قوى الحرية والتغيير تحالف مدني سوداني تعرض لموجة من الانقسامات
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
قوى إعلان الحرية والتغيير هي تحالف سياسي مدني تشكل في الأول من يناير/كانون الثاني 2019، وقاد الاحتجاجات التي طالبت بتنحي رئيس السودان السابق عمر البشير ونظامه وتشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية.
دخل التحالف عقب سقوط نظام البشير في مفاوضات مع المجلس العسكري انتهت بتوقيع الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية في أغسطس/آب 2019، وبدأت بموجبها مرحلة انتقالية تهدف إلى إقامة حكم مدني.
في ظل تصاعد الأزمة السياسية، ضربت التحالف موجة من الانقسامات وظهرت تحالفات تطالب بتغيير حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، انتهت باتخاذ الجيش السوداني إجراءات في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أبرزها حل الحكومة القائمة آنذاك.
ومع استمرار الاحتقان السياسي والأمني، اندلع قتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023.
وفي هذه الظروف دعت قوى الحرية والتغيير إلى إيقاف الحرب والعودة للمسار الديمقراطي، وسعت إلى تشكيل جبهة مدنية واسعة بهدف وقف الحرب وإعادة الحكم المدني للبلاد.
النشأة والتأسيس
شهد السودان أزمة اقتصادية بلغت ذروتها عام 2018، إذ واجهت البلاد نقصا حادا في العملة المحلية والنقد الأجنبي، وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية، فاندلعت احتجاجات شعبية تطالب بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير.
قادت تلك الاحتجاجات -التي انطلقت في ديسمبر/كانون الأول 2018- قوى سياسية إضافة إلى تجمع المهنيين السودانيين، وهو كيان يضم عددا من النقابات المهنية.
في الأول من يناير/كانون الثاني 2019 أطلقت مجموعة من القوى السياسية والمدنية "إعلان الحرية والتغيير"، وطالبت بالتنحي الفوري للبشير وتشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية تحكم البلاد 4 سنوات.
وقعت على الإعلان 18 قوة سياسية ومدنية، أبرزها تجمع المهنيين السودانيين وتحالف قوى الإجماع الوطني وقوى نداء السودان والتجمع الاتحادي المعارض.
وأكدت قوى إعلان الحرية والتغيير تمسكها بمطالب الشارع السوداني عبر الأشكال السلمية كافة، ودعت القوات النظامية للانحياز إلى الشعب ومصلحة الوطن.
الفكر والأيديولوجيايضم تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير" مجموعة من الأحزاب والتنظيمات المدنية السودانية من توجهات فكرية وسياسية متعددة.
ومن أبرز الكيانات النقابية فيه "تجمع المهنيين السودانيين"، إضافة إلى أحزاب ذات توجهات اشتراكية منها "التجمع الاتحادي"، وماركسية مثل "الحزب الشيوعي السوداني"، وأخرى إسلامية مثل "حزب المؤتمر الشعبي"، فضلا عن عدد من الكيانات التي تمثل توجهات فكرية أخرى.
تتكون قوى إعلان الحرية والتغيير، وفق ما أعلنت عنه خلال مؤتمر صحفي في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2019، من:
المجلس المركزي: هو القيادة السياسية العليا للتحالف، ويتكون من 5 ممثلين عن تجمع المهنيين السودانيين ونداء السودان وقوى الإجماع و3 ممثلين عن التجمع الاتحادي وتجمع القوى المدنية، وممثل عن تيار الوسط والحزب الجمهوري ومقاعد أخرى للجبهة الثورية.
التنسيقية المركزية: هي الجهاز التنفيذي للتحالف، وتتكون من ممثلين عن تجمع المهنيين ونداء السودان وقوى الإجماع والتجمع الاتحادي وتجمع القوى المدنية وتيار الوسط والحزب الجمهوري والجبهة الثورية.
المجلس الاستشاري العام: يقوم بالمهام الاستشارية والرقابية على المجلس المركزي، إذ يتابع ويراقب أداء قوى الحرية والتغيير، ويتكون من كل القوى الموقعة على "إعلان الحرية والتغيير".
التنسيقيات بالولايات: وهي هيئات محلية تمثل الحرية والتغيير في ولايات السودان المختلفة.
الأعلام والرموزالصادق المهدي
الصادق الصديق المهدي سياسي ومفكر سوداني، ولد في 25 ديسمبر/كانون الأول 1935 في أم درمان، وتزعم حزب الأمة وكيان الأنصار خلفا لوالده.
شغل منصب رئيس الوزراء قبل تولّي عمر البشير السلطة في 30 يونيو/حزيران 1989 وعانى من السجن والنفي طوال سنوات.
قاد مع آخرين قوى إعلان الحرية والتغيير حتى وفاته في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إثر إصابته بفيروس كورونا.
عمر الدقير
سياسي من مواليد عام 1962، متزوج وأب لـ3 أبناء، درس في العاصمة الخرطوم وحصل على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية في جامعة الخرطوم، ثم انتقل إلى الخارج فحصل على الماجستير في إدارة المشاريع الهندسية من جامعة غلامورغان بالمملكة المتحدة.
