من جنيف.. معضلة السودان إلى آخر فرصة جادة
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
انطلقت في جنيف، الأربعاء، المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة، لإيقاف الحرب في السودان، بمشاركة عدد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، في وقت تصاعدت فيه التحذيرات من خطر المجاعة الذي يهدد ملايين السودانيين.
وأشار المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، إلى أن الجلسة الافتتاحية جاءت بمشاركة الشركاء الدوليين والفنيين الذين يمثلون سويسرا والسعودية ومصر والإمارات والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وقال بيرييلو في منشور على منصة (إكس)، الأربعاء، "نحن نركز على ضمان امتثال الأطراف لالتزاماتها في منبر جدة وتنفيذها. يجب على الأطراف المتحاربة احترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية. لقد حان الوقت لإسكات البنادق".
وكان بيرييلو قال لقناة "الحرة"، الأحد، إن هناك "دولا كثيرة ولاعبين سلبيين يؤججون الصراع هناك".
وأشار في حديث لبرنامج "بين نيلين" من جدة في السعودية، حيث عقدت مفاوضات تسبق النقاشات في جنيف، إلى الجهود الأميركية المبذولة لإيقاف أعمال العنف في السودان، وتوفير المساعدات الإنسانية قبيل انطلاق المفاوضات.
وأعلنت قوات الدعم السريع مشاركتها في المحادثات، بينما امتنع الجيش عن المشاركة، معلنا تمسكه بتنفيذ الاتفاق الموقع بين الطرفين في منبر جدة.
ووقع الجيش وقوات الدعم السريع في 11 مايو 2023، اتفاقا في المدينة السعودية، برعاية الرياض وواشنطن، ينص على "حماية المدنيين، وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية".
ويتبادل الطرفان الاتهامات بعدم تنفيذ الاتفاق.
Opening session with our international and technical partners representing Switzerland, the Kingdom of Saudi Arabia, Egypt, the United Arab Emirates, the African Union, and the United Nations. We are focused on ensuring parties comply with their Jeddah commitments and… pic.twitter.com/RfsYggaEaN
— U.S. Special Envoy for Sudan Tom Perriello (@USSESudan) August 14, 2024
والتقى وفد أميركي بقيادة بيرييلو، الأسبوع الماضي، ممثلين للحكومة السودانية في السعودية، بقيادة وزير المعادن السوداني، محمد بشير أبو نمو، حيث ناقش الطرفان مطالب الجيش بخصوص محادثات سويسرا.
وبعد انتهاء اللقاء، أعلن رئيس الوفد السوداني أن الاجتماع لم يصل إلى شيء، مشيرا إلى أنه أوصى قادة الجيش والحكومة السودانية بعدم المشاركة في محادثات سويسرا.
والسبت، أكد وزير الإعلام السوداني، جراهام عبد القادر، في بيان، أن الجانب الأميركي يصر على مشاركة الإمارات في محادثات جدة، وهو ما يرفضه الجانب السوداني، مشيرا إلى أن الوفد الأميركي لم يقدم ما يبرر إنشاء منبر جديد، بخلاف منبر جدة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عز الدين المنصور، أن محادثات جنيف "لن يُكتب لها النجاح لغياب طرف أصيل ومؤثر عنها، هو الحكومة السودانية".
وقال المنصور لموقع الحرة، إن "الولايات المتحدة أصرت على انطلاق المحادثات في ظل غياب الحكومة السودانية، لأنها أرادت المحافظة على شعلة المبادرة متقدة وحية، لأن عدم قيام الجلسات يعني أن المبادرة ماتت وتلاشت".
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن "أي مخرجات دون وجود الحكومة السودانية لن يكون لها معنى، حتى إذا كانت بخصوص إيصال المساعدات إلى المتضررين، وليس بخصوص وقف إطلاق النار".
ولفت إلى أن "نجاح المحادثات رهين بوجود الحكومة السودانية، وعلى الولايات المتحدة وشركائها الاستجابة إلى مطالب الجيش، بإبعاد الإمارات التي تشارك بصفة مراقب، وكذلك إلزام قوات الدعم السريع بتنفيذ اتفاق جدة".
وتتهم الحكومة السودانية الإمارات بتقديم السلاح والعتاد الحربي لقوات الدعم السريع، وهو ما تنفيه الدولة الخليجية.
وأفرزت مقاطعة الجيش لمحادثات سويسرا حالة من الجدل في السودان، إذ أيدت أحزاب سياسية وحركات مسلحة ذلك موقف، بينما انتقدته مكونات سياسية أخرى.
