مجزرة التابعين .. حقائق تفضح وحشية إسرائيل / شاهد
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
#سواليف
بين مصلين ونيام هكذا كان حال الآلاف من #النازحين في #مدرسة_التابعين في مدينة #غزة عندما استهدفت طائرات #الاحتلال بقنابل أميركية تزن 6 أطنان المصلى والطابق الذي يعلوه والمخصص لإيواء النساء والأطفال.
في جولة سريعة بين الركام، وساحة مصلى غارقة بالدماء والأشلاء المتناثرة والركام المدمر، يعتمل الغضب، وصرخات موجوعة من الناجين المفجوعين بفقد أحبتهم فجر السبت في واحدة من أكثر المجازر الإسرائيلية بشاعة في الآونة الأخيرة، وتنفضح أكذوبة الاحتلال عن استهداف قاعدة عسكرية، فهي كذبة قبيحة ومتكررة، كما يقول الناجون الغاضبون.
وقفت مذهولا .. عجزت عن الوصف .. جفت كلماتي وتلعثم لساني ..
غطيتُ منذ بدء الحرب عشرات المجازر لكن مجزرة التابعين هي الأفظع..الأفدح..
أن تسجل التقرير وأن تقف في وسط بركة دم.. تتحسس خطواتك كي لا تدوس على أشلاء شهيد !!
ثم بعد الانتهاء .. تكتشف أنك وثقت جزءا بسيطا من المجزرة ..… pic.twitter.com/ODcfz54zkN
أين #القاعدة_العسكرية؟
أين القاعدة العسكرية؟ يسـأل محمد الكحلوت، قبل أن يضيف: أنا موجود بالمدرسة منذ عدة أسابيع، لم أشاهد مسلحين أو أي مظاهر مسلحة، دائما أصلي بالمصلى وكل من هناك مدنيون، استشهد قريبي وهو البروفيسور يوسف الكحلوت، ومثله عدد كبير من المدنيين.
وأشار إلى أن القصف استهدف الجزء العلوي من المصلى وهو مخصص لإيواء النساء حاليا وجميع من كان به استشهدن، وفق شهادته التي نقلها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
‼️???? صراخ وبكاء طفلة وهي تبحث عن والدها بين جثث الشهداء بعد قصف الاحتلال مصلى مدرسة التابعين pic.twitter.com/FKSD4q58LP
— موسكو | ???????? MOSCOW NEWS (@M0SC0W0) August 10, 2024حصيلة مؤلمة
واستشهد فجر السبت أكثر من 100 فلسطيني وجُرح العشرات في مجزرة مروّعة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مدرسة التابعين في حي الدرج وسط مدينة غزة.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني، إن قوات الاحتلال استهدفت المدرسة بـ 3 صواريخ، ما أدى لاستشهاد 90% من النازحين داخل المصلى والمبنى المستهدف، أغلبهم من النساء والأطفال.
واستهدف القصف الإسرائيلي على نحو مباشر نازحين أثناء أدائهم لصلاة الفجر في مصلى المدرسة، وكذلك الجزء العلوي من المصلى المخصص لإيواء النساء والأطفال.
من أصعب المشاهد الدامية والمروعة التي مرت علينا اليوم في مستشفى المعمداني بغزة بعد المجزرة الإسرائيلية على مدرسة التابعين كانت لشاب صغير يبلغ من العمر 16 عاماً، وصل إلينا وجزئه السفلي مفتت ومهشم، يده اليسرى مبتورة، و جروح غائرة وحروق في أنحاء جسده. وأثناء إجراء الجراحة الطارئة،…
— Dr Fadel Naim (@fnaim65) August 10, 2024وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن المعلومات الأولية تشير إلى أن جيش الاحتلال أطلق خلال هذه الاستهداف ثلاثة قنابل أميركية مجنحة ذات قدرة هائلة على التدمير والحرق وإذابة الأجساد، فقتل أكثر من 100 فلسطيني بينهم العديد من العائلات التي قتلت، بمن فيها من نساء وأطفال، إلى جانب شخصيات أكاديمية بارزة، مثل البروفيسور “يوسف الكحلوت” أستاذ اللغة العربية في جامعات غزة.
