صعود القوات اليمنية .. قراءة لتطوّرات العمليات البحرية الأخيرة
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
يمانيون – متابعات
تصاعدت وتيرة العمليات اليمنية في الآونة الأخيرة، وتنوّعت في التكتيك ما بين القصف المباشر بالصواريخ والمسيّرات، والاقتحام المباشر عبر وحدات الكومندوز في البحرية اليمنية، فيما من المتوقّع أن تتطوّر العمليات وتتصاعد من دون أدنى تأثّر أو تراجع بأيّ “حسابات سياسية أو خيارات أخرى” كما أعلن ذلك صراحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
ويبقى الثابت الوحيد أنّ العمليات اليمنية إسنادية بالدرجة الأولى لفلسطين، ولا تستهدف سوى السفن المرتبطة بـ “إسرائيل” أو تلك التي تنتهك قرار حظر الملاحة إلى موانئ فلسطين المحتلة.
ما يؤكّد تصاعد العمليات البحرية اليمنية في الفاعلية وقوة التأثير -رغم “ندرة اصطياد السفن” – ذلك النشاط المكثّف للقوات المسلحة اليمنية مطلع الشهر الجاري، وخلال شهر أغسطس الماضي، بتنفيذ عشر عمليات في البحر الأحمر وخليج عدن، آخرها ما أعلنته القوات المسلحة اليمنية من استهداف سفينة يونانية تدعى “بلو لاغون ون” في البحر الأحمر، وهي واحدة من أبرز عملياتها التي تؤكّد تصاعد نشاطها العسكري في دعم فلسطين، ومضاعفة الضغط والحصار على الأهداف المرتبطة بالعدو الإسرائيلي.
تفاصيل جديدة
استهدفت القوات اليمنية “بلولاغون ون”، وهي ناقلة نفط يونانية كانت ترفع علم بنما. تعرّضت السفينة لصواريخ دقيقة لم تكشف عن نوعيتها القوات المسلحة اليمنية لكنها تحدّثت عن “إصابة السفينة بشكل مباشر”، وهو ما أكده مركز المعلومات البحرية المشترك الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، إذ اعترف بأنّ صاروخين أصابا السفينة فيما انفجر ثالث بالقرب منها.
وإذا افترضنا أنها بالفعل “كانت متجهة جنوباً عبر البحر الأحمر إلى وجهة غير مدرجة” كما ادّعى مركز المعلومات البحرية المشترك، فإنّ المرجّح أن صنعاء استهدفت تلك السفينة اليونانية “بلو لاغون ون” بسبب قيام سفن أخرى تابعة للشركة المالكة نفسها بكسر قرار الحظر المفروض على العدو الإسرائيلي من قبل اليمن.
لسنا في وارد التفصيل، ما يهمّ أنّ هذه العملية جاءت بعد يومين فقط من عملية مشابهة استهدفت سفينة “غروتون” في خليج عدن، وحقّقت إصابة مباشرة أيضاً، كما أنها تأتي بعد أيام من العملية التاريخية التي استهدفت ناقلة النفط اليونانية “سونيون” وظلّت مشتعلة لأيام طويلة في عرض البحر الأحمر، بعد قصفها بالصواريخ والمسيّرات واقتحامها تالياً من قبل وحدة كومندوز تابع للبحر اليمنيّ، اعتلى السفينة وفخّخها وفجّرها في مشهد صادم وزّعه الإعلام الحربي اليمني وتابعه الجميع.
ردود الفعل والتبعات وتسليط الضوء على العمليات اليمنية لم يقتصر فقط على الأضرار التي لحقت بالسفينة الأخيرة وما سبقها خلال شهري أغسطس وسبتمبر، بل امتدّ إلى الصراع الدبلوماسي مع القوى الغربية؛ حيث ادّعت القيادة المركزية للجيش الأميركي بأنّ القوات المسلحة اليمنية استهدفت ناقلة نفط سعودية وهو ما نفته الرياض رسمياً، ونفته مصادر موثوقة في صنعاء.
