حرب غزة.. كيف أعادت تعريف اعتبارات "الأمن القومي" للسعودية والإمارات خارج حدودهما البرية؟ (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
قال مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، إن الأمن القومي لدول مجلس التعاون الخليجي على راسهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أصبح حاليا يتجاوز حدودها البرية، بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي.
وقال المركز في تقرير حديث ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن دول الخليج مثل السعودية والإمارات قررتا أن أمنهما القومي يتجاوز حدودهما المادية.
وأضاف "لقد أعاد الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والهجوم الذي شنته الأخيرة على قطاع غزة واستمر لأشهر، تعريف الاعتبارات الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل جذري.
وذكر التقرير أن الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي شنتها إيران على إسرائيل، أرسلت رداً على قصف إسرائيلي لمجمع السفارة الإيرانية في دمشق، رسالة واضحة إلى الدول الإقليمية حول النفوذ العسكري لطهران.
وقال "لم يؤد التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران إلى تكثيف المخاوف الأمنية في الخليج فحسب، بل أدى أيضًا إلى تسريع تطور مفهوم الأمن الحدودي الذي بدأ يتغير في عام 2019، عندما لاحظت دول الخليج الاستجابة الأمريكية الباهتة للهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على الأراضي السعودية. بالإضافة إلى ذلك، أبرزت المواجهة بين إسرائيل وإيران الترابط بين التهديدات الأمنية عبر الحدود.
وأكد التقرير أن استخدام إيران للمجال الجوي الأردني للرد على إسرائيل، إلى جانب تعطيل جماعة الحوثي للشحن في البحر الأحمر، عزز الإدراك بأن أمن الحدود يمتد إلى ما هو أبعد من الحدود المادية، ويشمل المجال الجوي والطرق البحرية والفضاء الإلكتروني.
وزاد "بالنسبة للسعودية والإمارات وقطر، تسلط هذه التطورات الضوء على أهمية تنويع السياسات الخارجية والدفاعية، وتظل التحالفات التقليدية قيمة، ولكن حتى مع احتفاظ دول الخليج باتفاقيات أمنية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، فإن بعضها يتطلع إلى الصين للحصول على ترتيبات أمنية جديدة".
وبحسب التقرير فإن هذا النهج يكمل التحرك نحو تعزيز آليات الدفاع بين دول الخليج. وفي الوقت نفسه، تستثمر دول الخليج في الصناعات العسكرية المحلية، بما في ذلك أنظمة مراقبة الحدود، والطائرات بدون طيار، والأمن السيبراني.
وأردف "على الرغم من التقارب الناجح نسبياً بين إيران ودول الخليج في أعقاب اتفاق المصالحة السعودي الإيراني الذي توسطت فيه الصين في مارس/آذار 2023، فإن الهجوم الإيراني على إسرائيل أثار قلق دول الخليج. وعلى الرغم من أن طهران كشفت عن نطاق العملية لجيرانها في الخليج قبل إطلاقها، إلا أن نطاقها وطبيعتها أجبرت هذه الدول على إعادة تقييم أولوياتها الأمنية".
وأكد مركز كارنيغي أن القضية هنا هي إدراك حقيقة مفادها أنه في ظل المشهد الأمني المتطور، لم يعد تأمين الحدود الإقليمية كافياً عندما يتعلق الأمر بالحماية من التهديدات المحتملة، فالأمن القومي يتطلب تدابير إضافية.
وأفاد أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع هذه التحديات الأمنية المتطورة التي تهدد حدودها وسيادتها. ويتعين عليها إيجاد التوازن بين التقارب الدبلوماسي الأخير مع إيران، وجهودها المستمرة لتطوير إطار أمني إقليمي فضفاض يشمل إسرائيل والولايات المتحدة، وجاذبيتها السياسية والاقتصادية الجديدة تجاه الصين، وبدرجة أقل روسيا.
نصف عقد من المخاوف الأمنية المتزايدة
يرى المركز أن المواجهة بين إسرائيل وإيران في عام 2024 كانت مجرد واحدة من عدة حوادث في الذاكرة الحديثة التي أزعجت دول الخليج ودفعتها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الجيوسياسية، وخاصة فيما يتصل بحماية الحدود.
بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، يقول "كارنيغي" إن فقدان الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، إلى جانب التهديد المستمر والمتعدد الأوجه الذي تشكله الميليشيات اليمنية المدعومة من إيران، خلق تصورًا لتناقص مظلة الأمن الأمريكية في المنطقة. (على الرغم من حدوثه في أماكن أبعد، فإن الانسحاب العسكري الأمريكي الفوضوي من أفغانستان تسبب أيضًا في إثارة التوتر في الخليج.)