وأشار إلى أن القنابل تسببت بتحول أجساد الضحايا إلى أشلاء وأجزاء مقطعة ومحترقة، وكذلك الحال بالنسبة لعدد كبير من الإصابات الحرجة، وذلك نظرًا للقوة التدميرية الهائلة لهذه القنابل. وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، فإن بعض القنابل المستخدمة ضد المدرسة المكتظة بالنازحين بلغ وزنها حوالي 2000 رطلًا.
استهداف 12 مدرسة في 10 أيام
ويستهدف الاحتلال مراكز الإيواء وأغلبها مقام في مدارس بشكل ممنهج خاصة في مدينة غزة ما يؤشر إلى نية الاحتلال تهجير السكان وترحيلهم إلى جنوب وادي غزة، وفق متابعين.
ومنذ بداية الشهر الجاري قصفت قوات الاحتلال 12 مدرسة وارتكبت مجازر فيها راح ضحيتها 178 شهيدا ومئات الجرحى.
الحصاد المر
ووفق معطيات جهات متطابقة أبرزها المكتب الإعلامي الحكومي، استهدف جيس الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر الماضي، 183 مركزاً للإيواء مأهولاً بعشرات آلاف النازحين، ومن بينها 162 مدرسة مأهولة بالنازحين، منها مدارس حكومية ومدارس لوكالة الأونروا، وقد تجاوز الشهداء الذين ارتقوا داخل المدارس أكثر من 1190 شهيداً، حيث يواصل الاحتلال الإبادة الجماعية للشهر العاشر تواليا.
وفي كل مرة ترتكب قوات الاحتلال مجزرة، تسارع إلى نشر ادعاءات كاذبة متعددة لتبرير مجزرتها، رغم تأكيد منظمات حقوقية دولية وفلسطينية على أنه لا مبرر لهذه المجازر.
الله، صباح مفجع وقاتل.
مجزرة ومحرقة ومسلخة حدثت فجر اليوم
مدرسة التابعين التي تأوي نازحين في حي الدرج
عند بداية صلاة الفجر ومع تكبيرة الإمام لبدء الصلاة.
أسقطت إسرائيل أطنانًا من المتفجرات على المدرسة
قتلت إسرائيل الأطفال والنساء وعائلات كاملة وأحرقهم أحياءً.
عدد كبير من… pic.twitter.com/yfXmHpuV2r
جيش بلا أخلاق، قاتل الأطفال، جيش المغتصبين. فجيش الاحتلال لا يترك مجزرة دون تبرير، في الوقت الذي تقوده وتسيطر عليه الصهيونية الدينية التي تعلن بشكل واضح أنها تريد قتل الأطفال وتريد تجويع الناس وطردهم.
تبا لمن ابكى تلك العيون تبا لمن قتل الاطفال والشيوخ والساجدين والنساء
الله يلعنكم يا كوكب يا حقير
الجميع مشارك في تلك الجرائم منذ ١٠٠ عام
وليس اليوم او قبل عشرة شهور
نحن نباد من مئة عام جدي وجدك وكلنا ???? pic.twitter.com/Utawh1wVsD
لا مظاهر عسكرية
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أكد أن تحقيقاته الأولية أظهرت خلو موقع مجزرة مدرسة التابعين من أي مظاهر عسكرية، مشيرًا إلى أن المدرسة ليست سوى مكان متهالك اتخذته مئات العائلات ملجأ لها.
وتبين وفق -الأورمتوسطي في بيان له تلقى المركز الفلسطيني للإعلام نسخة منه- أن المدرسة ما هي إلا مكان اتخذته مئات العائلات الفلسطينية ملجأ لها بعد أن نزحت قسرا من أماكن سكنها، وبعضها مُسح بالكامل من السجل المدني بفعل المجزرة.
