يمانيون- متابعات
ينبغي الحذر من بعض التحليلات المغرضة التي تحاول أن تقارن بين حجم النتائج المادية والبشرية لعملية استهداف “تل أبيب” بمسيّرة “يافا” وبين حجم الرد “الإسرائيلي”. فهذا الأسلوب في التوهين واكب كلّ مراحل المقاومة في لبنان، وفي مواجهة أي احتلال في أي ساحة. ولأن الحدث لا يزال في ذروة تفاعلاته ولا تزال تتردّد أصداؤه في الأجواء، ينبغي التوقف عند أهم الرسائل والأبعاد في هذا المجال.

تتعدد أبعاد استهداف “تل أبيب” عبر مسيّرة “يافا” من زوايا متعددة، الهدف والسياق والقدرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية الإقليمية و”الإسرائيلية”. نتيجة ذلك، يتجاوز هذا الحدث مجرد كونه حدثًا تكتيكيًا، ولذلك تم التعامل معه من كلّ الأطراف على أنه نقطة تحول ذات أبعاد استراتيجية. وتعزَّز هذا التقدير بعد إعلان قائد أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، عن أن مسيرة “يافا” تشكّل افتتاحًا للمرحلة الخامسة.

أبرز ما يُميِّز هذه العملية أنها استهدفت عاصمة كيان العدوّ التي تمثل عمقه الاستراتيجي. وضمن نفس السياق، تشكّل “تل أبيب” عاصمة الكيان الاقتصادية والإدارية وقاعدته الاجتماعية النخبوية. لذلك فإن نقطة الارتكاز في تبلور أبعاد هذا الحدث الأمني تنبع من هذه الميزة للهدف.

في السياق نفسه، يشكّل استهداف “تل أبيب” اختراقًا للمنطقة الآمنة التي يُنظر إليها على أنها الأكثر تحصينًا، ويُعتبر الحفاظ عليها ضرورة استراتيجية من أجل إدارة ناجعة للمواجهة في مواجهة حزب الله وقطاع غزّة. على أمل أن يُوفِّر له ذلك هامشًا أوسع في مواصلة سياساته العدوانية ضمن أفق زمني مفتوح. إلا أن استهداف “تل أبيب” بعد الدخول في الشهر العاشر، بمسيّرة تقطع نحو ألفي كيلومتر، شكَّل ضربة نوعية أقلقت مؤسسات الكيان الأمنية والسياسية من أن تُشكِّل معادلة جديدة في سياق الحرب.

إذا كانت إقامة “إسرائيل” تجسد في جانب أساسي من فلسفة وجودها، الملجأ الآمن لليهود في العالم، فإن “تل أبيب” هي خط الدفاع الأخير لهذا الملجأ في مواجهة أي تقويض لهذا المفهوم التأسيسي.

كلّ هذه المزايا والأبعاد التي تتسم بها “تل أبيب”، جعلت قيادة العدوّ تتعامل مع استهدافها على أنه حدث استثنائي وينبغي التعامل معه بطريقة مغايرة وهذا ما حصل حتّى الان.

السياق والتوقيت

بُعدٌ آخر أضفى على استهداف “تل أبيب” طابعًا استراتيجيًا، تمثل بسياقات الحرب ومآلاتها. حيث أتى هذا الحدث في محطة مفصلية على المستويين الميداني والسياسي. من الواضح أن توقيت العملية مرتبط بقرار تصعيد محور المقاومة لضرباته ضدّ كيان العدوّ والارتقاء إلى مستويات أشد. وذلك في مواجهة الخيار الذي تعمل قيادة العدوّ على التمهيد له، الذي يهدف إلى مواصلة العدوان ضدّ أهل غزّة ومقاومتها. وخلاصة هذه الاستراتيجية هي الاستفراد بحماس وغزّة، ووضعهما أمام خيارين: إما الاستسلام، أو استمرار الحرب مفتوحة وفق تكتيكات ووتيرة مختلفة.

في مقابل هذا المخطّط، ارتقت جبهتا لبنان واليمن في ضغوطهما العسكرية. فإلى جانب مسيَّرة “يافا”، صعَّد حزب الله أيضًا من ردوده على اعتداءات جيش العدوّ التي تؤدي إلى إصابة مدنيين، فعمد في مقابل ذلك، إلى توسيع نطاق الاستهداف لمستوطنات جديدة وهكذا فرض مسارًا تصاعديًا يفاقم من الضغوط التي يتعرض لها العدو.

من زاوية أخرى، كشف نجاح المسيّرة في استهداف “تل أبيب” عن امتلاك الجيش اليمني قدرات تكنولوجية متطورة، إضافة إلى كفاءة نوعية في إدارة هذا المستوى من الأدوات القتالية. وبذلك تكون عوامل التهديد قد اكتملت على كيان العدو، القدرة والإرادة السياسية والشجاعة إضافة إلى قدر من التقدم التكنولوجي يسمح بإحداث اختراقات في منظومة الاعتراض الصاروخي “الإسرائيلي”.

