بعض الكتاب و” المؤثرين influencers “يبتسرون البيانات والأحاديث خدمة لأغراضهم حتى لو خالفت أبسط قواعد العمل الصحفي، بل المحزن أن ذلك يتم حتى في مجموعات تواصل الاعلاميين والصحفيين الاسفيرية، فضلاً عن أنهم بذلك يرتكبون تضليلاً اعلامياً وهو من الموبقات، إذ أنه يحجب عن الناس أحد الحقوق الأساسية وهي الحق في المعرفة واتخاذ القرارات المدروسة بناءً علي المعرفة والعلم بالحقائق ، لا على التظني والأماني.

وقد كان أحد أبرز نماذج ذلك، اللغط الذي صاحب قرار مجلس الأمن الدولي بشأن دارفور الأسبوع الماضي، فقد صوت المجلس للتجديد الفني للعقوبات المفروضة على منطقة دارفور منذ 2005 وهو دون شك حدث كبير، لكن الناشطين والمؤثرين أثاروا غباراً حول الأمر واستبقوا القرار النهائي بما صورت لهم أمانيهم أنه واقع لا محالة.

خيارات المجلس:
كان مجلس الأمن أمام خيارين : التجديد الفني بحيث يبقى القرار كما هو أو التوسيع ليشمل السودان كله. وأمام هذين الخيارين، كما هو متوقع، سعى مؤيدو مليشيا الدعم السريع المتمردة وجهدوا في أن يقيدوا من حركة القوات المسلحة السودانية عبر توسعة الحظر ليشمل السودان كله، وبالتالي تحجيم قدرتها في الحصول على السلاح و فقدانها القدرة على الدفاع عن السكان جميعاً بينما تظل الأبواب الخلفية من دول الجوار مشرعة، لا مواربة ولا خجولة وقد أغريت بالمال، يتسرب منها السلاح إلى من يريدون داخل السودان

دبلوماسية ما وراء الكواليس:
وقد جاء في موقع المجلس لشرح ما كان يدور وراء الكواليس: “ورغم أن بعض الأعضاء يبدو أنهم كانوا على استعداد لمناقشة هذا الاقتراح، إلا أن أعضاء مجموعة (الثلاثة زائد واحد)، والصين وروسيا، اعترضوا عليه بشدة. ” والثلاثة زائد واحد هم: الجزائر + موزامبيق وسيراليون وغيانا.

أما خيار بعثة السودان ووزارة الخارجية السودانية ودبلوماسيتها فمن الواضح أنه كان “العمل على أخف الضررين” وهو التجديد الفني للحظر الموجود أصلا على إقليم دارفور، وهو أمر درج عليه المجلس كل عام دأبا ، فليس فيه جديد، بل تخطته الأحداث والقرارات الأممية حول دارفور و الفاشر خاصة، لكنما تجديده يظل عملاُ سياسياً يستغله الحصيف من الدول والدبلوماسيين مثلما فعل ممثل السودان السفير الحارث إدريس ليعري فيه المؤيدين للتمرد و يكشف سوءاتهما هي وهم جميعاً، مما جر عليه انتقاد الشانئين ممن لا يريدون أن يروا انتصار الدولة على التمرد، و في ذات الوقت جلب له دعوات من لم يتنكروا لحب بلادهم وإن تكالب عليها جلاوزة خرجوا من داخل و خارج السودان وقد كانوا من جيرته في الدم و جيرته في الجفرافيا.

كيف جاء الرد على الناشطين من داخل أضابير مجلس الأمن:

و الملاحظ أن بعض الكتاب والآخرين الذين يطلق عليهم لفظ المؤثرين أو الناشطين، جنحوا إلى الشطط، إن لم نقل التكذب، وللقول أن القرار انتصار لهم وتبكيت للسودان و لحكومة البرهان، وأنه علا فوق مطلب البعثة، والسودان من خلفها، ادعاء بأن البعثة سعت لإلغاء القرار ابتداءً، بينما الواقع أنها سعت لإفساد تحركات من أراد توسعة نطاق القرار، و بين الأمرين بون شاسع كما بين السماء والأرض، كما حاولوا الترويج للقول أن الدول الصديقة تحديداً الصين و روسيا أدارت ظهرها للسودان.