وأظهرت جميع الأدلة والشهادات أن المدرسة خالية من أي تجمعات أو مراكز عسكرية، وكانت تؤوي المئات من الأطفال، إذ لم يكن ممكنًا أن تُعرّض العائلات أطفالها للخطر لو كان الموقع يستخدم لأغراض عسكرية، وفق تأكيد الأورومتوسطي.
تبريرات الاحتلال المتكررة عن استهداف أفراد من حركة حماس أو مقاتلين ما هي إلا مجرد ادعاءات لا قيمة لها، حسب بيان آخر للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان ومؤسسة الحق، مشددة على أنه لا يوجد مبرر بأي شكل من الأشكال لاستخدام هذه القوة غير المتناسبة وغير الضرورية التي أدت إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين والمدنيات داخل مدرسة تأوي نازحين.
توقفت كلماتي وفقدت قوتي وقدرتي على التعبير والحديث عندما وصلت مكان المجزرة، الأشلاء والدماء كانت من حولنا، الجثث مقطعة فوق بعضها البعض، أخبروني بأي كلمات وعبارات يمكن أن تعين أي صحفي في وصفه لهذه الصورة المروعة، عندما قلت لكم عبر الهواء بأنه "مشهد لا يوصف" فأنا حقًا عجزت أمام هذا… pic.twitter.com/tbVKlvU2QI
— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) August 10, 2024قنابل ذكية دليل الإدانة
وفندت ادعاء الاحتلال أنه يستخدم قنابل ذكية في هجماته العسكرية، مشددة على أنه ادعاء كاذب ويعبر عن استهتار الاحتلال بالعالم بأسره، حيث يمضي في القتل الجماعي ويسوق تبريرات لا صحة لها وتتناقض مع الحقائق.
وقالت: نحن أمام جريمة من الطراز الأول تؤكد نهج الاحتلال في تعمد ارتكاب الإبادة الجماعية، بقرار من المستوى السياسي، مشيرة إلى تصريح وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، علناً بأن “قتل مليوني فلسطيني بقطاع غزة جوعاً قد يكون عادلا وأخلاقيا لإعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع”.
مبررات واهية
وبحسب خبراء ومتابعين، فإن الاحتلال يركز على استهداف المدارس ومراكز الايواء بشكل متعمد منذ بداية الحرب، حيث إن أحد أبرز الأهداف الصهيونية من العدوان هو الوحشية والامعان في القتل والتدمير، وكذلك إبقاء حالة الخوف والذعر بين المدنيين والجبهة الداخلية.
إسرائيل ليست بحاجة إلى ذرائع أو مبررات لارتكاب المجازر في غزة أو الضفة الغربية فحماتها وحلفاؤها أطلقوا يدها ومولوها بالسلاح والعتاد،لذا فإن مجزرة مدرسة التابعين التي وقعت في غزة فجر اليوم وراح ضحيتها أكثر من 100 شهيد تحولت أجسادهم إلى أشلاء علاوة على مئات الجرحى لم تعد سوى أرقام… pic.twitter.com/6dRYSRmuww
— A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) August 10, 2024مبررات الاحتلال الواهية والكاذبة منذ بداية الحرب وحتى اليوم، لم تعد تنطلي على أحد ابتداء من استهداف مستشفى الشفاء، فجميعها تكشفت الواحدة تلو الأخرى على وقع مذبحة مفتوحة أدت إلى قرابة 40 ألف شهيد منهم أكثر 16 ألف طفل، و11 ألف امرأة و885 من الطواقم الطبية خلال 10 أشهر من الإبادة.
39.699 شهيدا في #غزة حتي كتابة هذه الأحرف الاطفال منهم فقط 16.365 و النساء 11.012 و ما زال الصمت تجاه تلك الجرائم التي يرتكبها المجرم النتن ياهو و عصابته تباركه الحكومات المتصهينة و تبارك قتل المسلمين و استباحة دماء نسائهم و أطفالهم ،، السكوت العربي مخيف و مهين و ما يحدث للاطفال… pic.twitter.com/HKECPjYBdn
— ماضي الهاجري (@madhialhajri) August 10, 2024تورط أميركي
ويشير خبراء إلى تورط الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية في مجازر الاحتلال من خلال تزويدها للاحتلال بالسلاح والمال والغطاء الدبلوماسي يجعلها شريكة في جرائم الحرب الصهيونية والتلطخ بدماء الأطفال الفلسطينيين.