يضيف "أدركت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، التي كانت تنظر إلى الولايات المتحدة منذ فترة طويلة باعتبارها ضامنًا أمنيًا رئيسيًا، أنها يجب أن تتكيف مع وضع جديد".
ويتابع إن "التطورات المتعلقة باليمن أثارت لحظة من الكشف عندما شن الحوثيون، ردًا على مشاركة التحالف الذي تقوده السعودية إلى جانب خصومه في الحرب الأهلية اليمنية، هجومًا بطائرات بدون طيار على مصنع معالجة النفط في بقيق وحقل خريص النفطي في المملكة العربية السعودية في عام 2019. والجدير بالذكر أن هذا قوبل برد أمريكي صامت".
وأردف "كان التغيير الأكثر أهمية في سياسة الإدارة الأميركية تجاه حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين. ففي فبراير/شباط 2021، سحبت الولايات المتحدة دعمها للعمليات الهجومية التي نفذها السعوديون وحلفاؤهم".
وطبقا للتقرير فإن هذا القرار كان بمثابة إعادة توجيه للسياسة الأميركية بعيداً عن الدعم غير المشروط للحملة العسكرية للتحالف، والتي كانت عرضة لانتقادات متزايدة لتسببها في سقوط ضحايا من المدنيين وأزمة إنسانية.
وأكد أن سحب الدعم الأميركي فرض ضغوطاً على السعودية لتغيير نهجها تجاه الصراع والسعي إلى حل تفاوضي. وكانت الإمارات قد غيرت مسارها بالفعل في عام 2019، حيث اقتصرت إلى حد كبير على تنمية الجماعات السياسية والميليشيات في جنوب اليمن التي ستكون خاضعة لأبو ظبي، واليوم، في المناطق اليمنية التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين، تشارك السعودية والإمارات بشكل أكبر في استخدام وكلاء يمنيين لإحباط مخططات كل منهما بدلاً من توحيد القوى لمواجهة عدوهما المشترك ظاهرياً.
واستدرك "مع ذلك، لا تزال تصرفات جماعة الحوثي تسبب الخوف والرعب في السعودية والإمارات"، مشيرا إلى أن الرياض وأبوظبي أصبحتا تنظران إلى العمليات البحرية للحوثيين في البحر الأحمر والعربي على أنها تشكل تهديداً لمصالحهما وأمنهما أكثر من سيطرة الجماعة على جزء كبير من اليمن.
كيف استجابت دول الخليج للتحديات الأمنية؟
وفقا للتقرير فإن دول الخليج، لا تزال على الأقل في الوقت الحالي، تعتمد على واشنطن كضامنة للأمن. تستضيف معظم دول مجلس التعاون الخليجي قواعد عسكرية أمريكية وتظل تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في مجال الأسلحة. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى استجابة أمريكية قوية لهجمات الحوثيين على السعودية والإمارات دفع كلا البلدين إلى التحوط ضد اعتمادهما التقليدي على مظلة واشنطن الأمنية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بحماية مجالهما الجوي والممرات المائية. وشمل ذلك تعميق العلاقات مع القوى الناشئة مثل الصين، واستكشاف التعاون المتزايد مع روسيا، وتعزيز التحالفات الإقليمية.
وخلص مركز "كارنيغي" في تقريره إلى أن "الرؤية الجديدة الأخيرة لمجلس التعاون الخليجي للتعاون الأمني الإقليمي تسلط الضوء على ميل دول الخليج المتزايد إلى أخذ الأمن بأيديها. وتهدف الخطة المقترحة إلى تمكين الدول الأعضاء الست في مجلس التعاون الخليجي من حماية وإدارة حدودها بشكل أكثر فعالية. وتشمل المكونات الملموسة للرؤية التدريبات العسكرية المشتركة، ومنصات الاستخبارات المشتركة، والهياكل الدفاعية المتكاملة. ومن خلال إعطاء الأولوية للأمن والاستقرار الإقليميين، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، وحماية الموارد الاقتصادية الحيوية وإمدادات الطاقة".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: السعودية الامارات ايران أمريكا الأمن القومي دول مجلس التعاون الخلیجی السعودیة والإمارات الولایات المتحدة على إسرائیل دول الخلیج فی عام
إقرأ أيضاً:
مجلس التعاون الخليجي يرحب بإعلان ترامب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
الدوحة
عقد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعه الاستثنائي التاسع والأربعين، في الدوحة بدولة قطر، يوم الثلاثاء 28 من ذي الحجة 1446هـ الموافق 24 يونيو 2025م، برئاسة معالي وزير الخارجية بدولة الكويت رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالله علي اليحيا، ومشاركة: صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، ووزير الخارجية بمملكة البحرين الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، ومعالي وزير الخارجية بسلطنة عُمان السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، ومعالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر، ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي.
