سودانايل:
2025-05-25@22:13:10 GMT

الفاتح .. نبكيك بحزن القلب ودمع العين

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

محمد المكي أحمد

بعد رحيل شقيقته آمنة ( ساكنة الفؤاد ) في 7 يونيو 2024 في مدينة القضارف بشرق السودان، خارج بيتها، بعدما داهمه مسلحون في الخرطوم، هاهي أسرتي والأهل فُجعوا في 14 أغسطس 2024 برحيل الأخ العزيز الفاتح حسن الهدى ( بكسر الهاء وفتح الدال) .

الراحل شقيق زوجي إشراقة..

غادر دنيانا الفانية في القاهرة، وكان أضطر مع ابنه وبنته أن يغادروا بيتهم في الخرطوم في زمن الحرب إلى مدينة شندي، ومنها إلى الولاية الشمالية مسقط رأس والده، ثم مدينة الأبيض، وأخيرا حط الرحال في مصر، بعد رحلة مضنية بسيارة نقلته وحملت معه كل مخاطر الطريق وقسوة السفر الاضطراري .



إضطر للسفر ،وهو من يعشق وطنه والعيش بين احضان أهله، لم يجد العلاج في وطنه، كان يحتاج إلى غسيل كلية واحد بعدما أزيلت كلية في عملية جراحة في الأردن قبل سنوات.

خضع خلال الأشهر الماضية لغسيل كلية في مصر، وتحسن وضعه الصحي، ثم تدهورت صحته قبل أيام بسبب نزيف دم من البطن ، فدخل العناية المكثفة، وقبل يومين خرج من المستشفى الى البيت، حمدنا الله ، وكنت سعدت بسماع صوته.

لكن.. لكل أجل كتاب.

رحل الفاتح .. الشخصية المحبوبة وسط أسرته والأهل، إذ تميز بنبض تواصل اجتماعي لافت، ولا يُجارى.

كان صاحب مدرسة في التواصل مع أهل أمه ووالده وكثيرين من الأصدقاء..

أمه من أهل أمي في( دارحامد) بكردفان في غرب السودان ، ووالده من ديار الشايقية في شمال السودان.

كان الراحل حبيبا إلى قلوبنا وقلوب كثيرة وسط الأسرة والأهل .

برحيله فقدت سماع صوته وهو يردد التحية والسلام و قائلا بصوت مشحون بالمودة ونبض "حنين" ( يا ود خالتي).

هكذا كان يخاطب إخواني، ويعبر بالروح الطيبة نفسها" يا بنت خالتي" مخاطبا أخواتي.

كانت هذا النبض الدافئ يدخل القلوب، ويخاطب الدواخل ويستقر في العقول.

" ود خالتي" كان يسافر من الخرطوم إلى مدينة بارا لعناق أمي الراحلة ستنا وللقاء إخواني وأخواتي،

فتح صفحات علائق بيننا وآخرين، إذ كان يصحب معه من وقت لآخر بعض أهل والده.
فساهم في توثيق صلات وبنى جسور تواصل ومودة.

برحيل الفاتح فقدت زوجي حببيا هو أقرب الأقربين اليها وهو الأخ الوحيد بين أخواته، كان قريبا منها وأخواتها، مثلما كان قريبا من ابنه وبنته بعد رحيل والدتهما قبل سنوات، ولهذا فالحزن شديد .

نبكيك يالفاتح بحزن القلب.. ودمع العين.....

هكذا تُعبر دواخلنا.. دواخل أهلك .. وهكذا تنبُض دواخل أي انسان يفقد عزيزا أو عزيزة عن وجع الفراق..

وهاهي الأحزان والمواجع تتواصل برحيل عزيزنا الفاتح خارج بيته، وبعيدا عن أهله، بعدما شردته وابنه وبنته الحرب الحالية في السودان، كما شردت ملايين السودانيين داخل السودان وخارجه، ورحل عدد منهم خارج بيوتهم ووطنهم.

قال تعالى( وما تدري نفس بأي أرض تموت).

تبقى الحقيقة أيضا أن الحرب التي أشعلها من يجلسون فوق الجماجم وشلالات الدم في السودان قد قتلت السودانيين داخل الوطن
بالمواجع قبل أن ينتقلوا إلى رحمة الله.

