بيوت تحت الأرض تحمي أمازيغ تونس من قسوة المناخ
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
تونس "د.ب.أ": الحياة بين جبال مطماطة في الجنوب التونسي تشبه الحياة فوق سطح القمر، فبينما تبدو الأراضي على مدى البصر قفراء تحت أشعة الشمس الحارقة، تنبض حفر واسعة تحت الأرض بالحياة.
على مسافة قريبة من موقع ديكور فيلم الخيال العلمي الشهير "حرب النجوم" في صحراء مطماطة بولاية قابس، يعيش سكان قرى تيجمة وزمرتن وتامرزت وغيرها من القرى الأمازيغية، منذ عدة قرون في ديار محفورة في الصخر تحت الأرض.
وتمثل هذه المساكن التي يطلق عليها "الحوش" باللهجة المحلية، موطنا لمجتمع القبائل الأمازيغية المتواجدة حتى اليوم في الجنوب التونسي على بعد نحو 450 كيلومترا عن العاصمة في الشمال، قبل دخول العرب المسلمين القادمين من الشرق في القرن السابع ميلادي.
وألهم المكان الطبيعي لهذه القرى في سبعينيات القرن الماضي، المخرج الأمريكي جورج لوكاس لوضع ديكور كوكب "تاتوين" الخيالي وبدأ التصوير في تلك الفترة أولى أجزاء "حرب النجوم". ويستقطب المكان حتى اليوم بما ذلك الفندق الصخري الذي استقبل فريق التصوير، السياح ومحبي سلسلة أفلام "حرب النجوم".
وتحتفظ الجدران الصخرية للفندق بصور نادرة لأفيشات الفيلم وكواليس التصوير وأقنعة الممثلين واكسسوارات العمل.
ويقول سكان القرى إن الفيلم ذو الشهرة الواسعة، أعاد التعريف بالإرث الثقافي والمعماري الفريد للقبائل الأمازيغية والممتد في تونس وشمال أفريقيا وجنوب الصحراء وحتى جزر الكناري غربا، كما منح دفعة للحركة السياحية والثقافية في المنطقة.
ومنذ ثورة 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ظهرت نخبة من أقلية الأمازيغ إلى العلن للمطالبة بحقوق أوسع. ويقول سمير النفزي مؤسس الحركة الثقافية "آكال" التي تعني "الأرض"، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "هناك حالة تعطش للثقافة الأمازيغية".
ويتابع رئيس الحركة ”تونس لم تعمل بتوصية الأمم المتحدة في 2016 والتي تدعو فيها السلطات إلى إعادة الاعتبار للغة وهوية السكان الأصليين الأمازيغية".
وتفاخر تونس بضمها لتنوع ثقافي لافت يظهر في العادات والطبخ والمعمار. وتمثل بيوت مطماطة القديمة في جوف الحفر علامة فارقة لهذا التنوع في جنوب البلاد.
تحتوي الحفر الواسعة على فناء دائري تحيط به كهوف صخرية يستخدم بعضها كغرف للنوم أو مكان لتخزين الحبوب والغذاء. وتربط بين الغرف ممرات ضيفة وأنفاق وسط الصخور.
وفي العادة يتكون البيت الأمازيغي في مطماطة من طابقين، واحد علوي يخصص لتخزين المؤن، وآخر سفلي للإقامة والسكن ويضم المطبخ والحمام وغرف النوم وغرفة الجلوس. ويكون الدخول الى البيوت إما بدرج من الأعلى أو بسلالم من الأسفل.
ينتشر اللون البني على نطاق واسع في جدران البيوت الأمازيغية انعكاسا للون الأرض ولكن يستخدم كذلك الطلاء الأبيض في البيوت. ويفضل سكان هذه القرى البساطة في تزويق بيوتهم عبر السجاد والجلود والتحف والإكسسوارات القديمة من التراث الأمازيغي والأثاث التقليدي من صنع الحرفيين.
وتقول هاجر التاوجوتي في حديثها عن عادات الجهة لإذاعة محلية "تحتفظ كل أم في مطماطة بألعاب واكسسورات صغيرة وأشياء تذكارية من طفولة ابنتها داخل علبة ومع اقتراب موعد زفاف الإبنة تقوم الأم بصناعة قلادة تحتوي على هذه الأشياء التذكارية مع الصخاب". والصخاب يطلق على عطر طبيعي أسود يستعمل في المضوغ البربري.
ووفق احصائيات الأدلاء السياحيين الذين يعملون في الجهة، تضم مطماطة القديمة حوالي 650 منزلا محفورا في الجبال. لكن في العقود الأخيرة من القرن العشرين أدت عمليات نزوح مكثفة الى مغادرة الكثير من سكان القرى الى المدن الكبرى في ولاية قابس او مدينة مطماطة الجديدة.
وشيدت عائلات بيوتا حديثة من الاسمنت والآجر، فيما أبقى البعض على بيوتهم القديمة من أجل الاستخدام في المجال الزراعي.
وتفضل باقي العائلات الاستمرار في البيوت المحفورة لقدرتها على التأقلم مع التغيرات المناخية المتطرفة والحرارة المرتفعة في جنوب تونس، حيث يمكن ان تتجاوز في المعدل ما بين 40 و45 درجة في فصل الصيف.
