يتصدر العراق قائمة أكثر الدول المنتجة للنفط، وفي الوقت ذاته هو ثاني أكثر دولة، بعد روسيا، تحرق الغاز المصاحب، إذ تعمد الشركات النفطية إلى حرق الغاز باعتباره أقل كلفة من معالجته وبيعه. ومنذ القدم عندما بدأ العالم بإنتاج النفط، اقترن معه حرق الغاز الصادر أثناء استخراج النفط الخام، إلا أن هذا الغاز المحترق مصدر كبير لتلوث الهواء وانبعاثات الغازات الدفيئة والمسببة للسرطانات.

قامت الشركات المشغلة للحقول النفطية في محافظة البصرة جنوبي العراق بحرق ما نسبته أكبر من 50% من الغاز المصاحب سنويا خلال السنوات الخمس الماضية، وأدى ذلك إلى انبعاث مركبات كيمياوية خطيرة بتركيزات عالية على الهواء ولها صلة بزيادة أعداد الإصابات بالأمراض السرطانية، خاصة في مركز المحافظة التي تتصدر أعداد الإصابات بنسبة 76.3 لكل 100 ألف شخص في عام 2020 يليها قضاء الزبير ثم القرنة (وهي مناطق تتبع للبصرة)، وفقا لآخر دراسة بحثية منشورة في عام 2021 أجرتها جامعة ميسان.

 

البحث عن الدليل

لا يستطيع العراقي حسين جلود استرجاع ابنه الذي توفي بسرطان الدم، ولكنه يعمل جاهدا على استرجاع حقه ومحاسبة قاتليه بالفوز بمعركة قضائية ضد شركة عملت على حرق الغاز في أكبر حقل نفط بالعراق مسببا إصابة علي بالسرطان نتيجة الملوثات الناجمة عن عملية الحرق، وفق اعتقاده.

وقد أشار تقرير تقويم الأداء التخصصي الصادر عن ديوان الرقابة المالية الاتحادي العراقي لشهر يونيو/حزيران 2023 إلى ارتفاع تركيزات الهيدروكربونات غير الميثانية المسببة للسرطانات في جميع نقاط الرصد في حقول نفط البصرة إلى درجة تتجاوز الحدود المسموح بها، وفق المحدد الوطني البالغ 0.24 جزء في المليون لكل 3 ساعات.

لم يكن الطفل علي حسين العراقي الوحيد الذي توفي نتيجة إصابته باللوكيميا (سرطان الدم) جراء التلوث الناتج عن حرق الغاز المصاحب للنفط في الرميلة بالقرب من مدينة البصرة جنوبي العراق، فهناك فاطمة وعباس وكاظمية و خلدون وغيرهم كثير، هؤلاء الذين تقترب مجتمعاتهم المحلية من حقول النفط وخاصة شعلات احتراق الغاز في البصرة، وفق رئيس منظمة طبيعة العراق جاسم الأسدي.

حرق الغاز المصاحب أدى إلى انبعاث مركبات كيمياوية خطيرة بتركيزات عالية على الهواء ولها صلة بزيادة أعداد الإصابات بالأمراض السرطانية (بيكسابي)

أما مسؤول ملف البيئة والطاقة وتغير المناخ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، مامونور راشد، فيرى -في تصريح للجزيرة نت- أنه "لا يوجد أي إثبات علمي حتى الآن يدل على أن حرق الغاز المصاحب السبب الرئيسي للإصابة بالسرطان في البصرة"، لكنه يؤكد أن "هناك روابط منطقية إذ يعتقد أن حرق الغاز له عامل مساهم مباشر في التسبب في الإصابة بالسرطان أو تحفيزه".

وفي حين أن الدراسات المحددة التي تركز حصريا على العلاقة بين حرق الغاز والسرطان في العراق محدودة، فإن هناك أدلة على ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في المناطق التي تعاني من حرق الغاز بكثافة، ومحافظة البصرة مثال على ذلك، وفق حديثه.

ومع افتقاد العراق للدراسات المباشرة، يرى راشد -في حديثه للجزيرة نت- أنه من الممكن القياس على تجارب أخرى ذات ممارسات مماثلة لاستخراج النفط، إذ وثقت الدراسات التي أجريت في دلتا النيجر في نيجيريا، وهي منطقة أخرى تعاني من حرق الغاز على نطاق واسع كما العراق، زيادة معدلات الإصابة بالسرطان وغير ذلك من المشاكل الصحية في المجتمعات القريبة من مواقع حرق الغاز.