و لكن إحدى منصات مجلس الامن الدولي نشرت ما يسمى ب what’s in Blue وهو “سياقات وخلفيات” تنشر قبيل أي جلسة يتناول فيها المجلس موضوعاً أو دولة، حيث تقدم حوله هذه المنصة شرحاً وسياقات حتي يتفهم المتابعون ما سيصدر من قرار في سياقه، و تترك للناس و المتابعين أن يتأولوا في المخرجات ما شاءوا، فهي قد كفت عن المدافعين القتال..
في هذا الشان نشرت المنصة خلفيات ما جرى قبيل التصويت، و يخلص القارئ المحايد والمنصف منها إلى نتيجة بديهة وهي أن البعثة السودانية والخارجية قامتا بعمل جبار ما استساغه مؤيدو المليشيا ولا قبله منسوبوها.

والاقتباسات التالية مأخوذة من موقع مجلس الأمن الدولي في صفحة what is in blue وهو تلخيص لتقرير مطول لكل الأحداث والمبادرات التي سبقت انعقاد الجلسة بما في ذلك موقف الفريقين من محادثات سويسرا ، جنيف، و ردود الأفعال والتطورات الميدانية وما تلاها من تقرير لجنة تقصي الحقائق وتوصياتها وردة فعل ومواقف جميع الأطراف حيال تقرير توصيات اللجنة:
ويشير التقرير إلى تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار يجدد نظام العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591 ـ بما في ذلك العقوبات المستهدفة (تجميد الأصول وحظر السفر) وحظر الأسلحة ـ حتى 12 سبتمبر 2025.
و يؤكد مشروع القرار القصير باللون الأزرق بأن التمديد أمر فني لمدة عام واحد يمدد تدابير العقوبات المفروضة على السودان، والتي تم تجديدها آخر مرة بموجب القرار 2676 بتاريخ 8 مارس 2023.

يُشار إلى أن الدبلوماسيين في مجلس الأمن يستخدمون مصطلح “التجديد الفني” عادة لوصف قرار موجز يمدد ولاية عملية السلام دون تغيير ولايتها الأساسية أو مهامها”. و يشير هذا المصطلح تقليدياُ إلى تمديد لفترة أقصر من المعتاد، لكن الأعضاء يستخدمون المصطلح بشكل متزايد لوصف تمديدات الولاية الروتينية حيث لا يتغير المحتوى تقريباً.

أمريكا تعدل الصياغة عدة مرات لاستيعاب ملاحظات الاعضاء و تمرير القرار

يقول موقع مجلس الأمن أنه يبدو “أن المفاوضات كانت سلسة نسبياً، إشارة إلى وجود عمل دبلوماسي سابق للجلسة. واقترحت الولايات المتحدة، التي تولت صياغة مشروع القرار بشأن العقوبات المفروضة على السودان، مشروع نص يستند إلى القرار 2676، مع حذف الأحكام التي عفا عليها الزمن أو التي تم تناولها في قرارات لاحقة للمجلس، بما في ذلك القرار 2725. ويبدو أنه على الرغم من أن أعضاء المجلس اتفقوا عموماً مع نهج صاحب مشروع القرار في السعي إلى تمديد نظام العقوبات من الناحية الفنية، فقد كانت هناك بعض الخلافات حول عناصر معينة من القرار.

