أحد عشر عامًا مرت على ذكرى ثورة الثلاثين من يونيو، هذه الثورة العظيمة التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، وكانت بدايةً لتحرير البلاد وإنقاذها من أتون الحرب الأهلية التي كادت تعصف بكل شيء.

أحداث جسام، تطورات خطيرة، وقائع عديدة، عاشتها مصر، منذ وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى سدة الحكم في البلاد، حالة من الفوضى والانقسام، والأزمات المتتالية التي باتت تهدد وجود الدولة من الأساس.

. حتى وصف المصريون هذه الفترة بأنها من أشد فترات التاريخ الحديث «ظلامية وسوادًا».

عمَّتِ التظاهرات البلاد رافضةً حكم الإخوان، منذ البدايات الأولى لوصولهم إلى السلطة وممارساتهم المعادية للجميع، وسعي الإخوان في المقابل إلى فرض سطوتهم وجبروتهم بهدف كسر إرادة الجماهير وتركيع مؤسسات الدولة لتصبح تابعة لمكتب الإرشاد، تأتمر بأوامره، وتنفذ تعليماته.

وقد كان انحياز الجيش المصري للثورة هو العامل الرئيسي في تحقيق أهدافها، وإعادة بناء الدولة على أسس دستورية وقانونية، حيث التزم القائد العام للجيش في هذا الوقت الفريق أول عبد الفتاح السيسي بتنفيذ خارطة الطريق التي أعلن عنها في الثالث من يوليو وجرى بمقتضاها تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد، ثم جرى وضع دستور والاستفتاء عليه، ثم انتخاب حر لرئاسة الجمهورية، ثم انتخابات مجلس النواب، ثم بدء مشروع النهضة والبناء الذي تحقق على يد القيادة السياسية، في الفترة من 2014 إلى 2024، وبالرغم من التحديات الجسام التي عاشتها مصر ولا تزال، فإن وحدة الشعب المصري خلف القيادة كانت من أهم عوامل النجاح، حيث تكاتفتِ الجهود الشعبية والتنفيذية لإنجاز آلاف المشروعات التي ستظل شاهدًا على إرادة المصريين وعزمهم.

وقد تحمَّل الكاتب والبرلماني المصري، مصطفى بكري، مسئولية التأريخ لهذه الفترة بكل أمانة وموضوعية، فأصدر العديدَ من الكتب المهمة التي رصدت أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير وما بعدها، فأصدر كتب: «الجيش والثورة»، و«الجيش والإخوان»، و«سقوط الإخوان»، و«الصندوق الأسود لعمر سليمان»، وغيرها.

وفي ذكرى الثلاثين من يونيو، تنشر «الأسبوع»، بعضَ ما رصده الكاتب الصحفي مصطفى بكري، في كتابه الصادر عن دار «سما» للطباعة والنشر بعنوان «ثورة 30 يونيو - الطريق إلى استعادة الدولة».

كتاب «ثورة 30 يونيو - الطريق إلى استعادة الدولة»

12- لحظة الحقيقة

فى يوم الجمعة 16 أغسطس، بعد يومين بالضبط من فض اعتصام رابعة والنهضة، وفى غمرة الحرب من الداخل والخارج ضد مصر، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمة الله عليه - بيانًا بالغ الأهمية، عكس فى مضمونه معانى ودلالات محددة أكدت على:

١- دعم مصر وثورتها ومسيرتها الظافرة لتحقيق الأمن والاستقرار، ورفض المخططات التى تهدف إلى نشر الفوضى والإرهاب وتقويض أركان الدولة، وهو ما عبر عنه خادم الحرمين بقوله «إن ما يجرى فى وطننا الثانى مصر من أحداث تسر كل عدو كاره لاستقرار وأمن مصر وشعبها، وتؤلم فى الوقت ذاته كل محب حريص على ثبات ووحدة الصف المصري».

٢- التأكيد على أن هذه المحاولات التى تتعرض لها مصر من كيد الحاقدين، محاولات فاشلة، لأنها تقف ضد حقائق الأشياء والتاريخ وتستهدف ضرب وحدتها واستقرارها من قبل كل جاهل أو متعمد أو غافل عما يحيكه الأعداء.

٣- مطالبة جميع شرفاء الوطن والأمة بالالتفاف حول مصر فى هذا الظرف التاريخى الصعب، وهو هنا وبعد أن تحدث عن الحاقدين والجهلاء والمتآمرين راح يستنهض القوى الحية فى المجتمع من أبناء مصر والأمتين العربية والإسلامية من العلماء وأهل الفكر والوعى والعقل والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد وعلى قلب واحد، فى وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة لها فى تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكان الصدارة، وألَّا يقفوا صامتين غير آبهين لما يحدث، «فالساكت عن الحق شيطان أخرس».

٤- أن موقف المملكة الداعم لمصر شعبًا وحكومة إنما هو موقف مبدئى بالأساس ضد الإرهاب والضلال والفتنة تجاه كل من يحاول المساس بشئون مصر الداخلية فى عزمها وقوتها وحقها الشرعى فى ردع كل عابث أو مضلل لبسطاء الناس من أشقائنا فى مصر.

٥- أطلق خادم الحرمين تحذيرًا واضحًا فى مواجهة كل من يتعمدون التدخل فى الشئون الداخلية المصرية بالقول: «ليعلم كل من تدخل فى شئون مصر الداخلية إنما هم بذلك يوقدون نار الفتنة ويؤيدون الإرهاب الذى يدعون محاربته، آملًا منهم فى أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان، ذلك أن مصر الإسلام والعروبة والتاريخ المجيد لن يغيرها قول أو موقف هذا أو ذاك، وأنها قادرة بعون الله وقوته على العبور إلى الأمان، ويومها سيدرك هؤلاء أنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم».

كانت تلك هى الكلمات التى حواها البيان الموجز الذى صدر عن خادم الحرمين الشريفين، فى وقت تتكالب فيه قوى الخارج وإرهابيو الداخل على إحداث انهيار فى بنيان وكيان الدولة المصرية وفتح الطريق أمام حرب أهلية لا تبقى ولا تذر.

خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود

كان للبيان رد فعل جماهيرى واسع النطاق، أدرك المصريون فى هذه اللحظة التاريخية المهمة أن موقف المملكة، هو موقف مبدئي، لا تردد ولا تراجع فيه.

كان الموقف السعودى يعنى إشهارًا لتحدى السياسة الأمريكية والغربية الهادفة إلى محاصرة مصر، كان ذلك يعنى أن المملكة تقول لأمريكا.. «لن نسمح بالعبث بأمن مصر، وسنفضح المخطط وسنتصدى لكل الأدوات التى تريد نشر القلاقل والإرهاب».

لم يكن الموقف سهلًا، فالمملكة تدرك أن لهذا- الموقف ثمنًا كبيرًا، لكنها قررت فى هذه اللحظة التاريخية أن تطيح بكل التحذيرات والتهديدات وأن تعلن وقوفها إلى جانب مصر مهما كلفها ذلك من تضحيات.

لقد كانت السعودية ومنذ نجاح ثورة 30 يونية واضحة فى موقفها جنبًا إلى جنب مع موقف دولة الإمارات العربية الشقيقة ورئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والكويت والأردن وفلسطين وغيرها، وأكدت المملكة منذ البداية على وقوفها إلى جانب مصر وثورتها، وقالت: «نشد على أيدى رجال القوات المسلحة جميعًا، ممثلة فى شخص الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الذين أخرجوا مصر فى هذه المرحلة من نفق مظلم، يعلم الله أبعاده وتداعياته».

لقد لقى هذا البيان ترحيبًا شعبيًّا مصريًّا واسعًا عبر عنه البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، الذى أكد فيه الرئيس عدلى منصور بالقول: «إن الشعب المصرى استمع إلى بيان خادم الحرمين الشريفين الواضح والجازم لدعم مصر حكومة وشعبًا، فى مواجهة الإرهاب الذى أطل بوجهه البغيض على أرض الكنانة». وقال: «إن الأوقات العصيبة التى تشهدها الشعوب والأمم هى التى تكشف عن المعادن الحقيقية للقادة والشعوب، ومن ثم فإن بيان خام الحرمين جاء ليؤكد من جديد على أصالة موقفه، وأن العالمين العربى والإسلامى فى أشد الحاجة إلى الإنصات للدعوة التى أطلقها خادم الحرمين لمواجهة الإرهاب الذى لا يراعى دينًا ولا ذمة!!».

أما دولة الإمارات فعادت لتكرر موقفها الثابت والمبدئى الرافض لحكم الإخوان والإرهاب، والمساند لمصر شعبًا وقيادة، حيث أكد البيان عن تثمين دولة الإمارات لبيان الملك عبد الله بن عبد العزيز، معتبرة أن هذا التصريح ينم عن اهتمام خادم الحرمين بأمن مصر واستقرارها وشعبها، كما يأتى فى لحظة محورية مهمة تستهدف وحدة شعب مصر الشقيقة واستقرارها، فإنه أيضًا ينبع من حرص خادم الحرمين على المنطقة ويعبر عن نظرة واعية تدرك ما يحاك ضدها.

وأكد البيان الإماراتى إن الإمارات تغتنم هذه الفرصة لتؤكد وقوفها مع المملكة فى دعم مصر الشقيقة وسيادة الدولة المصرية، وتؤكد أنها تدعم دعوة خادم الحرمين لعدم التدخل فى شئون مصر الداخلية، وكذلك موقفه الثابت والحازم ضد من يوقدون نار الفتنة ويثيرون الخراب فيها انتصارًا لمصر الإسلام والعروبة، وقال: إن هذا ما عهدناه من خادم الحرمين من صلابة فى الموقف وجرأة فى قول الحق وطرح عقلانى هدفه مصلحة المنطقة واستقرارها وخير شعوبها.

ثورة 30 يونيو

وفى واشنطن أثار البيان السعودى قلقًا كبيرًا لدى الدوائر الحكومية والاستخبارية، حيث اعتبرت هذا الدوائر البيان بمثابة نقطة تحول فى مسار العلاقة الأمريكية - السعودية.

لقد سعت الرياض أكثر من مرة إلى الطلب من الولايات المتحدة مراجعة موقفها من الأحداث الجارية فى مصر، مؤكدة أن مصر هى حجر الزاوية فى المنطقة، وأن الرهان على تفتيتها وتقسيمها هو رهان خاطئ يعكس عدم وعى بحقائق الأمور على الساحة المصرية.

ولم يكن هذا الموقف جديدًا على المملكة، بل إن وصول جماعة الإخوان إلى الحكم وممارساتهم الإقصائية وإساءتهم للإسلام ومصلحة الوطن والأمة، قد أثارت انزعاجًا شديدًا لدى المملكة، إلَّا أنها فضلت عدم التدخل فى هذا الوقت وراحت تعارض فى صمت، متمنية لمصر التخلص من أزماتها.

ومع استمرار الإخوان فى نهجهم، كانت السعودية تبدى تخوفها على استقرار البلاد ووحدتها، خصوصًا عندما ثار الشعب المصرى على حكم الفاشية الدينية وأسقط نظام الإخوان.

بعد نحو ستة أيام من فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، تمكنت أجهزة الأمن من القبض على المرشد العام لجماعة الإخوان د.محمد بديع، مسددة بذلك ضربة فاعلة ومؤثرة للتنظيم الذى أعلن المواجهة مع الحكومة والشعب، واحتكم إلى السلاح والإرهاب بديلًا عن الانصياع لإرادة الشعب المصري.

ففى فجر الثلاثاء 20 أغسطس تحركت قوة من العمليات الخاصة والأمن المركزي، مع ضباط المباحث والأمن الوطني، وقامت بحصار أحد العقارات الخاصة بشارع الطيران على بعد أمتار قليلة من مكان الاعتصام المسلح الذى استمر فى ميدان رابعة العدوية لأكثر من 47 يومًا.

كانت التعلىمات الصادرة من وزير الداخلية «يجب معاملة مرشد الجماعة(الإرهابية) معاملة كريمة»، وبالفعل عندما ذهبت القوات بقيادة اللواء أسامة الصغير مساعد الوزير لأمن القاهرة وإلى جواره فريق المباحث بقيادة اللواء جمال عبد العال مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة فى هذا الوقت، تم إيقاظ د.بديع الذى كان غارقًا فى نومه، وتم إبلاغه بقرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره على ذمة العديد من القضايا، أبرزها اتهامه بالتحريض على قتل عدد من المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد فى شهر يونيو 2013.

استسلم المرشد لقرار النيابة دون مقاومة، وتم اصطحابه إلى سجن العقرب حيث جرى معه تحقيق فى القضايا المتهم فيها، كما جرى إخضاع عنصرين من الجماعة كانا يرافقانه للتحقيق بتهمة التستر علىه.

كان قرار القبض على المرشد ضربة أمنية موجعة للجماعة، خصوصًا أن د.بديع كان يتولى خلال الفترة الماضية إصدار التعلىمات لأعمال العنف والاعتداء على المنشآت وقتل الآمنين والأبرياء.

اعتصام رابعة المسلح

كانت الأجواء فى مصر مفعمة بالحزن، بعد قيام جماعات إرهابية بمشاركة وتعليمات صادرة من قيادة الإخوان بشن حرب لا هوادة فيها ضد قوات الأمن والجيش والمنشآت الحيوية فى سيناء، حيث سقط المئات من الضباط والجنود شهداء وجرحى منذ الثالث من يوليو 2013.

كانت العملية الإرهابية الجديدة التى ارتكبت مدوية، لقد أدت إلى استشهاد 25 جنديًّا من جنود الشرطة المصرية وجرح اثنين آخرين، وهو أمر أصاب الرأى العام بالصدمة والحزن الشديد ودفع الجماهير إلى مواجهة الإخوان وحرق مقراتهم وممتلكاتهم فى بعض المناطق.

لقد اعترض عدد من المسلحين المنتمين للتنظيمات الإرهابية فى وقت مبكر من صباح الاثنين 19 أغسطس حافلتى ميكروباص تقلان 27 مجندًا، كانوا متوجهين للحصول على شهادات إنهاء خدمتهم العسكرية.

وبالقرب من منطقة «سادوت» الواقعة بالقرب من منطقة الشيخ زويد فى سيناء، تم إنزال الجنود عنوة، ثم طلبوا من السائقين الانصراف.

كان الاتجاه هو اختطاف الجنود والمقايضة علىهم بالإفراج عن محمد الظواهري، الذى تم القبض علىه يوم الأحد 18 أغسطس 2013، وكذلك الإفراج عن آخرين، إلَّا أن الإرهابيين راجعوا أنفسهم وقرروا إعدام الجنود على الفور، باعتبار أن تلك هى أقوى رسالة يمكن أن توجه إلى النظام.

وبسرعة البرق تم إطلاق الرصاص علىهم مما أدى إلى استشهاد خمسة وعشرين منهم، بينما بقى اثنان فى حالة خطيرة.

هلَّلت الجماعة وأنصارها للجريمة البشعة، بعضهم راح يردد أن إعدام الجنود جاء ثأرًا لواقعة سقوط 36 إخوانيًا من المقبوض علىهم بالاختناق، نتيجة إلقاء قنبلة غاز مسيل للدموع داخل إحدى السيارات لتحرير ضابط شرطة اختطفه عدد من المقبوض علىهم من جماعة الإخوان، وعندما حاول الأمن تحريره حدثت الواقعة.

لم تستغرق عملية قتل الجنود فى سيناء أكثر من خمس دقائق نفذ فيها الإرهابيون حكم الإعدام الجماعى دون أى تردد أو وخزة من ضمير.

لم تكن عملية سيناء الإجرامية هى الحدث الوحيد على الساحة، كانت المؤامرة مكتملة الأركان، أعمال عنف فى القاهرة والعديد من المحافظات، وضغوط دولية تمارس وسط ضجيج من التهديدات التى تنطلق من واشنطن إلى دولة «الأكوادور»!

فى هذا اليوم تحديدًا «الاثنين» كان مندوبو دول الاتحاد الأوروبى يجتمعون فى بروكسل، لبحث اتخاذ الإجراءات العقابية ضد مصر، التى كان يمكن أن تصل إلى حد منع تصدير الأسلحة وقطع المعونات كبداية لمسلسل من العقوبات لا أحد يعرف مداه.

وقبيل أن يعقد مندوبو الاتحاد الأوروبى اجتماعهم وسط أنباء عن وصول البرادعى سرًّا إلى بروكسل ولقاء بعض ممثلى هذه البلدان لتحريضهم ضد مصر، كان وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل قد أنهى زيارته إلى باريس، التى التقى خلالها الرئيس الفرنسى وطلب منه التوقف عن التصعيد ضد مصر استنادًا إلى معلومات وتقارير خاطئة.

كانت الزيارة مهمة للغاية، من قبل فعلها أيضًا وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد، وكان الهدف هو تخفيف الضغط الأوروبى والأمريكى على مصر والتحذير من خطورة دعم هذه البلدان لجماعة الإخوان ومخططاتها التى تستهدف كيان الدولة المصرية.

لقد توقف المراقبون أمام البيان التاريخى المهم الذى أصدره وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل فى هذا اليوم بعد انتهاء زيارته لفرنسا التى اصطحبه فيها سفير المملكة فى مصر أحمد القطان.

لقد تضمن البيان السعودى أقوى رسالة تحذير إلى القوى المعادية لمصر والحاضنة للإرهاب، وهو بيان جاء انطلاقًا وترجمة للبيان الذى أصدره خادم الحرمين الشريفين يوم الجمعة 16 أغسطس 2013، بعد يومين من فض اعتصام رابعة.

وأبرز النقاط التى تضمنها بيان الخارجية السعودية هي:

- إن ما تشهده مصر حاليًا يعبر عن إرادة أكثر من 30 مليون مصرى خرجوا فى الثلاثين من يونيو معبرين عن رغبتهم فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ورفض القيادة السابقة لإعلان خارطة جديدة تقود إلى بر الأمان.

إن ما حدث فى 30 يونيو لا يمكن أن يوصف بالانقلاب العسكري، إذ أن الانقلابات العسكرية تجرى تحت جنح الظلام، كما أن من تولى الحكم فى مصر رئاسة مدنية وبما يتوافق مع الدستور المصري.

- إن السعودية تنظر بأسف شديد إلى ما تشهده مصر من أحداث وتطورات بلغت ما نراه من حرب فى الشوارع وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، وترويع المواطنين وإزهاق الأرواح البريئة وحرق محافظات مصر بأكملها من قبل تيار يرفض الاستجابة للإرادة الشعبية.

- إن الحكومة حاولت فض الاعتصامات بشتى الطرق السلمية فى رابعة والنهضة، إلَّا أنه وللأسف قوبلت هذه الجهود بالتعنت والرفض بل ومواجهتها بالعنف عبر استخدام السلاح وقنابل المولوتوف ضد رجال الشرطة والمواطنين على السواء، وأنه لابد من الإشادة بما قامت به الحكومة المصرية وقدرتها على فض الاعتصامات فى فترة زمنية قصيرة وبأقل عدد من الأضرار.

- إن ما تشهده مصر من محاولات حرق المساجد والكنائس والمنشآت العسكرية وأقسام الشرطة، وترويع الآمنين ومحاولة تحويل الأزمة إلى حرب شوارع وتزامن هذا النشاط الغوغائى مع العمل الإرهابى فى سيناء، يؤكد أن المنبع واحد، وهو أمر يتنافى مع سلمية الاحتجاجات، مع الأخذ فى الاعتبار أن جميع قوانين دول العالم تمنع وبشكل قاطع أى تظاهرات مسلحة أو تهديد للمواطنين أو المساس بالممتلكات العامة أو تعطيل الحياة ومصالح المواطنين.

- إنه وإذا كانت المملكة ترى للأسف الشديد أن بعض المواقف الدولية أخذت مسارًا غريبًا فى تجاهل هذه الحقائق الدامغة، وكأنها تريد التغطية على جرائم حرق مصر وقتل شعبها الآمن، وتشجيع هذه الأطراف فى التمادى فى هذه الممارسات فإنها تلتزم الصمت على الجرائم التى تمارس فى سوريا، وأن السعودية والعالم العربى والإنسانى لن ينسى هذه المواقف، وسيوصم هذا الزمان بأنه الزمان الذى انتهكت فيه الحقوق بتبريرات واهية لا يمكن أن يقبلها عقل أو يرتكن إلىها ضمير، بما يعكس كونها مواقف عدائية ضد مصالح الأمتين العربية والإسلامية واستقرارها، فمصر لا يمكن أن ينالها سوء.

- إن المملكة تؤكد أن كل الدول التى تتخذ هذه المواقف السلبية تجاه مصر علىها أن تعلم أن التدمير والخراب لن يقتصر على مصر وحدها، بل سينعكس على كل من أسهم أو وقف مع ما ينالها من مشاكل واضطرابات تجرى على أرضها اليوم.

- إنه فى ضوء ذلك وإزاء المواقف الدولية السلبية تجاه مصر، كان لابد للمملكة أن تقف وقفة عز وحق معها، فمصر تعتبر أهم وأكبر دولة عربية، ولا يمكن أن تقبل المملكة أن يرتهن مصيرها بناء على تقديرات خاطئة، ولذلك كانت رسالة خادم الحرمين الشريفين رسالة واضحة وقوية وتنبع من خلقه الإسلامى الذى يجعله يقف دائمًا مع الحق دون أن يأبه بمصالح أو تحقيق مكاسب زائلة.

- إن ما يحدث فى مصر ليس إلَّا إرهابًا، لا يراد به خير لمصر ولابد من مواجهته والتصدى له بكل قوة وحزم، وإلَّا فإن الإرهاب سيحقق ما يخطط ضد مصر واستقرارها، كما أن خادم الحرمين الشريفين طالب بعدم التدخل فى الشئون الداخلية فى مصر، وأن يترك هذا الأمر لشعبها وقيادتها فهم أدرى بشئون بلادهم.

- إن المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبًا وقفت وستقف دائما مع مصر، وأن الدول العربية لن ترضى مهما كان بأن يتلاعب المجتمع الدولى بمصيرها، وأن يعبث بأمنها واستقرارها، وأن المملكة جادة ولن تتهاون فى مساندة الشعب المصرى لتحقيق أمنه واستقراره، وأن من أعلن وقف مساعدته لمصر أو يلوح بوقفها مردود علىه بأن الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وإمكانياتها ولن تتأخر عن تقديم يعد العون لمصر، لأن مصيرنا واحد، وكما تنعمون بالأمن والهدوء والاستقرار فلا تستكثرون علىنا ذلك.

كانت تلك هى أهم النقاط التى تضمنها البيان المهم والخطير الصادر عن وزير الخارجية السعودى الذى ترجم مضمون الأهداف العامة التى أعلنها خادم الحرمين الشريفين فى بيانه القوى الصادر يوم الجمعة 16 أغسطس 2013.

وقد أثار بيان الخارجية، كما أثار بيان خادم الحرمين الشريفين ردود أفعال عديدة لدى الدوائر الأمريكية والغربية والقطرية والتركية.

كانت تفاصيل الموقف على الأرض حتى هذا الوقت تؤكد على عدد من الحقائق أهمها:

- أن الدولة المصرية لا تزال تمتلك هى وحدها المبادرة، وقد خرجت من حال رد الفعل إلى الفعل بما يعيد للدولة هيبتها ويجعل القانون فى المواجهة أداتها، وأنه فى الوقت الذى تخوض فيه الدولة حربًا ضد الإرهاب وتراجع الأداء الاقتصادي، فإنها نجحت حتى الآن فى حماية البلاد من الوقوع فى خضم الأزمات الحياتية الاقتصادية.

- أن الدولة استطاعت خلال فترة وجيزة تجفيف العديد من المنابع التنظيمية والمالية، حيث جرى تنفيذ قرارات النيابة بالقبض على قادة الجماعة وكوادرها من المحرضين ودعاة العنف والإرهاب، كما جرى تفكيك العديد من الشبكات التى كانت تتولى إدارة عمليات العنف والتسليح والحشد.

- أن صمود الدولة وتمسكها بمواقفها المبدئية ورفض الضغوط الإقليمية والدولية، التى أرادت القفز على حقائق الواقع الجديد ورفض العودة إلى مرحلة ما قبل ثورة 30 يونيو، أربك حسابات جماعة الإخوان وفضح أكاذيبهم فى مواجهة القوى الحليفة لهم، مما أثر بالسلب على مواقف العديد من هذه القوى التى راحت تدعو إلى حل سلمى بعيدًا عن العنف والإرهاب.

- أن نجاح قوات الأمن المصرية فى فض اعتصامى رابعة والنهضة بطريقة شفافة وحرفية عزز من ثقة الجماهير فى أداء المؤسسة الأمنية وكشف هشاشة المواقف الأخرى وفضح أكاذيبهم.

