عبرت مصر عن أملها في أن تشهد الجولة القادمة من المفاوضات غير المباشرة بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية في غزة "رغبة سياسية إسرائيلية صادقة" لوقف الحرب على القطاع.

 

ووفقا لبيان وزارة الخارجية المصرية٬ جاء ذلك على لسان وزير خارجيتها بدر عبد العاطي، الثلاثاء بعد لقائه بنظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في مقر رئاسة الوزراء بمدينة العلمين الجديدة شمال غرب مصر.

 

ولفت بيان الخارجية إلى أن اللقاء "تناول بشكل مفصل تطورات أزمة قطاع غزة، والجهود المصرية والقطرية والأمريكية المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يسهّل إجراءات تبادل الأسرى والمحتجزين، ويعمل على حماية أرواح الفلسطينيين في القطاع، ويسمح بدخول المساعدات الإنسانية بكميات كافية لتخفيف الكارثة الإنسانية الحالية".

 

وذكر أن عبد العاطي "أعرب عن أمله أن تشهد الجولة القادمة من المفاوضات رغبة سياسية إسرائيلية صادقة لوقف الحرب على القطاع"، معتبرا ذلك "السبيل الوحيد" لوضع حد للمعاناة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة والحيلولة دون خروج الوضع الإقليمي عن السيطرة.

 

ووفقا للبيان، أكد الوزير المصري لبلينكن أن "رؤية مصر وجميع دول الإقليم تجاه مستقبل استقرار الشرق الأوسط، تتأسس على إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وضمان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

 

من جانبه، عبر بلينكن عن "تأييده لرؤية مصر التي تسعى للتوصل بسرعة إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وعبّر عن تقديره للجهود والمساعي التي تبذلها مصر في هذا الصدد".

 

وذكر البيان أن عبد العاطي أحاط بلينكن "بنتائج الاتصالات والزيارات التي قام بها مؤخرا لاحتواء التصعيد الإقليمي والتحذير من مخاطره المحدقة على دول المنطقة وعلى مصالح أطراف دولية عديدة". كما أضاف أن المباحثات تناولت أيضًا الموقف الحالي لمباحثات جنيف الخاصة بالأزمة في السودان.

 

وبحسب البيان، "شدد عبد العاطي على موقف مصر المبدئي المطالب بالتوصل لوقف فوري وشامل لإطلاق النار، وتسهيل العمل الإنساني، ووفاء الدول المانحة بتعهداتها السابقة على صعيد تقديم المساعدة للسودان ودول الجوار للتعامل مع التداعيات الإنسانية للأزمة".

 

من جهة أخرى، تناولت المحادثات مجموعة من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك في الساحتين العربية والأفريقية، بما في ذلك تطورات الوضع في ليبيا، والقرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر، والأوضاع السياسية والأمنية في منطقة الساحل الأفريقي.

 

وبحسب الخارجية المصرية، "تبادل الجانبان الرؤى والتقديرات بشأن جهود تسوية النزاعات في المنطقة، وأحاط عبد العاطي نظيره الأمريكي بنتائج الاتصالات والجهود التي تبذلها مصر في هذا الإطار".

 

واتفق الوزيران على "استمرار التنسيق والتشاور عن قرب خلال الفترة القادمة بشأن دعم جهود الوساطة الخاصة بأزمة قطاع غزة، واحتواء التصعيد الإقليمي".

 

السيسي يحذر من توسيع الصراع

 

كما التقى رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق الثلاثاء، الوزير بلينكن عقب وصوله من تل أبيب إلى مدينة العلمين، وفق بيان للرئاسة المصرية.

 

وبحسب بيان الرئاسة، أكد السيسي لضيفه ضرورة وقف الحرب على قطاع غزة، محذرا من "خطورة توسع نطاق الصراع إقليميا على نحو يصعب تصور تبعاته".

 

وخلال اللقاء، تم تبادل الآراء حول نتائج الاجتماع التفاوضي الأخير الذي عُقد الأسبوع الماضي في الدوحة، وناقش الطرفان سبل تحريك الموقف وإحراز تقدم في المفاوضات الجارية في القاهرة.

 

فيما أطلع بلينكن السيسي على "نتائج زيارته لإسرائيل"، مؤكداً "التزام الولايات المتحدة بجهود التهدئة والتوصل لاتفاق"، وفق بيان الرئاسة المصرية.