وفي الثلاثين من أغسطس وزعت الولايات المتحدة مسودة أولية للنص على جميع أعضاء المجلس بعد أن تمت مناقشتها أولاً مع الأعضاء الدائمين الآخرين. وعقدت الجولة الأولى من المفاوضات في الثالث من سبتمبر. وبعد تلقي تعليقات مكتوبة من عدة أعضاء، قدمت الولايات المتحدة مسودة نص منقحة في الخامس من سبتمبر ووضعتها تحت الصمت =أي ينظر فيها المعنيون قبل أو بعد دون تعليق = حتى التاسعة صباحاً من اليوم التالي (6 سبتمبر). وتم تمديد إجراء الصمت حتى الواحدة ظهراً ثم حتى الرابعة عصراً، بناء على طلب أعضاء “الدول الثلاث زائد واحد” (الجزائر وموزامبيق وسيراليون وغيانا). ولكن هؤلاء الأعضاء والصين كسروا الصمت، مع تعليقات إضافية من روسيا.

وبعد ذلك، تواصلت الولايات المتحدة على المستوى الثنائي مع بعض الأعضاء قبل وضع مسودة معدلة تحت الصمت حتى العاشرة صباحاً من (9 سبتمبر). ومرت هذه المسودة بصمت وتم وضعها باللون الأزرق في وقت لاحق من ذلك اليوم.
ويبدو أن المسودة الأولية التي اقترحها حامل القلم تضمنت لغة مماثلة للقرار 2676، تعبر عن نية المجلس مراجعة تدابير العقوبات المفروضة على السودان، في ضوء التقدم الذي أحرزته السلطات السودانية بشأن المعايير المرجعية للترتيبات الأمنية الانتقالية في دارفور وخطة العمل الوطنية لحماية المدنيين، الموضحة في تقرير الأمين العام الصادر في 31 يوليو 2021. وطلبت كذلك من الأمين العام، بالتشاور مع فريق الخبراء، إجراء تقييم للتقدم المحرز في هذه المعايير المرجعية بحلول الأول من ديسمبر.

ومع ذلك، تم حذف اللغة المتعلقة بالمعايير المرجعية من المسودات المنقحة اللاحقة استجابة للمخاوف التي أثارها أعضاء “الثلاثة زائد واحد” (بدعم من الصين وروسيا وسويسرا). ويبدو أن هؤلاء الأعضاء رأوا أن هذه المعايير المرجعية عفا عليها الزمن، نظراُ لاندلاع الحرب في أبريل 2023. كما أشاروا على ما يبدو إلى رسالة الأمين العام المؤرخة في 24 نوفمبر 2023، والتي قالت إن المشهد السياسي والأمني ​​في السودان قد تغير بشكل كبير وأن الصراع أوقف تنفيذ المعايير المرجعية وقدرة الأمم المتحدة على تقييم التقدم المحرز فيها. وكان بعض أعضاء المجلس قد أعربوا عن آراء مماثلة أثناء المفاوضات بشأن القرار 2725.

وقد أشار النص الذي أورده موقع المجلس حول التطورات المتعلقة بالعقوبات إلى أنه في 19 أغسطس، اجتمعت لجنة العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591 مع فريق الخبراء التابع لها لتلقي إحاطة بشأن تحديث منتصف المدة الذي قدمته اللجنة، والذي تم نقله إلى أعضاء المجلس في 7 أغسطس. وخلال الاجتماع، يبدو أن الولايات المتحدة اقترحت اسمين لفرض عقوبات مستهدفة.

مبررات إجازة القرار الفني دون تغيير صلاحياته

ويضيف موقع المجلس القول أنه “يبدو أن تقرير التحديث، وهو ليس وثيقة عامة، حلل الصراع الدائر في الفاشر، شمال دارفور بما في ذلك أنماط العنف، وتكتيكات الحرب التي تستخدمها الأطراف المتحاربة، والتأثير على المدنيين والمنطقة”. ويبدو أن التقرير الذي أعدته لجنة الخبراء أكد أن جميع الأطراف فشلت في التمييز بين المدنيين والمقاتلين في الأعمال العدائية في الفاشر. وأشار إلى أن الهجمات العشوائية على المدنيين والبنية الأساسية المدنية من قبل جميع الأطراف المتحاربة تنتهك القانون الإنساني الدولي وتشكل جرائم حرب. كما أكد التقرير وجود واستخدام الأسلحة الثقيلة من قبل الجانبين، فضلاً عن التحليق العسكري من قبل القوات المسلحة السودانية، في انتهاك لنظام العقوبات المفروضة على السودان.