وأشار القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدينة (تقدم)، خالد عمر يوسف، إلى أن فشل محادثات جنيف يعني أن السودان مقبل على مرحلة مدمرة من الحرب، واصفا دوافع الجيش لمقاطعة المحادثات بـ"الواهية".
وقال يوسف في تغريدة على منصة (إكس)، إن هناك 3 أطراف داخل معسكر الجيش تعوق أي محاولة لإنهاء الحرب.
جاء اعلان القوات المسلحة مقاطعتها للمشاركة في مفاوضات جنيف مخيباً لآمال الملايين الذين استبشروا خيراً بهذه الفرصة التي لاحت لإنهاء هذا الجنون الذي يحرق بلادنا بالكامل.
استندت القوات المسلحة في خطابها الاعلامي الرافض للمفاوضات على حجج واهية تناقض بعضها بعضاً، فتارة يطالبون…
— Khalid Omer Yousif (@KHOYousif) August 13, 2024
ولفت القيادي في تنسيقية (تقدم)، إلى أن أول تلك الأطراف، المركز الأمني العسكري للحركة الإسلامية "المرجعية الدينية لنظام البشير"، الذي بذل كل جهده لاستمرار الحرب، لبلوغ غاياته لحكم السودان موحداً، إذا انتصر في الحرب، أو تقسيمه، إذا فشل في ذلك.
وأضاف "ثاني تلك الأطراف: الحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش، التي وجدت في الحرب فرصة سانحة لبناء قوة عسكرية ومالية، مستغلة حالة الفوضى في السودان".
وتابع قائلا "ثالث تلك الأطراف، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي سعى للاستمرار في السلطة، من خلال سماحه بتمدد الدعم السريع ليوازن به المركز الأمني والعسكري للحركة الإسلامية، ولسماحه باستمرار ذلك المركز وعدم تفكيكه، ليوازن به الدعم السريع".
وأشار يوسف، إلى أن "البرهان عقّد المشهد بصورة بالغة، من جراء استخدامه كل هذه التناقضات، ففقد ثقة حلفاءه الداخليين والخارجيين، وزاد من الانقسامات في معسكر الجيش بطريقة جعلته مشلولاً، لا إرادة موحدة له في السلام أو في الحرب".
ويلفت المحلل السياسي السوداني، عثمان المرضي، إلى أن "محادثات جنيف بمثابة آخر فرصة جادة لأنهاء حرب السودان"، مشيرا إلى أن "فشلها سيزيد الحرب اشتعالا، وسيؤدي إلى مزيد من الدمار، وسيعطل عجلة الإنتاج تماما في السودان الموصوف بأنه بلد الموارد المتنوعة، وأرض الفرص الاستثمارية المتعددة".
وقال المرضي لموقع الحرة، إن "الحرب السودانية حازت مؤخرا اهتماما كبيرا من الولايات المتحدة، التي لم تتعامل مع الملف بذات الدرجة من الجدية سابقا، مما يوحي بوجود رابط بين هذه التحركات والانتخابات الأميركية في نوفمبر المقبل".
وأشار إلى أن عدم تعاطي الجيش مع المبادرة الأميركية بالجدية المطلوبة، سيضر بالشعب السوداني، الذي تتربص به مجاعة أكيدة، ويعيش الملايين منه حالات من التشرد والنزوح واللجوء.
وأضاف "إذا فشلت هذه المبادرة، وحلت الانتخابات الأميركية، فلن يكون هناك حماس لحكام البيت البيضاوي للتعاطي مع الأزمة السودانية، بذات الحماس الحالي، سواء استمر الديمقراطيون أو عاد الجمهوريون، ولذلك يجب عدم إهدار هذا الزخم وهذا الاهتمام الكبير".
ومن جانبه دعا رئيس حركة تحرير السودان، التي تقاتل إلى جانب الجيش، مني أركو مناوي، قوات الدعم السريع إلى الالتزام بمخرجات اتفاق جدة، مؤكدا أن تنفيذ الاتفاق سيقود تلقائيا لوقف الحرب.
وقال مناوي في منشور على منصة (إكس)، "على وفد ميليشيا الدعم السريع في المحادثات أن يقر بأن رفع المعاناة يجب أن يبدأ بالسودان، وليس في جنيف.
وأضاف "ميليشيا الدعم السريع السبب في كل الانتهاكات، وعليها إيقاف استهداف المؤسسات المدنية، والخروج من منازل المواطنين، والسماح بمرور قوافل الإغاثة، ووقف استهداف المدنيين على أساس عرقي، وإعادة المنهوبات إلى أصحابها".
