حيث أطلقت موسكو مئات المسيرات وصواريخ كروز على الأراضي الأوكرانية في اليوم ذاته، مما يشير إلى أن طرفي النزاع يخوضان الآن حرب استنزاف متقدمة على مستوى البنى التحتية والقدرات الجوية.

إعلان

واعتبر أن استهداف أهداف بعيدة يعطي انطباعا بأن أوكرانيا تسعى للضغط السياسي من خلال الأدوات العسكرية، خاصة في ظل استعصاء الحلول التفاوضية، مشيرا إلى أن هذه الضربات قد تكون محاولة لتعديل موازين القوى أو دفع الغرب نحو مواقف أكثر صرامة.

وقال الفلاحي إن اختيار أهداف إستراتيجية في سيبيريا بدلا من مناطق أقرب يعكس بُعدا سياسيا ورسالة ردع، فالأمر لم يكن تكتيكيا بقدر ما هو ضرب للهيبة الروسية من خلال إظهار العجز عن حماية قواعد يفترض أنها شديدة التحصين.

وأشار إلى أن هذه العملية تعزز من فرضية أن المعركة لم تعد محصورة داخل الأراضي الأوكرانية فقط، بل باتت تأخذ شكل مواجهة مفتوحة، تتجاوز حدود الجغرافيا التقليدية، وقد تُرغم موسكو على إعادة حساباتها بشأن إطالة أمد الحرب.

مقالات مشابهة

  • كيف فشلت موسكو في صد هجوم الطائرات المسيرة الأوكرانية ؟
  • الانتقام حتمي.. أول تعليق من ميدفيديف على ضرب أوكرانيا للعمق الروسي
  • لماذا فشلت موسكو في إجهاض هجوم أوكرانيا الجرئ داخل العمق الروسي؟.. مصادر تجيب لـCNN
  • بعد "هجوم المولوتوف".. ما العقوبة التي تنتظر سليمان؟
  • ماذا وراء الضربات الأوكرانية على الطيران الإستراتيجي الروسي؟
  • هجوم المسيّرات على موسكو.. رسائل في العمق وانتظار الرد الروسي!
  • الجيش الروسي يسيطر على بلدة جديدة في سومي
  • لماذا اختارت أوكرانيا أهدافا روسية بعيدة وما رسائل هجومها النوعي؟
  • القوات الأوكرانية تضرب 4 مطارات روسية وتدمر بعض القاذفات الثقيلة
  • بعد غارة روسية على موقع تدريب .. قائد القوات البرية الأوكرانية يقدم استقالته