29 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: يشهد العراق تحديات مالية وسياسية متصاعدة تكشف عن هيمنة أمريكية واضحة على مفاصل اقتصاده، حيث تبرز السيطرة على إيرادات النفط كأداة ضغط رئيسية.

وتؤكد تصريحات عضو اللجنة المالية النيابية معين الكاظمي أن واشنطن تمارس نفوذها عبر فرض قيود على البنك المركزي العراقي والمصارف، مما يعيق الاستقلال المالي للبلاد.

وأشار الكاظمي إلى أن هذه الضغوط طالت مؤخراً شركات “الفيزا كارد”، ما أدى إلى تعطيل صرف رواتب منتسبي الحشد الشعبي، التي كانت تصرف عبر مصرف الرافدين وشركة “كي كارد”.

ويظهر هذا التدخل قدرة الولايات المتحدة على استهداف أي جهة مالية أو سياسية في العراق، حيث تتحكم بتدفقات النفط التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني.

وتكشف معلومات حديثة أن هذه القيود ليست جديدة، إذ شهدت السنوات الماضية حالات مماثلة استهدفت مؤسسات حكومية وأفراداً بسبب قرارات أمريكية، مما يعزز فرضية غياب سيادة مالية حقيقية.

ويبرز هذا الواقع تحديات هيكلية تعيق قدرة الحكومة العراقية على إدارة مواردها بشكل مستقل، خاصة في ظل اعتمادها الكبير على عائدات النفط المرتبطة بالنظام المالي الدولي.

ويعكس استمرار هذه الضغوط غياب حلول فورية، حيث يرى مراقبون أن العراق يواجه معضلة مزدوجة: اقتصاد يعتمد على مصدر واحد وخاضع لتأثيرات خارجية، وسياسة داخلية تفتقر إلى استراتيجيات لتجاوز هذا الواقع.

وتؤكد مصادر مالية أن أي محاولة لتنويع مصادر الدخل أو تحرير الاقتصاد من النفوذ الأمريكي تتطلب إصلاحات طويلة الأمد، لكنها تصطدم بعقبات سياسية ولوجستية.

ويسلط هذا الواقع الضوء على هشاشة السيادة المالية العراقية، حيث تظل واشنطن اللاعب الأبرز في رسم مسار الاقتصاد العراقي.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

لماذا قررت تركيا إنهاء الاتفاق النفطي مع العراق؟

 

تجديد مُحتمل:

لماذا قررت تركيا إنهاء الاتفاق النفطي مع العراق؟

 

 

أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 21 يوليو 2025، قراراً بعدم تجديد الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة بين بلاده والعراق منذ عام 1973، بخصوص خط أنابيب النفط الخام الممتد من العراق إلى تركيا، والتي بدأت بتشغيل خط كركوك في إقليم كردستان العراق إلى ميناء يومورتاليك النفطي في جنوب شرق تركيا، وأدت دوراً استراتيجياً في نقل ملايين البراميل من النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي إلى الأسواق العالمية، وكان من المقرر انتهاء العمل بالاتفاق المُشار إليه في 27 يوليو 2026، بعد أن جرى تجديده في 2010، لمدة 15 سنة أخرى.

أهداف أنقرة:

تهدف أنقرة من قرارها بإيقاف خط النفط مع بغداد، واستبداله باتفاق أكثر شمولاً، تحقيق العديد من الأهداف، أبرزها ما يلي:

التوصل لاتفاق جديد: تتطلع أنقرة لعقد اتفاقية جديدة مع بغداد بشأن توسيع التعاون الطاقي؛ إذ أرسلت تركيا مسودة مقترحة إلى العراق في 21 يوليو 2025؛ لتجديد وتوسيع اتفاقية الطاقة بين البلدين، لتشمل مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات والكهرباء، وقد أكد وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، أنه يجب أن تتضمن اتفاقية الطاقة الجديدة المقترحة بين البلدين آلية تضمن الاستخدام الكامل لخط أنابيب النفط بينهما، فقبل الإغلاق؛ الذي تم في 2023 ومستمر حتى الآن، كان خط الأنابيب ينقل نحو 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام، في حين تبلغ قدرته نحو 1.5 مليون برميل يومياً عند تشغيلها بكامل طاقتها.