خلال دراسته الجامعية تولى رئاسة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم عام 1985 وأصبح عضوا بالأمانة العامة للتجمع النقابي السوداني، وانضم إلى حزب المؤتمر السوداني قبل أن يتولى رئاسته عام 2016. وقاد مع آخرين تحالف قوى الحرية والتغيير.
محمد ناجي الأصم
سياسي ولد عام 1991، نشأ وترعرع في مدينة الأبيض بشمال كردفان من أسرة تنتمي سياسيا لحزب الأمة القومي، غير أنه انتمى للحزب الاتحادي الديمقراطي.
ابتعد عن العمل الحزبي وأسهم في تأسيس تجمع المهنيين السودانيين الذي قاد الانتفاضة ضد نظام البشير.
يعد من أبرز رموز الثورة السودانية، وأسهم مع آخرين في تأسيس تحالف قوى الحرية والتغيير.
أبرز المحطاتعقب سقوط نظام البشير في 11 أبريل/نيسان 2019 واستمرار الاحتجاجات ضد بقايا النظام، بدأت مفاوضات بين المدنيين الذين يمثلهم تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير والعسكريين الذين يمثلهم المجلس العسكري.
وقد اتفق التحالف مع المجلس العسكري في مايو/أيار 2019 على فترة انتقالية مدتها 3 سنوات، تنتقل بعدها إدارة البلاد إلى سلطة مدنية، غير أن الاتفاق ألغي عقب فض قوات عسكرية اعتصام المدنيين أمام مبنى القيادة العامة للجيش السوداني في الثالث من يونيو/حزيران 2019.
أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير عقب فضّ الاعتصام "العصيان المدني"، حتى توسط رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بين الطرفين، في خطوة أدت إلى رفع العصيان وبدء التفاوض من جديد.
عقب مفاوضات استمرت بضعة أسابيع، وقع الطرفان بالأحرف الأولى في 17 يوليو/تموز 2019 على وثيقة الاتفاق السياسي، كما وقعا الوثيقة الدستورية في أغسطس/آب 2019، ومهّدا بذلك لمرحلة انتقالية تنتهي بحكم مدني.
وبموجب الاتفاق، أصبح تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الائتلاف الحاكم، وشكل مع العسكريين مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء، إذ اختار التحالف المرشحين المدنيين لتولّي المناصب.
ومع بدء المرحلة الانتقالية وتصاعد الأزمة السياسية، شهدت قوى إعلان الحرية والتغيير موجة من الانسحابات والانشقاقات، أبرزها انسحاب تجمع المهنيين السودانيين وتجمع القوى المدنية والحزب الشيوعي السوداني.
وأعلنت أحزاب وحركات مسلحة في أكتوبر/تشرين الأول 2021 انشقاقها وشكلت تحالفا باسم "قوى الحرية والتغيير/التوافق الوطني"، وطالبت بتوسيع المظلة السياسية.
نفذت قوى الحرية والتغيير/التوافق الوطني اعتصاما أمام القصر الجمهوري وطالبت بحل حكومة حمدوك، وانتهى ذلك بتنفيذ الجيش السوداني إجراءات فضّ بموجبها الشراكة بين المدنيين والعسكريين.
وبتصاعد المظاهرات الرافضة للإجراءات، وقعت قوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي- وأحزاب أخرى مع العسكريين اتفاقا عرف "بالاتفاق الإطاري" ودعا إلى إكمال المرحلة الانتقالية حتى إجراء الانتخابات العامة.
ومع استمرار الإجراءات العسكرية اندلع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، فأدى ذلك إلى مزيد من الاضطرابات السياسية والأمنية في البلاد.
ودعت قوى الحرية والتغيير/المجلس المركزي إلى إيقاف الحرب والعودة للمسار السياسي، كما سعت لتشكيل أكبر جبهة مدنية لوقف الحرب أفضت إلى تشكيل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) التي تهدف لوقف الحرب وإعادة الحكم المدني في السودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تجمع المهنیین السودانیین قوى الحریة والتغییر المجلس المرکزی تحالف قوى
إقرأ أيضاً:
تحالف الحوثي والإرهاب في الصومال.. تمدد إيراني يهدد أمن الملاحة الدولية
في ظلّ تعقّد الأوضاع الأمنية في منطقة القرن الإفريقي وخليج عدن، تنمو مؤشرات خطيرة لتحالفات جديدة بين ميليشيا الحوثي والحركات الإرهابية في الصومال، خصوصًا حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). هذه التحالفات تُشكّل تهديدًا مزدوجًا: أمنياً على المستويين البحري والبري، وسياسياً من حيث الاستقرار، واقتصادياً خصوصًا فيما يتعلق بالملاحة البحرية والتجارة العالمية.
الحوثيون، الذين لطالما استثمروا في "ذرائع" خارجية لشرعنة تحركاتهم، بدأوا مؤخّرًا يُبدون استعدادًا لاستثمار علاقاتهم العابرة للحدود من أجل توسيع النفوذ الإقليمي. في الوقت نفسه، تستخدم جماعات إرهابية في الصومال مثل حركة الشباب وولاية داعش الصومال هذا التعاون لتعزيز قدراتها القتالية والمالية، مما يُعيد تشكيل موازين القوى الأمنية في المنطقة.