هذه العمليات المتتالية والمتصاعدة والقوية، شكّلت صدمات متتالية للأوساط الغربية، وهذا ما عكسته تداولات الصحافة الغربية ومراكز الأبحاث وتصريحات مسؤولين سابقين في البنتاغون والقائمة تطول، وأثيرت تساؤلات حول قدرة واشنطن على الردع، وفشل البحرية الأمريكية أمام القوات اليمنية الصاعدة، والأهمّ من ذلك ما كشفته وكالة رويترز عن مسؤول أميركي سابق في البنتاغون بأنّ “حاملات الطائرات الأمريكية غير موجودة في آسيا للمرة الأولى منذ العام 2001″، والحديث عن خلو البحر الأحمر من القطع العسكرية الأمريكية تماماً، وهذا التحوّل غير المسبوق منذ 23 عاماً، لم يكن ليحصل لولا تنامي القوات اليمنية وتصاعد عملياتها الضاغطة، وقوة تأثيرها على البحرية الأمريكية نفسها.
وينسحب الأمر على القطع العسكرية البحرية الأوروبية، إذ أكدت مصادر في البحرية اليمنية أن فرقاطة أوروبية تابعة لـ “عملية سبيدس” ويُحتمل أنها فرنسية، حاولت التدخّل لمنع القوات اليمنية من تنفيذ العملية ضدّ “سونيون” الشهر الماضي، لكنها اضطرت في النهاية إلى التراجع تحت وقع الضربات اليمنية، وبعد العملية لجأت دول مشاركة في “عملية سبيدس” إلى الخيار الدبلوماسي، واستعانت بوسطاء وتواصلت بالفعل مع صنعاء لتأمين سحب الناقلة، ونتيجة تلك الجهود وافقت صنعاء بموجب تفاهم سياسي على سحب تلك الناقلة، على أن ترسل قاطرات يوم الأحد الماضي لمباشرة “عملية الإنقاذ”، الأمر الذي أثار حفيظة واشنطن التي تسعى ولا تزال لإفشال هذا التفاهم طمعاً في تحقيق مكسب ولو دعائي للتحريض على صنعاء بعد أن فشلت في مواجهتها وردعها والحد من قدراتها وعملياتها عسكرياً وعلى مدى قرابة ثمانية أشهر.
ثمّة مؤشّرات سلبية توحي بتأثّر القوى الأوروبية بالضغوط الأمريكية، ويعزّز ذلك تأخير البعثة البحرية الأوروبية عملية الإنقاذ، بحجة أنّ “عمال الإنقاذ امتنعوا” وأنّ “الظروف غير آمنة” مع الحديث عن “حلول بديلة” يجري البحث عنها لإنقاذ السفينة، وسواء نجحت الحلول البديلة أو لم تنجح فإنّ صنعاء لم تعد مسؤولة عن غرق السفينة وما يترتّب على ذلك، كونها سمحت منذ وقت مبكر بسحب السفينة، وبالتالي فإنّ واشنطن والاتحاد الأوروبي من يتحمّل مسؤولية غرق السفينة.
وفي كلتا الحالتين فإنّ صنعاء انتصرت دبلوماسياً كما انتصرت عسكرياً وأثبتت قدرتها على فرض الحصار البحري على كيان العدو وفشل الردع الغربي.
الرسائل الاستراتيجية
تأتي هذه العمليات في سياق استراتيجي واسع يتجاوز مجرّد استهداف السفن. إن نجاح اليمن في تنفيذ عمليات نوعية معقّدة يعكس تزايد قدراته العسكرية، وتأكيده أنّ الحصار البحري على “إسرائيل” سيستمرّ بلا هوادة. وتبرهن هذه العمليات فشل الاستراتيجيات الغربية في مواجهة تصاعد واستمرار عمليات الإسناد اليمنية لغزة والضفة، كما أنها تؤازر أوراق الضغط المتصاعدة من جبهات الإسناد على معسكر الأعداء، ونقصد بذلك العمليات النوعية التي تصدرها المقاومة الفلسطينية، وكذلك الهجمات النوعية من حزب الله في لبنان بما فيها “عملية الأربعين”، وتبقى الخشية الأكبر لدى “إسرائيل” من الردّ الإيراني والردّ اليمني المقبلين.
العمليات الأخيرة تؤكّد تطوّر القدرات اليمنية في الصراع البحري، وتبرهن قدرتها على تنفيذ عمليات معقّدة ودقيقة رغم الضغوط الدولية.
