"صالحجر".. قرية أثرية فى طى النسيان
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
تعتبر محافظة الغربية من المحافظات الفقيرة على مستوى المعالم السياحية والأثرية؛ فالمعالم الأثرية الشهيرة بها تعد على أصابع اليد الواحدة؛ وعلى الرغم من ذلك فإن أغلب تلك الأماكن الأثرية تشكو الإهمال؛ ولم نسمع يوما عن البحث عن تلك الأماكن الأثرية ووضعها على جدول أعمال المحافظة.
فــ من أشهر تلك الأماكن قرية صالحجر مركز بسيون؛ فهى إحدى القرى الفرعونية الشهيرة التى أسماها المصريون القدماء "ساو" وسماها الإغريق "سايس" و كانت أحد الأماكن الهامة في فترة الأسرة الأربع والعشرين، وقام الملك أبسماتيك الأول بتحرير هامن قبضة الآشوريين لتصبح عاصمة مصر الفرعونية في عهد الأسرة السادسة والعشرين، ثم عاصمة لدولة مصر الرومانية وأكبر ممر تجاري في العهد الإسلامي لوقعها في الجانب الشرقي للنيل فرع رشيد، ذكرها هيرودوت المؤرخ اليوناني الشهير ووصف المسلات ومقابر الملوك في معبد الإلهة نيت والبحيرة المقدسة.
تعانى القرية من ظاهرة غرق المنازل والمناطق الأثرية بمياه الصرف الصحى منذ سنوات، وتتفاقم تلك المشكلة مع فصل الشتاء، فتغرق مياه الأمطار المنازل نظرا لأن شوارع القرية غير ممهدة ولا توجد بها شبكة صرف صحى سليمة.
وتضم القرية المنسية وفقا لما سجلة الأثريون عدد من التماثيل الهامة والتي نقل منا الي المتحف المصري تمثالًا لكبير كهنة نيت "واح أيب رع" وكان يعمل حاكمًا للصعيد، وتمثالًا آخر "سماتاوى تف نخت" من عهد الملك إبريس وكان قائدًا للفرسان وقائداً للحدود الغربية والشرقية، وبعض التماثيل من الأسرة السادسة والعشرين معروضة بالمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، وشهدت أحداث عبر تاريخها التليد لتهريب بعض التماثيل للخارج تعرض في متحف تورينو بإيطاليا والأشموليان بأكسفورد ومتحف اللوفر بباريس ومتحف الفاتيكان بروما.
قال أحمد عيد - أحد أهالى القرية، عن حزنه من تحول أطلال الدولة الفرعونية القديمة، إلى أماكن لتجميع القمامة، ومرعى للاغنام بدلا من تطويرها وتحويلها إلى مزار سياحى مثل كثير من المدن السياحية .
مشيرا إلى أن كثيرا من الحجارة الأثرية النادرة قد نقلت الي المتاحف وتركت الجداريات عرضة لعوامل التعرية ومياه الأمطار والصرف الصحى حتى أن كثيرا من تلك المناطق قد غطيت بشكل كامل بالبوص والحشائش.
وطالب أهالى القرية بتدشين مشروع عالمي بقرية صالحجر، بحيث يضع الغربية على خريطة السياحة العالمية، ويفتح المجال لتوفير فرص العمل للخريجين الذين يحملون شهادات في فنون الترميم.
وعبر أهالى القرية عن غضبهم من حالة الإهمال التى تعانى منها القرية رغم أنها قرية أثرية، ومن المفترض أن تتحول إلى مزار سياحى بدلا من تركها تغرق فى مياه الصرف الصحى.
كما طالب الأهالى بإجراء مسح أثري شامل للمنطقة، بمشاركة علماء وخبراء من كلية الآثار بجامعة القاهرة لتحديد المساحات التي يمكن إنشاء المشروع عليها؛والمحافظة على المناطق الأثرية المتبقية من مياه الأمطار والصرف الصحى التى أغرقت كثير من المناطق .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قرية صالحجر قرية أثرية المش بروم مقابر معالم الاثرية منذ سنوات الشرقية مشروع
إقرأ أيضاً:
العيزرية قرية مقدسية سميت على اسم نبي
العيزرية هي إحدى بلدات محافظة القدس، يحيط بها جدار الفصل الإسرائيلي من أغلب جهاتها، ويعزلها عن البلدات والمدن المحيطة بها.
