الثورة / وكالات

ينظر محللون لاقتحام معسكر بيت ليد كحدث غير مسبوق في تاريخ “إسرائيل” ومقدمة لحرب أهلية إثر التصدع الذي تعيشه مؤسستا الدولة السياسية والعسكرية مع تنامي صعود تيار الصهيونيّة الدينية اليميني المتطرف.
وأعادت حادثة اقتحام المعسكر الجدل والشرخ الداخلي الذي سبق حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على غزة منذ 10 أشهر، حول مستقبل “إسرائيل” وهويتها واستقلالية جهازها القضائي، وهامش ديمقراطيتها، وما كانت عليه حتى اليوم.


وسادت حالة من الفوضى في دولة الاحتلال بعد اقتحام عناصر من التيار الديني القومي في “إسرائيل” (فلسطين المحتلة) لمعتقل معسكر “سديه تيمان” في النقب، ولاحقاً قاعدة “بيت ليد” العسكرية لحماية عدد من الجنود الإسرائيليين ومنع محاكمة شكلية أعدت لهم بجريمة اعتداء جنسي مخز على أسير فلسطيني من غزة في “سديه تيمان”.
وأعلنت شرطة الاحتلال انتهاء انعقاد المحكمة العسكرية دون الكشف عن الحكم الذي أصدرته، في حين يسود توتر أمني وعسكري غير مسبوق محيط المعسكر مع استمرار محاولة المحتجين اقتحامه.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن ما جرى في “سديه تيمان” و”بيت ليد” يظهر تآكل عموديّ القضاء والجيش، فالتيار الديني القومي، يحاول تخليص الجنود من التوقيف الشكلي، وفي الوقت نفسه يهاجم بدعوات من حلفاء نتنياهو في الحكومة و”الكنيست”، الجيش وقواعده، “وهذه حادثة استثنائية غير مسبوقة في تاريخ الكيان؛ تعني أنّ الجيش لم يعد محلّ إجماع الإسرائيليين”.
ويوضح عرابي أن دولة الاحتلال حمت نفسها بإنتاج مجتمع متجانس بالرغم من التعددية غير الطبيعية في أساسه وتكوينه، “فلا يربطهم إلا الآيديولوجيا الصهيونية، أو المصالح الاقتصادية، واستندت في ذلك إلى نظام قضائي مستقلّ، وجيش احترافي وفر الإحساس بالأمن للإسرائيليين”.
ويرى الكاتب السياسي أن ما حدث في “بيت ليد” هي محاولة إخضاع السلطة القضائية للسلطة السياسية للتيار الديني القومي المتطرف الذي يقوده إيتمار بن غفير بتسلئيل سموتريتش، “ما يعني هدمًا لواحد من أعمدة التماسك الإسرائيلي”.
ولفت إلى أن ما أرادت أن تفعله النيابة العسكرية بتوقيف عدد من الجنود الذين اقترفوا انتهاكًا جنسيًّا مروّعًا بحقّ أسير فلسطيني، “هو اصطناع شكلي قضائي لحماية هؤلاء الجنود ومؤسسة الجيش من الملاحقة القانونية الدولية، وليس انتصافًا للأسير الفلسطيني من منتهكيه”.
ويبين عرابي أن محاولات التيار الديني القومي السيطرة على “الدولة” ظهرت في سيطرته على الإدارة المدنية التي تشرف على احتلال الضفة الغربية داخل وزارة جيش الاحتلال، حيث عين سموتريتش مؤخراً ضابطاً عسكرياً ينتمي لهذا التيار.
من جانبه يرى الباحث أحمد رمضان، أن ما حدث في “بيت ليد” مجرد بداية وأن القادم حرب إسرائيلية أهلية.
ويشير مدير عام مركز لندن للدراسات الاستراتيجية، إلى أن ما يسمى دولة الاحتلال بمؤسساتها كافة “باتت أسيرة نفوذِ حفنةٍ صاخبةٍ من المتطرفين، يروِّجون للحرب، ويتبنَّون القمع، ويمزقون المجتمع، وينشرون الفوضى فيه”، في إشارة إلى التيار الصهيوني الديني الذي يمثله إيتمار بن غفير وبتسلإيل سموتريتش”.
وقال : “إسرائيل دولة اشتقاق من المنظومة الغربية، ترضعُ من ثديها، وتمرضُ معها، وقد بلغت حدَّاً لم يعد بمقدورها تجاوز الانشقاقات وحل النزاعات.
وأوضح رمضان أن ثمَّة صراعاً محتدماً في نواة المركز في أوروبا بين يمين متشدد ويسار ليبرالي.
وأضاف: “كل طرف يدفع أنصاره للتسلح والاستقطاب، وإسرائيل بوصفها حالة استنساخ، فهي تستورد من الغرب أمراضه وأعراضه، وفي مجتمع مسلَّح، فإن الخلافات لن تحسم سلمياً بل سيكون العنف هو المسيطر”.
ويرى رمضان أن نتنياهو لن يغادر السلطة قبل أن يفتِّت “إسرائيل” من الداخل، ويدفع مجتمعه المحلي لحربٍ أهلية، “ويبدو أنه يفعل ذلك بتفانٍ وإخلاص”.
وشدد على أن غزة أحد أهم المستفيدين من تطور الصراع الإسرائيلي الداخلي، “فالجنود سيعانون من تردٍّ في المعنويات، وبعضهم سينكفئ للداخل، والثقة بالمستوى السياسي تتآكل، والصراع بين المكونات يشتد”.
في حين يقول الكاتب ياسين عز الدين، إن الأثر الحقيقي لما حصل في بيت ليد هو جعله المجتمع الصهيوني أكثر قربًا للحرب الأهلية، فالصهيونية الدينية عنيدة وعنيفة ومستعدة لفعل أي شيء من أجل السيطرة على الدولة والجيش.
وكتب ياسين على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تحت عنوان “مقدمات الحرب الأهلية”، أن الحدث وإن انتهى غير أن تداعياته لن تتوقف، وهي هدية يقدمها اليمين المتطرف بغبائه للشعب الفلسطيني في أحرج الأوقات وأكثرها حساسية”.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

