معهد الابتكار التكنولوجي يطلق نموذجا لغويا جديدا في سلسلة نماذج فالكون
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
أعلن معهد الابتكار التكنولوجي، المركز العالمي الرائد للبحث العلمي وأحد أعمدة الأبحاث التطبيقية التابع لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي، عن إطلاق نموذج لغوي كبير جديد في سلسلة نماذج فالكون، وهو فالكون مامبا “7 بي”.
ووفقاً للقائمة الصادرة عن منصة “Hugging Face” الرائدة عالمياً، يعد هذا النموذج أفضل النماذج أداءً على مستوى العالم من نوعه كنموذج لغوي مفتوح المصدر من نوع “SSLM”.
وبصفته أول نموذج في سلسلة فالكون من نوع “SSLM”، يتميز هذا النموذج عن نماذج فالكون السابقة المبنية جميعها على المحولات.. كما يعد نموذج فالكون مامبا “7 بي” الجديد مثالاً آخر على الأبحاث الرائدة التي يقوم بها المعهد، إضافة إلى الأدوات والمنتجات المتقدمة التي يوفرها للمجتمع بشكل مفتوح المصدر.
وقال سعادة فيصل البناي، الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، ومستشار شؤون الأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة: “يمثل نموذج فالكون مامبا ‘7 بي‘ ، نموذج الذكاء الاصطناعي الرابع الذي يطلقه معهد الابتكار التكنولوجي على التوالي، مما يعزز من مكانة أبوظبي كمركز عالمي للبحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، ويسلط هذا الإنجاز الضوء على الالتزام الثابت لدولة الإمارات العربية المتحدة بالابتكار”.
وأضاف: مقارنة مع النماذج المبنية على المحولات، فإن فالكون مامبا ‘7 بي‘ يتفوق على نموذج ‘Llama 3.1 8B‘ ونموذج ‘Llama 3.1 8B‘ من شركة ميتا ونموذج ‘Mistral 7B‘، وذلك تبعاً للمعايير التي تم طرحها مؤخراً من منصة HuggingFace.
وأما بالمقارنة مع النماذج الأخرى من نوع ‘SSLM‘، فيتفوق فالكون مامبا ‘7 بي‘ على جميع نماذج المصادر المفتوحة الأخرى بحسب المعايير القديمة، وسيكون هذا النموذج على رأس قائمة المقارنة المعيارية الجديدة الخاصة بمنصة ‘HuggingFace‘.
من جانبها قالت الدكتورة نجوى الأعرج، الرئيس التنفيذي لمعهد الابتكار التكنولوجي: “يواصل معهد الابتكار التكنولوجي دفع حدود التكنولوجيا إلى آفاق جديدة من خلال سلسلة فالكون من نماذج الذكاء الاصطناعي، إذ يمثل فالكون مامبا ‘7 بي‘ إنجازاً رائداً ويمهد الطريق لابتكارات الذكاء الاصطناعي المستقبلية، والتي من شأنها تعزيز القدرات البشرية والارتقاء بمستوى الحياة”.
وتتميز نماذج “SSLM” بأدائها العالي في فهم السياقات المعقدة التي تتطور مع مرور الوقت، أي النصوص الطويلة كالكتب على سبيل المثال، وذلك لأن أنظمة تخزين البيانات “SSLM” لا تتطلب ذاكرة إضافية لاستيعاب هذا الكم الكبير من المعلومات.
ومن ناحية أخرى، تتسم النماذج القائمة على المحولات بفعاليتها الكبيرة في تذكر واستخدام المعلومات التي تمت معالجتها في وقت سابق، مما يمكنها من القيام بمهام مثل توليد المحتوى.. وعلى الرغم من ذلك، فإنها تتطلب قدرة حسابية كبيرة لأنها تقارن كل كلمة مع الكلمات الأخرى.
وتقدم النماذج اللغوية من نوع “SSLM” حلولاً وتطبيقات عملية في العديد من المجالات المختلفة مثل التقدير والتنبؤ ومهام التحكم ، وعلى غرار النماذج المبنية على المحولات، فإنها تتفوق أيضاً في مهام معالجة اللغات الطبيعية ويمكن تطبيقها على الترجمة الآلية وتلخيص النصوص ومعالجة الصوت والصورة.