ووصف التقرير كيف ساهم الصراع المستمر في زعزعة استقرار المنطقة،”وخاصة من خلال حملات التجنيد المستمرة في البلدان المجاورة مثل ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى”.
و أشار إلى أنه بشأن التطورات المتعلقة بحقوق الإنسان قامت بعثة تقصي الحقائق الدولية في السودان، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، بزيارة تشاد في الفترة من 30 يونيو إلى 18 يوليو ، وسافرت إلى عدة مناطق في شرق تشاد على طول الحدود مع السودان، بما في ذلك أدري وفرشانة وأبشي. والتقت البعثة بضحايا وناجين من الصراع في السودان، فضلاً عن أعضاء المجتمع المدني السوداني وفريق الأمم المتحدة في البلاد. وفي بيانها الصحفي الذي أعقب الزيارة، أفادت البعثة أن مجتمع اللاجئين السودانيين قدموا روايات مباشرة عن أفعال مروعة، بما في ذلك القتل والعنف الجنسي والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والنهب وحرق المنازل واستخدام الأطفال كجنود. وأشارت إلى أن العديد من هذه الانتهاكات يبدو أنها تستهدف بشكل خاص المهنيين مثل المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعلمين والأطباء.

إن تمديد نظام العقوبات المفروضة على السودان (العقوبات المستهدفة وحظر الأسلحة) من القضايا الرئيسية المباشرة التي تواجه المجلس. ومن الخيارات المطروحة على أعضاء المجلس تمديد ولاية اللجنة لمدة عام واحد. وقد يقترح بعض الأعضاء أيضًا تمديد نظام العقوبات حتى مارس 2025، بما يتماشى مع دورة ولاية فريق الخبراء الذي يساعد في نظام العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591، والذي تم تجديده مؤخرًا بموجب القرار 2725.

ما موقف فرنسا و كيف تصدت له روسيا ؟

كما أثيرت فكرة توسيع النطاق الجغرافي لتدابير العقوبات خارج دارفور إلى أجزاء أخرى من البلاد أثناء المفاوضات. وقد اجتاح القتال عدة أجزاء من البلاد منذ اندلاع الأعمال العدائية في أبريل 2023، مع تلميح التقارير إلى أن العديد من الجهات الخارجية تزود الأطراف المتحاربة بالأسلحة. وفي تقريرها الصادر في الخامس من سبتمبر، وفي ضوء هذه التحديات الأمنية، أوصت بعثة تقصي الحقائق الدولية في السودان، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، بتوسيع حظر الأسلحة الحالي في دارفور في جميع أنحاء السودان “لوقف إمداد الأطراف المتحاربة بالأسلحة والذخيرة وغير ذلك من الدعم اللوجستي أو المالي ومنع المزيد من التصعيد”.

خلال المفاوضات، اقترحت فرنسا على ما يبدو لغة تعبر عن نية المجلس النظر في مدى ملاءمة توسيع تدابير العقوبات لتشمل مناطق أخرى من السودان.
“ورغم أن بعض الأعضاء يبدو أنهم كانوا على استعداد لمناقشة هذا الاقتراح، إلا أن أعضاء مجموعة “الثلاثة زائد واحد”، والصين وروسيا، اعترضوا عليه بشدة.”
وفي هذا الصدد، قالت روسيا خلال اجتماع المجلس في الثامن عشر من يونيو بشأن السودان إن “أي قيود جديدة يفرضها المجلس، بما في ذلك التوسع المحتمل لنظام العقوبات خارج دارفور، لن تساعد في جلب السلام إلى المنطقة”.
ويحافظ مشروع القرار باللون الأزرق على الوضع الراهن: سيظل نظام العقوبات على دارفور فقط.