رغم أحزان السودانيين، المتواصلة ، نسمع من يكرروا بصوت مرتفع "لا للمفاوضات ووقف الحرب حتى لو استمرت سنوات عدة" !! .

أي بشر هؤلاء الذين لا يولون أدنى اهتمام لمآسي السودانيين، ولا تهز قلوبهم وعقولهم شلالات الدم وقوافل الهاربين من جحيم آلة الحرب، و الجوع والمرض !!.

نسأل الله، فاطر السموات والأرض أن يتغمد فقيدنا الكبير بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.

أحر العزاء إلى إبنه مصعب وبنته رؤيا ، وأخواته محاسن وفاطمة وإشراقة والأسرة والأهل.
( إنا لله وإنا اليه راجعون)
Sent from my iPhone

modalmakki@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

نهاية القتال في السودان… تجميد الحرب

توقّع مراقبون ومحلّلون كثيرون منذ 15 إبريل/ نيسان 2023 أن نهاية الحرب ستكون بانتصار الجيش على قوات الدعم السريع. ورغم أن الحرب لم تنتهِ، حدث ما كان متوقّعاً؛ اعتبر الجيش تحرير كامل ولاية الخرطوم نهاية مرحلةٍ من الحرب. فاسترداد العاصمة، ودعوة سكّانها إلى العودة، شهادة نصر كُبرى لا يمكن أن يضيّعها عاقل، لكنّها شهاة النصر التي تُستغَّل لتطبيع واقع الحرب بعيداً من المركز.


تلقّت قوات الدعم السريع هزائمَ متتاليةً في جبل موية وسنّار وولاية الجزيرة، ثمّ العاصمة الخرطوم. كما تكرّر فشل اقتحامها مدينة الفاشر، التي بقيت تقاوم في ظروف إنسانية معقّدة، وسط انتهاكاتٍ لا تتوقّف من قوات الدعم السريع في حقّ المدنيين المحاصرين داخل المدينة. وظلّ السؤال منذ اليوم الأول للحرب (لدى من يدينونها) هو سؤال التكلفة. سينتصر الجيش النظامي على المليشيا، لكنّ المليشيا قادرة على أن تؤذيه وتؤذي المواطنين. قال العسكريون والمسؤولون في أيّامها الأولى إنها حرب سريعة.. ساعات.. أيّام.. أسابيع. وفي العام الثالث، الذي ما زالت الحرب فيه مشتعلةً، يُحدّثنا المؤيّدون للجيش عن الحرب العادلة التي تستحقّ أن تُخاض مهما كانت الخسائر (!).


ستصبح كلّ انتهاكات الحرب (من طرفيها) في أماكن سيطرة الجيش مجرّد ثمن كان لا بدّ من دفعه لأجل التحرير والانتصار. لن يُسمَح بأسئلة عمّن صنع المليشيا، لأنه ما زال يصنع المليشيات. لن يكون من المقبول أن تسأل عمّن مدّد المليشيا ومنحها حمايةَ المقرّات الاستراتيجية، لأنه ما زال في قمّة السلطة ويحتفل بنصره. ولا يجوز السؤال عن التقصير، فالمقصّر يستطيع أن يتّهمكَ بالخيانة.


إعلان النصر في الخرطوم (نصر كبير ومهمّ لرمزية العاصمة)، ولأنها كانت تضمّ نحو ربع سكّان السودان لتَركّز الخدمات فيها، يتجاهل الخسائر كلّها التي كان يمكن تفاديها لو أن حليفَي المجلس العسكري اللذَين ورثا نظام الرئيس عمر البشير معاً، ثمّ قتلا المتظاهرين والمحتجّين معاً، ثمّ مدّدا علاقاتهما الإقليمية والدولية معاً وانقلبا على الحكومة الانتقالية المدنية معاً... نقول، لو أن حليفَين بينهما تاريخ يرجع إلى حرب دارفور وانتهاكات الحكومة السودانية المتّهمة بالإبادة الجماعية توافقا، لما دفعت البلاد ثمناً غالياً لرغبات سلطوية لأصدقاء الإبادة الجماعية القدامى.


