موقع النيلين:
2025-05-11@23:53:51 GMT

يابني السودان، هذا جيشكم

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

تمر علينا اليوم ذكرى سودنة الجيش السوداني على يد القائد الفذ أحمد محمد باشا الجعلي، الذي تسلم راية القيادة من الجنرال إسكوز باشا، آخر قائد بريطاني لما كان يعرف في العهد الاستعماري البغيض بقوة دفاع السودان. كانت سودنة الجيش أول خيط من خيوط سناء فجر الحرية، فما كان الاستقلال ليتم لولا بلاء قوة دفاع السودان الحسن في ملاحم شرق أفريقيا وشمالها، خصوصًا واقعة كرن في العام 1941م ضد الطليان.

وكانت تلك المشاركة الفاعلة لقوة دفاع السودان في الحرب العالمية الثانية استجابة لوعد بريطانيا لأي دولة مستعمرة تشارك في الحرب العظمى بأن تنال حريتها بعد الحرب. ومن تلقاء ذلك، تشجع مؤتمر الخريجين بتقديم مذكرته الشهيرة في العام 1942م، التي طالب فيها بإعطاء السودان حق تقرير المصير بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ومما ألهب حماس الخريجين وهيج مشاعرهم الوطنية نشيد “صه يا كنار” للصاغ محمود أبو بكر، الذي خلد مشاركته مع الجيش في الحرب العالمية الثانية بأبياته ذائعة الصيت:
ودع بدمعك من تحب فإنني
أنا إن دعوتك لن تعيش إلى غد
والبندقية في بداد بيوتها
طلعت بمجد ليس بالمتبدد
سازود عن وطني وأهلك دونه
في الهالكين فيا ملائكة اشهدي

ولأن جميل الجيش على الوطن لا يُجهل ولا يُغفل، كان التكريم من لجنة تأليف النشيد الوطني التي كلف الزعيم الأزهري تلميذه الدكتور عبد الله الطيب برئاستها، فاختارت اللجنة أن يكون نشيد العلم مقاطع مختارة من نشيد الجيش، الذي صاغ كلماته أحمد محمد صالح. وقد أجرت اللجنة تعديلًا طفيفًا في مقاطع النشيد، فتحول المقطع الذي يقول “يابني السودان هذا جيشكم” إلى “يابني السودان هذا رمزكم”.

وأحسب أن الجيش كان ولا يزال رمزًا للوطنية الصادقة، رمزًا عبر عنه شعار الانتفاضة الخالد “جيش واحد، شعب واحد”، هذا الشعار الذي نستلهمه اليوم في معركة الكرامة الوطنية الفاصلة. ولأن عيد الجيش يأتي للمرة الثانية في خضم التمرد الآثم المليشيا الخائنة العميلة لقوى الشر الإقليمية، لذلك حق لنا أن نقف عند هذه المناسبة الوطنية الخالدة، نتزود منها بالمعاني القومية التي تشحذ همم الكفاح ضد المليشيا المجرمة التي ارتكبت كل الموبقات قتلاً للأبرياء ونهبًا للأموال وهتكًا للأعراض وإخراجًا للسكان المدنيين من أرضهم وديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.

إن هذه المناسبة الوطنية العظيمة لا ينبغي أن تمر علينا مرور الكرام، بل يجب أن تكون سانحة للتأمل ووقفة للتدبر، وسانحة لمراجعة النفوس ومحاسبتها وتجديد نياتها الدينية والوطنية. يجب على قيادة الجيش أن تراجع خططها وتتجاوز مربع الصراع حول القيادة والسيطرة، وترتقي إلى مطلوبات حرب التحرير. ولتعي قيادة الجيش قول الإمام علي: “ما غزى قوم في عقر دارهم إلا ذلوا”. وما هو في حق الجيش واجب، هو في حق الشعب أوجب، لأن الجيش هو قوات الشعب المسلحة، فيجب على الشعب أن يرتقي بوعيه ليدرك هوية المعركة التي لا تستهدف تحطيم الجيش واستبداله بالمليشيا فقط، بل تهدف إلى تهجير شعب السودان بالكامل وإفراغه من سكانه، مما يعني التغيير الديموغرافي الشامل.

وهذا المخطط لا يستطيع الجيش وحده التصدي له ما لم تستنفر طاقات الأمة وتعبأ لصالح المعركة الوجودية المصيرية. فلذلك لابد من مراجعة ملف المقاومة الشعبية وتطويرها، حتى لا تتكرر مآسي الخرطوم والجنينة، وما مدني وسنجة عنكم ببعيد. إن هذه المعركة مصيرية ونتائجها صفرية لا تقبل القسمة على اثنين،