البرهان على خط النار ويلوح بكرت موسكو.. الجيش يصارع والرباعية تسعى لإبقاء “الدعم السريع” وواشنطن تحاول تجميد الحرب

في خضم صراع إقليمي ودولي معقد، يواصل الجيش السوداني تقدمه الميداني ويعيد رسم موازين القوى، بينما تحاول الرباعية الغربية إبقاء المليشيا كأداة ضغط، في وقت يقف فيه السودان على مفترق طرق تاريخي يحدد سيادته ومستقبل الدولة.

 

 

* واشنطن.. بين مشروع التجميد وإنقاذ المليشيا: أي مستقبل ينتظر السودان؟

 

 

 

تقرير- مكاوي الملك

 

السودان اليوم ليس مجرد ساحة حرب داخلية بين الجيش ومليشيا دقلو، بل محور صراع إقليمي ودولي تتقاطع فيه مصالح واشنطن وأبوظبي والقاهرة والرياض، مع محاولات موازية لإيران وروسيا والصين لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر والقرن الإفريقي. تحركات الجيش في دارفور وكردفان، وزيارة الفريق أول البرهان المرتقبة لموسكو، تجعل السودان أمام مفترق طرق حاسم يحدد مستقبل الدولة والسيادة ومصير الحرب.

 

مع اقتراب اجتماع الرباعية في واشنطن، تتجه الأنظار نحو ملفات حساسة يتم التحضير لها بعناية، حيث تُسوّق المبادرة على أنها خارطة طريق للسلام، لكنها عمليًا محاولة لتجميد الصراع قبل أن يُحسم لصالح الجيش، وإبقاء المليشيا كأداة ضغط سياسية مستقبلية.

 

 

 

مجزرة المؤامرة: نهاية مشروع التجميد الغربي في السودان

 

واشنطن.. بين مشروع التجميد وإنقاذ المليشيا: أي مستقبل ينتظر السودان

 

السودان اليوم ليس مجرد ساحة حرب داخلية بين الجيش ومليشيا دقلو الممولة من أبوظبي..بل محور صراع إقليمي ودولي تتقاطع فيه مصالح واشنطن وأبوظبي والقاهرة والرياض..