لكنّ تضارب مصالح الحليفَين جعل حربهما تتحوّل حرباً أهليةً يقاتل فيها السودانيون بعضهم بعضاً، وعمّقت بُعدها الإقليمي والدولي، إذ جعلت السودان أرض الفرص التي يتداعى لها الخصوم لاستنزاف بعضهم في أرض لا تعني لهم شيئاً. إنها الوصفة التقليدية للحروب الأهلية. وبرغم أن السودان خبير في هذه الحروب، إذ خاضها ضدّ نفسه منذ العام 1955 قبل استقلاله بأشهر، إلا أنه يكرّرها وهو ينكرها. فلم تعترف الأنظمة الحاكمة المتعاقبة (عسكرية ومدنية) بأن حربَ الجنوب حربٌ أهليةٌ، إنما عدّتها مجرّد "تمرّد عسكري" مدعوم إقليمياً ودولياً، ومن مجلس الكنائس العالمي. الحرب التي اعتبرها العالم كلّه أطول حربٍ أهليةٍ في أفريقيا لا نعترف في السودان بأنها حرب أهلية. أمّا حرب دارفور التي جعلت السودان يُعرف على المستوى العالمي بالإبادة الجماعية والتهجير القسري والعنف الجنسي وجرائم الحرب، فأصرّ نظام الحركة الإسلامية والجيش (حتى يومنا هذا) على إنكار أنها حرب أهلية، وإنما هي تمرّد مجموعات أفريقية مدعومة من الصهيونية لتكوين دولة الزغاوة الكبرى في إقليم دارفور ودولة تشاد (!).


وفي الحرب الأهلية الحالية، يواصل النظام العسكري السير في الطرق نفسها التي مشت فيها الأنظمة العسكرية السابقة؛ التركيز في الحسم العسكري؛ إنكار الحرب الأهلية؛ التركيز في البعد الخارجي؛ اتهامات العمالة؛ والحديث عن دولة العطاوة الكُبرى التي تجمع عرب أفريقيا. وعلى الجانب الآخر، فإن قوات الدعم السريع، المهزومة في العاصمة الخرطوم، أعلنت توقّف العمليات العسكرية لتتفرّغ لتأسيس الدولة. وهو إعلان خجول لوقف إطلاق النار من جانب واحد، رغم تهديدات المليشيا المتغطرسة في الأيّام السابقة. هذه الأحداث المتسارعة ربّما تعيد إلى الأذهان ما يتردّد منذ أسابيع عن تفاوض سرّي، وعن ترتيبات لتجميد وضع الحرب. لكن، ما سيؤكّد هذا (للأسف) سيكون الخبر السيئ بتكوين حكومة موازية في مناطق سيطرة "الدعم السريع"، التي تقلّصت إلى أقلّ من نصف ما كانت تسيطر عليه قبل عام.


ما لم يتغيّر اتجاه الريح، فإن الحرب السودانية ستتجمّد، ما لم يواصل الجيش تقدّمه ويستمرّ انهيار "الدعم السريع" (وهو احتمال وارد). لكن ما تتحدّث به دوائر السياسة يميل للتجميد، وهذا أمر سنعلم حقيقته خلال أيّام. ومع العجز إلا عن التمنّي، فإن المرء يتمنّى ألا يزداد وضع الحرب تعقيداً بإعلان حكومة موازية.


العربي الجديد


 

مقالات مشابهة

  • مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن المشروع الطبي التطوعي لجراحة وقسطرة القلب للأطفال في مدينة أديس أبابا بأثيوبيا
  • وهم اسمه السودان !
  • الفكرة لا تموت: تأملات في تشظي الدولة واستدعاء الوطن
  • إنهاء معاناة خمسينية من الرجفان الأذيني في مدينة الملك عبدالله الطبية
  • مستودعات الموت … من علي الكيماوي إلي البرهان الكيماوي !!
  • محاولة فهم ما يجري عندنا !
  • نهاية القتال في السودان… تجميد الحرب
  • السودان مهدد للسلم الإقليمي والعالمي
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • قوافل حجاج السودان تشق طريقها إلى مكة رغم الحرب