هذه الرسائل تعكس قوة التصعيد اليمني والتحديات الكبيرة التي تواجهها القوى الغربية في الحفاظ على استراتيجياتها ليس في البحر فقط بل في المنطقة كلّها، في ظلّ تمسّك صنعاء بمعادلة الحصار مقابل الحصار بتسجيلها أكثر من 183 عملية خلال فترة “طوفان الأقصى” وبمعدل عملية وأكثر كلّ يومين، ضمن مسار تصاعدي يجري تطويره بشكل مستمرّ بلا سقف سياسي أو اعتبارات أخرى يمكن أن تحدّ من العمليات اليمنية، ما لم يتوقّف العدوان والحصار على غزة، ويتوقّف التصعيد في الضفة.
————————————————————-
– الميادين نت/ علي ظافر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العملیات الیمنیة المسلحة الیمنیة القوات الیمنیة البحر الأحمر فی البحر
إقرأ أيضاً:
قراءة في تقدير مركز استخبارات أمريكي لاحتمال تجدد المواجهة بين اليمن والكيان الصهيوني
وهي منصّة أمريكية متخصّصة في استخبارات المخاطر الجيوسياسية والأمنية، تُعنى بمتابعة التهديدات التي تطال سلاسل الإمداد العالمية، وحركة الشحن البحري، والبنية التحتية للطاقة في منطقة «الشرق الأوسط». وتقدّم (RANE) تقارير موجهة أساساً إلى شركات الملاحة والطاقة، والمؤسسات المالية الغربية، والدوائر المرتبطة بالأمن القومي الأمريكي، ما يجعل مقاربتها للأزمات الدولية قائمة على زاوية «إدارة المخاطر» لا على فهم الديناميات السياسية والاجتماعية المحلية.
في هذا السياق، يتعامل التقدير الأمريكي مع اليمن -ولا سيما القدرات الوطنية في صنعاء- باعتبارها عامل اضطرابٍ أمنياً واقتصادياً يُهدّد منظومة الهيمنة البحرية الغربية في البحر الأحمر والخليج، لا باعتبارها طرفاً سيادياً يواجه عدواناً خارجياً.
وتأتي القراءة التي تقدمها المنصّة حول احتمالات تجدّد المواجهة (اليمنية -«الإسرائيلية») ضمن إطار أوسع من الرؤى الاستخباراتية الأمريكية التي تسعى إلى تقييم أثر أي تصعيد على الملاحة الدولية، وأمن الطاقة في الخليج، واستقرار الأنظمة الحليفة لواشنطن، وحسابات الصراع مع محور المقاومة وإيران.
وعليه، فإن تحليل هذا التقدير يُتيح فهماً عميقاً لكيفية تفكير العقل الأمني الأمريكي تجاه اليمن، وكيف يُعاد إنتاج الصراع من الخارج بوصفه ملفاً (بحرياً -اقتصادياً) لا نزاعاً سياسياً يرتبط بحق اليمن في الدفاع عن سيادته.
ومن هنا تنطلق هذه الورقة لتفكيك القراءة الخارجية، واستنباط دلالاتها، وتقييم انعكاساتها على البيئة الإقليمية وصنعاء على حدّ سواء.
الإطار العام للرؤية الأمريكية
يعكس التقرير الصادر عن (RANE) نموذجاً كلاسيكياً للقراءة الأمريكية للصراع في اليمن، حيث يتم التعامل مع المواجهة اليمنية -الإسرائيلية باعتبارها جزءاً من «هندسة المخاطر» في البحر الأحمر والخليج، لا كصراع سياسي مرتبط بحق اليمن في مقاومة العدوان.
تتأسس الرؤية الأمريكية على ثلاث ركائز مركزية:
الأولى: أمن الملاحة العالمية بوصفه مصلحة أمريكية مباشرة.
والثانية: تحجيم القدرات الوطنية اليمنية لأنها تُعدّ في نظر واشنطن تهديداً لمنظومة الهيمنة البحرية في البحر الأحمر.
والثالثة: منع تشكّل توازن ردع يمني -إسرائيلي قد ينعكس على الخليج ويحدّ من قدرة واشنطن على إدارة الصراع الإقليمي.