وليس هناك وسط حسابي بين جيش وطني ومليشيا مجرمة عميلة. فإما أن يكون للسودان جيش واحد وشعب واحد، وإما أن يكون السودان دولة مليشيات يستوطنها عربان الشتات. هذا قدرنا الذي لا مفر منه، فإما الصدر وإما القبر. وقد آن الأوان أن نثبت بطريقة العساكر “البيان بالعمل” ما نردده في نشيدنا الوطني الذي كان نشيد الجيش:
نحن جند الله
جند الوطن
إن دعا داعي الفداء لم نخن
نتحدى الموت عند المحن
نشتري المجد بأغلى ثمن
هذه الأرض لنا
فليعش سوداننا علمًا
بين الأمم
يابني السودان، هذا رمزكم
يابني السودان، هذا جيشكم
يحمل العبء ويحمي أرضكم

أ. زهير هاشم طه

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السودان.. الجيش يواجه مسيّرات الدعم السريع ومجلس الأمن يطالب بوقف القتال

شهد السودان سلسلة هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت منشآت حيوية في جنوب البلاد وشرقها، فيما دعا مجلس الأمن الدولي، في قرار صدر الخميس، إلى وقف فوري للقتال في دولة جنوب السودان المجاورة، مجدِّداً تفويض بعثة حفظ السلام الأممية هناك حتى أبريل 2026.

وأفادت مصادر إعلامية بسماع أصوات مكثفة للمضادات الأرضية في مدينة كنانة بولاية النيل الأبيض، بالتزامن مع تحليق طائرات مسيّرة يُعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع، حاولت استهداف مطار المدينة ومستودعات للوقود. وأكد مصدر في الجيش أن ثلاث طائرات مسيّرة تسببت في اندلاع حرائق داخل منشآت تُزوِّد الولاية بالمحروقات.

كما تعرّضت قاعدة فلامينغو البحرية في بورتسودان لهجوم جديد هو الرابع خلال أيام، وسط تقارير عن أضرار لحقت بالبنية التحتية في المدينة التي تستضيف مقر الحكومة المؤقت، وتضم أكبر ميناء بحري في البلاد. وشملت الضربات منشآت أخرى في مدينة كسلا الواقعة شرقًا قرب الحدود مع إريتريا، ما يشير إلى اتساع رقعة التصعيد.

وفي سياق متصل، عبّر مجلس الأمن الدولي عن قلقه من تصاعد العنف في جنوب السودان، مطالبًا أطراف النزاع بوقف القتال والانخراط في حوار سياسي شامل، ومشدِّدًا على ضرورة إنهاء العنف ضد المدنيين. وأصدر المجلس قرارًا بأغلبية 12 صوتًا، مقابل امتناع روسيا والصين وباكستان، مدّد فيه تفويض بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) لعام إضافي.

وأكد القرار الإبقاء على حجم القوة الأممية الحالية عند 17 ألف جندي و2101 شرطي، مع إمكانية إدخال تعديلات بناءً على تطورات الوضع الأمني. كما أبدى المجلس “قلقًا بالغًا” من التأخير في تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018، خصوصًا بعد تأجيل الانتخابات حتى عام 2026.

وخلال جلسة مجلس الأمن، انتقدت القائمة بأعمال السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، الحكومة الانتقالية في جنوب السودان، ووصفت تمويل الانتخابات دون التزامات فعلية بأنه “أمر غير مسؤول”، داعية المجتمع الدولي إلى دعم جهود الاستقرار عبر البعثة الأممية.

من جهتها، اتّهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الجيش في جنوب السودان باستخدام طائرات لإلقاء قنابل حارقة شمال شرقي البلاد، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، في حين تشهد ولاية أعالي النيل مواجهات بين قوات الرئيس سلفا كير ونائبه المعتقل رياك مشار.

يأتي تزامن التصعيد في السودان وجنوب السودان ليُعزّز المخاوف من انزلاق المنطقة نحو فوضى أوسع، خاصة مع تداخل القبائل والنزاعات المسلحة العابرة للحدود، وغياب أي أفق لتسوية سياسية وشيكة في كلا البلدين.

ويرى مراقبون أن تدهور الأوضاع في السودان قد يُعقِّد مهمة حفظ السلام في جنوب السودان، في ظل التداخل الأمني والاقتصادي بين الدولتين، لا سيما عبر ولايتي النيل الأبيض وأعالي النيل، ما يجعل من الأزمة الراهنة تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي.

مقالات مشابهة

  • ما أبرز الأسلحة الإسرائيلية التي يعتمد عليها الجيش الهندي؟
  • الجيش يتقدم غرب السودان ويصد مسيّرات شرقه
  • لانا الشريف وجه الطفولة بغزة الذي شوهته الحرب الإسرائيلية
  • مسيرات هاجمت مطار عطبرة ومضادات الجيش السوداني تتصدى
  • كيكل: ستجدوننا قريباً في موقع المسيرات التي تقصف
  • السرديات المضللة في حرب السودان
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • نشر صورتين مختلفتين للجوهرة الزرقاء.. ناشط سوداني يوثق للحال الذي وصل إليه إستاد الهلال بعد الحرب
  • السودان.. الجيش يواجه مسيّرات الدعم السريع ومجلس الأمن يطالب بوقف القتال
  • بيان من الجالية السودانية بدولة الإمارات العربية المتحدة .. السودان والإمارات.. شعب واحد.. نبض واحد