تقارير تؤكد حسم النزاع المفتعل حول الصحراء لصالح المغرب
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
أخبارنا المغربية- بدر هيكل
عرفت قضية الصحراء في السنوات الأخيرة تأييدا واضحا ومتزايدا، واعترافا من عدة دول بمغربيتها وبنجاعة وجدية الحل المغربي، بعد جهود دبلوماسية مشهودة، طبعتها الحكمة الملكية.
ويأتي ذلك بعد تبني الدبلوماسية المغربية لعقيدة راسخة، تنطلق من كون قضية الصحراء المغربية "منظارا يرى به المغرب العالم".
الملك محمد السادس ورفض التموقع في المنطقة الرمادية
سبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن عبّر عن رفضه لمواقف الدول المتموقعة في المنطقة الرمادية، من قضية الصحراء.
وشكل هذا الخطاب الملكي تحولا في الدبلوماسية المغربية، مما دعم قضية الصحراء، وجعلها محط اعتراف متنام.
تقارير أمريكية تتوقع حسم النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية
نشر الخبير توماس هيل من معهد الولايات المتحدة للسلام، الذي كان قد أنشأه الكونغرس الأمريكي، على موقع المركز، مقالا عنوانه “النزاع في الصحراء الغربية انتهى… التفاوض على الشروط هو الخطوة التالية”، واعتبر الخبير القرار الفرنسي بتأييد السيادة المغربية على الصحراء الغربية، عبر الحكم الذاتي، خطوة لحسم النزاع.
كما لفت الانتباه إلى تزايد الاعتراف الدولي بالسيادة المغربية على الصحراء.
ولم تفت "توماس هيل" لحظة أعلان الرئيس الأمريكي اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء، هاته اللحظة التي عززت الإجماع الدولي المتنامي الداعم للمغرب.
الاعتراف الفرنسي خطوة لحسم النزاع
على خلفية عيد العرش، الموافق ل30 يوليو 2024، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد عبر في رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس عن أن فرنسا تعترف بالمقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء المغربية، في إطار السيادة المغربية، كأساس وحيد لحل دائم للقضية، مؤكدًا على دعم فرنسا الواضح والثابت لخطة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب في عام 2007.
وأضاف ماكرون في رسالته أن الخطة المذكورة ستكون، من الآن فصاعدًا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل مستدام ومتفاوض بشأنه، طبقًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويرى محمد سالم السالمي، رئيس قطاع البحوث بمؤسسة تريندز للبحوث والاستشارات، أن هذه الخطوة المحورية لم تكن مفاجئة؛ إذْ سبقها تَفَهُّم فرنسي في فبراير الماضي، عندما أفصحت فرنسا على لسان وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه إبان زيارته للمغرب عن أن فرنسا تعلن عن دعمها “الواضح والمستمر” لمقترح الحكم الذاتي، وهو التصريح الذي ساهم في تحسين العلاقات بين فرنسا والمغرب بصورة معتبرة في أعقاب التصريح به.
مؤكدا أنه في النهاية، تبقى العلاقات الفرنسية المغربية علاقات استراتيجية ومتعددة الأبعاد، والإقدام الفرنسي الأخير على الاعتراف بالسيادة المغربية قد انتقل بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق غير محدودة للتعاون سوف يكون مفيدًا لفرنسا في إعادة ترتيب مصالحها الاستراتيجية.
دعم بريطاني متواصل وتوقعات باعتراف وشيك
أقرت الحكومة البريطانية مؤخرا بقانونية الأنشطة التجارية في الصحراء المغربية، حيث جاء هذا الإعلان في أعقاب مباحثات جمعت وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، ونظيره البريطاني ديفيد لامي.
وكانت الحكومة البريطانية، في رد رسمي نشر على الموقع الإلكتروني للبرلمان، أكدت دعمها للجهود الأممية وعمل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة "دي ميستورا".
ويأتي هذا الموقف البريطاني تعزيزا العلاقات الثنائية بين البلدين لما يجمعهما من علاقات تاريخية وجيواستراتجية.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الصحراء المغربیة قضیة الصحراء الحکم الذاتی
إقرأ أيضاً:
طيارون عراقيون خلف أدخنة “عاصفة الصحراء”!
العراق – عمل طيارو الجيش العراقي خلال عاصفة الصحراء الأمريكية ضد العراق في ظروف شديدة الصعوبة وبإمكانيات متواضعة لكنهم قالوا كلمتهم في أكثر من مناسبة.