وتابع "إذا حدث ذلك، ستنتهي الحرب وسيكتمل السلام تلقائيا، لأن كل تلك الانتهاكات يمارسها طرف واحد، هو الدعم السريع".
علي وفد مليشات الدعم في جنيفا ، عليه ان يقر ان رفع المعاناة يجب ان تبدأ في السودان وليس في جنيفا . طالما انت السبب في كل الانتهاكات عليك القيام والالتزام بالاتي :-
أ- الالتزام بإعلان جدة وإقرار بتنفيذه مع الوضع في الاعتبار كل المستجدات التي احدثتها المليشا بعد التوقيع عليه…
— Mini Minawi | مني اركو مناوي (@ArkoMinawi) August 13, 2024
وفي موازاة ذلك، استمرت العمليات العسكرية في عدد من المحاور القتالية، خاصة مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، المدينة الرئيسية الوحيدة في الإقليم التي تقع تحت سيطرة الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه.
وتسعى قوات الدعم السريع للاستيلاء على الفاشر، لتبسط سيطرتها على معظم عواصم ولايات إقليم دارفور الشاسع.
وبثت منصات إعلامية تابعة قوات الدعم السريع، مقاطع فيديو لمواجهات جرت الأربعاء في الفاشر.
وتزامن انطلاق محادثات جنيف مع العيد السبعين لتأسيس الجيش السوداني.
وقال البرهان في خطاب بهذه المناسبة، "لا سلام والميليشيا المتمردة تحتل بيوتنا ومدننا وقرانا، وتمارس قطع الطرق في أجزاء مقدرة من بلادنا".
وأكد أن طريق السلام ووقف الحرب "واضح وهو تطبيق ما اتفقنا عليه في جدة"، مشددا على أنه "لا وقف للعمليات العسكرية دون انسحاب وخروج آخر ميليشي من المدن والقرى التي استباحوها واستعمروا أهلها".
ويرى المنصور أن الفرصة لا تزال قائمة في التحاق الحكومة بمحادثات جنيف، "إذا وافقت الولايات المتحدة على أن شروط الجيش، بما في ذلك أن تكون المشاركة باسم الحكومة السودانية، وليس الجيش كما تطلب واشنطن".
لكن المرضي استبعد مشاركة الجيش، أو الحكومة في المحادثات، "لأن القرار ليس بيد قادة الجيش، وإنما بيد قادة نظام البشير، الذين يراهنون على استمرار الحرب للعودة إلى السلطة".
وأضاف "يعلم قادة نظام البشير، أن أي عملية سياسية ستعقب إيقاف الحرب، لن تسمح بمشاركتهم بالفترة الانتقالية، لأن الشعب أصدر قراره من خلال ثورة شعبية قضت برفضهم وإسقاط نظامهم".
ويشهد السودان أكبر أزمة إنسانية على وجه الأرض. إذ يعاني أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون نسمة من الجوع، بينما أُجبر واحد من كل أربعة على ترك منزله.
وتتباين الإحصائيات الخاصة بعدد ضحايا الحرب، إذ تشير تقديرات نقابة أطباء السودان، في مايو الماضي، إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص، وإصابة أكثر من 70 ألفا، متوقعة أن يكون الرقم الحقيقي للضحايا أكبر بكثير.
وفي 25 يونيو، أصدرت لجنة الإنقاذ الدولية تقريرا عن الأوضاع في السودان، مشيرة إلى أن "تقديرات ضحايا الحرب تصل إلى 150 ألف شخص".
وأشارت اللجنة، وهي منظمة غير حكومية مقرها في نيويورك، إلى أن 25 مليون شخص من سكان السودان البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية.
وحذرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، من أن السودان وصل إلى "نقطة انهيار كارثية"، مع توقع تسجيل عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها من جراء الأزمات المتعددة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحکومة السودانیة قوات الدعم السریع الولایات المتحدة محادثات جنیف فی السودان مشیرا إلى فی جنیف إلى أن
إقرأ أيضاً:
تداعيات إعلان تشكيل الهيئة القيادية لتحالف السودان التأسيسي برئاسة “حميدتي” على مسار الحرب
أعلن “تحالف السودان التأسيسي”، في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، عن “تشكيل هيئة قيادية مكونة من 31 عضواً، برئاسة قائد قوات “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ونيابة عبدالعزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية”.
وقال المتحدث الرسمي، علاء الدين عوض نقد، في أول مؤتمر صحفي يعقد من مدينة نيالا، وهي من المناطق التي تسيطر عليها “الدعم السريع”، إن “الاختيار جاء عقب مشاورات موسعة، اتسمت بالشفافية والجدية، وإنه تم التوافق على تشكيل هيئة قيادية من 31 عضواً”.
