ليبيا.. مجلس الأمن يحذر من اتخاذ إجراءات من شأنها إشعال التوتر
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقهم إزاء التطورات والتوترات الأخيرة في ليبيا، داعين الجهات الفاعلة والمؤسسات الليبية إلى الامتناع بشكل عاجل عن أي إجراءات أحادية الجانب من شأنها أن تزيد من التوترات وتقوض الثقة وتعزز الانقسامات المؤسسية والخلافات بين الليبيين.
ودعا أعضاء المجلس التابع للأمم المتحدة في بيان جميع القادة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية الليبية إلى تهدئة التوترات، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها أو أي تدابير اقتصادية تهدف إلى ممارسة الضغط، والتوصل إلى حل توافقي للأزمة الحالية المتعلقة بالبنك المركزي.
كما حثوا الأطراف الليبية على تجنب أي أعمال عسكرية قد تعرض استقرار ليبيا الهش وأمن المدنيين للخطر وكذلك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020، مشددين على أهمية تحقيق المساءلة.
وذكّر أعضاء مجلس الأمن جميع القادة السياسيين والمؤسسات بالتزاماتهم وتعهداتهم بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن 2702 (2023)، بناءً على الاتفاق السياسي الليبي وخارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي، وبناءً على القوانين الانتخابية المحدثة التي وافقت عليها لجنة 6+6.
وطالب مجلس الأمن جميع الأطراف الليبية بالمشاركة الكاملة وبحسن نية ودون شروط مسبقة، وتقديم التنازلات اللازمة لإحراز تقدم في العملية السياسية التي يقودها الليبيون، والتي تيسّرها الأمم المتحدة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2702 (2023).
وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن دعمهم الكامل لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمواصلة تنفيذ ولايتها، بما في ذلك العمل الجاري لتهدئة التوترات والحفاظ على الاستقرار وتعزيز الثقة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين، مؤكدين دعمهم لتعيين الأمين العام ممثلاً خاصاً جديداً له في ليبيا في أقرب وقت ممكن.
وشدد أعضاء المجلس في البيان على أهمية ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والفعّالة والمعقولة والآمنة للمرأة وإشراك الشباب وممثلي المجتمع المدني في جميع الأنشطة وصنع القرار المتعلقة بالتحول الديمقراطي، مؤكدين على دعمهم القوي لسيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.
أتى هذا بعد أن أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عزمها عقد اجتماع "طارئ"، ليل الاثنين الثلاثاء، لحل أزمة البنك المركزي، التي تسببت بتوتر سياسي أدى إلى وقف سلطات شرق البلاد إنتاج النفط وتصديره.
وكانت سلطات أعلنت، الاثنين، وقف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر، احتجاجا على قيام الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس (غرب) بالسيطرة على مقر المصرف المعني بإدارة عائدات النفط، وإعفاء محافظه.
وأعلنت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب ومقرها بنغازي (شرق)، "حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ النفطية، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط إلى حين إشعار آخر".
وأتى ذلك ردا على سيطرة "لجنة تسليم واستلام الصلاحيات"، المعينة من قبل المجلس الرئاسي في طرابلس على مقر المصرف، وتمكين مجلس إدارة جديد بدلاً من المحافظ المقال الصديق الكبير.
وأعربت البعثة الأممية في بيانها عن "عميق أسفها لما آلت إليه الأوضاع في ليبيا جراء القرارات أحادية الجانب"، محذّرة من أن التمسك بها "سيعرّض ليبيا لخطر الانهيار المالي والاقتصادي".
ودعت الأطراف السياسية إلى "تعليق العمل بكل القرارات الأحادية" المتعلقة بالمصرف، و"الرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط"، وضمان "سلامة موظفي المصرف المركزي، وحمايتهم من التهديد والاعتقال التعسفي".
وأيدت الولايات المتحدة المبادرة.
وحثت السفارة الأميركية لدى طرابلس في بيان كل الأطراف على "اغتنام هذه الفرصة" بعدما أدت التوترات لـ"تقويض الثقة في الاستقرار الاقتصادي والمالي في ليبيا".
كما اعتبرت أن "ترهيب موظفي البنك المركزي" مثير للقلق، داعية الى محاسبة المسؤولين "بشكل صارم".
ويشرف البنك المركزي الليبي على إدارة إيرادات النفط وميزانية الدولة ليتم بعد ذلك إعادة توزيعها بين المناطق المختلفة بما فيها الشرق. وبفضل فترة الهدوء مؤخرا، ارتفع الانتاج إلى حوالى 1.2 مليون برميل يوميا.
ويتولى الصديق الكبير منصب محافظ المصرف المركزي منذ 2012، ويواجه انتقادات متكررة بشأن إدارته إيرادات النفط الليبي وموازنة الدولة، من شخصيات بعضها مقرب من الدبيبة.
ويحظى محافظ البنك المركزي بثقة مجلس النواب الذي جددها قبل أيام، معتبرا أن المجلس الرئاسي في طرابلس لا يملك صلاحية تعيين المحافظ أو إقالته.