 

مواد ملوثة ومسرطنة

عند حرق الغاز تنبعث العديد من المركبات العضوية المتطايرة، ومن ذلك البنزين والتولوين والزيلين والفورمالدهيد، ومن المعروف أنها مواد ملوثة ومسرطنة، وترتبط بقوة بسرطان الدم وغيره من أنواع السرطان المرتبطة بالدم، والتعرض الطويل الأمد لها يمكن أن يزيد كثيرا من خطر الإصابة بالسرطان، وفق قوله.

ويؤكد راشد أن الحرق أيضًا يؤدي إلى إطلاق الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات، ومن المعروف أنها مسرطنة ويمكن أن تسبب سرطان الرئة والجلد والمثانة عند التعرض لها مدة طويلة، وتعدّ الديوكسينات والفيورانات مسببة للسرطان بشكل كبير وقد تم ربطها بالسرطان مثل سرطان الغدد الليمفاوية وسرطان الكبد.

وعن الطرق الأكثر خطورة للإصابة المباشرة، يقول راشد إنها الاستنشاق، إذ تتعرض المجتمعات التي تعيش بالقرب من مواقع استخراج النفط لخطر أكبر لأنها تتنفس هواء ملوثًا يحتوي على مركبات مسرطنة. ويمكن أن تؤدي ملامسة الجلد للتربة أو الماء الملوث، أو حتى مع جزيئات الهواء، إلى امتصاص المواد المسرطنة، وذلك يزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد.

أما عن الطرق غير المباشرة، فيقول رشيد إنه من الممكن أن تستقر الملوثات الناتجة عن حرق الغاز على المحاصيل، أو في مصادر المياه، أو على الأسطح، وذلك يؤدي إلى ابتلاعها من خلال الطعام والماء، وهذا التعرض غير المباشر يمكن أن يسهم أيضًا في تطور السرطان.

أما الخطر الأكبر هو ذاك الذي يواجه العمال المشاركين في استخراج النفط والعاملين على مقربة من مواقع حرق النفط بسبب تعرضهم المتزايد للمواد المسرطنة، فغالبًا ما تكون تدابير الحماية غير كافية مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين هذه المجموعة، وفق حديثه.

حرق الغاز له تأثير كبير على البيئة لأنه يتسبب في دخول الملوثات للهواء فينتج عنها ارتفاع حاد في نسبة تلوث الهواء (ويكيبيديا) الأمر لا يقف عند البشر

لا يقتصر ضرر عملية حرق الغاز المصاحب للنفط عن كونها مسرطنة وإنما أيضا من الممكن أن تسبب أمراضا تنفسية، ومن ذلك الربو والتهاب الشعب الهوائية، فيمكن أن يسبب الحرق الصداع والدوار وأعراضا عصبية أخرى بسبب إطلاق مواد كيميائية سامة، وفق راشد.

أما عن البيئة فهي ليست بعيدة عن تلك المخاطر، إذ يقول المتخصص في شؤون الطاقة في البصرة، عادل صادق وكر، للجزيرة نت، إن "حرق الغاز له تأثير كبير على البيئة لأنه يتسبب في دخول الملوثات للهواء، فينتج عنها ارتفاع حاد في نسبة تلوث الهواء الذي ينعكس على التنوع البيئي وعلى المساحات الزراعية، وهذا بات واضحا في المناطق العراقية التي توجد بها أحواض النفط".

ويرى وكر أن عملية الحرق تحدث ضررا بيئيا على الزراعة باعتبارها تسبب تغييرا ديموغرافيا وتزيد من تغوّل المناطق النفطية باتجاه المناطق الزراعية ومن ثم تصحرها، كما تتسبب عملية حرق الغاز في هدر الأموال الباهظة التي تحتاجها عملية الحرق ويشكل ذلك هدرا للمال العام، وما يجعلنا ندق ناقوس الخطر هو أن الضرر البيئي الناتج عن عملية الحرق أمر خطير وليس من السهل معالجته.

يحذر مامونور راشد من استمرار عمليات حرق الغاز المصاحب دون رادع، لأن الأضرار الطويلة المدى ستكون شديدة، وستؤدي إلى تسريع وتيرة تغير المناخ، وتلوث التربة والمياه، وفقدان التنوع البيولوجي.

ويشير راشد إلى أن عملية الحرق تهدد الحياة البرية المحلية، لأنها تؤدي إلى إرباك الحيوانات الليلية وتعطيل أنماط الهجرة، وتهدد تدهور نوعية الهواء والتربة والمياه التنوع البيولوجي بشكل أكبر.