 

حماس ترد على بايدن

 

وردت حركة المقاومة الإسلامية حماس في بيان لها الثلاثاء على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي صدرت قبل ساعات بشأن تراجع الحركة عن اتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة، وقالت إن هذه التصريحات "ادعاءات مضللة" ولا تعكس حقيقة موقفها الراغب في التوصل إلى وقف الحرب على القطاع.

 

وفي 15 و16 من آب/ أغسطس الجاري جرت مفاوضات غير مباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس بالعاصمة القطرية الدوحة، بهدف تبادل الأسرى والتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

 

وأعلن لاحقا أن الطرفين سيواصلان مفاوضات غير مباشرة لوقف إطلاق النار الأسبوع المقبل في العاصمة المصرية القاهرة.

 

وعلى صعيد آخر أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد الماضي، إصراره على إبقاء سيطرة قوات الجيش على محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، بينما اتهمه زعيم المعارضة يائير لابيد، بالمماطلة وتخريب المفاوضات.

 

وشن الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حربًا مدمرة على غزة بدعم أمريكي كامل، أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 133 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة مدمرة.

 

ورغم القرارات الدولية، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الدولي بوقف الحرب فورًا وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة، تستمر إسرائيل في الحرب متجاهلة هذه النداءات.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فلسطين اسرائيل مصر واشنطن الكيان الصهيوني وقف الحرب على لإطلاق النار عبد العاطی قطاع غزة إلى وقف

إقرأ أيضاً:

المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية

في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم في قطاع غزة، تكشف المقترحات المتبادلة بين الأطراف المعنية عن حجم الهوة التي تفصل بين مواقف كل من حركة "حماس" وإسرائيل، برعاية ومتابعة أمريكية مباشرة. 

ومع كل اقتراب من نقطة الاتفاق، تظهر الشروط المتبادلة كحواجز أمام تحقيق اختراق سياسي حقيقي، مما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التعقيد والمعاناة الإنسانية.

خلافات تُجهض التقدم

كشفت تقارير إعلامية، الإثنين، أن حركة "حماس" وافقت مبدئيًا على مقترح هدنة تقدّم به المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين، إلى جانب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بأحكام عالية ومؤبدات.

غير أن متحدثًا باسم ويتكوف نفى هذه الموافقة، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وسط تضارب في الروايات. ووفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن مسؤولًا إسرائيليًا رفيعًا – لم يُكشف عن اسمه – وصف المقترح بأنه لا يعكس "نية حقيقية من قبل حماس للمضي قدمًا"، مشددًا على أن "أي حكومة مسؤولة في إسرائيل لا يمكن أن تقبل بهذا الطرح"، ما يعكس موقفًا إسرائيليًا رافضًا للعرض الأمريكي – أو على الأقل لبعض بنوده.

مطالب جديدة تثير الجدل

المقترح الذي طُرح عبر وسطاء تضمن بنودًا غير مسبوقة من قبل حركة حماس، من بينها طلب مصافحة علنية بين خليل الحية، القيادي في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، كرمز لضمانة بعدم استئناف القتال عقب فترة التهدئة. كما تضمن الإفراج التدريجي عن 10 رهائن، 5 منهم في اليوم الأول من الهدنة، والباقون بعد شهرين.

هذه البنود – بحسب الصحافة العبرية – تتناقض مع الخطة الأصلية التي قدمها ويتكوف، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن على مرحلتين: الأولى مع بداية التهدئة، والثانية في نهايتها. كما شملت مطالب حماس انسحابًا واسعًا للقوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في قطاع غزة، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهو ما تعتبره إسرائيل "تنازلات مفرطة".

غضب إسرائيلي داخلي

ردًا على هذه التطورات، أصدر "منتدى عائلات الرهائن" بيانًا غاضبًا، انتقد فيه استمرار الحرب ورفض الاتفاقات الجزئية، واصفًا إياها بأنها "خسارة إسرائيلية يمكن، بل يجب، تجنبها". وطالب المنتدى بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى الـ58 وينهي الحرب، مشيرًا إلى أن "الحكومة يمكنها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق صباح الغد إذا اختارت ذلك"، في إشارة إلى وجود دعم شعبي واسع لهذا الخيار.