السلطة المركزية و الحكومة في بورتسودان

وقد اختلف الأعضاء حول بعض الأحكام الواردة في فقرات الديباجة. وكان أحد مجالات الخلاف الرئيسية الإشارة إلى السلطات المركزية في السودان. ففي المسودة الأولية، عدل كاتب النص على ما يبدو مصطلح “حكومة السودان”، كما ينعكس في القرار 2676، إلى “السلطات السودانية”. وقد أيد بعض أعضاء المجلس بقوة نهج كاتب النص، مشيرين إلى أنه يظل متسقاً مع القرارات الأخيرة بشأن السودان، بما في ذلك القرار 2724 الصادر في 8 مارس (الذي يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان خلال شهر رمضان) والقرار 2736 الصادر في 13 يونيو (الذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور).
ومع ذلك، عارضت “مجموعة الدول الثلاث زائد واحد”، والصين وروسيا، التعديل. ويبدو أن هذه القضية نوقشت أيضاً أثناء المفاوضات بشأن القرار 2736. وفي تفسير مشترك للتصويت نيابة عن أعضاء “A3 زائد واحد”، عقب اعتماد ذلك القرار، أكدت سيراليون أن الإشارات إلى السلطات السودانية في القرار تشير “فقط وبشكل حصري إلى الحكومة السودانية”.
وتعتبر روسيا مجلس السيادة الانتقالي في السودان، بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية، أعلى سلطة شرعية في السودان. ومع ذلك، زعم بعض الأعضاء أثناء المفاوضات أن القوات المسلحة السودانية فقدت السيطرة الإقليمية على أجزاء من البلاد وأن مصطلح “السلطات” يشمل فروع الهيئة الحكومية. وكحل وسط، اقترح أعضاء “A3 زائد واحد” والصين على ما يبدو دمج فقرتين تمهيديتين، وبالتالي حذف أحد الإشارتين إلى مصطلح “السلطات السودانية”، الوارد في المسودة المنقحة الأولى.

حماية المدنيين أولوية

ويؤكد مشروع القرار باللون الأزرق على أهمية ضمان حماية المدنيين وتعزيز المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي. وعلى النقيض من ذلك، أكد مشروع القرار الأولي على المسؤولية الأساسية للسلطات السودانية عن حماية المدنيين في أراضيها، وفي فقرة منفصلة، ​​شدد على ضرورة أن تضمن السلطات السودانية المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي. كما يحتوي نص مشروع القرار باللون الأزرق على لغة تؤكد أن التدابير المتجددة التي تستجيب للوضع في دارفور لا تستهدف “السلطات السودانية”.
يتضمن مشروع القرار باللون الأزرق أيضاً لغة تعترف بالحاجة إلى حماية الإجراءات القانونية الواجبة وضمان إجراءات عادلة وواضحة لشطب الأفراد والكيانات من القوائم وترحب باعتماد القرار 2744 المؤرخ 19 يوليو، والذي عزز ولاية وإجراءات جهة التنسيق لشطب الأسماء من القوائم. وقد اقترحت سويسرا هذه اللغة وأيدها العديد من الأعضاء الآخرين.
إن ضمان الامتثال الصارم لنظام العقوبات يشكل قضية أخرى مهمة بالنسبة لأعضاء المجلس. ففي عدة مناسبات، وأحدثها القرار 2736 المؤرخ 13 يونيو ، كرر المجلس دعوته لجميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن “التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار ودعم الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم”.
وذكّر القرار جميع أطراف الصراع والدول الأعضاء التي تسهل نقل الأسلحة والمواد العسكرية إلى دارفور بالتزاماتها بالامتثال لتدابير حظر الأسلحة وأن أولئك الذين ينتهكون حظر الأسلحة قد يتم تحديدهم لتدابير مستهدفة.