الموقعتقع قرية العيزرية على بعد كيلومترين شرق مدينة القدس. تحدّها من الجنوب بلدة أبوديس، ومن الغرب رأس العامود والمسجد الأقصى، وعلى أراضيها من ناحية الشّرق أقيمت مستوطنة معاليه أدوميم والخان الأحمر، ومن الشّمال قرية الزعيم ومن الشّمال الغربي جبل الزيتون.
التسميةتقول بعض الروايات إن العيزرية سميت نسبة إلى نبي الله عزير، الّذي أماته الله 100 عام كما جاء في سورة البقرة في قوله تعالى "أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير (259)".
ويقال أيضا إنها سُميت بهذا الاسم نسبة إلى "لعازر"، وهو شخصية إنجيلية مرتبطة بقصة قيامة لعازر على يد السيد المسيح، وفق المعتقدات المسيحية، ولهذا السبب كانت القرية محطة للحجاج المسيحيين على مر العصور.
وقد ذُكرت العيزريّة في الإنجيل والتوراة باسم بيت عنيا ومعناه بيت البؤس أو بيت التّمور.
وكانت قرية العيزرية تعرف عند الفرنجة في العصر الوسيط باسم "بنتانينا سانت لازار".
السكانحسب التعداد العام للسكان والمساكن الذي أجراه الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء عام 2023، بلغ عدد سكان العيزرية نحو 23 ألفا و692 نسمة، لكن عدد السكان الفعلي فيها يتجاوز 50 ألف نسمة.
ويعود هذا الاختلاف إلى عدد السكان الذين يحملون الهوية الإسرائيلية (الزرقاء) ويرفضون التسجيل في الإحصاء الفلسطيني، لأن ذلك يؤثر على وضعيتهم القانونية وإقامتهم في القدس.
بدأ الوجود البشري في العيزرية منذ العصور الكنعانية، كما كشفت التنقيبات عن آثار رومانية وبيزنطية تعود للقرنين الرابع والخامس الميلاديين، من بينها بقايا أديرة وكنائس ومعاصر زيتون وأحواض مياه.
إعلانفي الفترة البيزنطية (القرن الرابع-القرن السابع ميلادي)، أصبحت البلدة مركزا دينيا مهما. إذ أمرت الإمبراطورة البيزنطية أوفيميا ببناء كنيسة على قبر العازر حوالي عام 480م، مما عزّز مكانتها بين مراكز الحج المسيحي في فلسطين، إلى جانب القدس وبيت لحم والناصرة.
مع فتح صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس عام 1187م، دخلت العيزرية ضمن السيطرة الإسلامية، وشهدت فترة من التجديد والبناء في إطار مشروع صلاح الدين لإعادة إحياء المدينة المقدسة ومحيطها بعد طرد الصليبيين منها.
وفي الفترة الأيوبية (1187–1250م)، جُددت بعض الكنائس وحُوّلت أخرى إلى مساجد، وجرى الحفاظ على المعالم الدينية المسيحية الكبرى بدافع التعايش الديني الذي شجّع عليه صلاح الدين.
كما أُقيمت في العيزرية منشآت تعليمية ودينية إسلامية، ومنها زوايا صوفية ومدارس شرعية لخدمة المجتمع المسلم المتنامي في المنطقة.
وفي أعقاب النكبة عام 1948، وبعد اتفاقات الهدنة لعام 1949، أصبحت قرية العيزرية تحت الحكم الأردني، لكن بعد النكسة عام 1967 سقطت بيد الاحتلال الإسرائيلي.
من أبرز معالم القرية كنيسة أليعاز للاتين، التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي، وقد شيدت في عهد الإمبراطور قسطنطين، وهي الفترة التي تم الاعتراف فيها بالديانة المسيحية، وبدأ فيها بناء الكنائس في فلسطين.
