ناسا: دوران المريخ حول نفسه يتسارع
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
أجرى العلماء أدق القياسات حتى الآن لدوران كوكب المريخ، واكتشفوا لأول مرة ما وصفوه بأنه "تذبذب الكوكب" بسبب "تآكل" قلبه المعدني المنصهر. وتعتمد النتائج، التي تم تفصيلها في ورقة بحثية حديثة نشرتها دورية "نيتشر"، على بيانات من مركبة الإنزال على المريخ "إنسايت" التابعة لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، والتي عملت مدة 4 سنوات قبل نفاد طاقتها خلال مهمتها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
لتتبع معدل دوران الكوكب، اعتمد مؤلفو الدراسة على إحدى أدوات "إنسايت"، وهي مرسل مستجيب لاسلكي وهوائيات تسمى مجتمعة تجربة الدوران والبنية الداخلية (رايز). ووجدوا أن دوران الكوكب يتسارع بنحو 4 مللي ثانية في السنة، وهو ما يقابل تقصيرا في طول يوم المريخ بجزء صغير من ميلي ثانية في السنة.
إنه تسارع خفي، والعلماء ليسوا متأكدين تماما من السبب، لكن لديهم بعض الأفكار، بما في ذلك تراكم الجليد على القمم القطبية أو ارتداد ما بعد الجليدية، حيث ترتفع كتل اليابسة بعد دفنها بالجليد. ويمكن أن يتسبب التحول في كتلة الكوكب في تسارعه قليلا.
ويقول الباحث الرئيسي في "إنسايت" بروس بانيرت من مختبر الدفع النفاث التابع لـ"ناسا" في جنوب كاليفورنيا "إنه لأمر رائع حقا أن تكون قادرا على الحصول على هذا القياس الأخير"، "لقد شاركت في الجهود المبذولة لنقل محطة جيوفيزيائية مثل "إنسايت" إلى المريخ لفترة طويلة، ونتائج مثل هذه تجعل كل تلك العقود من العمل تستحق العناء".
وكما يشير البيان الصحفي المنشور على موقع مختبر الدفع النفاث التابع لـ"ناسا" في السابع من أغسطس/آب الجاري، تعد "رايز" جزءا من تقليد طويل لمركبات الهبوط على المريخ التي تستخدم موجات الراديو، بما في ذلك مركبة الهبوط "فايكنغ" التوأم في السبعينيات ومركبة الهبوط "باثفايندر" في أواخر التسعينيات.
لكن لم تتمتع أي من هذه المهام بميزة تقنية الراديو المتقدمة التي لدى "إنسايت"، وترقيات الهوائيات داخل شبكة الفضاء العميقة على الأرض التابعة لـ"ناسا"، حيث قدمت تلك التحسينات معا بيانات أكثر دقة بـ5 مرات مما كان متاحا لمركبات هبوط "فايكنغ".
في حالة "إنسايت"، يرسل العلماء إشارة لاسلكية إلى المسبار باستخدام شبكة الفضاء العميق، وتعكس "رايز" الإشارة مرة أخرى، وعندما يتلقى العلماء الإشارة المنعكسة، يبحثون عن تغييرات طفيفة في التردد ناتجة عن تحول دوبلر (التأثير نفسه الذي يتسبب في تغيير صفارات الإنذار لسيارة الإسعاف كلما اقتربت أو ابتعدت)، وقد مكن قياس التحول الباحثين من تحديد مدى سرعة دوران الكوكب.
ويقول سيباستيان لو مايستر، المؤلف الرئيسي للورقة والمحقق الرئيسي في "رايز"، في المرصد الملكي البلجيكي: "ما نبحث عنه هو اختلافات لا تتجاوز بضع عشرات من السنتيمترات على مدار عام مريخي". وأضاف "يستغرق الأمر وقتًا طويلاً جدًا والكثير من البيانات لتتراكم قبل أن نتمكن حتى من رؤية هذه الاختلافات".
فحصت الورقة البيانات من أول 900 يوم من أيام "إنسايت" على المريخ، وأخذ عمل العلماء المصادر التي تشوش على تلك البيانات في الاعتبار، فالماء يبطئ إشارات الراديو، لذا فإن الرطوبة في الغلاف الجوي للأرض يمكن أن تشوه الإشارة القادمة من المريخ. وكذلك يمكن للرياح الشمسية أن تفعل الشيء نفسه، فالإلكترونات والبروتونات تتساقط في الفضاء العميق من الشمس.
وأضاف لو مايستر في التقرير المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" إن هذه "تجربة تاريخية، لقد أمضينا الكثير من الوقت والطاقة في التحضير للتجربة وتوقع هذه الاكتشافات. ولكن رغم ذلك، ما زلنا متفاجئين ولم ينته الأمر بعد، حيث لا يزال لدى "رايز" الكثير لتكشفه عن المريخ".
قياسات نواة المريخكما استخدم مؤلفو الدراسة بيانات "رايز" لقياس تذبذب المريخ -الذي يُطلق عليه اسم تحوّله- بسبب الانزلاق في قلبه السائل، وهو ما يسمح بتحديد حجم اللب. وبناء على بيانات "رايز"، يبلغ نصف قطر النواة حوالي 1835 كيلومترا.