و خلال إحاطة المجلس في 13 يونيو حول عمل لجنة العقوبات على السودان بموجب القرار 1591، دعا السودان المجلس إلى تحديد ومحاسبة الدول التي تدعم وتسلح قوات الدعم السريع. وقال أن “ليس هناك سبب للإبقاء على عقوبات دارفور إذا لم تشمل الدول المتورطة في انتهاك قرارات المجلس ذات الصلة، وهي الإمارات العربية المتحدة وتشاد”.
وتتشاطر أغلب الدول الأعضاء في المجلس مخاوف مماثلة بشأن الأوضاع السياسية والأمنية وحقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في السودان. وقد تباينت آراء الأعضاء بشأن جدوى نظام العقوبات المفروضة على السودان. وقد أكد العديد من الأعضاء على أهمية التقارير التي يقدمها فريق الخبراء بشأن الأوضاع الإنسانية والأمنية وفي تحديد انتهاكات نظام العقوبات.

روسيا تعبر عن استيائها

ولكن روسيا قالت في اجتماع المجلس الذي عقد في الثالث عشر من يونيو أن عقوبات المجلس فشلت في تحقيق الاستقرار في الوضع في دارفور، مشيرة إلى أن الأسلحة لا تزال تتدفق إلى المنطقة بصورة غير قانونية. وأعربت عن وجهة نظرها بأن “أي قيود يفرضها مجلس الأمن، وخاصة إذا نظرنا في خيار توسيعها، لن تقرب السلام”.
وقد ساهمت الانتهاكات المستمرة لنظام العقوبات والافتقار إلى المساءلة في إحباط بعض أعضاء المجلس. وفي اجتماع المجلس الذي عقد في الثالث عشر من يونيو، قال السفير جونكوك هوانج (جمهورية كوريا)، الذي يشغل منصب رئيس اللجنة، بصفته الوطنية: “إننا نتلقى ملاحظات فريق الخبراء بشأن كمية كبيرة من الإمدادات واستخدام الأسلحة الأجنبية في دارفور على أساس يومي”. وفي حديثه عن التدابير المتخذة ضد انتهاكات حظر الأسلحة، قال إن “طبيعة لجنة العقوبات القائمة على الإجماع تميل إلى الاضطرار إلى اللجوء إلى القاسم المشترك الأدنى”. ودعا أعضاء المجلس إلى اتخاذ إجراءات ملموسة جماعية لضمان التنفيذ الفعال وتعزيز نظام العقوبات الحالي.

المحقق – محمد عثمان آدم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة السودانیة السلطات السودانیة الأطراف المتحاربة الولایات المتحدة حمایة المدنیین لنظام العقوبات أعضاء المجلس فریق الخبراء حقوق الإنسان حظر الأسلحة بعض الأعضاء على ما یبدو مجلس الأمن فی السودان بما فی ذلک العدید من فی دارفور الصادر فی زائد واحد من الدول یبدو أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

بين تهنئة محمد كاكا ودعم حفتر … ماذا يحدث في خاصرة السودان الغربية؟

بدت بعض التهاني المتبادلة في عيد الأضحى هذا العام، كستار كثيف يُخفي وراءه دخان المعارك وترحال المتحركات.
ففي ذات الوقت الذي وجه فيه الرئيس التشادي محمد ديبي (كاكا) برقية تهنئة للرئيس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، بمناسبة عيد الأضحى، كانت الرمال الليبية تهتز تحت عجلات عربات عسكرية في طريقها شرقًا، تعبر عبر المثلث الحدودي بين ليبيا وتشاد والسودان، متجهة نحو أقصى شمال دارفور، في محاولة جديدة لإعادة تموضع ميليشيا الدعم السريع الإرهابية.

وبين التحية والعبور، تتكشّف أبعاد تحالفات غير مرئية، تحاول ترسيخ واقع جديد على حدود السودان الغربية، باستخدام وكلاء بلا قضية، وإسناد عابر للسيادة.