وجاءت هذه المجزرة بعد حوالي يوم من تقديم الولايات المتحدة 3.5 مليار دولار لإسرائيل لإنفاقها على أسلحة وعتاد عسكري أميركي، وهي جزء من مشروع قانون التمويل التكميلي لإسرائيل بقيمة 14.1 مليار دولار والذي أقره الكونغرس في أبريل/نيسان الماضي.
شهادات مرعبة ينقلها الفيلم الوثائقي "مستشفى الشفاء – جرائم مدفونة" من إنتاج الجزيرة 360. تابعوا القصة لتسمعوا شهادات من الطاقم الطبي ومرافقي المرضى وجيران المجمع الطبي الأكبر في القطاع.@aljazeera360 pic.twitter.com/ipZhj1CamU
— AJ+ عربي (@ajplusarabi) August 4, 2024وتؤكد المؤسسات الحقوقية أن الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة والذخائر، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي توفر الغطاء السياسي والقانوني والمالي لدولة الاحتلال وهي المزود الأكبر للسلاح والذخائر لإسرائيل، جميعها شريكة بكل المعايير في جريمة الإبادة الجماعية والجرائم الأخرى المرتكبة في قطاع غزة.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال تبرير جرائمه ووحشيته فإنه ما يزال يمارس سياسة التجويع ومنع المساعدات الغذائية والطبيبة، ويدمر محطات المياه، ويقطع الكهرباء، ويقتل كل مقومات الحياة في غزة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف النازحين مدرسة التابعين غزة الاحتلال القاعدة العسكرية غزة الإبادة الجماعیة مدرسة التابعین لحقوق الإنسان جیش الاحتلال pic twitter com أکثر من کبیر من فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما هي صواريخ إيران الفرط صوتية التي ترعب إسرائيل؟
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحًا بقليل بتوقيت القدس المحتلة فجر اليوم الأربعاء الموافق 18 يونيو/حزيران 2025، عندما انتبه المستوطنون الإسرائيليون من سكان حيفا -الذين لم يذق معظمهم النوم بسبب صفارات الإنذار المستمرة- إلى دوي يشبه دوي الرعد.
ما سمعوه في الحقيقة لم يكن إلا أحدث رشقة صواريخ إيرانية انطلقت لتخترق طبقات الغلاف الجوي بسرعة تقترب من 2 كيلومتر في الثانية الواحدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"الجيل الخامس" يقود أخطر حرب لإيران ضد إسرائيلlist 2 of 2لماذا تطلق إيران صواريخها الباليستية ليلا؟end of listأعلن التلفزيون الإيراني أن الصواريخ التي استخدمها الحرس الثوري لأول مرة هي صواريخ "فتّاح"، وأن هذه هي المرحلة الحادية عشرة من عملية الوعد الصادق 3، وأن الصواريخ هذه المرة "غير قابلة للاعتراض".
بهذا كشفت وكالة تسنيم الإيرانية عن تصعيد نوعي في المواجهة بين إيران وإسرائيل مقارنةً بالغارات السابقة. وأشارت الوكالة إلى أن هذه الصواريخ تتمتع بسرعات فائقة وقدرات تدميرية عالية، تُمكّنها من تجاوز أقوى منظومات الدفاع الجوي.
وفي بيان نقلته الوكالة، حذّر الحرس الثوري الإيراني من أن الضربات القادمة "ستشهد استخداما أوسع للصواريخ الفرط صوتية"، ليضع العالم أمام مشهد مفتوح على احتمالات التصعيد ما لم تتوقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية.
لذلك نحتاج البحث عن إجابات لأهم الأسئلة: ما هي الصواريخ الفرط صوتية؟ وما أنواعها؟ وما الذي يميزها عن منظومات الصواريخ الأخرى؟ وما نوعية ترسانة الصواريخ الفرط صوتية التي تملكها إيران؟
الصواريخ الفرط صوتيةتقنيا، يُعرَّف مصطلح "فرط صوتي" بأنه كل سرعة تتجاوز 5 ماخ (6125 كيلومترا في الساعة)، أي خمسة أضعاف سرعة الصوت. وعند هذه السرعات الهائلة، تفرض الفيزياء وقائع جديدة؛ أبرزها الحرارة الشديدة الناجمة عن اندفاع الصاروخ أو المركبة عبر طبقات الغلاف الجوي الكثيفة.
هذه الحرارة، إلى جانب قوى أخرى تتفرد بها بيئة الطيران الفرط صوتي، تضع مصممي تلك المركبات أمام تحديات هندسية ضخمة. فابتكار مركبات جوية قادرة على تحمل هذه الظروف يتطلب مواد تصنيع متطورة، وأنظمة دفع متقدمة، واستثمارات كبيرة.
إعلانلذا، يظهر هنا سؤال مُلح: ما الذي يجعل الصاروخ "فرط صوتيا" فعلا؟
في البداية، ينبغي التأكيد أن السرعة وحدها ليست كافية لتعريف الصاروخ "الفرط صوتي".
فعلى مدى التاريخ، تجاوزت كثير من الصواريخ الباليستية حاجز 5 ماخ في إحدى مراحل رحلتها، وبعضها بلغ أكثر من 20 ماخ خلال الصعود أو العودة عبر الطبقات العليا للغلاف الجوي، مثل الصواريخ الباليستية الحديثة العابرة للقارات، التي تحلق غالبا بسرعات عالية. ومع ذلك، لا يصلح تصنيف الصواريخ الباليستية التقليدية كأسلحة "فرط صوتية" بالمفهوم الحديث.
حيث يكمن الفرق الجوهري في القدرة على المناورة، والزمن الذي يقضيه الصاروخ بسرعات فرط صوتية ضمن الغلاف الجوي. إذ يتفق كثير من الخبراء، مثل أعضاء تحالف الدفاع الصاروخي الأميركي والمجلس الروسي للعلاقات الدولية، على أن السلاح الفرط صوتي الحديث يجمع بين سرعة تتجاوز 5 ماخ وقابلية للمناورة الأفقية والعمودية أثناء الطيران الجوي.
هذه القدرة على المناورة تجعل اعتراض الصواريخ الفرط صوتية أصعب للغاية من اعتراض الصواريخ الباليستية ذات المسارات الثابتة.
أنواع الصواريخ الفرط صوتيةتنقسم الصواريخ الفرط صوتية إلى نوعين رئيسيين، يتميز كل منهما بخصائص واستخدامات محددة. أولهما صواريخ كروز الفرط صوتية، وهي تعمل بالطاقة طوال رحلتها، وتحافظ على سرعة فرط صوتية مستقرة غالبا على هوامش الغلاف الجوي.
وتتيح لها محركاتها المتطورة التحليق لمسافات طويلة على ارتفاعات منخفضة أو متوسطة، مع قابلية عالية للمناورة لتفادي منظومات الدفاع الجوي.
أما النوع الثاني فهو المركبات الانزلاقية الفرط صوتية، التي تُطلق غالبا من على رؤوس الصواريخ الباليستية، فترتفع إلى طبقات عالية من الغلاف الجوي، ثم تنفصل وتنزلق نحو الأرض بسرعات فرط صوتية.
وتكمن ميزتها في قدرتها على تغيير مسارها أثناء الطيران، مما يُعقّد من عملية اعتراضها، على خلاف الرؤوس الحربية التقليدية التي تتبع أقواسا متوقعة تُسهل من قدرة أنظمة الدفاع الجوي على استهدافها.