شكلت فترة العمليات العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها باسم “عاصفة الصحراء”، بين السابع عشر من يناير والثامن والعشرين من فبراير عام 1991، فصلا استثنائيا في تاريخ القوة الجوية العراقية آنذاك.
وجد طيارو الجيش العراقي أنفسهم في مواجهة تحد قاتل. كانوا في مواجهة أعتى تحالف جوي في العالم، مجهز بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العسكرية من طائرات متطورة مثل “إف-15 إيغل” و”إف-18 هورنت”، وأنظمة ذخائر ذكية، وطائرات إنذار مبكر وتحكم من طراز “أواكس” التي سيطرت على المجال الجوي والإلكتروني بصورة شبه كاملة.
في مواجهة هذه القوة الساحقة، التي كانت تفوقهم عددا ونوعا ودعما تقنيا، قام الطيارون العراقيون بواجبهم في ظروف بالغة القسوة والتعقيد، مثقلين بشح الإمكانات وتدهور الموقف الاستراتيجي العام.
مع ذلك، وفي حيز ضيق من المجال الجوي وباستعمال أسلحة متواضعة جدا إذا ما قورنت بتلك التي كان يمتلكها الخصم، تمكن هؤلاء الطيارون من “قول كلمتهم” وإثبات حضورهم في السماء، محققين إنجازات تكتيكية لافتة في قلب حرب غير متكافئة، وهي إنجازات بقيت محفورة في ذاكرة الصراع الجوي رغم محاولات طمسها أو التقليل من شأنها لسنوات.
تجسدت المناسبة الأولى والأكثر دلالة في اليوم الافتتاحي للحرب الجوية، أي في 17 يناير 1991. في خضم الضربة الجوية الأمريكية الهائلة المسماة “ضربة ألفا”، والتي استهدفت قاعدة تموز الجوية العراقية من قبل تشكيلات البحرية الأمريكية، أظهر الطيار العراقي الملازم زهير داود مهارة نادرة.
بعد رصد التشكيل المهاجم، أقلع داود بطائرته الاعتراضية من طراز “ميغ-25″، وهي طائرة سوفيتية الصنع تعتمد على السرعة والارتفاع، ليواجه أسطولا جويا معاديا متفوقا.
تمكن طيار أمريكي من قيادة طائرة “إف-18 هورنت” من اكتشاف “ميغ-25” على شاشة الرادار، إلا أنه تريث للحصول على تأكيد من طائرة الإنذار “أواكس” قبل إطلاق النار، لمن طائرة الإنذار المبكر ذاتها لم تستطع التحقق من هوية الهدف بسبب مبادرة الطيار داود بمناورة ذكية أخفت أثر طائرته.
استغل داود هذه الفجوة في النظام الدفاعي للعدو، وبتعليمات من المراقبة الأرضية العراقية، استدار بجرأة ليهاجم ذيل التشكيل الأمريكي.
حدد طائرة كان يقودها الملازم مايكل سكوت سبايكر، وأطلق عليها من مسافة بعيدة تبلغ حوالي 29 كيلومترا صاروخا طراز “أر-40”. أصاب صاروخ جو- جو العراقي طائرة سبايكر بشكل كارثي، حيث انفجر أسفل قمرة القيادة مباشرة، ما أجبر الطيار الأمريكي على القفز بالمقعد والهبوط بالمظلة في منطقة نائية. لكن قصة هذا الإسقاط لم تكتمل بسهولة، فقد لف الغموض مصير الطيار الأمريكي لسنوات.
تمسك الموقف الرسمي الأمريكي في البداية برواية مفادها أن الطائرة سقطت بسبب نيران الدفاع الأرضي بصواريخ أرض-جو، وذلك على الرغم من شهادات الطيارين الأمريكيين أنفسهم الذين أكدوا وجود طائرة “ميغ-25” معادية في ساحة المعركة آنذاك.
لم تتغير هذه الرواية الرسمية الأمريكية إلا بعد سنوات، وتحديدا في عام 1995، عندما تم استرداد حطام الطائرة من موقع التحطم وتمت قراءة بيانات وحدة التخزين الرقمية بها، والتي أثبتت بشكل قاطع أنها أُسقطت بصاروخ جو-جو.
أما مصير قائدها، مايكل سكوت سبايكر، فقد بقى لغزا لحوالي ثمانية عشر عاما، تنقل خلالها تصنيفه بين “مفقود” و”قتيل” و”أسير”، إلى أن عُثر على رفاته في محافظة الأنبار العراقية في أغسطس عام 2009، لتطوى صفحة طويلة من الغموض. روايات محلية كانت ذكرت أن البدو من أهالي المنطقة دفنوه بعد وقت قصير من سقوطه.