من هنا، ترى واشنطن أن أي تجدّد للمواجهة بين صنعاء وإسرائيل يحمل مخاطر تتجاوز ساحات الاشتباك، وقد يفتح أبواباً سياسية وأمنية واقتصادية تمسّ الخليج والبحر الأحمر. مؤشرات التصعيد كما يقرأها الأمريكيون يتعامل التقرير مع جملة من التطورات بوصفها إشارات مباشرة على اقتراب جولة جديدة من الاشتباك، وتشمل:
- تهديدات إسرائيل العلنية بإعادة استهداف مواقع حيوية للقدرات اليمنية (ميناء الحديدة، مراكز القيادة).
- تصريحات القيادات اليمنية التي تربط أي اعتداء جديد باستئناف الرد على إسرائيل وحصار البحر الأحمر.
- محاولات مرتزقة الاحتلال اعتراض «شحنات سلاح إيرانية» بوصفها دليلاً على استمرار خطوط الدعم لصنعاء.
- تعبئة قبلية شمالية ضخمة، و»تهيئة جغرافية» تقوم بها صنعاء عبر الأنفاق والكهوف كجزء من التعزيز الدفاعي.
- الغارات الإسرائيلية السابقة التي استهدفت قيادات يمنية بارزة (الغماري، الرهوي) وتؤسس لرغبة في «قطع الرأس» حد تعبيرهم.
وفق القراءة الأمريكية، هذه المؤشرات تعني أن: احتمال الرد الإسرائيلي قبل نهاية العام مرتفع جداً، واحتمال الرد اليمني يكاد يكون مؤكداً.
كيف يفكّر الأمريكيون في مستقبل الهدنة داخل اليمن؟
ترى واشنطن أن أي ضربة إسرائيلية واسعة قد تُنتج ثلاثة مسارات متوازية: إضعاف مؤقت للقوات المسلحة اليمنية، على مستوى القيادة والسيطرة، وبالتالي خلق «نافذة» للفصائل المدعومة إماراتياً لمحاولة التقدم وإغراء الفصائل العميلة بدعم أمريكي -إسرائيلي -إماراتي لاستغلال اللحظة، خاصة العمالقة، دفاع شبوة، قوات الساحل، الفصائل المحسوبة على المجلس الانتقالي، وانهيار تدريجي للهدنة اليمنية المعتمدة منذ 2022م، مع عودة خطوط التماس للاشتعال.
لكن الأمريكيين يعترفون في تقاريرهم بثلاث حقائق صلبة، حد تقديرهم:
القدرات اليمنية باتت متماسكة وموزعة جغرافياً بطريقة تجعل الضربات الإسرائيلية محدودة التأثير، والسعودية ليست راغبة في العودة للحرب، بل تعتبر انهيار الهدنة خطراً على أمنها الداخلي، والإمارات قادرة على التصعيد أكثر من السعودية، لأنها أقل عرضة للرد اليمني المباشر، لذلك تتوقع واشنطن تصعيداً محدوداً لا ينفجر إلى حرب واسعة، لكنه يفتح الباب لفوضى أمنية تستنزف اليمن ولا تسمح بحسم داخلي.
البحر الأحمر والملاحة
يعكس التقرير الأمريكي قناعة بأن أي رد يمني على إسرائيل سيعود مباشرة إلى البحر الأحمر، عبر استهداف السفن المرتبطة بالاحتلال أو بالولايات المتحدة أو الشركات الغربية.
وترى واشنطن أن التبعات ستكون خطيرة: ارتفاع أسعار التأمين البحري. ودفع الخطوط العالمية إلى التحويل حول رأس الرجاء الصالح. وضغط اقتصادي على الخليج ومصر، وإثارة قلق الأسواق النفطية العالمية، ومنح الصين وروسيا مكاسب جيوسياسية في مسرح البحر الأحمر.
ووفق التحليل الأمريكي، فإن القدرة اليمنية على تهديد الملاحة لا تزال مرتفعة رغم الضربات الإسرائيلية، لأنها تعتمد على منصّات متفرقة، وصواريخ مخفية، وطائرات انتحارية بعيدة المدى، ونقاط إطلاق ساحلية مخفية في عمق الساحل.
كيف يرى الأمريكيون الخليج الرياض وأبوظبي؟
يفترض التقرير وجود اختلاف جوهري، الإمارات بحسب تقديره، الأكثر استعداداً لاستثمار أي إضعاف يمني لشنّ “تحرك بري” داخل اليمن. تعتبر معركة اليمن -إسرائيل، فرصة لاختبار حدود القدرات اليمنية، ترى البحر الأحمر مسرح نفوذ جديد (جزيرة زقر -باب المندب) فيما السعودية لن تدعم أي تصعيد ضد صنعاء خشية رد يمني مباشر يضرب عمق أراضيها، وتفضّل استمرار خارطة الطريق والحوار، وتعتبر العودة للحرب تهديداً لهشاشة الداخل السعودي.