*حفتر: جيش نظامي وخيوط مليشياوية متشابكة*
لا يمكن قراءة تحركات المشير خليفة حفتر دون استحضار تركيبة جيشه العسكرية ومشروعه السياسي. فالرجل الذي يسيطر على شرق ليبيا يدير قوة تتجاوز 70 ألف عنصر، تضم وحدات نظامية إلى جانب مليشيات قبلية ومقاتلين مأجورين. يتوزع نفوذه بين بنغازي وطبرق وسبها، مع تمدد واضح نحو الجنوب الليبي، خاصة في مناطق الكفرة ومرزق.

يعتمد حفتر في تسليحه على خليط من المدرعات الروسية والصينية، والطيران السوفيتي القديم، والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب دعم استخباراتي ولوجستي من جهات إقليمية متعددة.

لكن القوة الحقيقية لحفتر لا تقف عند قواته الرسمية، بل تمتد إلى مليشيات مثل:
• لواء الصحراء (الذي يضم مقاتلين من الطوارق والتبو)
• كتيبة طارق بن زياد المعروفة ببطشها في المناطق النائية
• ومجموعات من المرتزقة القادمين من تشاد والنيجر ومالي، يستخدمهم للعمليات غير النظامية، والتنقل في مناطق النفوذ المتداخلة.

*الدعم الحفتري للميليشيا: مناورات استراتيجية أم توريط غير مباشر؟*
مليشيا الدعم السريع الإرهابية، التي تخوض حرباً شرسة ضد الدولة السودانية، تسعى منذ أشهر للحصول على دعم عسكري خارجي يعوّض خسائرها المتلاحقة، بعد أن تلقت ضربات موجعة في العاصمة الخرطوم وأطرافها، من بعد أن تمّ طردها من ولايتي سنار والجزيرة، وبعد أن تلقت كذلك ضربات موجعة في معاقلها في دارفور.

وجدت المليشيا في خليفة حفتر ضالتها، إذ منحها ممرًا بريًا عبر الجنوب الليبي، لتجميع المرتزقة، وتمرير السلاح، وإعادة تموضع مقاتليها المنهكين، ومن الواضح أن حفتر تلقى طلباً، أو إمراً، من داعميه الإقليميين ليفعل ذلك.

تقدر المصادر التي تحدثت إلى “المحقق”، الحضور الميداني للميليشيا داخل ليبيا، ما بين 800 و1200 عنصر، نسبة كبيرة منهم من المرتزقة (تشاديين، نيجريين، وفلول الطوارق من شمال مالي)، مقابل عناصر سودانية قليلة ومنهكة.
تسليحهم لا يتجاوز البنادق الروسية (كلاشنكوف)، ومدافع PKM، وعدد محدود من العربات “التاتشر” المزودة بدوشكا، مع غياب تام للغطاء الجوي أو القدرات الدفاعية المتقدمة. وتنتشر هذه العناصر في محيط الكفرة وسبها، في بيئة قبلية لا توفر غطاءً مستقرًا، ولا شرعية ميدانية.

*نقاط الضعف التي يمكن استثمارها عسكرياً*
رغم هذا التحشيد، إلا أن مكامن الضعف فيه أكبر من مظاهر القوة الظاهرة:
• فالمرتزقة بلا عقيدة، وبلا دافعية للقتال.
• طرق الإمداد الصحراوية مكشوفة، يسهل رصدها واستهدافها جوًا.
• غياب الحاضنة الاجتماعية في شمال دارفور يحرمهم من أي امتداد حقيقي.
• انعدام السيطرة المركزية يجعل كل وحدة في الميدان جزيرة معزولة.

الجيش السوداني، بقوته المنظّمة ومعرفته الدقيقة بطبيعة الأرض والمجتمع، قادر على استثمار هذه الثغرات لتوجيه ضربات مركزة تقطع الإمداد، وتفكك التمركز، وتُفشل المخطط بأقل كلفة.