حرق الغاز وظاهرة الاحتباس الحراري

يتفق الخبيران أن حرق الغاز يؤدي إلى إطلاق الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، التي تؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ يعد الميثان ضارا بشكل خاص لأنه أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون. وعلى الصعيد العالمي، يسهم حرق الغاز بحوالي 1-2% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا.

ويقول راشد إن حرق الغاز يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد الغازات الدفيئة الرئيسية التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. وغالبًا ما يتم إطلاق غاز الميثان، ويؤدي حرق الغاز كذلك إلى انبعاث ملوثات مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة والجسيمات، التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور جودة الهواء.

ويمكن أن يتحد ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين المنبعثة أثناء حرق الغاز مع بخار الماء في الغلاف الجوي لتكوين أحماض الكبريتيك والنيتريك، ومن ثم هطول الأمطار الحمضية التي تتسبب في الإضرار بالنظم البيئية عن طريق زيادة حموضة التربة والمسطحات المائية، وإتلاف الحياة النباتية، والإضرار بالحياة المائية.

حرق الغاز يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وهو أحد الغازات الدفيئة الرئيسية التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري (ويكيبيديا) ما الحل؟

لا يهدر العراق ثرواته فقط بحرق الغاز المصاحب للنفط، بل يخسر أيضا باستيراد الغاز من الدول المجاورة لسد حاجته من الطاقة، على الرغم من إمكانية استثمار الغاز المحروق في الإنتاج وسد احتياجات البلد من الكهرباء.

ويعدّ إنتاج الطاقة من الغاز بدلا من حرقه حلا من ضمن حلول عدة يسردها راشد، وتتمثل في:

اتباع نهج متعدد الأوجه يجمع بين الإصلاح التنظيمي والاستثمار التكنولوجي والتعاون الدولي والمشاركة المجتمعية. إدخال قوانين المسؤولية البيئية، وجعل متطلبات الإبلاغ والشفافية إلزامية للشركات. يمكن للحكومات أن تضع أهدافًا إلزامية للحد من حرق الغاز، وذلك يتطلب من الشركات تقليل حرق الغاز تدريجيا مع مرور الوقت. وينبغي أن يؤدي عدم الامتثال لعقوبات مثل تعليق العمليات، أو إلغاء التراخيص، أو اتخاذ إجراءات قانونية. إلزام الشركات تحمل المسؤولية القانونية عن الأضرار البيئية الناجمة عن إحراق الغاز. ويشمل ذلك دفع تكاليف العلاج، وتعويض المجتمعات المتضررة، ومعالجة الآثار البيئية الطويلة المدى. مطالبة الشركات بالإبلاغ عن أنشطة حرق الغاز وبيانات الانبعاثات بشفافية. ويجب أن يؤدي الفشل في تقديم معلومات دقيقة أو الانخراط في ممارسات خادعة إلى فرض عقوبات قانونية. وضع مبادئ توجيهية قانونية وتنظيمية واضحة، وتنفيذ المراقبة وإعداد التقارير الروتينية، وإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة من خلال وضع لوائح صارمة تحد من حرق الغاز. إنشاء نظام قوي لمراقبة أنشطة حرق الغاز باستخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية وعمليات التفتيش الأرضية. التأكد من أن شركات النفط ستقوم بالإبلاغ الإلزامي عن كميات حرق الغاز بشكل منتظم وإتاحة هذه البيانات للجمهور، ويحتاج العراق أيضا إلى إنشاء وكالة مستقلة تتمتع بسلطة إنفاذ الأنظمة، ومراقبة الالتزام بها، وفرض العقوبات. وهذا أمر ضروري وينبغي تمكين هذه الهيئة من التصرف الحاسم ضد المخالفين. الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وحرق الغاز المرتبط به. إن محفظة الطاقة المتنوعة ستعزز قدرة العراق على الصمود أمام تقلبات سوق الطاقة العالمية. مواءمة العراق مع أفضل الممارسات الدولية وتوفير إمكانية الوصول إلى الدعم الفني والمالي. تعاون العراق مع الدول المجاورة لتبادل المعرفة والتكنولوجيا وأفضل الممارسات للحد من حرق الغاز، ويمكن للتعاون الإقليمي أن يساعد أيضا في معالجة قضايا التلوث العابر للحدود. إلغاء تراخيص المخالفين المتكررين ومحاسبة الشركات عن الأضرار البيئية. وكذلك دعم الشركات التي تتمثل عبر الإعفاءات الضريبية، أو الإعانات، أو القروض المنخفضة الفائدة لجعل هذه الاستثمارات أكثر جاذبية. إطلاق حملات توعية عامة لتثقيف السكان بالآثار البيئية والصحية لحرق الغاز، وهذا يمكن أن يساعد في بناء ضغط عام على الشركات وصانعي السياسات لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