قال على بوهالة من قرية زمرتن وهو يعمل دليلا سياحيا بالمنطقة "تتميز مساكن ديار الحفر بأنها تحتوي على بيوت درجة حرارتها ثابتة على مدار العام ما بين 18 و20 درجة، وهو معدل مناسب للسكن وخزن المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية التقليدية".
كما تؤمن البيوت دفئا طبيعيا في فصل الشتاء القارس دون الحاجة إلى سخانات.
وتقول هاجر التاوجوتي التي تقيم مع عائلتها بمنزل حفري بقرية تيجمة "هذه الديار تحتوي على طاقة ايجابية يشعر الانسان المقيم داخلها براحة نفسية كبيرة".
يعتمد اقتصاد المدينة القديمة في مطماطة في أغلبه على الزراعة من خلال غراسات الزيتون المقاومة للمناخ الحار، وعلى مشاريع السياحة عبر تحويل بعض المنازل في الجبال إلى اقامات فندقية.
وتكون هذه البيوت في الغالب قبلة للزائرين المستكشفين في رحلات السياحة الموسمية في فصلي الربيع والشتاء وأثناء الاحتفال برأس السنة الأمازيغية وخلال احتفالات المهرجان الدولي بمطماطة في شهر مايو من كل عام.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شرطة دبي تستجيب لبلاغ طفل يبلغ من العمر 10 أعوام يشكو قسوة والده
متابعات-'الخليج':
أكدت القيادة العامة لشرطة دبي، أن قنوات التواصل مع الإدارة العامة لحقوق الإنسان مفتوحة دائماً لتلقي البلاغات المتعلقة بأي انتهاك لحقوق الطفل، وفقاً لما ينص عليه القانون الإماراتي بشأن حقوق الطفل 'وديمة'، منوهةً بأهمية التبليغ الفوري عن أي حالة عنف أو إساءة يتعرض لها الأطفال، لضمان التدخل السريع وتقديم الدعم اللازم.
وأشارت شرطة دبي إلى أن التواصل يتم بسرية تامة عبر التطبيق الذكي، ومن خلال الموقع الإلكتروني الرسمي، أو الاتصال على الرقم 901، كما يمكن التوجه مباشرة إلى واحة الطفل في مقر القيادة العامة لشرطة دبي بمنطقة الطوار.
جاء ذلك في أعقاب استجابة إدارة حماية الطفل والمرأة في الإدارة العامة لحقوق الإنسان، لبلاغ قدمه طفل يبلغ من العمر 10 أعوام، يشكو فيه قسوة والده المفرطة، والتي وصلت حد الضرب المُبرح، تاركاً على جسده الصغير كدمات ورضوض واضحة، حاول مراراً إخفاءها أمام أقرانه في المدرسة.
وتفيصلياً، قال المقدم دكتور علي المطروشي، مدير إدارة حماية الطفل والمرأة، إن البلاغ ورد من الطفل 'ع. أ.' البالغ من العمر 10 أعوام، عبر خدمة حماية المتوفرة في تطبيق شرطة دبي الذكي، يشكو فيه قسوة والده المفرطة، والتي يُعاني منها وحده، دون أخويه الأصغرين عمراً منه، والتي جعلته مُنعزلاً غير مُدرك للأخطاء التي يرتكبها والتي تدفع بوالده لهذا التعامل القاسي، سواء بالكلمات التي تُحبطه، أو بالضرب الذي يترك آثاراً واضحة على جسده الصغير، حتى لاحظت إدارة مدرسته هذه الكدمات وتراجعِ أدائه المدرسي، وأرشدته لضرورة الإبلاغ عبر تطبيق شرطة دبي الذكي.
وأضاف: 'لم يكن الطفل يجرؤ على الشكوى خوفاً من العقاب، لكن الاخصائي الاجتماعي في المدرسة لاحظ عليه كدمات متفرقة، وشحوباً في الوجه، وبالتقرب من الطفل والحديث معه، دفعه الاخصائي لطلب لمساعدة من شرطة دبي، حتى تتوقف معاملة والده القاسية معه'.
وقال المقدم المطروشي: 'استدعينا والد الطفل، والذي أكد أنه لا يقصد تعنيف ولده، لكنه الابن الأكبر بين أبنائه، ويتبع معه ذات الأسلوب الذي نشأ عليه، ظناً منه أن هذا الأسلوب من التربية سيصنع من ابنه رجلاً صلباً قوي الشخصية، فاستمر في تعنيفه، والتعامل معه بقسوة مفرطة وصلت حد الضرب كأسلوب تربية وتقويم، مُتسبباً له بكدمات وآثار واضحة على جسمه، كما تراجع مستواه الدراسي، وانعزل تدريجيا عن أقرانه'.
وأكد أن الفريق المتخصص في إدارة حماية الطفل والمرأة، تحدث مع الأب والذي تعهد بتغيير أسلوب تعامله مع طفله. منوهاً باتخاذ الإدارة الإجراءات القانونية المناسبة بهذا الشأن، والتأكيد على الأب بأن هذا الأسلوب في التربية خاطئ تماماً، ويُعاقب عليه القانون. وأشار المقدم المطروشي إلى استمرارية شرطة دبي بتقديم المتابعة اللاحقة للطفل والتواصل معه بشكل دوري، وتقديم التأهيل والإرشاد الاجتماعي والنفسي المناسب بالتعاون مع الشركاء.