وتعاني ليبيا انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتدير شؤون البلاد حكومتان: الأولى في طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد يترأسها أسامة حمّاد، تحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: البنک المرکزی مجلس الأمن فی طرابلس فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
"الشامي" في طرابلس يحذر: الإعلام العربي يحتاج خريطة رقمية لعبور صحراء التحول التكنولوجي
"الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساندة في المشهد الإعلامي، بل تحول إلى العمود الفقري الجديد الذي يُعيد تشكيل الصناعة من جذورها"، بهذه الكلمات الصادمة افتتح الدكتور ياسر الشامي، عميد كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، مشاركته في جلسة "توظيفات الذكاء الاصطناعي في الإعلام" ضمن فعاليات منتدى الحوار الإعلامي العربي الدولي الذي انطلقت أعماله أمس الخميس 11 ديسمبر 2025 في العاصمة الليبية طرابلس.
وحذر الشامي من الانجراف غير الواعي وراء التكنولوجيا، خلال الجلسة النقاشية الثالثة للملتقي والتي ادارها الإعلام الليبي محمود الشركسي وقال أن الإعلام العربي يحتاج الآن إلى "خريطة رقمية" واضحة تعبر به من صحراء التحول التكنولوجي دون أن يفقد بوصلته أو هويته. وأوضح أن هذه الخريطة يجب أن تقوم على ركيزتين أساسيتين: الأولى تطوير منظومات مهنية وأخلاقية تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي وتحافظ على مصداقية المحتوى، والثانية بناء قدرات بشرية قادرة على توظيف هذه الأدوات بوعي ومسؤولية في غرف الأخبار والإنتاج الإعلامي بكافة أشكاله.
جاءت هذه التصريحات ضمن فعاليات منتدى الحوار الإعلامي العربي الدولي الذي ينعقد تحت رعاية رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، وبمشاركة رسمية رفيعة المستوى شملت وليد اللافي وزير الدولة للاتصال الليبي، وبرعاية السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد لقطاع الإعلام بجامعة الدول العربية، إلى جانب وزراء وممثلين عرب وسفراء، ونخبة من الإعلاميين والأكاديميين والمؤثرين.
وشهدت هذه الدورة مشاركة مميزة لكل من منظمة الإيسيسكو والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري لأول مرة بصفة مراقب، بعد انضمامهما لمجلس وزراء الإعلام العرب.
وفي إطار التطبيقات العملية، كشف الشامي عن التزام كليته بتحديث برامجها التعليمية لإعداد طالب إعلام يمتلك مهارات التفكير النقدي والوعي الرقمي، مؤكداً أن مستقبل الإعلام العربي يكمن في "الجمع بين الإبداع الإنساني والكفاءة التقنية"، مع الحفاظ على القيم الثقافية الأصيلة.
ناقش المنتدى من خلال ثلاث جلسات عمل عدداً من المحاور منها محور الهوية العربية وصناعة المحتوى الاعلامي؛ ومحور التدريب المهني للاعلاميين وتطوير المحتوي الرقمى؛ ومحور توظيف الذكاء الاصطناعي في الاعلام.
شارك في هذه الجلسات الثرية الوزير أسامة هيكل رئيس قطاع الإعلام بمنظمة الإيسيسكو ووزير الإعلام المصري الأسبق، محذراً من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في التضليل وفي الوقت نفسه أشاد بدوره في اختصار الوقت والجهد. فيما تحدثت الدكتورة حياة عبدون، كبيرة مذيعي التلفزيون المصري، عن مواصفات الشخصية الكاريزمية. كما ناقشت الدكتورة هويدا مصطفى عميدة كلية الإعلام بجامعة مصر، والكاتبة أمل محفوظ خبيرة الإعلام العربي، موضوع الهوية العربية وصناعة المحتوى، فيما شدد الوزير المفوض الدكتور حيدر الجبوري على ضرورة الحفاظ على الهوية من خلال التمسك باستخدام اللغة العربية الفصحى التي تواجه تحديات كبيرة في الإعلام الرقمي والعولمة التي تفرض استخدام اللهجات العامية والمزج اللغوي وتؤثر سلباً على أصالة اللغة.
على هامش المنتدى، احتضنت "أيام طرابلس الإعلامية 2025" ورش عمل متخصصة ومعارض، وتكللت بحدث ثقافي بارز تمثل في الافتتاح الرسمي للمتحف الوطني الليبي في "قصر السرايا الحمراء" بعد تطويره وتجهيزه بتقنيات تفاعلية حديثة، في خطوة تجسد ترابط الإعلام بالهوية والتراث.
وحظيت الفعاليات أيضاً بحضور إعلامي لامع من مصر، حيث شارك باسم يوسف، منى الشاذلي، محمد سلام، ومحمود سعد في حوار مفتوح مع رئيس الوزراء الليبي، مجسدين دور الإعلام الجديد في بناء جسور الحوار.
وجاء نجاح هذا الملتقي بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومشاركة مصرية مميزة، وهذا يؤكد أن الطريق إلى خطاب عربي موحد ومؤثر يمر عبر تعاون استراتيجي حقيقي، و مصر شريك في أي مشروع لإعادة صياغة صورتنا العربية أمام العالم.