قال مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، إن الأمن القومي لدول مجلس التعاون الخليجي على راسهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أصبح حاليا يتجاوز حدودها البرية، بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي.

 

وقال المركز في تقرير حديث ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن دول الخليج مثل السعودية والإمارات قررتا أن أمنهما القومي يتجاوز حدودهما المادية.

ومن الأهمية بمكان أيضًا حماية مجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحتى طرق التجارة البحرية.

 

وأضاف "لقد أعاد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والهجوم الذي شنته الأخيرة على قطاع غزة واستمر لأشهر، تعريف الاعتبارات الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل جذري.

 

وذكر التقرير أن الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي شنتها إيران على إسرائيل، أرسلت رداً على قصف إسرائيلي لمجمع السفارة الإيرانية في دمشق، رسالة واضحة إلى الدول الإقليمية حول النفوذ العسكري لطهران.

 

وقال "لم يؤد التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران إلى تكثيف المخاوف الأمنية في الخليج فحسب، بل أدى أيضًا إلى تسريع تطور مفهوم الأمن الحدودي الذي بدأ يتغير في عام 2019، عندما لاحظت دول الخليج الاستجابة الأمريكية الباهتة للهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على الأراضي السعودية. بالإضافة إلى ذلك، أبرزت المواجهة بين إسرائيل وإيران الترابط بين التهديدات الأمنية عبر الحدود.

 

وأكد التقرير أن استخدام إيران للمجال الجوي الأردني للرد على إسرائيل، إلى جانب تعطيل جماعة الحوثي للشحن في البحر الأحمر، عزز الإدراك بأن أمن الحدود يمتد إلى ما هو أبعد من الحدود المادية، ويشمل المجال الجوي والطرق البحرية والفضاء الإلكتروني.

 

وزاد "بالنسبة للسعودية والإمارات وقطر، تسلط هذه التطورات الضوء على أهمية تنويع السياسات الخارجية والدفاعية، وتظل التحالفات التقليدية قيمة، ولكن حتى مع احتفاظ دول الخليج باتفاقيات أمنية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، فإن بعضها يتطلع إلى الصين للحصول على ترتيبات أمنية جديدة".

 

وبحسب التقرير فإن هذا النهج يكمل التحرك نحو تعزيز آليات الدفاع بين دول الخليج. وفي الوقت نفسه، تستثمر دول الخليج في الصناعات العسكرية المحلية، بما في ذلك أنظمة مراقبة الحدود، والطائرات بدون طيار، والأمن السيبراني.

 

وأردف "على الرغم من التقارب الناجح نسبياً بين إيران ودول الخليج في أعقاب اتفاق المصالحة السعودي الإيراني الذي توسطت فيه الصين في مارس/آذار 2023، فإن الهجوم الإيراني على إسرائيل أثار قلق دول الخليج. وعلى الرغم من أن طهران كشفت عن نطاق العملية لجيرانها في الخليج قبل إطلاقها، إلا أن نطاقها وطبيعتها أجبرت هذه الدول على إعادة تقييم أولوياتها الأمنية".

 

وأكد مركز كارنيغي أن القضية هنا هي إدراك حقيقة مفادها أنه في ظل المشهد الأمني ​​المتطور، لم يعد تأمين الحدود الإقليمية كافياً عندما يتعلق الأمر بالحماية من التهديدات المحتملة، فالأمن القومي يتطلب تدابير إضافية.

 

وأفاد أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع هذه التحديات الأمنية المتطورة التي تهدد حدودها وسيادتها. ويتعين عليها إيجاد التوازن بين التقارب الدبلوماسي الأخير مع إيران، وجهودها المستمرة لتطوير إطار أمني إقليمي فضفاض يشمل إسرائيل والولايات المتحدة، وجاذبيتها السياسية والاقتصادية الجديدة تجاه الصين، وبدرجة أقل روسيا.