وتم اكتشاف بقايا أرضيات فسيفسائية في الساحة الرئيسية للدير تضم زخارف هندسية تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في كنيسة المهد بمدينة بيت لحم جنوب القدس، ويضم الموقع أيضا قبورا تعود للفترة البيزنطية.
وتضم البلدة القديمة في العيزرية الآن بقايا 4 كنائس وخامسة شُيّدت فوق 3 كنائس أثرية، وعلى مقربة من كنيسة أليعاز تقع كنيسة الروم، ويتوسط الكنيستين جامع العُزير الذي بُني في عهد القائد صلاح الدين الأيوبي.
ومن المعالم الأخرى قبر أليعازر، وهو مبنى لقبر شخصية تاريخية مقدسة لدى المسيحيين موجود في العيزرية، وتحديدا على طرف سفح جبل الزيتون. وهو مكان يحج له المسيحيون من جميع أقطار العالم، فبحسب إنجيل يوحنا حصلت به معجزة إحياء يسوع لعازر من الأموات. القبر موجود في كنيسة الروم الأرثوذكس، ويلاصقه مسجد العزير، الذي يلاصق بدوره كنيسة الروم الكاثوليك.
وأيضا القناطر وهو برج صليبي، بني إلى الجنوب الغربي من الدير القديم، بطول (14.6 مترا) وعرض (14.8 مترا)، وتبلغ سماكة جدرانه 4 أمتار، ويعتقد أنهما كانا برجين للدفاع عن خزان مياه روماني في الحقبة الصليبية.
بين عامي 1949 و1953، وجد باحثون حفريات أثرية عبارة عن كهوف في الجهة الجنوبية للبرج الصليبي، إضافة إلى أساسات الغرف، وأماكن لتخزين احتياجات السكان وحفظ المياه، وكذا تخزين الأعلاف للدواب.
كما وجد المنقبون لُقى أثرية أخرى كالأسرجة والجرار وعملات معدنية، واعتبروا ذلك أدلة على أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ القرن السادس والخامس قبل الميلاد.
شكّلت العيزرية المدخل الشرقي الطبيعي والتاريخي لمدينة القدس، إذ كانت طريقها الرئيسي نحو أريحا ووادي القلط والأغوار، ومعبرا للقوافل التجارية والحجاج القادمين من الضفة الشرقية لنهر الأردن. وكان من الممكن الوصول منها في دقائق فقط إلى باب الأسباط أو جبل الزيتون.
إعلانبعد إغلاق مدينة القدس في بداية التسعينيات من القرن العشرين وعزلها عن الضفة الغربية بالحواجز العسكرية، حدث نوع من الانتقال في الاستثمار الاقتصادي والتجاري والعمراني، إلى الضواحي مثل الرام والعيزرية.
ومن ناحية أخرى، فإن سياسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين في القدس في ما يتعلّق بالضرائب الباهظة المفروضة على السكن والأملاك وضرائب الدخل، وسوء الوضع الاقتصادي للتجار في القدس مع عزلها عن الضفّة، دفع بكثيرين منهم إلى الانتقال للعمل والسكن في الضواحي مثل العيزرية والرام وبير نبالا.
وشهدت هذه الضواحي في السّنوات الماضية حركة عمرانية ضخمة، إذ ازدادت المنشآت السكنيّة والتجارية والورش فيها، وأصبح يسكنها عشرات الآلاف من حملة الهوية المقدسية، بينما انتقل آلاف من مناطق مختلفة من محافظات الضفة الغربية للسكن والعمل فيها لقربها من القدس، ولازدياد الحركة التجارية فيها.
مخطط "إي 1" الاستيطانيمن أبرز المخططات الإسرائيلية الجارية في المنطقة ما يسمى "مشروع إي 1″، الذي يهدف إلى ربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بالقدس الغربية عبر امتداد عمراني استيطاني، يمر عبر أراضي العيزرية وأبو ديس والسواحرة.
يعد هذا المشروع من أخطر ما يهدد مستقبل العيزرية والقدس، إذ يُقسم الضفة الغربية فعليا إلى قسمين شمالي وجنوبي، ويُجهز على إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا. كما يُحاصر التجمعات الفلسطينية شرق القدس، ويمنع أي توسع عمراني طبيعي لها.