كما أن أنقرة تتطلع إلى أن تبلغ سعة الخط الجديد المزمع إنشاؤه 2.2 مليون برميل يومياً، وسيربط ميناء البصرة في جنوب العراق بميناء سيلوبي في جنوب شرق تركيا، وذلك كجزء من مشروع “طريق التنمية”؛ الذي يتضمن أن يربط بين منطقة الخليج العربي حتى أوروبا مروراً بتركيا؛ ما قد يعزز مكانة تركيا كممر رئيسي بين الخليج وأوروبا، وقد يرفع حجم تجارتها مع الدول العربية من 20 إلى 30 أو40 مليار دولار سنوياً، بحسب بعض التقديرات.

إسقاط الدعاوى القضائية: يهدف قرار أنقرة إلى إسقاط الدعاوى القضائية التي تقدمت بها بغداد، في 2014، إلى محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) في باريس، ضد تركيا، على خلفية استيراد الأخيرة للنفط من إقليم كردستان، دون الرجوع للحكومة المركزية في بغداد، والتي قضت في 2023، بتغريم أنقرة نحو 1.5 مليار دولار. كما أن هناك قضية تحكيم ثانية مُعلَّقة؛ حيث تطالب بغداد بمبلغ إضافي يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار عن الصادرات غير المصرح بها بين عامي 2018 و2023، كما يهدف القرار كذلك إلى أن تتنازل العراق عن مطالبات التعويض المتعلقة ببند التجديد التلقائي للاتفاقية لمدة خمس سنوات. تحقيق مكاسب اقتصادية: تسعى أنقرة من وراء تلك الخطوة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، فبحسب مصادر رسمية تحدثت إلى وكالة “بلومبرغ”، فإن أنقرة ترى أن الشروط الحالية للاتفاق الراهن غير مجزية، وتطمح لاتفاق جديد يعزز عوائدها ويمنحها مرونة أكبر في إدارة الخط؛ إذ كانت تركيا تتقاضى ما بين 90 سنتاً إلى 1.5 دولار عن كل برميل نفط عراقي تصدره شركة “سومو” (المؤسسة المسؤولة عن تسويق النفط في العراق)، بينما كانت تتقاضى نحو 16 دولاراً عن نقل كل برميل من نفط إقليم كردستان؛ لذلك تحركت تركيا نحو إلغاء الاتفاقية والسعي للتوصل لاتفاق جديد مع العراق بغية تحقيق منافع اقتصادية أكبر. درء الخلافات مع بغداد: تتطلع أنقرة من وراء القرار، إلى درء الخلافات مع بغداد، خاصة وأنه يأتي في الوقت الذي وافق فيه الرئيس أردوغان، في 2 يوليو 2025، على زيادة ضخ مياه دجلة والفرات للعراق، بمعدل 420 متراً مكعباً في الثانية لمدة شهرين؛ ما جعل البعض يعتقد أن هذا التعاون قد يفرز تعاوناً شاملاً في مختلف المجالات؛ فهذا التطور دفع بغداد لعرض تسهيلات اقتصادية على تركيا، مقابل استمرار رفع الإطلاقات المائية.

كما قد يُسهم التقدم في عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في تعزيز العلاقات بين أنقرة وكل من بغداد وأربيل؛ مما يدعم استكمال مشروع خط النفط الجديد؛ إذ إن استكمال مسار السلام بين أنقرة والحزب قد يمهد لحل أشمل للقضية الكردية، التي طالما أعاقت التقارب بين الأطراف الثلاثة.

