أكلوا الحلزون وورق الشجر وأعلاف الحيواناتآية صوليلا لـ«لوفد»: دموع أطفالنا أقسى من الجوع.. والأمراض تحاصرنا
إذا عطشنا نعصر الصخر ونأكل التراب إن جعنا.. ولا نرحل، وبالدم الزكى لا نبخل هنا لنا ماضٍ وحاضر ومستقبل كأننا عشرون مستحيل هذا ما كتبه توفيق زيادة وكأنه جاء من الماضى ليسطر واقع غزة المؤلم، لم يكن وحده الذى وصف صبر هؤلاء المثابرين.
لينضم سميح القاسم حينما قال ربما أبحث، فى روث المواشى، عن حبوب ربما أخمد عريانا، وجائع يا عدو الشمس لكن لن أساوم وإلى آخر نبض فى عروقى سأقاوم.
هذا هو حال شعب غزة الذى يعيد للأذهان حصار الكفار لشِعب أبى طالب، ولكن جاء الزمن بأناس لم يرتقوا إلى الإنسانية فحتى الكفار قالوا « أنأكل وبنى هاشم جوعى ؟!» فدفعوا ٢ مليون محاصر بينهم 3,500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء لتناول الأطعمة غير المألوفة لهم وأطفالهم
يتهافت شعب غزة على أرغفة الخبز الحاف المغموسة بالصبر على الابتلاء، كما لو أنها تتهافت على أشهى أنواع اللحم وسط تهافت الكلاب المسعورة، وسط كومة قمامة يقف الأطفال باحثين عن بقايا الطماطم والبطاطس والخضار الهالك بعد تدافع عربات المساعدات الإنسانية المقدمة إلى الشعب المكلوم.
حكايات كثيرة بين منشور وآخر على مواقع التواصل الاجتماعى تطالعها يومياً، تكاد لا تصدق تلك الحواديت المبالغ فيها من هول ما وصلوا إليها, تتساءل هل يعقل أن يأكل أحد لحم حمير عن طيب خاطر، هل نصدق أن أحدهم أكل ورق الشجر وحشى ورق التوت راضياً!، كيف لأم أن تطعم ابنها خبزاً أصابه العفن، هل بالفعل ما نراه فى الفيديوهات بطهى الحلزون.
تلك المأساة لا ترصدها منشورات فيسبوك وتويتر وحدهم بل فيديوهات نقلتها وكالات الأنباء الكبرى لتوثق جرائم الاحتلال الصهيونى بحق غزة بعد حرب تجويع استمرت ما يقرب من الـ٣٠٠ يوم إلا قليلاً.
تحكى آيه صوليلا لـ«الوفد» عن حقيقة تلك الأكلات غير المعتادة أن كل ما يتداول من غرابة عن الأطعمة التى اضطر المحاصرين لتناولها حقيقية مضيفة «باستثناء الحمير لم أشاهد ذلك».
وتضيف «قمنا بطهى العنب والرمان النى أيضاً، تأتى الأفكار دوماً من الأشياء المتوافرة، ونتناقل التجارب فيما بيننا».
والأصعب من ذلك هو رحلة إقناع الأطفال بتناول هذه الأكلات يكون الدموع هى رده الفعل المعتادة والحلقة الأصعب، كما أشارت إلى الأمراض التى تحدث نتيجة هذا الطعام وخاصة النزلات المعوية فى ظل غياب المناعة.
وكان قد انتشر منشور لها تحاول إقناع ابنها بتناول الزعتر بالعجين، ويعبر عن رفضه ويتمنى أكل الكيك أو أى شىء آخر لكن دون جدوى فلا سبيل لذلك.
ويؤكد الصحفى الفلسطينى محمد دالو لـ«الوفد» ما جاء بالفيديوهات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعى، لافتاً إلى ندرة الطعام الطبيعى واضطرار سكان القطاع المحاصرين بتناول طعام غير آدمى والمعلبات المليئة بالمواد الحافظة ذات الأبعاد الصحية الخطيرة.
بينما نفى الصحفى الفلسطينى ما تداول عن ذبح الحمير، وأوضح أن النساء تلجأ لتقليل كميات الأكل المطهو حتى لا يفسد نتيجة عدم وجود مبردات وتضطر أحياناً إلى الخبز مرتين فى اليوم خوفاً من تلك الأزمة، فضلاً عن شرب الماء ساخناً نظراً لارتفاع تكاليف المياه المبردة.
