الجعجعة تفقدكم صوابكم !
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
بقلم : جعفر العلوجي ..
أيام قلائل وتنطوي صفحة أولمبياد باريس 2024 بحلوها ومرها بالفوز والخسارة والأرقام المتهاوية وبالفضائح والسيرة الحسنة وما ترك من أثر طيب.
والأهم هو أن يكون من يحلل ويستقرئ ما حصل في غاية الهدوء والموضوعية لتعم الفائدة ولا تذهب المشاركة سدى، وقد قيل في الأمثال (إن من لا يرى من وسط الغربال أعمى)، ومناسبة الحديث هي تلك الحملة الشعواء التي تشن على وفد العراق الرسمي في الأولمبياد ومحاولات النيل منه بشتى الطرق الرخيصة المعززة بضبابية السوشيال ميديا، ومن أجل وضع النقاط على الحروف فإن الوفد الرسمي العراقي الى الأولمبياد برئاسة السيد رئيس الجمهورية وعضوية وزير الشباب ورئيس اللجنة الأولمبية الوطنية ومستشاري رئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء وغيرهم كان على مستوى المسؤولية وعكس حالة طيبة جداً من الاهتمام والمتابعة والدعم الحكومي أسوة بأفضل البلدان في العالم التي حضرت منظومتها القيادية الكبرى، كما أن وفد اللجنة الأولمبية هو الآخر كان وفداً منضبطاً الى أبعد الحدود وعملياً ملتزماً بجدول وتوقيتات أعماله ولم ترافقه أية ضجة كما حصل في فضائح وفود مصر وكندا وبريطانيا وهولندا من أمور معيبة جداً، هذا من جانب ومن الجانب الآخر للأحاديث المتشنجة حول مشاركة العراق الفقيرة وخالية الوفاض، فهذا أيضاً ليس بالجديد او الغريب بعد الغياب لستة عقود من الزمن بلا نتائج ولم تكن تحصيل حاصل لتراكمات فقط، فالميداليات والنتائج وسط هذا العالم المتقدم بسرعة البرق تأتي بالإدارة والتخطيط والدعم الهائل وصناعة البطل بحق في الميدان وليس على الورق ولا سيما أن اللجنة الأولمبية الوطنية وعبر مكتبها التنفيذي ورئيسها الدكتور عقيل مفتن عملوا باجتهاد واضح على الرغم من عمر اللجنة القصير جداً ووفروا جميع ما تطلبه الاتحادات من معسكرات ومدربين ودعم، وهذا هو عملهم المشهود وما تبقى يكون في عهدة الاتحادات أولاً والدعم الحكومي ثانياً، حيث ليس من المعقول أن يكون اللاعب والمدرب مرتبات متدنية لا تكفيهم لعشرة أيام وينتظرون قدومها بفارغ الصبر لأشهر، وليس من المعقول أن تكون منحة أندية مهمة لا تكفي لإقامة معسكر بسيط في شمال العراق ومعها إجراءات روتينية خانقة تستنزف الوقت والجهد.
وهناك أيضاً البنى التحتية التي تصب باتجاه كرة القدم وملاعبها فقط وتبقى القاعات والمسابح جاثمة على حالها فلا قاعة ارينا ولا مسبحا الكوت والنجف ولا قاعة كربلاء والمثنى، هنا تسكب العبرات بشكل جلي ومتى ما تجاوزنا هذا الإخفاق يكون النقد في محله والتحليل مصيباً وإلا فإن كل ذلك وما يقال هو للأسف الشديد تسقيط يمر مع الوقت من دون أن تجني رياضتنا أي جديد .
همسة …
عيوب الجسم يسترها متر من القماش
لكن عيوب الفكر يكشفها أول نقاش
فمن يعاشر الرجال يربح
ومن يعاشر الكلاب يتعلم كيف ينبح
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
نظرية الأحذية: حين يكون الفقر أغلى تكلفة
ظهرت هذه النظرية في رواية الكاتب البريطاني تيري براتشيت، على لسان شخصية «سامويل فايمز»، رجل الشرطة الفقير الذي قال:
«الرجل الغني يشتري حذاءً جلديًا جيدًا بخمسين دولارًا يدوم عشر سنوات، أما أنا، فلا أستطيع دفع هذا المبلغ، فأشتري حذاءً بعشرة دولارات لا يدوم إلا سنة واحدة. بعد عشر سنوات، أكون قد دفعت مائة دولار على الأحذية، بينما الغني لا يزال ينتعل حذاءه الأول».
وهي تُعد تشريحًا دقيقًا لعلاقة الفقر بالاختيارات المحدودة. فالفقير لا يستطيع الاستثمار في الخيار الأفضل، سواء كان ذلك حذاءً، أو جهازًا منزليًا، أو حتى تعليمًا عالي الجودة. فهو يُضطر إلى دفع المبلغ الصغير مرارًا وتكرارًا، ليشتري شيئًا رخيصًا يتوافق مع إمكانياته المادية، لكنه في النهاية سيكتشف أنه دفع أكثر بكثير مما دفعه صاحب الإمكانيات المادية الكبيرة.
فالأسرة ذات الدخل المحدود قد تختار أن تُدخل أبناءها في جامعة متواضعة نسبيًا لأنها لا تستطيع دفع تكاليف الجامعة الأفضل، لكن على المدى البعيد ستكتشف أن ما وفرته يزيد عن الرسوم التي دفعتها العائلة الغنية، فالشهادة التي حصل عليها الابن قد لا تؤهله للمنافسة على الوظائف التي قد يحصل عليها ابن الغني مباشرة، كونه متسلّحًا بشهادة قوية ومهارات عالية، فيظل رقمًا في قائمة الباحثين عن عمل فترة طويلة، وحتى لو حصل على وظيفة، فسيحصل عليها في مستوى أقل.
والمثال ذاته يسري على الطعام الجيد، فقد يختار ذو الدخل المحدود الطعام الأرخص، الذي يتوافق مع ميزانيته، والذي غالبًا ما يكون أقل فائدة صحية، مما يؤدي إلى أمراض مزمنة وتكاليف علاج مستقبلية. وقد يضطر أيضًا إلى شراء أجهزة منزلية منخفضة الجودة تتعطّل سريعًا، مما يُجبره على استبدالها باستمرار.
وفي السكن، قد يختار - مضطرًا - العيش في منزل ذي إيجار منخفض يفتقر لاشتراطات السلامة، بعيدًا عن مقر عمله ومدارس أبنائه والخدمات، مما يضيف أعباء التنقل والمخاطر الصحية. وحتى لو كان منزلًا خاصًا، فإنه سيختاره بعيدًا عن مركز المدينة حيث الأراضي أرخص وكلفة البنيان أقل، وسَيُضَيِّع كل ما وفّره في أعمال الصيانة المتكررة.
الوعي بهذه النظرية يساعدنا على اتخاذ قرارات مالية سليمة؛ فعند الاختيار، اختر الأجود دائمًا وإن غلا سعره، في حال كان في متناول يدك، عوضًا عن اختيار الأرخص الذي سيستنزف مالك على المدى البعيد.
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية