حرب السودان .. الحل بين تحركات القاهرة ومبادرة جوبا
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
المحقق – طلال إسماعيل
عاد ملف السودان إلى دائرة الاهتمام الاقليمي والعالمي، ليتصدر أجندة مباحثات ثنائية ومشاورات في عواصم عدة دول، في ظل أجندة معلنة وأخرى تحت الطاولة.
عاد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، الاثنين إلى البلاد بعد زيارة رسمية لجوبا، إستغرقت يوماً واحداً، أجرى خلالها مباحثات مشتركة مع رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت، تتعلق بمسار العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها.
وأوضح وزير الخارجية المكلف السفير حسين عوض، وفق بيان مجلس السيادة، إطلع عليه المحقق بأن الزيارة كانت مثمرة وبناءة وحققت أهدافها، مبينا أن المباحثات بين الرئيسين تطرقت لمسار العلاقات الثنائية وآفاق التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات.
وأضاف:” الجانبان إتفقا على تذليل كل العقبات أمام نقل بترول جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، وذلك من خلال تكوين لجنة مشتركة بين وزارتي النفط في البلدين ووضع خطة تشغيلية لإعادة ضخ بترول الجنوب. بجانب الاتفاق أيضا على نقل المساعدات الانسانية لولاية جنوب كردفان عبر مطار جوبا الدولي”.
وأشاد وزير الخارجية المكلف بمستوى العلاقات بين السودان وجنوب السودان مشيرا إلى المستوى المتطور للتعاون بين البلدين في كافة المجالات.
مبادرة جوبا
وعلى الرغم من أن وزير الخارجية السوداني لم يشر إلى أي مبادرة لجوبا حول حل الأزمة بالبلاد، الإ أن تقارير اعلامية ذكرت ومن ضمنها سودان تربيون أن جوبا طرحت مبادرة للتواصل مع الأطراف السودانية لإنهاء الحرب، حيث أجرى مستشار سلفا كير اتصالات مع قادة مليشيا الدعم السريع لخلق أرضية تفاهم مع الجيش لمناقشة وقف الحرب.
وأشارت إلى أن أطراف إقليمية شجعت مبادرة جوبا للتواصل مع الحكومة السودانية ومليشيا الدعم السريع.
ونسبت لوزير خارجية جنوب السودان رمضان محمد عبد الله، قوله إن البرهان وافق على مبادرة الرئيس سلفا كير للتوسط في حل النزاع القائم في السودان.
السعودية ومصر
في ذات التوقيت، الذي جرت فيه المحادثات في جوبا، استقبل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية، مساء الاثنين بالعاصمة السعودية الرياض، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، لبحث عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، والتأكيد على توافق الرؤى والمواقف المصرية السعودية بشأن القضايا الإقليمية المختلفة.
وخلال اللقاء، تطرق رئيس مجلس الوزراء المصري مع ولي العهد السعودي إلى الأزمات الإقليمية الحالية وتداعياتها على مصر، خاصة أمن الملاحة في البحر الأحمر، بجانب تزايد عدد المهاجرين واللاجئين إلى مصر، وهو ما يلقي بتبعاته على الاقتصاد المصري، وفق مصادر رسمية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي توافق الرؤى والمواقف المصرية السعودية بشأن القضايا الإقليمية المختلفة.
بدوره، أعرب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عن تطلعه لزيارة مصر في أقرب فرصة ممكنة ومقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتتمسك الحكومة السودانية، بتنفيذ “إعلان جدة” الموقع بين الجيش ومليشيا الدعم السريع في مايو 2023، وترفض وجود أي مراقبين ومسهلين جدد في منبر جدة الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية منذ 6 مايو 2023 .
ووقع الجيش السوداني مع المليشيا أول اتفاق في جدة للالتزام بحماية المدنيين والخروج من الأعيان المدنية، لكن المليشيا لم تلتزم ببنود الاتفاق.
الدور الروسي
ومن موسكو أطلع وزير الخارجية والهجرة المصري، دكتور بدر عبد العاطي، خلال كلمته الاثنين بمؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف على التحركات المصرية الجادة والمخلصة لسرعة إنهاء الحرب في السودان.”
وأضاف عبدالعاطي “ناقشنا الوضع فى السودان والوضع الكارثي هناك على المستوى الإنساني، والضرورة العاجلة للوقف الفورى لإطلاق النار وإنهاء الأزمة الجارية والعمل على الحفاظ على وحدة الدولة السودانية مضيفاً أنه لايوجد حل عسكري ولكن تسوية سياسية.
وأبان دكتور عبد العاطي أنه أحاط نظيره الروسي لافروف بالجهود المصرية لحل الأزمة السودانية بالسبل السياسية، مضيفا: «أكدنا ضرورة استبعاد أي حلول عسكرية في السودان».
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة جنوب السودان رئیس مجلس
إقرأ أيضاً:
السودان وروسيا .. علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية متطورة
دافعت موسكو عن السودان بشكل مستميت داخل أروقة مجلس الأمن قبل يومين وأعتبرت مايقوم به مجلس السيادة الإنتقالي وأعضائه ورئيسه هو امتداد للشرعية التي أولاها له الشعب السوداني، ونحن بحاجة إلى دعم ومساعدة المؤسسات في تلك البلد خاصة عقب تعيين رئيس وزراء لإدارة تلك المؤسسات بدلًا عن مساعي بعض الدول في فرض العقوبات والنظر بعين الإستياء والإحباط. كذلك ثمن مندوب روسيا في مجلس على دور المؤسسة العسكرية ممثلة في (الجيش) في أنها لعبت دورًا مهمًا على مستوى حماية الأمن القومي السوداني لتخليص العاصمة الخرطوم جراء ماتعرضت له.
ووصف عدد من المراقبين للشأن السوداني أنه يستوجب الانتقال بطابع العلاقة مابين موسكو – الخرطوم من التنسيق الدبلوماسي إلى الاستراتيجي والعسكري بما يضمن للسودان حلفاء جدد قادرون على الدفاع عنه بصورة كبيرة متى ما تعرض للإبتزاز والتهديد في المحافل الإقليمية والدولية.
بالمقابل على السودان أيضًا بأن يخطو خطوات جادة نحو “موسكو” – وتوقيع اتفاقيات لها أبعاد ومردود اقتصادي، وسياسي، وعسكري وهو مايتطلب اتخاذ قرارات بقيمة الدولة التي تقتضي التحالف معها والتنسيق حول رسم السياسات المشتركة.
وكانت روسيا قد وقعت اتفاق قبل نحو ست سنوات مع السودان أثر قمة “سوتشي” نصت على إنشاء قاعدة للدعم اللوجستي على متن المياه الإقليمية السودانية بمنطقة البحر الأحمر الأمر الذي أثار مخاوف بعض الدول وحتى الآن على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية وعدد آخر من دول الخليج العربي.
ويقول الباحث في الشؤون الدولية الرشيد محمد أحمد أن إقامة تحالف بين السودان، وموسكو بات هو الأرجح على مستوى المستقبل القريب، وعزا ذلك إلى حاجة الخرطوم لحليف إقليمي ودولي لوقف معها عقب تعرضها لضغوط جراء ماتخوضة من حرب. كذلك إدراك موسكو بشكل جيد بأن السودان بإمكانه ان يلعب لها دور المدخل الرئيسي نحو أفريقيا متى ماتوفرت لديه عوامل الاستقرار بصورة عسكرية، وسياسية نسبة لموقعة الجغرافي، و الجيوسياسي معًا.
أيضا زحف موسكو نحو أفريقيا نفسها خلال السنوات الماضية يدلل على أنها تتطلع لتطبيق سياسات جديدة من شاكلة تبادل المصالح أكثر من كونها سلب واغتنام موارد تلك الدول في منطقة القرن الأفريقي وشمال القارة مقارنة مع بعض دول الاتحاد الأوربي سابقًا.
لذا فإن مساعي التموضع للدب الروسي عن طريق السودان يظل رهينًا لعوامل وأبعاد تحمل في طياتها عناصر سياسية، عسكرية سيما وأن حرب 15 من شهر أبريل لعام 2023 أفرزت وقائع جديدة على صعيد السياسة الداخلية والخارجية بالنسبة للسودان.
ويوضح الكاتب الصحفي عبد السخي عثمان الموقف الروسي الأخير في مجلس الأمن ليس بغريب فهو فعل قديم متجدد أي ماقبل الحرب باعتبار أن “موسكو” كان لها موقف واضح تجاه جملة السياسات التي كان يقودها رئيس الوزراء سابقًا عبدالله حمدوك وتحظى بدعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
والآن عقب ظهور عده تطورات إقليمية ودولية فقد بات السودان أكثر استقطابًا من قبل “موسكو” فقط هو يحتاج لتسخير هذا التطور والاستفادة منه داخليًا بعد أن امتدت تأثيرات الحرب إقليميًا ودوليًا.
ويضيف عبدالسخي: في تقديري تدرك القيادة في السودان بشقيها العسكري، والمدني مامعنى الالتحاق بالمعسكر الشرقي والاستفادة من تلك الخطوة وسط مايتعرض له بصورة يومية من عقوبات. ونصح الكاتب الصحفي متخذي القرار في السودان التفكير بشكل دقيق في كل خطوة يخطوها متى ما أقرت الذهاب للعمل سويًا مع “موسكو” سياسيًا، وعسكريًا.
أمدرمان: الهضيبي يس
الوان