وأضاف نقد، أن “تحالف تأسيس” منصة وطنية تهدف إلى الاستمرار في مواجهة وتفكيك السودان القديم، ووضع حد نهائي ومستدام للحروب بمعالجة أسبابها الجذرية”.
وجدد “التزام التحالف بالانفتاح الكامل على كافة التنظيمات السياسية والمدنية والعسكرية الرافضة للحرب، والداعمة للسلام العادل والشامل”، داعيا جميع المظلومين والمضطهدين وطلاب التغيير الجذري، إلى الالتفاف حول مبادئ وأهداف التحالف والانضمام إليه”.
ما هي الأهداف التي يسعى الدعم السريع لتحقيقها من وراء إعلان تحالف السودان التأسيسي في المناطق التي يسيطر عليها؟
بداية يقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، إن “التحالف الجديد الذي تم الإعلان عنه تحت مسمى (تحالف تأسيس) برئاسة دقلو والنائب له عبد العزيز الحلو، هو محاولة من الدعم السريع لتأسيس منصة سياسية جديدة، بعد أن فقد الجميع اللافتات السياسية التي رفعت منذ بداية الأمر وكان يتحدث فيها عن الديمقراطية وعن دولة 1956 وعن إزالة التهميش وما إلى ذلك في خطاب عام من مركز الخرطوم لأنه كان يستولي على ولايات الوسط بصورة كاملة”.
الخروقات والانتهاكات
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “لكن الخروقات والانتهاكات الكبيرة التي ارتكبت بواسطة قوات الدعم السريع أسقطت المشروع السياسي بصورة كاملة، لذلك جرت تلك المعالجة الأخيرة بأن يستقطب الدعم السريع أحزاب سياسية معروفة تحت مسمى التحالف الجديد”.
وتابع: “لكن حتى حزب الأمة الذي يشارك برئيسه ويحاول أن يعيد إنتاج لافتة سياسية يمكن أن تكون ذات مدلولين، المدلول الأول لأنها قد تكون ورقة تفاوضية في أي مفاوضات تنشأ بين الدعم وأي أطراف داخلية في السودان سواء الحكومة أو أي مفاوضات دولية تشرف عليها أطراف دولية وإقليمية وتكون ورقة ضغط في اتجاه المساومة للحصول على مقعد سياسي في السودان بعد الحرب”.
واستطرد ميرغني: “أما المدلول أو الهدف الثاني لهذا التحالف، إذا استمرت الحرب لوقت أطول مما هى عليه الآن وتصاعدت الأوضاع بصورة أكبر، يصبح تحالفهم بعد ذلك منصة قابلة للتطوير في اتجاه دولة جديدة مستقلة”.
حكومة موازية
وأشار المحلل السياسي، إلى أن “الإعلان عن التحالف بالأمس أرى أنه تمهيد لإعلان حكومة موازية في السودان رغم الخلافات التي نشبت بين المكونات المتحالفة مع الدعم السريع حول كيفية توزيع الحقائب الوزارية، بكل حال هو خطوة باطنة تمهيدا لإعلان انفصال دارفور في خطوة لاحقة إذا ما تصاعدت الأوضاع أكثر كجناح سياسي جديد يتزامن أو يتوازى مع الجناح العسكري لدى الدعم السريع”.
ولفت ميرغني إلى أن “هذا التحالف الجديد يحاول الدعم السريع من خلاله تغيير النمط أو الصورة التي سادت عنه والخروقات التي ارتكبت والعقوبات الدولية التي فُرضت وشكلت حاجز معنوي أمام التواصل الخارجي للدعم السريع سياسية. طبعا الدعم السريع بالخروقات التي ارتكبت والعقوبات الدولية يعني شكلت حاجز معنوي في أنه يكون عنده تواصل خارجي”.
واختتم بالقول: “الدعم السريع يستغل بعض الأحزاب التي انضوت تحت لوائه في هذا التحالف ويحاول بها أن يوجد نوع من اللافتة المقبولة للجميع”.
خطوة جريئة
في المقابل، تقول لنا مهدي، عضو الهيئة القيادية للقوى المدنية المتحدة “قمم”، والقيادية في تحالف السودان التأسيسي “تأسيس”، إن “تحالف السودان التأسيسي ليس مجرد احتمالات أو شكوك، بل هو أمل السودان الوحيد لبداية جديدة تحمل معها فرصة السلام والاستقرار في وطن طالما عانى من جراح الحرب وعثرات الانقسام، هذا التحالف خطوة جريئة تفتح نافذة لتوحيد القوى حول هدف واحد هو إنهاء النزاع وبناء مستقبل يليق بأحلام السودانيين، وكلنا أمل أن يكون البداية الحقيقية لتوحيد الصف وتحقيق السلام الدائم”.