الواقعة الثانية البارزة كانت في 30 يناير 1991، وجرت في ظروف أكثر حرجا وضيقا للقوة الجوية العراقية. فبعد أسابيع من القصف المكثف، دُمِّر عدد كبير من الطائرات العراقية الحربية وهي رابضة في ملاجئها، بينما لجأ عدد آخر كبير إلى الأراضي الإيرانية حيث جرى احتجازه، ولم يتبق عمليا سوى بضع طائرات “ميغ-25” اعتراضية قادرة على القتال.
بالمقابل، عزز التحالف سيطرته الجوية بإقامة ما يشبه “الجدار الحديدي” في سماء العراق من خلال دوريات مكثفة ومستمرة من طائرات “إف-15 إيغل” المتطورة، بهدف شل أي حركة جوية عراقية وقطع طريق النجاة الأخير نحو إيران.
في هذا الجو الخانق، قرر القادة العسكريون العراقيون الخروج من موقع الدفاع السلبي ونصب كمين جوي محكم. بناء على مراقبة الاتصالات اللاسلكية للعدو، وجدوا الفرصة سانحة عندما أعلنت طائرتان كانتا ضمن سرب “إف-15” عن نفاد الوقود والعودة إلى القاعدة، تاركتين زوجا واحدا فقط في منطقة المراقبة.
انطلق طياران عراقيان وهما النقيب محمود عواد والنقيب محمد جاسم السامرائي، بطائرتي “ميغ-25” من قاعدتين مختلفتين القادسية وتموز، في توقيت مدروس.
في السماء شرق خان بني سعد، تمكن السامرائي من وضع إحدى طائرات “إف-15سي” الأمريكية في مرمى الهدف، وأطلق عليها صاروخ “أر-40”.
تختلف الروايات حول النتيجة النهائية لهذا الاشتباك، وبينما أكد الجانب العراقي حينها تدمير الطائرة الأمريكية وسقوطها داخل الأراضي السعودية، أقرت روايات أمريكية لاحقة بإصابة الطائرة وتضرر محركها الأيسر بشكل بالغ، إلا أن الطيار تمكن بعد جهد جهيد من العودة بالطائرة المعطوبة إلى قاعدتها.
الأكثر إثارة في هذا المشهد هو ما تلا الهجوم، فبينما كانت الطائرتان العراقيتان في طريق عودتهما، حاولت مقاتلتان أمريكيتان أخريان من طراز “إف-15” تعقبهما والثأر لهزيمة رفيقهما. أطلقت الطائرتان الأمريكيتان ما مجموعه عشرة صواريخ جو-جو متطورة تجاه “الميغ-25” العراقية، إلا أن مهارة الطيارين العراقيين ومناوراتهم المتقنة، بالإضافة إلى سرعة طائرتيهما الفائقة، أفشلت جميع هذه المحاولات، وتمكنا من الهبوط بسلام في قاعدتيهما، ما شكل إحراجا تقنيا وتكتيكيا للقوات الأمريكية التي فشلت في “معاقبة” الخصم في ساحة كانت تسيطر عليها بشكل تام.
هذه الحوادث، وإن كانت محدودة في نطاقها ضمن الحرب الشاملة التي انتهت بانتصار التحالف، فإنها تظل شواهد على الروح القتالية العالية والمهارة الفردية التي تمتع بها بعض طياري القوة الجوية العراقية. لقد قاتلوا في ظروف غاية في السوء ومن دون إستراتيجية واضحة، وواجهوا خصما يملك تفوقا تكنولوجيا ساحقا جعل من كل عملية إقلاع مغامرة أشبه بالانتحار.
رُغم كل شيء، نجاح الطيارين العراقيين في إسقاط طائرة معادية في اليوم الأول، وإصابة أخرى في ظروف أشبه بالمستحيلة لاحقا، ثم الإفلات من ملاحقة عشر صواريخ، كل ذلك يؤكد ان الطيارين العراقيين بذلوا كل ما بوسعهم وحاولوا بكل شجاعة حماية سماء بلادهم في معركة غير متكافئة. هؤلاء تركوا وسط خراب تلك الحرب المدمرة دروسا في البطولة وقوة الإرادة على الرغم من جحيم الأرض والسماء والمآسي المتتالية واليأس الذي كان يبدو مطبقا.
المصدر: RT