 

نصف عقد من المخاوف الأمنية المتزايدة

 

يرى المركز أن المواجهة بين إسرائيل وإيران في عام 2024 كانت مجرد واحدة من عدة حوادث في الذاكرة الحديثة التي أزعجت دول الخليج ودفعتها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الجيوسياسية، وخاصة فيما يتصل بحماية الحدود.

 

بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، يقول "كارنيغي" إن فقدان الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، إلى جانب التهديد المستمر والمتعدد الأوجه الذي تشكله الميليشيات اليمنية المدعومة من إيران، خلق تصورًا لتناقص مظلة الأمن الأمريكية في المنطقة. (على الرغم من حدوثه في أماكن أبعد، فإن الانسحاب العسكري الأمريكي الفوضوي من أفغانستان تسبب أيضًا في إثارة التوتر في الخليج.)

 

يضيف "أدركت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، التي كانت تنظر إلى الولايات المتحدة منذ فترة طويلة باعتبارها ضامنًا أمنيًا رئيسيًا، أنها يجب أن تتكيف مع وضع جديد".

 

ويتابع إن "التطورات المتعلقة باليمن أثارت لحظة من الكشف عندما شن الحوثيون، ردًا على مشاركة التحالف الذي تقوده السعودية إلى جانب خصومه في الحرب الأهلية اليمنية، هجومًا بطائرات بدون طيار على مصنع معالجة النفط في بقيق وحقل خريص النفطي في المملكة العربية السعودية في عام 2019. والجدير بالذكر أن هذا قوبل برد أمريكي صامت".

 

وأردف "كان التغيير الأكثر أهمية في سياسة الإدارة الأميركية تجاه حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين. ففي فبراير/شباط 2021، سحبت الولايات المتحدة دعمها للعمليات الهجومية التي نفذها السعوديون وحلفاؤهم".

 

وطبقا للتقرير فإن هذا القرار كان بمثابة إعادة توجيه للسياسة الأميركية بعيداً عن الدعم غير المشروط للحملة العسكرية للتحالف، والتي كانت عرضة لانتقادات متزايدة لتسببها في سقوط ضحايا من المدنيين وأزمة إنسانية.

 

وأكد أن سحب الدعم الأميركي فرض ضغوطاً على السعودية لتغيير نهجها تجاه الصراع والسعي إلى حل تفاوضي. وكانت الإمارات قد غيرت مسارها بالفعل في عام 2019، حيث اقتصرت إلى حد كبير على تنمية الجماعات السياسية والميليشيات في جنوب اليمن التي ستكون خاضعة لأبو ظبي، واليوم، في المناطق اليمنية التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين، تشارك السعودية والإمارات بشكل أكبر في استخدام وكلاء يمنيين لإحباط مخططات كل منهما بدلاً من توحيد القوى لمواجهة عدوهما المشترك ظاهرياً.

 

واستدرك "مع ذلك، لا تزال تصرفات جماعة الحوثي تسبب الخوف والرعب في السعودية والإمارات"، مشيرا إلى أن الرياض وأبوظبي أصبحتا تنظران إلى العمليات البحرية للحوثيين في البحر الأحمر والعربي على أنها تشكل تهديداً لمصالحهما وأمنهما أكثر من سيطرة الجماعة على جزء كبير من اليمن.

 

كيف استجابت دول الخليج للتحديات الأمنية؟

 

وفقا للتقرير فإن دول الخليج، لا تزال على الأقل في الوقت الحالي، تعتمد على واشنطن كضامنة للأمن. تستضيف معظم دول مجلس التعاون الخليجي قواعد عسكرية أمريكية وتظل تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في مجال الأسلحة. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى استجابة أمريكية قوية لهجمات الحوثيين على السعودية والإمارات دفع كلا البلدين إلى التحوط ضد اعتمادهما التقليدي على مظلة واشنطن الأمنية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بحماية مجالهما الجوي والممرات المائية. وشمل ذلك تعميق العلاقات مع القوى الناشئة مثل الصين، واستكشاف التعاون المتزايد مع روسيا، وتعزيز التحالفات الإقليمية.