تتعدد الأضرار الناجمة عن عملية حرق الغاز المصاحب، ولا يخفي المسؤولون العراقيون تلك الأضرار بل يعترفون بها، إلا أن حل المشكلة يجب أن يتجاوز مرحلة الاعتراف. وتؤكد الحكومة العراقية أنها تهدف لتنفيذ مجموعة من الحلول بحلول 2028، وسيعني ذلك إن حدث انقراض أحد أهم مسببات التلوث البيئي والأمراض السرطانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الغازات الدفیئة الغاز المصاحب عملیة الحرق حرق الغاز

إقرأ أيضاً:

وزيرا التعليم العالي والبيئة يبحثان مع مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي سبل التعاون

عقد د.أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، والدكتوره  ياسمين فؤاد وزيرة البيئة مساء أمس اجتماعًا مع الدكتورة نوريا سانز مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة والوفد المرافق لها من مكتب المنظمة الإقليمي؛ لبحث سبل التعاون لدعم أنشطة برنامج الإنسان والمحيط الحيوي(MAB) ولتعزيز الشراكة بين الجانبين بما يسهم في صون الموارد الطبيعية، وحماية التنوع البيولوجي والثقافي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك بمقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالعاصمة الإدارية الجديدة.

أكد الدكتور أيمن عاشور أهمية الدور المحوري لمنظمة اليونسكو ومكتبها الإقليمي بالقاهرة في دعم مجالات التربية، والعلوم، والثقافة، مشيدًا بالعلاقات التاريخية التي تربط مصر باليونسكو منذ أكثر من 75 عامًا، مؤكدًا أهمية التعاون المشترك في تنفيذ أنشطة تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، مشيرًا إلى الدور المحوري للجنة الوطنية المصرية لليونسكو، ومساهمات مصر في الحفاظ على التنوع البيولوجي، وصون  الموارد الطبيعية، وإشراك السكان المحليين في إدارة وتفعيل أنشطة محميات المحيط الحيوي، وذلك تحت مظلة برنامج "الإنسان والمحيط الحيوي"، مؤكدًا أهمية تعزيز التعاون مع اليونسكو لزيادة عدد محميات المحيط الحيوي، وإعداد ملفات ترشيح متنزهات جيولوجية، بالإضافة إلى دعم أنشطة التدريب، والرصد، والبحث، والابتكار، بالشراكة مع الشبكات العلمية، إلى جانب تعزيز دور المجتمعات المحلية، وإنشاء برامج تعليمية ومبادرات للسياحة البيئية، تسهم في رفع الوعي بأهمية الحفاظ علي الأرث الطبيعي والجيولوجي، وخلق فرص عمل خضراء  للشباب.

ومن جانبها، استعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد خلال اللقاء رؤية إدارة مصر لمواردها الطبيعية بالتركيز على التنوع البيولوجي والمحميات الطبيعية والاقتصاد الأزرق على المستويات الوطنية والإقليمية ومتعددة الأطراف، موضحة أن مصر تضم حاليا ٣٠ منطقة محمية تغطي ١٥٪؜ من مساحتها، منها محميات أعلنتها اليونسكو كمنطقة تراث طبيعي، مثل: وادي الحيتان، مشيرة إلى التطور الكبير في دور مصر في مجال صون الموارد الطبيعية من خلال العمل متعدد الأطراف، خاصة بعد رئاستها لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي COP14 في ٢٠١٨ على مدار ٣ سنوات، والذي استطاعت من خلاله إهداء العالم مسودة الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، والذي تم إصداره في المؤتمر التالي، وكذلك دور مصر الهام على المستوى الوزاري فى قيادة مشتركة مع الجانب الكندي لمشاورات الخروج بإطار عالمي طموح يربط التنوع البيولوجي بتحدي تغير المناخ، في إطار ادراك ودعوة مبكرة من مصر للربط بين مسارات اتفاقيات ريو الثلاث، وكذلك استضافة مصر لمؤتمر اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث، وخطة عمل المتوسط في نهاية العام الحالي، والتى ستكون نقطة فارقة في دور مصر على المستوى الإقليمي، خاصة مع اهمية المؤتمر في ظل التحديات البيئية التي تواجه المتوسط.