مقترح "بحبح" بين التفاؤل والتشكيك

في خضم هذا التوتر، كشفت تقارير إعلامية عن وثيقة جديدة يُبحث فيها حاليًا، قدمها الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، بالتنسيق مع ويتكوف، تقضي بوقف شامل للحرب خلال فترة الهدنة، وتعهد من حماس بعدم تنفيذ هجمات أو تهريب أسلحة أو تطوير ترسانتها العسكرية خلال هذه الفترة.

لكن هذه الوثيقة لم تُعلن رسميًا، وتُقابل بقدر من التشكيك في إسرائيل، خصوصًا في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي جدّد فيها التزامه بإعادة جميع الرهائن "أحياء وأموات"، تزامنًا مع مواصلة جيشه قصفه المكثف على القطاع.

وفي ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، انتقد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، موقف المجتمع الدولي، وخصوصًا الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أنها لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات. 

أمريكا لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الاحتلال

وأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن ما تفعله إدارة ترامب لا يتجاوز الضغط السياسي، عبر مقترحات مثل تلك التي تقدم بها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي رفضتها إسرائيل رغم قبول حماس بها، في محاولة لإفشال الجهد الأمريكي.

وأوضح الرقب أن واشنطن، رغم قدرتها على التأثير الفعلي، تكتفي بتصريحات سياسية لا ترقى إلى مستوى الأفعال، مضيفًا: "لو أرادت الإدارة الأمريكية وقف العدوان لعلّقت إمدادات السلاح والذخيرة، لكنها تتواطأ ضمنيًا مع حكومة نتنياهو المتطرفة". ولفت إلى أن تصريحات ترامب المتناقضة توحي برغبته في وقف الحرب، دون أي تحرك عملي يجسد هذه الرغبة، معتبرًا أن ما يصدر عن واشنطن ليس سوى "دغدغة مشاعر" ومحاولة لتبرئة الذات من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وفي ما يخص الموقف الأوروبي، أشار الرقب إلى وجود تحول نسبي في الخطاب الأوروبي نتيجة الجرائم المتواصلة في غزة، واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع، وهو ما بدأ يحرج الاتحاد الأوروبي. 

وأوضح أن دولًا مثل فرنسا تتحرك فعليًا لعقد مؤتمر دولي للسلام، بينما ما تزال دول أخرى كالمجر والنمسا ترفض أي ضغط على الاحتلال.

 وأكد أن أوروبا تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لم توظفها بعد بشكل مؤثر.

وفي ختام تصريحاته، شدد الرقب على أن واشنطن وبروكسل قادرتان على وقف الحرب وإنهاء معاناة غزة، لكن غياب الإرادة السياسية واستمرار سياسة الكيل بمكيالين، يمنحان الاحتلال مزيدًا من الوقت لارتكاب مجازره دون رادع، وسط تصريحات دولية شكلية لا تغير من واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين.

وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على غزة، يتبيّن أن الطريق نحو هدنة حقيقية ما زال طويلًا، وأن أي تقدم مشروط بقبول تنازلات مؤلمة من الطرفين. 

ومع تعنّت الحكومة الإسرائيلية، ومطالب حماس التي تعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني، يبقى أفق التهدئة رهينًا بإرادة سياسية غير متوفرة بعد، ما ينذر باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يقبع تحت نار الحرب منذ أكثر من 19 شهرًا.

طباعة شارك غزة قطاع غزة حماس إسرائيل

مقالات مشابهة

  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • عملياتالحوثي ضد الاحتلال في مايو الأعلى منذ بدء الحرب.. والأخير يقصف صنعاء
  • سوريا.. لقطة تأثر أحمد الشرع وما سببها بخطاب حلب يثير تفاعلا
  • الحرب النفسية: اليمن يُعيد تعريف معادلة الصراع
  • النتيجة تدمير إسرائيل.. ساعر يحذر من نتيجة فرض حظر أسلحة على الاحتلال
  • الجبهة الوطنية يحذر من خطورة إغلاق قصور الثقافة: منارات للإبداع
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • الكشف عن بنود اتفاق جديد لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
  • تقرير أممي يحذر من تفاقم الوضع الإنساني في اليمن إثر الغارات التي استهدفت موانئ الحديدة
  • الرئيس السيسي يلتقي وفد رجال الأعمال الأمريكيين في المنتدى الاقتصادي المصري الأمريكي