لجريدة عمان:
2025-05-28@06:26:23 GMT

تجفيف منابع العنف مسؤولية الجميع

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

تفرض الأحداث الحزينة على الإنسان التفكير في أسئلة كبرى من قبيل كيف؟ ومن؟ ومتى؟ أما لماذا وقعت الواقعة؟ فلا محل لها من التساؤل، فالعنف المؤدلج يُعمم على كافة المجتمعات والدول مهما حاولت بعض الدول تجنبه، خاصة مع تنظيم داعش، فقدرة التنظيم على عبور الحدود الوطنية وسهولة استقطابه للنخب يجعل المرء يحار في كيفية التعامل مع خطورته والحد من تغلغله في طبقات المجتمع المستقرة اجتماعيا واقتصاديا.

أوجد الغرب التنظيم الإرهابي، سواء كفعل أو ردة فعل، عجل بظهوره على الساحة، بعد التدخل الدولي في كل من العراق وليبيا والصومال وغيرها من الأماكن التي قضت فيها القوات الأمريكية خاصة على مؤسسات الدولة المدنية، حتى وإن كانت هشة أو لم تمارس الديمقراطية على الطريقة الغربية، إلا أنها حافظت على الأمن العام والسلم الاجتماعي لشعوبها وعاملتهم بقدر معقول من المساواة والعدالة. صحيح أن التنظيم يتغذى على مخزون هائل من العنف التاريخي المكتوب، ولم تتم غربلة التاريخ أو قراءته من جديد وفق تطلعات الإنسان ورغبته في العيش بسلام بدلا عن اجترار الأحداث التاريخية واجتراح الجراح والأحزان وتقديسها.

إن القصد من الكتابة عن التنظيمات الجهادية الراديكالية هو محاولة فهم طريقة التنظيمات في التأثير على عقول النخب والأفراد المنتمين إلى طبقات اجتماعية متوسطة الدخل لا يعوزها المال ولا الجاه ولا المستوى التعليمي والثقافي، فمثلا ما دوافع انضمام مغني الراب الألماني دينيس كوستر، وكذلك مطرب الراب البريطاني ذي الأصول المصرية عبدالمجيد عبدالباري، أو الكندي أندريه بولين الذي يتقاضى مرتبا بقيمة 2000 دولار شهريا، أو أستاذة الفقه والاقتصاد الإسلامي في جامعة الدمام الدكتورة السورية إيمان مصطفى البغا التي تركت التدريس وانضمت إلى التنظيم الإرهابي مع أطفالها، وكذلك فعل الموريتاني محمد ولد بريهمات حامل شهادة الماجستير في الاتصالات وشبكة المعلومات، أو صافنات ابنة السفير السوداني علي الصادق، وغيرهم من أبناء وبنات رجال أعمال سودانيين درسوا وأقاموا في الغرب، ممن لا ينقصهم المال أو المكانة الاجتماعية ولا الشهادات العلمية، فكيف جرى تجنيد هؤلاء الشباب وغسل أدمغتهم؟

إن مواجهة الغول البارع في استخدام وسائل التقنية الحديثة مثل تنظيم داعش يتطلب إجراءات وعمليات تصحيحية في المؤسسات التربوية، بدءا بالبيت وليس انتهاء بالمادة الإعلامية الموجهة إلى جيل يتأثر بما يشاهده، وليس بما يسمعه أو يلقن إياه ويتلقاه من وسائل ومنابر تقليدية. فالعديد من الشباب الملتحقين بالتنظيم الخطير يحملون شهادات ولكنهم يفتقرون إلى الوعي الذي يعني الإدراك والفهم، وأن الإنسان خُلق للتعمير والبناء وفعل الخير وليس للتدمير وقتل الأبرياء، بمعنى أن وسائل الثقافة التقليدية عجزت عن التركيز على بذرة الخير المغروسة في جوانب الإنسان المعروفة بالفطرة الإنسانية.

لذلك ينبغي التفكير في جرعات التحصين بأفكار غير تقليدية تتوافق مع أذواق الباحثين عن الاعتراف والاهتمام وتتماشى مع صيحة الألفية الثالثة التي وفرت لكل فرد منصة اتصال ومساحة مطلقة من التواصل مع الآخرين. هل علينا القول: إن المراجعة يجب أن تبدأ الآن وليس غدا، وهل علينا التفكير في إعادة مادة الفلسفة والتفكير النقدي إلى المناهج الدراسية في مؤسسات التعليم العام والعالي؟ وهل الثقافة يمكنها تقديم حلول ناجعة لإعادة الاعتبار للذات عبر الفنون والآداب وأشكال التعبير التي يستعصي على حاملها التعبير عنها فيلجأ إلى العنف للتعبير عن الذات؟ الثقافة تصنع الوعي الذي يرمم الذات الباحثة عن الاكتمال أو الاحتواء والقضاء على العنف وتقديم الخير للبشرية، مع التركيز على إرادة الإنسان في تجاوز المعضلات والمعيقات عن تحقيق فكره على أرض الواقع.