في الخلاصة، على وقع الضربة التي تلقتها “تل أبيب”، ساد نوع من الذهول في كيان العدوّ بفعل المفاجأة التي كوت وعي قادة العدوّ ومؤسساته. خاصة وأنها طرحت أمام مؤسسة القرار مخاطر وسيناريوهات مرعبة إزاء ما ينتظر هذا الكيان من مستقبل مظلم. ولذلك، بدأ جيش العدوّ يروج لروايات تتصل بالعملية، تهدف إلى محاولة احتواء التداعيات النفسية والسياسية لهذا الإنجاز. ولذلك أيضًا، تميّز الرد العدواني في ميناء الحديدة بكثير من الاستعراض. إلا أن الأهم أن هذا الاعتداء هو خطوة اليائس الذي يدرك أن ضربته لن تحقق أهدافها السياسية الردعية.

وإذا ما كان السيد عبد الملك الحوثي هبَّ لنصرة فلسطين وغزّة، إلا أن اليمن انتصر بهم أيضًا، وتحول إلى قوة إقليمية لا يستطيع أي طرف دولي أو إقليمي تجاوزه في أي ترتيب لمستقبل المنطقة. وستؤسس المعادلات التي أرساها اليمن لواقع جديد يصب في اتّجاهين: تعزيز محور المقاومة من أجل تحرير فلسطين، وشق الطريق نحو مستقبل مشرق لشبه الجزيرة العربية.

– العهد الاخباري/ علي حيدر

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: کیان العدو فی مواجهة تل أبیب

إقرأ أيضاً:

الحوثيون يعلنون استهداف مطار "بن غوريون" وهدفًاً حيوياً شرق يافا المحتلة

أعلنت جماعة الحوثي، تنفيذ عملية عسكرية مزدوجة استهدفت مطارَ "بن غوريون" في منطقة يافا المحتلة، وهدفاً حيوياً للعدوِّ الصهيونيِّ شرقيَّ منطقةِ يافا المحتلة.

 

وقال المتحدث العسكري للحوثيين، يحيى سريع، في بيان له، إن القوة الصاروخية التابعة للجماعة نفذت عملية عسكرية مزدوجة بصاروخينِ بالستيينِ أحدُهما فرطُ صوتيٍّ نوع "فلسطين2" استهدفَ مطارَ اللدِّ المسمى إسرائيلياً مطارُ "بن غوريون" في منطقةِ يافا المحتلةِ، والآخرُ نوعُ "ذي الفقار" استهدفَ هدفاً حيوياً للعدوِّ الصهيونيِّ شرقيَّ منطقةِ يافا المحتلة.

 

وأكد أن العملية حققت هدفها بنجاحٍ وتسببت في هروعِ ملايينِ الصهاينةِ الغاصبينِ إلى الملاجئِ، وتوقفِ حركةِ المطار.

 

وأشار إلى أن "جريمة الإبادةِ الجماعيةِ بحقِّ أهالي غزةَ والحصارِ والتجويعِ، جريمةٌ لم تشهدْها الإنسانيةُ من قبلُ، ما يحتمُ على كلِّ الأحرارِ من أبناءِ الأمة وشعوبِ العالمِ، التحركِ انتصاراً للحقِّ والإنسانيةِ وتأديةً للواجبِ تجاهَ الشعبِ الفلسطينيِّ المظلوم".

 

وجددّ سريع تأكيده على استمرار العمليات العسكرية للجماعة حتى وقف العدوان على غزةَ ورفعِ الحصارِ عنها.


مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة تستهدف مطار “بن غوريون” في منطقة “يافا” المحتلة
  • صاروخ اليمن يشل الحركة في شوارع “تل أبيب”، بعد تفعيل صافرات الإنذار
  • السيد القائد الحوثي: استهداف العدو لأطفال الطبيبة الفلسطينية التسعة هي واحدة من المآسي المتكررة التي يعيشها الفلسطينيين
  • الفرح: استهداف العدو للأعيان المدنية سلوك العاجز.. وصواريخ اليمن ستوجعه أكثر ما لم يوقف عدوانه على غزة
  • لجان المقاومة: قصف مطار صنعاء يعكس انهيار العدو أمام نيران اليمن وردعها المتصاعد
  • كشف النقاب عن العلامة التجارية “كومون كِن” (Common Kin): مفهوم جديد في عالم الأزياء النسائية المستوحاة من التراث الكوري ولمسات الأناقة العصرية
  • من فرض المعادلة إلى شلّ مطار “بن غوريون” .. اليمن يقود الحظر الجوي على كيان الاحتلال بجدارة
  • الحوثيون يعلنون استهداف مطار "بن غوريون" وهدفًاً حيوياً شرق يافا المحتلة
  • اليمن تستهدف مطار “اللد” وهدفا حيويا آخر شرق منطقة يافا المحتلة
  • صنعاء تعلن استهداف مطار “بن غوريون” بصاروخ فرط صوتي وهدف حيوي آخر شرقي يافا