من جهته قال الدكتور حكيم حسيد، رئيس قسم الأبحاث بالإنابة في وحدة الذكاء الاصطناعي التابعة لمعهد الابتكار التكنولوجي: “ما قدمه نموذج فالكون مامبا ‘7 بي‘ وما أحرزه النهج التعاوني المتبع في معهد الابتكار التكنولوجي، والذي ساهم في تعزيز قدرتنا على تطوير النموذج ، مشيرا إلى أن هذا الإنجاز يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام ويساهم في توسيع المدارك ويعزز جهود البحث في مجال الأنظمة الذكية ”.
وأضاف : “نسعى في معهد الابتكار التكنولوجي لدفع حدود نماذج SSLM والنماذج القائمة على المحولات إلى أبعد ما هو ممكن لتحفيز المزيد من الابتكار في الذكاء الاصطناعي التوليدي ، منوها إلى أنه تم تحميل نماذج فالكون الكبيرة أكثر من 45 مليون مرة، مما يثبت نجاحها المتميز في المجال ”.
يذكرأن نموذج فالكون مامبا ‘7 بي‘ تم إطلاقه بموجب رخصة معهد الابتكار التكنولوجي فالكون 2.0، وهي مبنية على رخصة البرمجيات أباتشي 2.0، والتي تتضمن سياسة استخدام مقبولة تشجع على الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي.. ولمزيد من المعلومات حول النموذج يرجى الانتقال إلى FalconLLM.Tii.ae.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: معهد الابتکار التکنولوجی الذکاء الاصطناعی على المحولات نماذج فالکون من نوع
إقرأ أيضاً:
الدولة المبدعة «إعادة تعريف دور الحكومة في الابتكار»
ترجمة: أحمد القرملاوي
«يمكن للحكومات أن تقوم بدور محوريّ ومؤثر في تحفيز الابتكار، بل وأن تعمل على خلق أسواق جديدة بدلًا من الاكتفاء بإجراء إصلاحات حين يصيب الفشل آليات السوق»
«بدلًا من تركيز التمويل في مسار واحد، ينبغي للمؤسسات العامة أن تعتمد استراتيجية استثمارية متنوعة تعزز المرونة والابتكار»
ي التصوُّر التقليدي المتعارف عليه في عِلم الاقتصاد، يُنظَر إلى الحكومات باعتبارها محدودةً من حيث القدرة على تحفيز الابتكار، وأن الدولة يجب أن تحصر دورها الاقتصادي في أضيق حدودٍ ممكنة، فلا تتدخل إلا في الحالات التي تشهد فشلًا ملحوظًا في آليات السوق. غير أن هذا التصور يبتعد كثيرًا عن الحقيقة.
في الواقع، يمكن للحكومات أن تقوم بدور محوريّ ومؤثر في تحفيز الابتكار، بل وأن تعمل على خلق أسواق جديدة بدلًا من الاكتفاء بإجراء إصلاحات حين يصيب الفشل آليات السوق. إن المنادين بحَصْر دور الحكومة في الاقتصاد لأضيق حد ممكن، يرون أن حالات الفشل تلك ليست مبررًا كافيًا للتدخل الحكومي، إلا فيما يتعلق بتمويل مشروعات البنية الأساسية والبحث العلمي. غير أن نظرية «التدخل المحدود» المزعومة هذه لا تقدِّم تفسيرًا منطقيًّا لتدَفُّق بلايين الدولارات من الحكومة لتمويل الأبحاث التطبيقية، وكذا لتمويل الشركات الناشئة في مراحل تأسيسها المبكرة. كما يشير الواقع لمراكز الابتكار الأكثر شهرة في العالم، والتي قامت الدولة بتأسيسها دور «ريادة الأعمال»، بدايةً من وضع الرؤية الأساسية ووصولًا لتوفير التمويل اللازم لإنشاء مجالات اقتصادية جديدة ومبتكرة، من تكنولوجيا المعلومات إلى التكنولوجيا الحيوية والنانوتكنولوجي والتكنولوجيا الخضراء.
ثمة مثال في وادي السيليكون بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث فعلت الدولة دور «المستثمر الاستراتيجي» عبر شبكةٍ لا مركزية من المؤسسات العامة، تضم وكالة المشاريع البحثية الدفاعية المتقدمة (The Defense Advanced Research Projects Agency)، ووكالة ناسا لعلوم الفضاء (NASA)، وبرنامج دعم الأبحاث الابتكارية للشركات الصغيرة (Small Business Innovation Research Program)، ومؤسسة العلوم الوطنية (National Science Foundation).