يجب علينا في المرحلة القادمة التعاطي مع الواقع بعدم التهاون أو التعويل على لحمة المجتمع وتماسكه، فهذه مكتسبات وطنية ثابتة، ولكن التنظيم الذي يعبر الحدود يختار تابعيه بعناية يصعب فهمها، فهو ليس كالتنظيمات الأخرى أو العصابات التي تبحث عن نقاط ضعف في ذوات المنضمين لها كالمنتمين إلى الفئات الاجتماعية المهمشة أو الأقليات أو من أصحاب السوابق ممن يبحثون عن الطهارة الروحية والتكفير عن خطاياهم، فداعش يبحث عن نقاط القوة في داعميه ويستغلها ويوظفها في عملياته.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

خبيرة بريطانية: العنف الجنسي في المدارس أزمة صحية عامة

إنجلترا – حذرت خبيرة بريطانية في قضايا التحيز الجنسي من أن العنف الجنسي في المدارس بالمملكة المتحدة بلغ حدا يستدعي اعتباره أزمة صحية عامة.

وقالت لورا بيتس، مؤسسة مشروع “التمييز الجنسي اليومي” إن الموجة المتصاعدة من كراهية النساء المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وبشكل خاص المحتوى الإباحي المزيف المعروف بـ”ديب فيك”، ستشكل قريبا تحديا خطيرا تواجهه المدارس البريطانية.

وجاءت تصريحات بيتس خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات مهرجان هاي في ويلز، وعند سؤالها من قبل أحد الحضور عن تصاعد حالات العنف الجنسي في المدارس، أكدت بيتس أن المملكة المتحدة تواجه أزمة حقيقية، ووصفت الوضع بأنه “حالة طوارئ وطنية”.

وقالت: “نعلم أن واحدة من كل ثلاث فتيات مراهقات تتعرض للاعتداء الجنسي داخل المدارس. وبحسب معلومات حصلت عليها الـBBC بموجب قانون حرية المعلومات، فقد تم الإبلاغ عن 5500 جريمة جنسية في المدارس البريطانية على مدار ثلاث سنوات، من بينها 600 حالة اغتصاب”.

وأضافت: “إذا قمنا بحساب ذلك، فإننا نتحدث عن حالة اغتصاب واحدة يتم الإبلاغ عنها في كل يوم دراسي، وهذا وحده كفيل بأن يُعد كارثة وطنية”.

وأشارت إلى أن هذا الوضع لا يمكن اعتباره إلا أزمة صحة عامة، مؤكدة ضرورة تبني برنامج وطني للتعامل معه، وقالت: “نحن بحاجة إلى توجيهات قانونية واضحة تمنح المدارس الصلاحيات الكافية لاتخاذ إجراءات فاعلة، ومع ذلك فإننا لا نولي هذا الأمر الاهتمام الكافي، ولا نناقشه كما ينبغي”.

وتساءلت: “إذا لم يكن هذا بمثابة حالة طوارئ وطنية، فماذا يمكن أن يكون إذًا؟”.

كما حذرت بيتس من أن الصور الإباحية المزيفة المنتجة بتقنية “ديب فيك” أصبحت تهديدًا حقيقيًا للفتيات في المدارس البريطانية.

واستشهدت بحادثة وقعت عام 2023 في بلدة ألمندريليخو الإسبانية، حيث فوجئت عدة فتيات تتراوح أعمارهن بين 11 و17 عامًا بانتشار صور مزيفة لهن وهن عاريات، تم توليدها عبر الذكاء الاصطناعي، على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت بيتس إن حالات مشابهة بدأت بالظهور بشكل متزايد في مدارس المملكة المتحدة، وأضافت: “إنها تمثل التهديد القادم في ملف العنف الجنسي الذي يضرب المدارس. المشكلة فقط أننا لم نبدأ حتى الآن في الحديث عنها بجدية”.

المصدر: “الإندبندنت”

مقالات مشابهة

  • إسعاد يونس: الإعلام مسؤولية ورسالة وليس ميكروفوناً وكاميرا
  • خبيرة بريطانية: العنف الجنسي في المدارس أزمة صحية عامة
  • برلمانية: تدخل الدولة في التنظيم الذاتي للصحافة يضر بالمغرب "وكفى" من محاكمة الصحافيين بالقانون الجنائي
  • محافظ الجيزة يكرم مدير التنظيم لبلوغه السن القانوني
  • محافظ الجيزة يكرم مدير مديرية التنظيم والإدارة لبلوغها السن القانوني
  • فضح الانتهاكات.. القومي لحقوق الإنسان يناقش تأثير السوشيال ميديا
  • هل تذكي العملات المهترئة العنف في السوق المحلي؟
  • الاستقلال مسؤولية مستمرة نحو بناء المواطنة الصالحة وليس مجرد ذكرى
  • بالأرقام.. انتهاكات جسيمة بحق المرأة السودانية في خضم الحرب
  • ضربات أمريكية تثخن جراح القاعدة.. مقتل قياديان و7 من عناصر التنظيم الإرهابي في أبين