 

مع محاولات موازية لإيران وروسيا والصين لتثبيت نفوذها في البحر الأحمر والقرن الإفريقي…زيارة الفريق أول البرهان المرتقبة لموسكو..

 

ورفع الجيش للحصار الجوي عن دارفور..فضلاً عن التحركات المصرية–الأمريكية الأخيرة..

 

كلها أحداث تضع السودان عند مفترق طرق حاسم يحدد مستقبل الدولة ، السيادة..ومصير الحرب

 

مع اقتراب اجتماع الرباعية في واشنطن (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، الإمارات) تتجه الأنظار نحو العاصمة الأمريكية حيث تُطبخ ملفات حساسة في مسار الحرب والسلام في السودان .

 

الاجتماع ليس تقنياً أو انسانيا كما يُروّج له الإعلام الغربي بل نقطة مفصلية في معركة أكبر؛ رغم أن المبادرة تُسوّق على أنها “خارطة طريق للسلام”فهي عمليًا محاولة لتجميد الصراع قبل أن يُحسم عسكريًا لصالح الجيش الوطني وإبقاء المليشيا كأداة ضغط سياسية مستقبلية..

 

 

خلف الكواليس.. أهداف متعارضة ومصالح متشابكة

 

رغم أن البيان الرسمي يتحدث عن “وقف الحرب” و”الانتقال المدني” فإن الواقع يقول إن الرباعية منقسمة على نفسها:

 

واشنطن: تريد تجميد الصراع لا حسمه.. لإبقاء السودان تحت إدارتها كملف ضغط جيوسياسي بين الشرق والغرب

 

أبوظبي: تسعى لإنقاذ مليشيا دقلو التي موّلتها وسلّحتها.. وتريد تثبيت نفوذها الاقتصادي في دارفور والبحر الأحمر

 

الرياض والقاهرة: تبحثان عن استقرار مشروط يضمن مصالحهما الاستراتيجية وترفضان أي مشروع يُضعف الدولة السودانية أو يُعيد إنتاج الفوضى الليبية

 

 

المفارقة الكبرى: من يدّعون الوساطة هم أنفسهم أطراف الصراع الحقيقي!

 

الواقع الميداني: رفع الحصار الجوي عن الفاشر.. وعمليات الإنزال الجوي للمعدات.. والضربات الجوية الدقيقة في دارفور أظهر قدرة الجيش على إعادة رسم موازين القوى في غرب السودان وكشف هشاشة أي مشروع لتأسيس حكومة موازية باسم “تأسيس”

 

العوامل الإقليمية والدولية: زيارة البرهان لموسكو ستعيد رسم التحالفات.. وتمنحه القدرة على التفاوض من موقع قوة مع الرباعية.. مستغلاً التنافس الدولي بين القوى الكبرى لتحقيق مصالح وطنية دون الوقوع في شرك الوصاية الأجنبي.

البرهانالجيش السودانيالحرب في السودان

مقالات مشابهة

  • “الغماري” الفريق الركن الذي وفى
  • الجنائية الدولية ترفض طلب “إسرائيل” إلغاء مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت
  • حركة الفصائل الفلسطينية توجه طلبا عاجلا إلى ترامب بعد “ارتكاب الجيش الإسرائيلي مجزرة جديدة” في حي الزيتون بمدينة غزة
  • البرهان على خط النار ويلوح بكرت موسكو.. الجيش يصارع والرباعية تسعى لإبقاء “الدعم السريع” وواشنطن تحاول تجميد الحرب
  • “مراسلون بلا حدود” تدعو “إسرائيل” للإفراج الفوري عن 16 صحفيا فلسطينيا
  • “المسحل” يشكر القيادة على الدعم الذي أسهم في فوز الاتحاد السعودي لكرة القدم بجائزة أفضل اتحاد وطني
  • إسرائيل: معبر رفح سيفتح لاحقا “للأفراد فقط”
  • وزير الجيش الاسرائيلي”يأمر بإعداد خطة لتدمير حماس والعودة للحرب “
  • جنوب أفريقيا: مستمرون في دعوانا ضد “إسرائيل” رغم وقف إطلاق النار في غزة
  • الأمم المتحدة: المساعدات إلى غزة تواجه صعوبات بسبب “إسرائيل”