لم يكن الأمر مقتصراً على الطعام الذى لم يعد متوافراً بشكل كافٍ بسبب حصار المعابر وعدم كفاية الأسواق لسد حاجات الآلاف من الجوعى بل الماء أيضاً فتحكى أحدهن عن أزمة المياه «تقف دوراً طويلاً عشان تعبى مية حلوة، فى وقت الظهر والشمس حامية والجو نار !! وتخيل بعد ما تعبى المية وتاخدها لأطفالك العطشانين فى البيت، يحكولك: ليش هيك طعم المية مش زاكى»؟!!
وتتابع «وتخيل بعد كم يوم تخلص المية الحلوة، وما تلاقى حد يعبيلك تضطر تشرب أطفالك مياه غير صالحة للشرب»..
وهنا أيضاً حكاية آكلى ورق التوت ذلك الرجل الذى يقف بين المنازل المقصوفة ليقطف مع أبنائه أوراق التوت فى محاولة بائسة لسد جوع أطفاله الثمانية رغم خطورة ذلك عليهم بسبب استمرار القصف الإسرائيلى واستهدافه المدنيين، حيث قال أخذت أولادى لأننى مضطر لذلك، فلدى إصبع مُركب وآخر متضرر، لو كنت قادراً لما جعلتهم يتسلقون الشجر فى هذه الظروف» بحسب ما نقلت بى بى سي.
وتحاول الأم تخفيف حدة طعم ورق التوت عن طريق حشوه بالأرز الذى حصلوا عليه من المساعدات، إضافة إلى التوابل، لتذكرهم بأكلات شعبية مشابهة حُرموا منها بسبب الحرب، مثل الملفوف وورق العنب.
ويضيف هنا أحد نازحى شمال القطاع إلى جنوبه، إن سكان الشمال يتناولون وجبة واحدة مكونة «من رغيف واحد من علف الحيوانات فقط، لأن المواد الغذائية نفدت تماماً من الشمال.
ونقلت إحدى وسائل الإعلام العالمية رحلة البحث عن طعام فى بقايا أكل المستشفيات الذى يتبقى من موظفى المستشفى ويتابع أنهم يقولوا بإعادة طهيها لأطفالهم سواء كان الطعام أرزاً أو عدساً.
وكتبت آمنة صلاح: تخيلوا الناس شمال غزة نفسها نشوف حبه بندورة تخيل كده إنك عايش بدون طعام ولا حتى مياه صالحه للشرب ولا حتى كهرباء ولا اى مقومات الحياة شمال غزة يموت ع البطىء أمنياتنا صارت بس حبة طماطم و بطاطا وخيار سبحان الله.
ويبدو أن أعلاف الحيوانات كطعام انتشر بين سكان القطاع حيث مدرب اللياقة البدنية الذى تبدل حاله ماهر سليم يحكى «اضطريت أطبخ علف الحيوانات لأبنائي».
ويجلس مروان عويضة (53 عاماً) لإطعام صغاره فى بلدة بيت لاهيا شمالى قطاع غزة من أوراق نبات الصبار الشوكي.
يقشر الفلسطينى الصبار من الشوك الخارجى داخل منزله، ثم يطعمه لأطفاله فى محاولة يائسة لإسكاتهم عن طلب الطعام الذى أصبح بعيد المنال.
وعن الرضع الذى لم يتوافر لهم الحليب تقوم الأمهات بخلط الخبز الجاف بالماء الدافئ بفعل حرارة الجو لإطعام الصغار الذى تأبى تناوله لمرارة طعمه فى حقهم فيصابوا بنوبة بكاء على حالهم وحال آبائهم وأمهاتهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أنواع اللحم شعب غزة
إقرأ أيضاً:
الطفل أحمد.. جائع ومبتور اليد في مستشفى بلا أدوية بغزة
على أحد أسرّة مستشفى الشفاء بمدينة غزة، يرقد الطفل الفلسطيني أحمد عدوان (4 أعوام)، مثقلا بوجعين لا يقوى جسده الصغير على تحملهما، بين ألم البتر وألم الجوع، وسط حرب إبادة جماعية تشنّها إسرائيل على القطاع بدعم أمريكي.
أحمد، الذي نزح إلى مدرسة "القاهرة" بمدينة غزة برفقة عائلته بعد تدمير منزلهم، استيقظ صباح 26 يوليو/ تموز المنصرم جائعا، ولم تجد والدته ما تقدمه له من طعام، فنصحته باللعب مع أقرانه لينسى جوعه قليلا.
لكن غارة جوية إسرائيلية مفاجئة استهدفت المدرسة التي تؤوي آلاف النازحين أنهت لحظة اللهو البريئة.
فلم يكن الطفل ووالدته يعلمان أن لحظة لعب بريئة داخل المدرسة ستنتهي ببتر ذراعه أمام عيني والدته، إثر الغارة.