ما يميزها؟
بالنسبة لأي صاروخ باليستي تقليدي، حتى وإن تجاوز سرعة الصوت، فإن رادارات العدو ليست مضطرة إلى تتبعه بدقة لحظة بلحظة، بل يكفيها أن تراقب مساره لحظة انطلاقه ومن ثم تكون قادرة على التنبؤ بمساره، إذ إنه يظل ثابتا منذ لحظة الإطلاق ولا يتغير.
ينطلق الصاروخ في مسار قوسي واسع، يغادر طبقات الغلاف الجوي نحو الفضاء، ثم يعود ليخترق الغلاف الجوي من جديد قبل أن يصيب هدفه. هذا المسار المتوقع يتيح للرادارات المعادية حساب نقطة الاصطدام بدقة، ومن ثم تفعيل منظومات الدفاع وفق هذا التصور المسبق.
لذلك، فكما ذكرنا، فالسرعة وحدها ليست بطاقةَ دخولٍ إلى نادي الصواريخ الفرط صوتية. ما يميّز الأسلحة الفرط صوتية الحديثة هو قدرتها على الطيران المستمر المناور داخل الغلاف الجوي في منطقة مرتفعة أكثر من مدى صواريخ باتريوت، ومنخفضة أكثر من رادارات الإنذار المبكر، مع قدرة على تنفيذ مراوغات غير متوقّعة.
بذلك يصبح الصاروخ قادرا على تجاوز الصواريخ الدفاعية الاعتراضية بسرعة تفوقها، إلى جانب تخطي مناطق تغطية الرادارات المعادية، والالتفاف حول العوائق أيا كان نوعها سواء جبالا أو مباني أو غيرها.
إعلانالميزة الثانية، وربما الأهم، أن الصاروخ الفرط صوتي يستطيع تغيير اتجاهه إلى مسارات منخفضة قريبة من سطح الأرض، محافظا على سرعته الهائلة. ونتيجة لذلك، فإن رادارات الإنذار المبكر المعادية لا تلتقط إشارات التحذير إلا قبل فترة وجيزة جدا من وصول الضربة، حتى يكاد الوقت بين اكتشاف الصاروخ وتفعيل الدفاعات الأرضية يكون أقصر من الزمن اللازم لوصول الصاروخ إلى هدفه، مما يجعل الاستجابة شبه مستحيلة تقريبا.
مع ذلك، يظل تطوير صواريخ فرط صوتية فعّالة من أعقد التحديات التقنية في التسليح الحديث. إذ يتطلب إنتاج مركبات قادرة على تحمل الحرارة الهائلة، والحفاظ على الاستقرار الهوائي ونقل حمولة فعالة، تقدما علميا وتجريبيا متواصلا.
ولهذا، وبعد عقود من البحث، لا تزال قلة من الدول تملك قدرات حقيقية أو تجريبية في هذا المجال، وهي تقتصر على أربعة دول هي روسيا والولايات المتحدة والصين وإيران.
صاروخ فتّاح 1ذكرت إيران رسميا امتلاكها صاروخين يحققان معايير السلاح الفرط صوتي التي ذكرناها. وقد طورهما الحرس الثوري الإيراني بالاعتماد على تكنولوجيا الصواريخ الباليستية التي تستخدم الوقود الصلب، مع تعديلات تمنحهما القدرة على المناورة والحفاظ على السرعات المرتفعة.
أول هذين الصاروخين، ويحمل اسم "فتّاح 1"، كُشف عنه في يونيو/حزيران 2023 كأول صاروخ فرط صوتي إيراني، وهو بداية دخول إيران لهذا النادي الحصري. وحسب التصريحات الإيرانية، يمكن لصاروخ "فتّاح 1" أن يصل إلى سرعات تتراوح بين 13 و15 ماخ، وبمدى يبلغ نحو 1400 كيلومتر.
ويُصنف بوصفه صاروخا باليستيا متوسط المدى مزودا بمركبة عودة مناورة، أي رأس حربي قادر على تعديل مساره بشكل موجّه أثناء التحليق.