 

وخلص مركز "كارنيغي" في تقريره إلى أن "الرؤية الجديدة الأخيرة لمجلس التعاون الخليجي للتعاون الأمني ​​الإقليمي تسلط الضوء على ميل دول الخليج المتزايد إلى أخذ الأمن بأيديها. وتهدف الخطة المقترحة إلى تمكين الدول الأعضاء الست في مجلس التعاون الخليجي من حماية وإدارة حدودها بشكل أكثر فعالية. وتشمل المكونات الملموسة للرؤية التدريبات العسكرية المشتركة، ومنصات الاستخبارات المشتركة، والهياكل الدفاعية المتكاملة. ومن خلال إعطاء الأولوية للأمن والاستقرار الإقليميين، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، وحماية الموارد الاقتصادية الحيوية وإمدادات الطاقة".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: السعودية الامارات ايران أمريكا الأمن القومي دول مجلس التعاون الخلیجی السعودیة والإمارات الولایات المتحدة على إسرائیل دول الخلیج فی عام

إقرأ أيضاً:

روسيا: إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية

وجهت روسيا انتقادات حادة للولايات المتحدة وإسرائيل عقب الهجمات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، معتبرة أن إسرائيل هي "الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية"، بينما يتم قصف إيران التي لا تمتلك مثل هذه الأسلحة.

 جاء ذلك على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في تصريحات نشرتها عبر قناتها الرسمية على تطبيق "تلجرام".

إطلاق موجة صواريخ جديدة من إيران باتجاه إسرائيلالصين: هجوم أمريكا على إيران دمر مصداقيتها ويهدد بانفجار إقليميإيران تعلن اعتقال عناصر استخبارات أوكرانيين بتهمة التخطيط لهجمات واسعةأولمرت: الضربات الأمريكية على إيران لن تؤدي إلى انهيارهاإسرائيل تفتح باب وقف إطلاق النار مع إيران.. بشروطمندوب إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم بعد ضرب إيرانترامب يعلن عودة قاذفات بي-2 إلى قواعدها بعد تنفيذ ضربات إيرانترامب يطالب بتغيير النظام في إيرانأمريكا تبرر ضرب إيران أمام مجلس الأمن: لحماية إسرائيل ومنع التهديد النوويوصمة في تاريخ الأمم المتحدة..إيران تتهم أمريكا وإسرائيل بمجلس الأمن وتتوعد بالردإسرائيل ترفض جهود نزع السلاح النووي

وقالت زاخاروفا: "حتى اليوم، الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك أسلحة نووية هي إسرائيل، التي تتجاهل بشكل ممنهج المبادرات الهادفة إلى إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط". وأشارت إلى أن إسرائيل، بالتعاون مع الولايات المتحدة، تقصف الآن إيران التي لا تمتلك أسلحة نووية.

وأضافت أن إسرائيل لم تكتفِ بامتلاك الأسلحة النووية فحسب، بل إنها أيضًا تقف عقبة أمام جهود المجتمع الدولي الرامية إلى إخلاء الشرق الأوسط من هذه الأسلحة. واعتبرت المتحدثة الروسية أن ما يجري هو مثال صارخ على ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الدولية المتعلقة بالأمن ونزع السلاح.

إطلاق موجة صواريخ جديدة من إيران باتجاه إسرائيلالصين: هجوم أمريكا على إيران دمر مصداقيتها ويهدد بانفجار إقليميإيران تعلن اعتقال عناصر استخبارات أوكرانيين بتهمة التخطيط لهجمات واسعةأولمرت: الضربات الأمريكية على إيران لن تؤدي إلى انهيارهاإسرائيل تفتح باب وقف إطلاق النار مع إيران.. بشروطمندوب إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم بعد ضرب إيرانترامب يعلن عودة قاذفات بي-2 إلى قواعدها بعد تنفيذ ضربات إيرانترامب يطالب بتغيير النظام في إيرانأمريكا تبرر ضرب إيران أمام مجلس الأمن: لحماية إسرائيل ومنع التهديد النوويوصمة في تاريخ الأمم المتحدة..إيران تتهم أمريكا وإسرائيل بمجلس الأمن وتتوعد بالردانتقاد للوكالة الدولية للطاقة الذرية

وفي سياق متصل، هاجمت زاخاروفا تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، الذي دعا إلى ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات والسماح لمفتشي الوكالة بالوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية. وقالت المتحدثة الروسية: "الصواريخ أصابت طاولة المفاوضات اليوم. كان من الصعب عدم تمييز مصدر إطلاقها"، في إشارة واضحة إلى إسرائيل والولايات المتحدة.