ثم قارن المؤلفون هذا الرقم بقياسين سابقين للنواة المستمدة من مقياس الزلازل للمركبة الفضائية، وعلى وجه التحديد نظروا في كيفية انتقال الموجات الزلزالية عبر باطن الكوكب، سواء انعكست على القلب أو مرت عبره دون عوائق.
ومع أخذ القياسات الثلاثة في الاعتبار، يقدرون أن نصف قطر النواة يتراوح بين 1790 و1850 كيلومترا. ويبلغ قطر كوكب المريخ ككل 6790 كيلومترا (حوالي نصف قطر كوكب الأرض).
وقد قدم قياس تذبذب المريخ أيضا تفاصيل حول شكل اللب، كما يقول المؤلف الثاني للورقة، أتيليو ريفولديني من المرصد الملكي البلجيكي. إذ "تشير بيانات رايز إلى أن شكل اللب لا يمكن تفسيره من خلال دورانه وحده، فهذا الشكل يتطلب مناطق ذات كثافة أعلى أو أقل قليلا مدفونة بعمق داخل الوشاح".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
توهج شمسي هائل يضرب الأرض ويؤثر على الاتصالات والإنترنت.. ماذا حدث؟
خلال الساعات القليلة الماضية، شهدت الأرض توهجًا شمسيًا قويًا، مصنفًا بـ«X1.2»، وهو من أقوى فئات التوهجات الشمسية المعروفة.
هذا الحدث دفع وكالتي «ناسا» و«NOAA» لإصدار تحذيرات بشأن الآثار المحتملة على شبكات الاتصالات والكهرباء الأرضية، ومع استمرار تزايد النشاط الشمسي في الدورة الشمسية الحالية، تبقى المخاوف قائمة.
حدث التوهج الشمسي في الجانب المواجه للأرض من الشمس، وذلك نحو الساعة السادسة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي الأمريكي. وقد أطلق التوهج كميات هائلة من الإشعاع المؤين والطاقة المغناطيسية والحرارة.
ووفقًا للخبراء، فإن هذه الظواهر يمكن أن تؤثر على التكنولوجيا الحساسة، بدءًا من الاتصالات اللاسلكية وصولًا إلى أنظمة الملاحة والأقمار الصناعية.
وسجل بالفعل انقطاع مفاجئ في موجات الراديو القصيرة فوق المحيط الهادئ، حيث أبلغ مشغلو الراديو في هاواي عن فقدان الإشارة.
البقعة الشمسية رقم 4114الدكتورة تاميذا سكوف، عالمة طقس الفضاء المستقلة، أكدت أن التأثير الأكبر طال نصف الكرة الغربي، بما في ذلك الساحل الغربي للولايات المتحدة، ألاسكا، شرق روسيا، منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وربما نيوزيلندا.
العلماء يراقبون عن كثب البقعة الشمسية رقم 4114، التي كانت مصدر التوهج. ويُنتظر أن تبقى هذه البقعة نشطة خلال الأيام المقبلة. تتميز هذه البقعة بحقل مغناطيسي من النوع «دلتا»، مما يجعلها مرشحة لإنتاج انفجارات شمسية كبيرة في الفترة القادمة.
هل نواجه عاصفة جيومغناطيسية؟تم رصد انبعاث كتلي إكليلي من الشمس، وهو عبارة عن سحابة ضخمة من الجسيمات المشحونة قد تستغرق من 15 إلى 72 ساعة للوصول إلى الأرض.
نتيجة لذلك، صدر تحذير من عاصفة جيومغناطيسية من الدرجة G1، وهي أقل الدرجات على مقياس العواصف الجيومغناطيسية، لكنها قادرة على التسبب في اضطرابات طفيفة في شبكات الكهرباء والأقمار الصناعية، وربما إحداث ظهور نادر للشفق القطبي في بعض المناطق.
في سياق متصل، كشفت محاكاة أجراها خبراء طقس الفضاء في الولايات المتحدة عن مدى ضعف البنية التحتية العالمية أمام عاصفة شمسية مدمرة.
التجربة أظهرت أن مثل هذه العاصفة قد تتسبب في انهيار واسع للشبكات الكهربائية، وانقطاع الاتصالات، وتعطيل سكك الحديد وخطوط الأنابيب، مع ارتفاع حاد في أسعار الوقود.
دعوات لخطة وطنية عاجلةنتائج المحاكاة دفعت العلماء للمطالبة بوضع خطة وطنية شاملة لمواجهة مخاطر الطقس الفضائي. وتشتمل هذه الخطة على إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية لرصد الشمس، وتحسين نماذج التنبؤ بالعواصف الشمسية، وتطوير أنظمة إنذار مبكر تحذر من الأحداث القوية قبل وقوعها.
مع ازدياد النشاط الشمسي، تبقى هذه التحذيرات تذكيرًا بأهمية الاستعداد لمواجهة تأثيرات الشمس على التكنولوجيا الحديثة التي نعتمد عليها يوميًا.