وخلال حرب الإبادة المستمرة، لجأ مئات آلاف الفلسطينيين إلى مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "أونروا" أو وزارة التربية في غزة، بعد أن دُمّرت منازلهم أو أُجبروا على مغادرتها إثر أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي.
وتحوّلت تلك المدارس إلى ملاجئ مزدحمة تفتقد أدنى مقومات الحياة، حيث لا تتوفّر المياه النظيفة، ولا الغذاء الكافي، ولا الرعاية الصحية، وسط ظروف معيشية مأساوية تتفاقم يوما بعد يوم.
وعقب إصابته، خضع أحمد لعملية جراحية نُقل بعدها إلى قسم الجراحة في مستشفى الشفاء، حيث يرقد اليوم على سرير المرض، يغفو تارة على أنين الجرحى، ويصحو تارة أخرى على صرخات الألم.
** ألم الجوع يلاحق أحمد
في هذا المشهد الثقيل على الطفولة تبدو ملامح المعاناة جلية، حيث ضماد أبيض يغطي كتفه المبتور، وأنبوب مغذٍّ يتدلى من ذراعه الأخرى، في محاولة طبية لتعويض ما فقده من غذاء ورعاية.
واليوم، يخوض أحمد صراعا صامتا مع جراحه المفتوحة وحرمانه من الغذاء والرعاية، في وقت تقف فيه مستشفيات غزة عاجزة عن توفير المستلزمات الطبية اللازمة لإنقاذه، بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق.
ومع النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ومنع السفر للعلاج خارج القطاع، تقول عائلة أحمد إن ابنها يحتاج إلى تدخل جراحي وإعادة تأهيل لا يمكن توفيرهما في غزة حاليا.
والأسبوع الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن "ثلث فلسطينيي غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام"، بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وقال مدير الاستعداد للطوارئ والاستجابة في البرنامج الأممي روس سميث، في بيان: "وصلت أزمة الجوع في غزة إلى مستويات غير مسبوقة من اليأس، حيث لا يأكل ثلث السكان لعدة أيام متتالية".
وحسب أحدث معطيات وزارة الصحة في غزة، بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية حتى الخميس نحو 154 فلسطينيا، بينهم 89 طفلا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
** استهداف مباشر
والدة أحمد قالت لمراسل الأناضول إن طفلها استيقظ من النوم وطلب أن يأكل، لكن لم يكن هناك طعام، فوجهته للعب مع أقرانه لينسى قليلا الجوع.
وأوضحت أنه عندما كان يلهو مع الأطفال أمام أحد الفصول التي نزحوا إليها داخل المدرسة، تم استهدافهم بالصاروخ بشكل مباشر.
وذكرت أن الغبار كان كثيفا جراء الصاروخ، فهرعت إلى مكان الاستهداف، ووجدت طفلها ويده مبتورة، وسرعان ما تم نقله إلى المستشفى.
وأضافت: "نحن جالسون ولم نفعل شيئا، لكن لا يوجد أمن ولا أمان ولا طعام".
وأشارت إلى أن طفلها يحتاج إلى طعام ودواء غير متوفرين، وأنها تعتمد على طعام التكيات من العدس والفاصولياء، وهو ليس متوفرا دائما.
وتتمنى أم أحمد أن يعود طفلها كما كان سابقا، يلعب ويجري ويمرح.
ووفقًا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين في غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف سيدة وطفل من سوء التغذية الحاد.
** حصار القطاع الصحي
قال أحد الأطباء المشرفين على علاج الطفل أحمد للأناضول: "أي مريض بحاجة إلى أدوية ومضادات حيوية ومحاليل وعناية وحفاضات ومستلزمات طبية"، مشيرا إلى شحّها في المستشفيات جراء الحصار.
وأضاف مفضلا عدم ذكر اسمه: "أحمد يعاني من بتر من كتف اليد، وحالته صعبة، ويحتاج إلى أدوية رئوية جراء تعرضه لاستنشاق الغاز والغبار الناتج عن الصاروخ".
ولمرات عديدة، حذرت الوزارة من خطورة الشح الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية، مناشدة الجهات المعنية ضرورة إدخالها.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتدهور في القطاع الصحي، وتفشي المجاعة، حيث وصلت مؤشراتها إلى مستويات "كارثية".
ورغم "سماح" إسرائيل، منذ الأحد، بدخول عشرات الشاحنات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي يحتاج إلى أكثر من 500 شاحنة يوميا كحد أدنى منقذ للحياة، فإنها سهّلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لها، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.