تخشى أن يدفع أي تصعيد أمريكي -إسرائيلي صنعاء لضرب منشآت النفط. «القاعدة» يستخدم التقرير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب للتأكيد على أن أي انهيار للهدنة سيخلق فراغات أمنية، والفصائل المدعومة إماراتيًا في شبوة وحضرموت تُعدّ بيئة رخوة.، ويقدر أن إمكانية توسع القاعدة نحو عمليات خارجية «محدودة» لكنها مؤثرة إعلاميا.
هذه النقطة جزء من الرواية الأمريكية التقليدية التي تربط كل صراع في اليمن بـ»خطر الإرهاب» لتبرير وجود عسكري واستخباراتي أطول أمداً.
الدلالات العميقة للرؤية الأمريكية
من خلال تحليل النص الأمريكي، يمكن استخلاص 7 دلالات استراتيجية:
- أمريكا وإسرائيل تعتبران اليمن اليوم جزءاً من محور الردع الإيراني وبالتالي يتم التعامل معه كجبهة مستقلة.
- الخوف الأكبر لواشنطن ليس الصواريخ اليمنية بل تهديد البحر الأحمر الذي يمسّ الاقتصاد العالمي.
- الإمارات تلعب دور الوكيل الهجومي الذي يملأ الفراغ الذي تتركه السعودية.
- السعودية تُعامل كحليف متردد يحتاج إلى تطمينات لا إلى تحريض.
- الولايات المتحدة لا تريد حرباً شاملة في اليمن لكنها لا تمانع استنزافاً طويل المدى يمنع صنعاء من بناء دولة مستقرة.
- إسرائيل تريد الاستمرار في سياسة «قطع الرأس» لاستهداف قيادات يمنية تعتبرها جزءاً من منظومة الردع.
- المخاوف من القاعدة تستخدم لتعظيم الحاجة إلى الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأحمر والخليج.
تقدير الموقف العام
يكشف تحليل الرؤية الأمريكية أن واشنطن لا تنظر إلى اليمن بوصفه ساحة لصراع سياسي داخلي إقليمي بين اليمن ودول العدوان والمرتزقة بل كمسرح هندسة مخاطر بحرية، وجبهة إضافية في صراعها مع إيران ومحور المقاومة، ونقطة تفكيك محتملة للنفوذ الصيني والروسي في البحر الأحمر، وبالتالي، فإن تجدّد الصراع اليمني -الإسرائيلي المتوقع سيُقرأ في واشنطن ضمن معادلة ثلاثية:
منع اليمن من فرض توازن ردع جديد مع إسرائيل. ومنع البحر الأحمر من التحوّل إلى «ممر غير خاضع للهيمنة الأمريكية»، والحفاظ على «الهدنة اليمنية» بوصفها آلية لضبط القدرات الوطنية لا لتسوية سياسية متوازنة.
الخلاصة:
يقدّر الأمريكيون أن مواجهة جديدة بين صنعاء والاحتلال الإسرائيلي قريبة ومرجّحة استناداً إلى مؤشرات ميدانية وسياسية متصاعدة.
وترى واشنطن أن أي ضربة إسرائيلية ستُقابَل برد يمني مباشر، خصوصاً في البحر الأحمر، بما يعيد الضغط على الملاحة الدولية ويرفع كلفة الشحن ويؤثر على أمن الطاقة في الخليج.
وتتخوف الولايات المتحدة من أن يؤدي التصعيد إلى انهيار الهدنة داخل اليمن، وتوترات خليجية، وتوسّع نفوذ الصين وروسيا في البحر الأحمر، فيما يمنح اليمن موقعاً أعلى في معادلات الردع البحرية. وبحسب القراءة الأمريكية، فإن أي مواجهة مقبلة لن تبقى محدودة، بل قد تعيد تشكيل التوازنات الإقليمية وتحوّل اليمن من «عامل تهديد» إلى فاعل استراتيجي مؤثر في أمن المنطقة.