وتُقدَّر الاستثمارات الحكومية في هذه المجالات بمبالغ مهولة، ليس فقط في تكنولوجيا المعلومات، إذ شهِدت مجالات أخرى مثل الطاقة وعلوم الحياة ضخَّ أموال طائلة. ومثال على ذلك ما استثمرتْه المعاهد الأمريكية الوطنية للصحة (NIH) عام 2011، وقُدِّر آنذاك بـ 31 مليار دولار خُصِّصَت للصرف على الأبحاث في مجال الطب الحيوي. ووِفقًا لما صرَّحَت به مارسيا أنجِل البروفيسور في كلية الطب بجامعة هارفرد، فقد ساهم هذا التمويل بدور حاسم في تطوير عدد من الأدوية الجديدة التي شكَّلَت ثورةً طبية خلال العقود الأخيرة. وبالمثل، فقد ثَبُتَ أن التمويل الممنوح عَبْرَ البرنامج الحكومي لدعم الأبحاث الابتكارية للشركات الصغيرة (SBIR) كان بشهادة بعض الشركات الأمريكية الأكثر ابتكارية هو التمويل الأهم والأكثر فاعلية من رؤوس الأموال الاستثمارية الخاصة.
ثمة حالات شبيهة خارج الولايات المتحدة، منها الصندوق الحكومي «سيترا» الذي أسسته حكومة فنلندا لتمويل المشروعات الابتكارية، والذي ساهم في تمويل شركة «نوكيا» في بداياتها. وفي الصين، يقدِّم بنك التنمية الحكومي مليارات الدولارات في صورة قروض لعدد من أبرز الشركات في مجال التقنية والابتكار، مثل «هواوي» و«ينغلي سولار».
مثل هذه النماذج من الاستثمارات العامة يقوم بدور أساسي وفعَّال في تأسيس أسواق جديدة ورسم خريطتها. لو أخذنا الهاتف الذكي باعتباره مثالًا سنجد أن الاستثمارات الحكومية لعبت دورًا مركزيًّا للغاية في تطوير أغلب التقنيات التي جعلت الآيفون هاتفًا «ذكيًّا» على النحو الذي نعرفه اليوم؛ تقنيات مثل الإنترنت، ونظام تحديد المواقع (GPS)، والشاشات التي تعمل باللمس (Touchscreens)، وتقنيات التعرُّف على الصوت التي تُشكل الأساس التقني لتطبيق «سيري». وبالمثل سنجد أن المؤسسات العامة هي مَن تقود التحوُّل نحو التكنولوجيا الخضراء في العديد من البلدان.
وبإدراك أهمية الدور الذي تمثله استثمارات الدولة في تحفيز النمو والابتكار سنرى ضرورةَ إعادة النظر في الفهم التقليدي لطبيعة التدخل الحكومي في الاقتصاد. فبدلًا من التركيز فقط على تمويل صناعات وتقنيات بعَينها؛ فإنه يجدُر بالمؤسسات العامة أن تقوم بدور المستثمر الذي يراهن على «محفظة» متنوعة من الخيارات الاستثمارية. ومثلها مثل أي مستثمر آخر؛ لن تنجح الدولة في استثماراتها على طول الخط، بل إن الفشل هو الفرضية الأكثر احتمالًا في حقيقة الأمر؛ نظرًا لكون المؤسسات الحكومية غالبًا ما تغامر بالاستثمار في مجالات لا تتوافر فيها المعلومات بدرجةٍ كافية، لا سيما في المجالات التي ترفض رؤوس الأموال الخاصة أن تدخل فيها. وحتى تُحسن القيام بهذا الدور يَلزَم المؤسسات العامة أن تتوافر لها القدرة على المغامرة، مع إمكانية التعلُّم عن طريق التجربة والخطأ.
وبما أن الخطأ جزءٌ لا مفرَّ منه من لُعبة الابتكار، وبما أن الحكومة لها دور أساسي في مجال الابتكار؛ فلا بد للمجتمع أن يتحلَّى بقدر من التسامح مع «الفشل الحكومي». غير أن الواقع يشير لما يحدث في حالات الفشل الحكومي؛ حيث تتعالى الأصوات الناقدة، وتثير ردَّ فعلٍ سلبيًّا تجاه الحكومة، أما في حالة النجاح فإن الصمت يسود كأنّ لم يكن.