يتكون الصاروخ من قسمين؛ الجزء الأول يتألف من محرك أساسي يبلغ طوله 10 أمتار، ويمتلك القدرة على دفع الصاروخ بسرعة فائقة داخل الغلاف الجوي وخارجه، وينفصل عن الرأس الحربي على مسافة مئات الكيلومترات من الهدف المنشود.
أما الجزء الثاني، الذي يبلغ طوله 3 أمتار و60 سنتمترا، فهو الجزء الذي يحمل الرأس الحربي الموجّه ويحتوي على محرك كروي وفوهة متحركة تمكنه من المناورة في كافة الاتجاهات.
وتبدأ مهمته بعد انفصال الجزء الأول أي قبل بلوغ المنطقة الخاضعة لتهديدات العدو، فيشرع بالدوران والمناورة ضمن مسار معقد في اتجاهات وارتفاعات مختلفة للإفلات من منظومات الدفاع الجوي.
ويعتمد الصاروخ في التوجيه على نظام الملاحة بالقصور الذاتي مع إمكانية التحديث عبر الأقمار الاصطناعية، كما هو الحال في العديد من الصواريخ الإيرانية الحديثة، ويتيح ذلك تصحيح المسار أثناء الطيران.
يتميز صاروخ "فتّاح 1" بأنه يعمل بالكامل بالوقود الصلب، مما يمنحه ميزة سرعة التحضير للإطلاق مقارنة بصواريخ الوقود السائل. وتظهر التسجيلات الرسمية لحظة الكشف عن الصاروخ بحضور قيادات الحرس الثوري والرئيس الإيراني في يونيو/حزيران 2023، مع الإشارة إلى إجراء تجارب طيران له في وقت سابق من العام نفسه.
وبحسب التسلسل الزمني الرسمي، أُعلن عن تطوير "فتّاح 1" أول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 خلال فعالية بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة العميد حسن طهراني مقدم، الذي يُعرف اليوم بأنه أبو البرنامج الصاروخي الإيراني.
وقد صُوِّر الصاروخ في الإعلام الإيراني كقفزة نوعية في تكنولوجيا الصواريخ، مع التأكيد على أنه موجّه بدقة "ولا يمكن تدميره بصاروخ آخر" بفضل قدرته على المناورة على ارتفاعات ومسارات متغيّرة. كما تدّعي إيران أن بإمكانه تجاوز أكثر منظومات الدفاع الجوي تطورا في الولايات المتحدة وإسرائيل.
The domestically-developed hypersonic missile "Fattah", #Iran IRGC's most recent achievement, was unveiled on Tuesday morning (June 6) in the presence of President Ebrahim Raisi. pic.twitter.com/wzwUTRR3ez
— IRNA News Agency (@IrnaEnglish) June 6, 2023
إعلان صاروخ فتّاح 2أعلنت إيران أيضا عن إصدار متطور يحمل اسم "فتّاح 2″، وكشفت عن هذا الطراز في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 خلال معرض القوة الجوفضائية للحرس الثوري بحضور المرشد الأعلى علي خامنئي. وخلال مراسم الكشف عنه، شدد المسؤولون الإيرانيون على أن "فتّاح 2" منتج محلي بالكامل وإنجاز تقني فريد.
تشير التقارير الرسمية وآراء المحللين إلى أن الهيكل الخارجي للصاروخ يشبه النسخة الأصلية منه، لكن الحرس الثوري أعاد تصميم رأسه الحربي ليغدو رأسا انزلاقيا مزودا بمحرك صغير مستقل. بهذا يصبح صاروخ "فتّاح 2" منظومة ذات مرحلتين: الأولى عبارة عن معزز دفع صلب مشابه للمستخدم في نسخة "فتّاح 1″، والثانية رأس حربي متخصص فرط صوتي ينفصل بعد الإطلاق وينزلق بسرعة عالية نحو الهدف.