إطلاق موجة صواريخ جديدة من إيران باتجاه إسرائيلالصين: هجوم أمريكا على إيران دمر مصداقيتها ويهدد بانفجار إقليميإيران تعلن اعتقال عناصر استخبارات أوكرانيين بتهمة التخطيط لهجمات واسعةأولمرت: الضربات الأمريكية على إيران لن تؤدي إلى انهيارهاإسرائيل تفتح باب وقف إطلاق النار مع إيران.. بشروطمندوب إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم بعد ضرب إيرانترامب يعلن عودة قاذفات بي-2 إلى قواعدها بعد تنفيذ ضربات إيرانترامب يطالب بتغيير النظام في إيرانأمريكا تبرر ضرب إيران أمام مجلس الأمن: لحماية إسرائيل ومنع التهديد النوويوصمة في تاريخ الأمم المتحدة..إيران تتهم أمريكا وإسرائيل بمجلس الأمن وتتوعد بالرد

واعتبرت زاخاروفا أن تصريحات غروسي كانت تفتقر إلى الوضوح اللازم، وقالت: "لماذا مرة أخرى يتم تنميق البيانات وتجريدها من أي إشارة واضحة؟"، مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية باتخاذ موقف أكثر حزمًا تجاه الاعتداءات على إيران ومواقعها النووية السلمية.

الموقف الروسي 

الموقف الروسي يأتي في أعقاب جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، وهي الضربات التي وصفتها طهران بأنها "عدوان سافر وانتهاك صارخ للقانون الدولي"، بينما قالت واشنطن إنها "جاءت لحماية إسرائيل ومنع إيران من الحصول على سلاح نووي".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قد دعا في وقت سابق إلى "وقف فوري للتصعيد" محذرًا من خطر خروج الأوضاع عن السيطرة في الشرق الأوسط.

في الوقت نفسه، تواصل إيران الرد على الهجمات من خلال إطلاق موجات من الصواريخ تجاه إسرائيل، فيما تتصاعد المخاوف الدولية من توسع دائرة النزاع بشكل قد يجر أطرافًا إقليمية ودولية أخرى إلى أتون مواجهة عسكرية شاملة في المنطقة.

طباعة شارك زاخاروفا روسيا إسرائيل إيران أمريكا ترامب

مقالات مشابهة

  • عاجل| الخليج على صفيح ساخن.. إيران تستهدف قواعد أمريكية في قطر والعراق والإمارات تغلق مجالها الجوي
  • ذا إيكونوميست: رجل الكهف بسقطرى.. آخر رجل كهف على الأرض يعيش بعيداً عن الحداثة (ترجمة خاصة)
  • "واشنطن بوست" تسلط الضوء على الشكشوكة اليمنية كطبقٌ دافئٌ وعطريّ لذيذٌ ومُخفوق (ترجمة خاصة)
  • الشورى يشارك في الاجتماع البرلماني الخليجي الأوروبي
  • روسيا: إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية
  • حتى الان : السعودية تؤكد سلامة بيئة دول الخليج من أي تلوث إشعاعي
  • الضّب العربي.. من الكائنات البرية التي تسهم في التوازن البيئي بمنطقة الحدود الشمالية
  • استهتار بالقانون الدولي.. أمين عام مجلس التعاون الخليجي يدين هجمات إسرائيل على إيران
  • مجلة أمريكية: ما المخاطر المترتبة على اليمن ودول الخليج جراء توسع الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟ (ترجمة خاصة)
  • مجلس الأمن القومي الإيراني يدعو عملاء إسرائيل لتسليم أنفسهم