ثمة مثال على تلك الظاهرة؛ حين أُعلِن إفلاس شركة الطاقة الشمسية الأمريكية سوليندرا، وكانت قد تلقَّت قروضًا مضمونة من الحكومة بقيمة 500 مليون دولار، ما أثار اعتراضات حزبية واسعة. فيما لم يتوقَّف إلا القليلون أمام حقيقة أن الحكومة منحتْ «تِسلا» نفس المبلغ تقريبًا حتى تُطوِّر سيارتها «تِسلا إس»، المنتَج الذي اعتُبِر نموذجًا للإمكانيات الابتكارية التي يستطيع وادي السيليكون أن يبرهن عليها.
هنا يُطرح السؤال: ما الذي يُمكن أن يحمل الرأي العام على تقبُّل فشل الحكومة في المجالات الابتكارية؟
تستطيع شركات القطاع الخاص أن تُعوِّض خسائرها الناتجة عن استثماراتها الفاشلة بما تجنيه من أرباح الاستثمارات الناجحة، أما البرامج الحكومية فيندُر أن توضَع بغرض تحقيق العوائد المادية التي تمكِّن الحكومة من تعويض خسائرها السابقة. وعلى الرغم من احتجاج البعض بأن عائد الحكومات ينتج عن الضرائب؛ فإن النظام الضريبي الحالي لا يعمل بالكفاءة اللازمة، ليس فقط لكونه مليئًا بالثغرات، بل بسبب تخفيض نِسَب الضرائب مقارنةً بما كانت عليه. فحين تأسست «ناسا» كان المعدل الأعلى للضرائب يتخطى حاجز الـ90%. وبالمثل تراجعت ضرائب الأرباح الرأسمالية بأكثر من 50% منذ عقد الثمانينيات.
ولأجل تعزيز التأييد الشعبي لاستثمار الدولة في مجالات الابتكار -التي تتسم بهامش أعلى من المخاطرة-؛ قد يحتاج المشرِّع لإيجاد طريقة يحصل بها دافعو الضرائب على عوائد مباشرة من هذا الاستثمار عن طريق إعادة توجيه الأرباح لصندوق عمومي لدعم الابتكار يهدف إلى تمويل الموجة التالية من التقنيات المبتكرة. أما في الحالات التي تُوَجَّه فيها استثمارات الدولة لتمويل أبحاث أساسية؛ فإن الفوائد التي تعود على الصناعات والقطاعات الاقتصادية المختلفة عادةً ما تمثل مُكتسبات تكفي لإرضاء دافعي الضرائب. لكن تبقى ثمة حالات أخرى تستدعي التفكير في حوافز بديلة؛ كأن يُخصَّص جزء من الأرباح التي تتحقق نتيجة استثمار الحكومة الأمريكية في «تِسلا» لمنح دافعي الضرائب أسهمًا في الشركة أو نسبةً من أرباحها، وتخصيص جزء آخر لتعويض الخسائر التي ترتَّبت على استثمار الحكومة الفاشل في سوليندرا. من الممكن أيضًا ربط سداد القروض الحكومية بالأرباح الناتجة عن استثماراتها الناجحة، كما هو الحال مع القروض المخصصة للطلبة. كما يُمكن أن يوضَعَ سقف لأسعار الأدوية التي تُبتكر بتمويل من المعاهد الأمريكية الوطنية للصحة (NIH)، بحيث لا يتكبَّد دافعو الضرائب الثمنَ مرتين.
خلاصة القول أنه من الواضح تمامًا أن المنهج الحالي يُعاني من خلل جسيم؛ حيث «تُعمَّم» المخاطر فتُلقى على عاتق الدولة، فيما «تُخصَّص» الأرباح لصالح مُستثمري القطاع الخاص، ما لا يضر فقط بفرص الابتكار المستقبلية، بل يُضعف من قدرة الحكومة على إقناع العامة بدورها الفعال في تمويل الابتكار. إن الاعتراف بالدور الذي قامت به الدولة في قيادة الابتكار –والذي يجب أن يستمر– هو ما يمكننا من طرح السؤال الأهم: ما هي الاستثمارات الحكومية الرياديَّة الجديدة التي من شأنها أن تدفع عجلة النمو الاقتصادي مستقبَلًا؟
ماريانا مازوكاتو، أستاذة اقتصاديات الابتكار في كلية الاقتصاد بكلية لندن الجامعية، و المدير المؤسس لمعهد الابتكار والغرض العام، التابع لكلية لندن الجامعية