سيناريوهات مُستقبلية:

قد تسير الأمور نحو عدة سيناريوهات مُستقبلية، يمكن تناول أبرزها على النحو التالي:

السيناريو الأول: إتمام الاتفاق الجديد: يرجح هذا السيناريو، نجاح أنقرة وبغداد في توقيع اتفاق جديد شامل وموسع للنفط بينهما، ولا سيما مع استعداد البرلمان العراقي للتصويت على مشروع قانون ينظم قطاع الطاقة المتجددة ويشجع الاستثمار المحلي والدولي، كما يعزز هذا التوجه دعم واشنطن؛ حيث أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، دعم بلادها للتفاهم بين بغداد وأربيل ومع تركيا. السيناريو الثاني: استمرار الوضع الراهن: يرى هذا السيناريو، أن الموقف النفطي بين العراق وتركيا، سيستمر على ما هو عليه؛ فإعادة تشغيل خط أنابيب النفط بين البلدين بكامل قدرته لا تزال حلماً بعيد المنال حتى الآن، ويعزز ذلك أن التقديرات تُشير إلى أن العراق لا يمتلك القدرة في الوقت الراهن على تصدير 1.5 مليون برميل يومياً باتجاه تركيا. السيناريو الثالث: تعثُّر الاتفاق الجديد: يتوقع هذا السيناريو أن هناك العديد من التحديات الفنية والدبلوماسية بين أنقرة وبغداد، قد تحول دون إتمام الاتفاق الجديد، هذا على ما يعتبره البعض أن اتفاقاً جديداً قد يحد من صادرات النفط من خلال شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، كما قد يضعف استقلالية حكومة إقليم كردستان. السيناريو الرابع: تجديد الاتفاق القديم: يرجح هذا السيناريو؛ والذي يُعد الأكثر ترجيحاً، لجوء البلدين لتجديد اتفاق النفط القديم بينهما، ولكن مع توسيع التعاون والتنسيق وزيادة حصص التصدير، خاصة مع تأكيد وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، استعداد بلاده لتمديد اتفاقية عام 1973 مع إدخال تعديلات قانونية وتوسيع النشاط، كما أشار مستشار رئيس وزراء إقليم كردستان كمال أتروشي، إلى إمكانية تجديد الاتفاق؛ إذا كانت تكاليف الصيانة والعبور مناسبة اقتصادياً لجميع الأطراف، وبما يحقق فوائد كبيرة للجميع.

وفي الختام، في ضوء معطيات الموقف الراهن بين أنقرة وبغداد؛ فإنه من المتوقع أن يكون قرار إنهاء اتفاقية النفط بينهما، واحتمالات تدشين خط جديد، بمثابة اختبار حقيقي لمستقبل العلاقات بين البلدين، ومدى إمكانية تشكيل هيكل جديد وشامل للعلاقات الثنائية، رغم ذلك يتكهن البعض أن البلدين قد لا ينجحان في إتمام خط جديد، وسيتم تجديد الاتفاق القديم؛ ليس فقط للتحديات المتعددة التي قد تحول دون ذلك، بل أيضاً بسبب أن الحكومة العراقية الحالية ستنتهي ولايتها بعد أشهر، فمن المقرر أن تجري الانتخابات البرلمانية في العراق في نوفمبر 2025؛ لذلك من المستبعد أن تتمكن الحكومة أو البرلمان من تأمين شروط عقد اتفاقية جديدة لتصدير النفط العراقي عبر تركيا.


مقالات مشابهة

  • حقوق المرأة في العراق.. قوانين مدفونة داخل البرلمان رغم مآسي الواقع
  • بين مذكرة تفاهم ورسائل انسحاب مؤجل: سيادة العراق على محك الجغرافيا السياسية
  • كم تبلغ كلفة بناء الخط العراقي – السوري؟
  • النفط: مفاوضات مشروع المنصة العائمة تمت بشكل أصولي
  • دعوة نيابية لإنهاء ملف سلم الرواتب وتضمينه بموازنة 2026
  • غزة في قبضة اقتصاد الظل: أزمة السيولة تفتك بالمواطنين وسط حرب مالية صامتة
  • ارتفاع أسعار النفط السعودي ينعكس على العراق وأسواق الشرق الأوسط
  • الإعلام يتساءل: هل صار تأخير الرواتب إنجازاً يستحق الإعلان؟
  • ترامب يقارن أمن واشنطن بالفلوجة
  • لماذا قررت تركيا إنهاء الاتفاق النفطي مع العراق؟