*الوجهة المحتملة: دارفور لا الشمالية*
رغم انتشار الشائعات حول توجه هذه القوات إلى الولاية الشمالية، إلا أن المعطيات الجغرافية والعسكرية تشير بوضوح إلى أن الهدف الحقيقي يبقى دارفور، خصوصًا محاور كبكابية، كتم، وزالنجي، في محاولة يائسة من الميليشيا لإعادة النفوذ المفقود.
فالولاية الشمالية بطبيعتها الجغرافية وبيئتها السكانية لا توفر أي حاضنة أو خطوط إمداد لوجستية لهذه الجماعات، ما يجعل مهاجمتها عملاً مكلفًا لا طائل منه.

*ميليشيا الدعم السريع: ارتباك القيادة وتآكل البنية*
منذ هزيمتها في أم درمان والخرطوم، تعيش ميليشيا الدعم السريع الإرهابية حالة من التخبط والفقدان الكامل للبوصلة. انقطعت خطوطها الرئيسية، وتفككت وحداتها، وتراجعت معنوياتها، وبدأت دائرة التمرد الداخلي في التوسع.
فشلت قيادتها في تعويض النقص البشري، فلجأت إلى المرتزقة، وهو ما زاد من الهشاشة الميدانية. ولم تعد تملك مشروعًا سياسيًا ولا قدرة على التحكم في مشهد معقد، وهو ما يجعلها اليوم عبئًا حتى على الجهات التي تساندها.

*الرد لا يكون بالسلاح وحده… بل بالضغط المتعدد المحاور*
المعركة الحالية تتجاوز جغرافيا الرصاص. بل المطلوب الآن عمل سياسي استخباراتي موازي يشمل:
• استهداف المليشيات الداعمة لحفتر داخل ليبيا بقصد تغيير مواقفها مما يحدث في السودان.
• فتح جبهة إعلامية ودبلوماسية تكشف ضلوع حفتر في زعزعة استقرار السودان.
• تحييد المرتزقة عبر التواصل مع دولهم الأم أو بوسائل التأثير الميداني.

بهذا التكامل بين الميدان والسياسة والمجتمع، يمكن بناء جدار منيع، لا تصمد أمامه تحالفات المرتزقة، ولا أوهام أمراء الحروب.

في الختام، فإن ما يجري في خاصرة السودان الغربية ليس مجرد تحرك عسكري، بل اختبار حقيقي لقدرة الدولة السودانية على حماية حدودها، وردع من تسوّل له نفسه استخدام ترابها كأرض عبور لمشاريع تخريبية.
الجيش السوداني اليوم لا يدافع فقط عن الجغرافيا، بل عن هوية وطن، ومستقبل أمة، وإرادة شعب يرفض أن يكون رهينة لوكلاء الخارج.

الخرطوم – المحقق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • "مجلس الأمن القومي" الإيراني: سنجعل هذه الليلة يوما يتذكره الإسرائيليون
  • "منتدى الأعضاء السبعة".. متى وكيف قررت إسرائيل ضرب إيران؟
  • (500) من أبناء دارفور يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية بمحلية مروي
  • بين تهنئة محمد كاكا ودعم حفتر … ماذا يحدث في خاصرة السودان الغربية؟
  • كيكل: قواتنا تتقدم في كردفان وإلى دارفور وحتى آخر الحدود السودانية
  • 6 أسئلة عن الانقسام الهيكلي للمؤسسات في اليمن
  • الفوج الثاني من العودة الطوعية يغادر الأقصر إلى السودان برعاية شيخ الأزهر وبدعم القنصلية السودانية
  • «الديمقراطية» تشيد بتصويت الجمعية العامة لوقف الحرب في القطاع، وتدعو لترجمة القرار في مجلس الأمن
  • أثر قرارات المجلس الرئاسي على الأزمة الراهنة
  • أعضاء مجلس الأمن يعربون عن قلق عميق إزاء تصاعد العنف في السودان