تقرير تحليلي نشره موقع منبر الدفاع الأفريقي (African Defence Forum) كشف عن تصاعد وتيرة التعاون بين ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران والجماعات الإرهابية الناشطة في الصومال، محذرًا من أن هذا التحالف الآخذ في التوسع يشكل خطرًا مباشرًا على أمن البحر الأحمر وخليج عدن، ويهدد استقرار منطقة القرن الإفريقي بأسرها.
وأشار التقرير إلى أن الحوثيين وسّعوا خلال الأشهر الماضية من نشاطهم في تهريب الأسلحة والطائرات المسيّرة والذخائر عبر الموانئ الصومالية الواقعة خارج سيطرة الحكومة، مستغلين شبكات تهريب محلية وشراكات مع عناصر إرهابية في وسط وجنوب الصومال.
كما أكد الخبير الأمني آريس راسل، من شركة "آريس إنتليجنس"، وجود "أدلة موثوقة" على أن الشبكات المرتبطة بإيران والحوثيين باتت تستغل طرق التهريب البحرية الصومالية لتزويد الجماعات المتطرفة في شرق إفريقيا بالسلاح والدعم الفني واللوجستي. وقال راسل: "ما نراه من الحوثيين هو أنهم أقرب إلى بسط نفوذهم وتوفير سبل الإمداد والتموين في إفريقيا، أكثر من كونهم يسعون إلى انتشار بري مباشر هناك."
وأوضح التقرير أن الحوثيين يتصرفون كـ "شركات عسكرية خاصة في السوق السوداء"، إذ يقدمون خدمات ذات طابع عسكري مثل التدريب والاستشارات والتخطيط التكتيكي للجماعات الإرهابية، من دون أن يكون لهم هيكل رسمي واضح.
من جانبه، أشار المحلل الأمني مايكل هورتون، في تحليل لمركز مكافحة الإرهاب في "ويست بوينت"، إلى أن الحوثيين يجعلون من تجارة الأسلحة والخبرة العسكرية وسيلة للنفوذ والتمويل، موضحًا أن التعاون مع الجماعات الإرهابية في الصومال وإيران يهدف إلى تأمين خطوط إمداد مستدامة لبرامج التصنيع العسكري الحوثية، خاصة المسيّرات والصواريخ.
وأكد التقرير أن الجماعات الإرهابية الصومالية، وعلى رأسها حركة الشباب، حصلت مؤخرًا على مسيّرات هجومية وصواريخ أرض–جو وأسلحة خرجت من الترسانات الإيرانية، الأمر الذي يرفع من قدرتها على استهداف القوات الحكومية والبعثات الدولية. وقد أظهرت بيانات مشروع النزاعات المسلحة أن تنظيم "داعش الصومال" استخدم في يناير الماضي طائرات مسيّرة لقصف قوات أمنية في إقليم بونتلاند — وهي أول مرة يُسجّل فيها هذا النوع من الهجمات في الصومال.
ويرى خبراء أن هذا التحالف الثلاثي بين الحوثيين وإيران والجماعات الصومالية المتطرفة يمثل تهديدًا استراتيجيًا مضاعفًا، إذ إنه لا يقتصر على دعم الإرهاب البري، بل يمتد إلى عرقلة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن عبر هجمات الحوثيين بالطائرات المسيّرة على السفن التجارية. وأشار التقرير إلى أن الحوثيين يجنون نحو 180 مليون دولار شهريًا من رسوم غير قانونية تفرض على السفن التجارية مقابل السماح بمرورها "بأمان" في الممرات البحرية التي يسيطرون عليها.
وفي سياق متصل، أوضح مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية أن تصاعد الهجمات البحرية الحوثية، بالتزامن مع عودة نشاط القرصنة الصومالية، أجبر العديد من شركات الشحن العالمية على تحويل مساراتها حول رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل بنسبة 420% وتراجع إيرادات قناة السويس المصرية بأكثر من 70% خلال الأشهر الأخيرة.
وتؤكد مؤشرات أمنية، وفق موقع "منبر الدفاع الأفريقي"، أن التحالف بين الحوثيين والجماعات الإرهابية في الصومال لن يتراجع قريبًا، في ظل استمرار الصراعات في السودان وإثيوبيا والاحتقان السياسي في القرن الإفريقي، وهي عوامل يرى المحللون أنها تتيح للحوثيين توسيع نفوذهم عبر شبكات تهريب وإمداد تمتد من اليمن إلى السواحل الإفريقية.
وحذّر التقرير في ختامه من أن هذا التطور "قد يعيد تشكيل خريطة التهديدات في المنطقة"، داعيًا إلى تحرك إقليمي ودولي عاجل لتعزيز الرقابة البحرية على خطوط الإمداد، ورفع مستوى التعاون الاستخباراتي بين الدول المتضررة، لمنع تمدد التحالف الحوثي–الإرهابي الذي يهدد الأمن الإقليمي والدولي.