كما استعرضت وزيرة البيئة الجهود الوطنية لصون الموارد الطبيعية وفي مقدمتها تطوير والحفاظ على المحميات الطبيعية وتعزيز الاستثمار في ممارسة الأنشطة بها لتحقيق استدامتها، والتوسع في السياحة البيئية في مصر، وخلق المناخ الداعم لها من خلال رحلة مليئة بالتحديات، أثمرت عن خطوات هامة، مثل: إعلان أول معايير للنزل البيئي في مصر، وإنشاء لجنة السياحة البيئية بمشاركة أساسية للقطاع الخاص، وقصة نجاح تحويل شرم الشيخ لمدينة خضراء، بما يعكس قدرة مصر على تحويل السياسات إلى إجراءات تنفيذية على الأرض، إلى جانب إدراك الدور الأهم للمجتمعات المحلية فكانوا شركاء في عملية تطوير المحميات، من خلال خلق فرص عمل تساعد على صون تراثهم وتقاليدهم الموروثة والتي تعد جزءًا ساحرًا من طبيعة المكان، فتم تنفيذ حملة حوار القبائل "حكاوى من ناسها" لدعم ١٣ قبيلة للحفاظ على تراثها وثقافتها.

وأضافت وزيرة البيئة أن نجاح الحكومة في خلق المناخ الداعم للسياحة البيئية في مصر ساعد على زيادة عدد الشركات الناشئة ورواد الأعمال والمستثمرين الذين يقدرون القيمة المضافة للاستثمار في أنشطة السياحة البيئية،  معربة عن فخرها بدعم انشاء أول منظمة غير حكومية للسياحة البيئية، لتكون الدولة هي الداعمة والدافعة للمجتمع المدني للانخراط في هذا النوع من السياحة، بما يعكس الدور الهام للمجتمع المدني في العمل البيئي، وأيضا التعاون مع الجمعية المصرية لحماية الطبيعة في إنشاء موقع مشاهدة الطيور في الجلالة، وتشجيع الشركات السياحية على وضع مشاهدة الطيور المهاجرة ضمن أنشطتنا السياحية، والحرص على خلق المناخ الداعم لصغار المستثمرين من خلال إتاحة نحو ٤٠ نشاط اعتمدتها وزارة البيئة لتدرج ضمن الأنشطة التي يمكن تنفيذها في المحميات الطبيعية ومنها التزحلق على الرمال والتمتع بالطبيعة، وإنشاء مراكز بحثية داخل المحميات، مشيرة أيضًا إلى حرص الحكومة على دعم المجتمعات المحلية حيث يتابع رئيس الوزراء مباشرة عملية تطوير قرية الغرقانة في محمية نبق لتوفير حياة كريمة لعدد ٥٠ أسرة من خلال إنشاء منازل تناسب طبيعة المكان بمعايير بيئية، فمصر تضع الإنسان في قلب عملية التطوير.

كما ثمنت وزيرة البيئة المقترحات المقدمة لتعزيز التعاون المشترك بين مصر واليونسكو بإجراءات تنفيذية، ومنها دعم خلق الوظائف الخضراء في مصر خاصة في مجال السياحة البيئية والاستثمار البيئي والمناخي، وإتاحة الفرصة لرواد الأعمال، ودعم الاقتصاد الأزرق، والتعاون في إعلان عدد من المحميات الطبيعية في مصر كمناطق جيوبارك، مرحبة بالمشاركة في الدورة الخامسة للمؤتمر العالمي لمحميات المحيط الحيوي الذي سيعقد في الصين لتحديد أولويات الصون ووضع خطة عمل عالمية للسنوات العشر القادمة لمناطق المحيط الحيوي المحمية التابعة لليونسكو في ١٣٦ دولة ومساهمتها في التنوع البيولوجي العالمي وأجندة التنمية المستدامة وتوحيد الجهود مع إطارات العمل الرئيسية مثل الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، واتفاق باريس لتغير المناخ، معربة عن تطلعها لتنفيد مجموعة عمل من فريق وزارتي البيئة والتعليم العالي وفريق اليونسكو للخروج برؤية يتم عرضها في المؤتمر للوضع المصري العربي وخطط تنفيذية للمستقبل.