وذلك لمناقشة الهجمات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت دولة قطر في يوم الاثنين 23 يونيو 2025، وتم التوصل إلى ما يلي:
عبّر المجلس عن أسفه الكبير وإدانته الشديدة لما قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية من هجمات صاروخية استهدفت إحدى القواعد العسكرية في دولة قطر، وهو ما يمثل انتهاكًا إيرانيًا صريحًا ومرفوضًا وخطيرًا لسيادة دولة قطر ومجالها الجوي ومبادئ حسن الجوار ومخالفة واضحة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة مهما كانت الذرائع والمبررات، وعبّر المجلس عن تضامنه التام مع دولة قطر ودعمها الكامل لها فيما تتخذه من إجراءات تحفظ لها الأمن والاستقرار.
أدان المجلس الوزاري استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقتل المدنيين، مؤكدًا رفضه للتصعيد العسكري الذي تقوم به سلطات الاحتلال في شمال وجنوب قطاع غزة، والتوسع في احتلال أجزاء واسعة من القطاع، ومنع المنظمات الدولية المعنية من إيصال المساعدات الإنسانية وتشغيل المنشآت الطبية، وشدد المجلس على ضرورة استئناف المفاوضات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتقديم المساعدات للمدنيين.
أشاد المجلس الوزاري بقدرات القوات المسلحة القطرية في التصدي للهجوم الذي شنته إيران على دولة قطر، مؤكدًا أن أمن واستقرار دولة قطر يُعدّ جزءًا لا يتجزأ من أمن واستقرار دول مجلس التعاون جميعًا، وأن أي تهديد تتعرض له أي دولة عضو هو تهديد مباشر لكافة دول المجلس، مجددًا رفضه القاطع لأي مساس بسيادة دولة قطر أو تهديد لأمنها واستقرارها.
أكد المجلس الوزاري ضرورة الالتزام بالأسس والمبادئ المبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق القانون الدولي، ومبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة والتهديد بها.
رحب المجلس الوزاري بإعلان فخامة الرئيس دونالد ترمب بشأن وقف إطلاق النار، مؤكدًا ضرورة الوقف الفوري لكافة الأعمال العسكرية، مشيدًا بجهود دولة قطر للتوسط ووقف إطلاق النار، للمحافظة على أمن واستقرار المنطقة، وبذل كافة الأطراف جهودًا مشتركة باغتنام وقف إطلاق النار للتهدئة واتخاذ نهج الدبلوماسية كسبيل فعال لتسوية النزاعات، والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب، والدفع نحو عودة جادة إلى المفاوضات تفضي إلى حلول مستدامة، لما تمثله اللحظة من فرص لشق مسار جديد نحو مستقبل إيجابي للمنطقة، مؤكدًا المجلس على استعداده لدعم كافة الجهود بهذا الصدد.
يشيد المجلس بنجاح فخامة رئيس الولايات المتحدة السيد دونالد ترمب، في تحقيق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، ويدعو فخامته إلى بذل جهود للوصول إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة.
نوه المجلس الوزاري بما تضمنته رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي، التي تم الإعلان عنها في مارس 2024، بشأن أولوية مسار الحوار والدبلوماسية للعلاقات بين الدول، وأن هذا المسار هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات الراهنة والحفاظ على أمن المنطقة وسلام شعوبها، مؤكدًا أن أي تصعيد من شأنه أن يقوض الأمن الإقليمي، ويجر المنطقة إلى مسارات خطيرة ستكون لها تداعيات كارثية على الأمن والسلم الدوليين.
أشاد المجلس الوزاري بدور سلطنة عُمان في المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن الملف النووي، وثمن المجلس دور دولة قطر والولايات المتحدة والدول الأخرى التي أسهمت في التهدئة، والتأكيد على أهمية استمرار جهود الوساطة الفاعلة.
أكد المجلس الوزاري على أهمية الحفاظ على الأمن الجوي والبحري والممرات المائية في المنطقة، والتصدي للأنشطة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم، بما في ذلك استهداف السفن التجارية وتهديد خطوط الملاحة البحرية والتجارة الدولية، والمنشآت النفطية في دول المجلس، كما أكد المجلس الوزاري على التزام وحرص دول مجلس التعاون على استقرار أسواق الطاقة العالمية.
صدر في مدينة الدوحة بدولة قطر في يوم الثلاثاء 28 من ذي الحجة 1446هـ، الموافق 24 يونيو 2025م.