وأضافت في حديثها لـ”سبوتنيك”: “التحالف هو الجسر الذي يعبر بنا من نيران الحرب إلى بر الأمان السياسي، لا مزيد من التردد ولا انتظار بلا أفق فهو الخيار الوحيد المتاح لبداية جديدة تحمل آمال شعب يرفض أن يستمر في دوامة الصراع والانقسام”.
وتابعت مهدي: “هذا التحالف يحمل في طياته فرصة حقيقية لإعادة ترتيب البيت السوداني وتوحيد الرؤى حول سلام مستدام بعيدا عن لغة البندقية وصراع المصالح وهو يدعو الجميع للوقوف معاً خلف قادة يؤمنون بأن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنقاذ السودان”.
عهد جديد
وأشارت إلى أن “هذا التحالف يأتي في زمن تعصف فيه الرياح بالوطن وتحاول الفوضى أن تلتهم أحلام أبنائه، هنا يصبح هذا التحالف الضوء الذي ينير طريق السلام ويعطي الأمل بأن السودان قادم بقوة نحو مستقبل أفضل تستحقه أجياله القادمة”.
واستطردت: “هو بداية عهد جديد يعيد بناء السودان على أسس صلبة من التوافق الوطني والتعايش السلمي، ويضع حداً لسنوات الفوضى التي قضمت مستقبل الوطن وأضاعته في نزاعات لا تنتهي، مع هذا التحالف نضع حجر الأساس لمستقبل السودان الذي نحلم به مستقبل يسوده الاستقرار والعدالة، حيث تنمو فيه الأمال وتتفتح فيه الفرص لكل السودانيين دون تمييز أو إقصاء، وكلنا على يقين أن هذه البداية ستكون شعلة تضيء دروب السلام والازدهار”.
وأكدت مهدي أن “هذا التحالف يمثل رسالة واضحة إلى كل الأطراف بأن السودان لن يكون ملعباً للصراعات الداخلية، ولن تتحقق أحلام البعض على حساب معاناة الشعب، إنه إعلان صريح بأن الوطن أولاً وأن كل الجهود يجب أن تتوحد لإنقاذه من براثن الانقسام والتفكك”.
واختتمت مهدي: “التحالف أيضاً دعوة مفتوحة لكل السودانيين بأن يشاركوا في بناء هذا الوطن من جديد، بكل طاقات وأفكار متجددة تحمل الخير وتزرع الأمل في قلوب كل من يهوى السلام ويرى في الوحدة طريقا نحو مستقبل أفضل ومشرق للجميع”.
وأعلنت حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، بقيادة الهادي إدريس، تحويل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية إلى “منطقة عمليات عسكرية”، داعيةً إلى نزوح غالبية السكان المدنيين إلى مناطق أكثر أمانًا.
ونقل موقع “أخبار السودان” بيانا صادرا عن الحركة حذرت فيه المواطنين المتبقين داخل المدينة ومعسكرات النازحين، مطالبةً إياهم بمغادرتها فورًا والتوجه إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، خاصة في “كورما وعين سيرو والمحليات الآمنة الأخرى بالولاية”.
كما طالبت الحركة النازحين بالتنسيق مع قوات تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) لتسهيل انتقالهم وضمان سلامتهم.
يشار إلى أن الحركة عضو فاعل في تحالف السودان التأسيسي، الذي أسس في فبراير/شباط الماضي، في نيروبي بمشاركة قيادات من قوات الدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الحلو وأطراف أخرى، بهدف تشكيل حكومة موازية.
في سياق متصل، ناشدت الحركة الأمين العام للأمم المتحدة توجيه المساعدات الإنسانية والإغاثية للمتضررين في مناطق “كورما وطويلة وكتم وعين سيرو وكبكابية وجبل مرة”، وسط أزمة إنسانية متصاعدة يعاني فيها آلاف النازحين من انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية، وذلك مع استمرار الاشتباكات العسكرية وتصاعد الضغط على مدينة الفاشر.
يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التحركات العسكرية وتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، مما يهدد بزيادة المعاناة الإنسانية للنازحين والمدنيين العالقين في مناطق الصراع.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
وكالة سبوتنيك
إنضم لقناة النيلين على واتساب