وتفيد المعطيات المتاحة بأن الرأس الحربي في صاروخ "فتّاح 2" مزود بمحرك صاروخي صغير يعمل بالوقود السائل في قاعدته، ويمنح الرأس دفعة أخيرة فور الانفصال، ثم يواصل انزلاقه بسرعات فرط صوتية عبر الغلاف الجوي.
وبهذا، يصبح من النوع الثاني الذي ذكرناه "المركبات الانزلاقية الفرط صوتية"، وهي مركبة تُطلق عبر صاروخ، ثم تنفصل لتناور وتنزلق بسرعة تتجاوز 5 ماخ.
ولا تتوافر حتى الآن بيانات رسمية كثيرة عن الأداء الميداني لصاروخ "فتّاح 2″، غير أن بعض المحللين، استنادا إلى تصريحات إيرانية، يقدّرون سرعة الرأس الحربي أثناء مرحلة الانزلاق بما يتراوح بين 5 و10 ماخ، وتشير بعض التحليلات الأخرى إلى أن رقم "10 ماخ" ظهر في بعض المصادر، لكن من غير الواضح كم يدوم الحفاظ على هذه السرعة. لكن الواضح أنه صُمم ليحلق دائما بسرعات تتجاوز 5 ماخ.
أما المدى، فقد ألمحت وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن النسخة الجديدة قد يتخطى مداها النسخة الأصلية البالغ 1400 كيلومتر ليصل إلى حدود 1500 إلى 1800 كيلومتر، رغم وجود تقديرات مستقلة ترى أن المحرك لم يتغير جوهريا، مما يرجح بقاء المدى قريبا من 1400 كيلومتر.
يستمر نظام التوجيه في هذه النسخة أيضًا بالاعتماد على الملاحة بالقصور الذاتي مع إمكانية تحديث المسار، ويحمل الرأس الحربي شحنة تقليدية مماثلة لتلك المستخدمة في "فتّاح 1".
وتكمن ميزة "فتاح 2" الجوهرية في رأسه الحربي الانزلاقي القادر على المناورة، مما يسمح بتغيير المسار خلال الهبوط، وضرب الأهداف من اتجاهات غير متوقعة وبسرعة عالية. هذا النوع من الرؤوس الحربية يشكل تحديا ضخما أمام منظومات الدفاع الصاروخي، لأنه لا يتبع مسارا باليستيا تقليديا يمكن التنبؤ به.
وفي أبريل/نيسان 2024، وفقًا لمعلومات نشرتها قناة "برس تي في" الإيرانية الرسمية، نجح الحرس الثوري الإيراني في استخدام صاروخ "فتّاح 2" عمليا حين استهدف بنجاح بنى تحتية عسكرية إسرائيلية حساسة.
وأكدت شبكة "إيه بي سي نيوز"، نقلا عن مسؤول أميركي، أن الضربة أصابت قاعدتين جويتين في إسرائيل، وتعرضت قاعدة "نيفاتيم" الجوية لأضرار كبيرة. وشملت الأهداف بنية تحتية حيوية، من بينها طائرة نقل عسكرية ومدرج للطائرات ومنشآت تخزين.
وبالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن تواصل إيران مساعيها لتطوير صواريخها الفرط صوتية وسط تقارير تشير إلى توجهات نحو إصدارات بمدى أطول يتجاوز 1400 كيلومتر أو برؤوس حربية أثقل وزنا. كما قد تسعى إلى دمج أنظمة توجيه متطورة أو تطبيق تقنيات تصغير حديثة بهدف رفع كفاءة الأداء وتحسين قدرات المناورة والدقة في إصابة الأهداف.
في النهاية، هل ستحسم الصواريخ الفرط صوتية الحرب؟ الإجابة ستكون لا على الأرجح، فالحروب تُخاض بالتحالفات واللوجستيات، والتوقيت قد يكون أهم العوامل! فهذه الصواريخ ستحدد إيقاع الحرب لأن الإسرائيليين، الذين كان لديهم ساعات في السابق لتوقع أي تهديد أو الرد عليه، صاروا يحتاجون إلى دقائق، والآن قد لا تسعفهم الثواني.