تناول الاجتماع سبل تعزيز التعاون مع منظمة اليونسكو في إطار أنشطة برنامج "الإنسان والمحيط الحيوي"، ومتابعة الجهود المبذولة في محميتي العميد ووادي العلاقي؛ باعتبارهما من المحميات المعلنة ضمن البرنامج، إلى جانب مناقشة مفهوم "الجيوبارك" كأحد أدوات دعم المجتمعات المحلية من خلال استثمار التراث الجيولوجي الفريد في أنشطة بيئية واقتصادية مستدامة، وفي هذا السياق، تم بحث مقترح اليونسكو بإدراج محمية وادي الجمال بمحافظة البحر الأحمر كمحيط حيوي نموذجي؛ نظرًا لتنوعها البيولوجي، والبحري، والبري، والثقافي، إضافة إلى مناقشة إمكانية تأسيس جيوبارك بمحافظة الفيوم؛ لما تتمتع به من موارد طبيعية، ومجموعة من المحميات التي تؤهلها لتعزيز السياحة البيئية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وخلال الاجتماع، تم الاتفاق على بلورة رؤية إقليمية شاملة لإدارة محميات المحيط الحيوي، تقودها مصر بالشراكة بين اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، والمكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة، ووزارة البيئة، وممثلي الدول العربية، وذلك من خلال تنظيم مؤتمر إقليمي يضم ممثلي جامعة الدول العربية، والشركاء الإقليميين، وتهدف هذه الرؤية إلى تعزيز التعاون العربي، وتوحيد الجهود في مجال حماية المحيط الحيوي، بحيث يتم عرضها ضمن فعاليات المؤتمر العالمي لمحميات المحيط الحيوي، الذي تنظمه اليونسكو، والمقرر عقده في الصين في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2025، والذي تجتمع فيه الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي كل عشر سنوات؛ لوضع الأولويات، وتعزيز التعاون الدولي، وتحديد خطة العمل المستقبلية.

ومن جانبها، أكدت د.نوريا سانز حرص المنظمة على تعزيز التعاون مع مصر في مجالات حماية البيئة، والمحميات الطبيعية، مشيدة بدورها الريادي في دعم برنامج الإنسان والمحيط الحيوي، مؤكدة أهمية تبادل الخبرات، وتعزيز العمل الإقليمي المشترك، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستويين العربي والدولي، مشيرة إلى أن اليونسكو تتبنى نهجًا متعدد القطاعات للحفاظ على التنوع، بما يشمل التنوع البيولوجي، والثقافي، والجيني، والجيولوجي، مشيرة إلى التزام المنظمة بدعم الدول الأعضاء في حماية مواقع التراث الطبيعي ومحميات المحيط الحيوي والشعاب المرجانية، وفقًا لاتفاقياتها الدولية.

شهد الاجتماع من وزارة التعليم العالي، كل من د.أيمن فريد  مساعد الوزير للتخطيط الإستراتيجى والتدريب والتأهيل لسوق العمل، والقائم بأعمال رئيس قطاع الشئون الثقافية والبعثات والإشراف على اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، ود.رامي مجدي مساعد الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو لشئون الإيسيسكو، ود.منال فوزي رئيس لجنة الإنسان والمحيط الحيوي باللجنة الوطنية المصرية لليونسكو.

ومن وزارة البيئة كل من د.علي أبوسنة رئيس جهاز شئون البيئة، ود.هدى عمر مساعد وزيرة البيئة للسياحة البيئية، ود.أحمد سلامة مستشار رئيس جهاز شئون البيئة، ود.سها طاهر رئيس الإدارة المركزية للتعاون الدولي.

مقالات مشابهة

  • وزيرا التعليم العالي والبيئة يبحثان مع مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي سبل التعاون
  • العراق يصدّر 4.5 مليون برميل من النفط إلى أمريكا خلال شهر
  • [ كلما جاءت ثلة مجرمة حاكمة قلدت أختها التي سبقتها ]
  • جولة لولي العهد والرئيس الأمريكي داخل المعرض المصاحب للمنتدى الاستثماري.. فيديو
  • العراق وإيران يبحثان التعاون بمجالات الطاقة والكهرباء والغاز
  • تنديد واسع بمحاولة المستوطنين ذبح قرابين داخل الأقصى.. عمل خطير
  • مدينتي أجمل تحفز على حماية المظهر العام والبيئة
  • العراق يعتزم إحياء خط أنابيب النفط كركوك-بانياس عبر سوريا
  • شكشك يناقش التحديات التي تواجه قطاع النفط وسبل تطويره
  • ديوان المحاسبة يُناقش التحديات التي تواجه قطاع النفط