- سقوط رهانات الجماعة فى إشعال فتنة طائفية فى البلاد بسبب صمود الأقباط ورفض الانجرار للمخطط، والاستقواء بالأجانب مما كان له أثر كبير فى انهيار مخطط الجماعة لإشعال الفتنة التى قدر لها أن تبدأ فى الصعيد بهدف فصله عن جسد الوطن والسيطرة علىه، ولذلك تم تكثيف العمليات الإرهابية فى الفيوم وبنى سويف والمنيا تحديدًا كبداية لتنفيذ المخطط إلَّا أن الفشل كان من نصيبهم.

- تراجع حدة الموقف الدولى تجاه مصر، بسبب الدور الذى لعبته إلى جانب مصر العديد من البلدان العربية وتحديدًا السعودية والإمارات، ومن خلال الاتصالات والزيارات التى قام بها المسئولون فى هذه البلدان إلى دول الخارج، بهدف شرح الحقائق والوقائع الصحيحة والتحذير من خطورة المساس بوحدة مصر ودعم الإرهاب.

رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

فى هذا الإطار لا يمكن تجاهل موقف دولة الإمارات المبدئى منذ البداية، وقد كان الشيخ محمد بن زايد يتصدر المشهد بالإنابة عن الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات (رحمة الله عليه) وبقية أركان الحكم والجماهير.

لقد عبر الفريق صدقى صبحى عن ذلك عندما قال: «إن موقف الإمارات ودعمها لجميع مطالب الشعب المصرى التى خرج من أجلها فى ثورة 30 يونيو، سيذكره التاريخ، وإنه كان من أهم المواقف فعالية فى نجاح الثورة وتثبيت أركانها وقدرتها على حرب الإرهاب الذى تقوده جماعة الإخوان ضد الشعب منذ إعلان خارطة الطريق فى 3 يوليو وحتى الآن».

كان رئيس الأركان فى هذا الوقت يقر واقعًا معروفًا للجميع، لكنه تعمّد أن يؤكده مجددًا خلال زيارته إلى دولة الإمارات التى قام بها خلال النصف الأول من شهر فبراير 2014 ولقائه بعدد من كبار المسئولين فى الدولة.

لم يكن موقف الإمارات مقصورًا على الدعم الاقتصادى ومواصلة الطريق الذى بدأه حكيم العرب رحمة الله علىه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولكنه وكما قال الفريق صدقى صبحى شمل الدعم السياسى أيضًا، حيث وظّفت الدبلوماسية الإماراتية كل رصيدها السياسى القوى على الصعيدين الإقليمى والدولى فى الاعتراف بثورة الشعب، وأن انحياز الجيش المصرى العظيم لهذه الإرادة هو عمل تتجلى فيه أسمى وأنبل المعانى الوطنية.

وخلال الزيارة التى تعد الثانية لرئيس الأركان المصرى منذ توليه منصبه، سمع الفريق صدقى صبحى كلامًا من كبار المسئولين بدولة الإمارات، وفى مقدمتهم الشيخ الفريق محمد بن زايد نائب القائد العام للقوات المسلحة وولى عهد أبوظبي، مما يؤكد هذه المعانى مجددًا، والاستمرار فى دعم مصر وثورتها العظيمة التى أسقطت حكم الإرهاب والتآمر والخيانة.

لم يكن الموقف غريبًا، بل كان تأكيدًا لمواقف سابقة تجلت على يد الشيخ زايد بن سلطان منذ حرب أكتوبر 1973 عندما تحرك بدافع من المسئولية القومية ليلعب الدور الأساسى جنبًا إلى جنب مع الراحل العظيم الملك فيصل بن عبد العزيز فى مساندة مصر وسوريا فى تحقيق هذا الانتصار العظيم، كانت مواقفه وكلماته واضحة ومحددة ستبقى خالدة فى الذاكرة العربية وفى ذاكرة المصريين على وجه الخصوص.

كانت الإمارات واضحة منذ البداية فى موقفها من جماعة الإخوان، لقد عرفوا هذه الجماعة، ودرسوا مواقفها، وأدركوا غدرها، وانقلابها وتآمرها على دولتهم شعبًا وحكومة، قدموا لهم كل شيء، فتحوا لهم الأبواب، لكن الآخرين كان هدفهم إسقاط الدولة والاستيلاء علىها وتوظيف ثرواتها لخدمة مخططاتهم الإرهابية فى شتى أنحاء العالم.

كان الموقف الإماراتى منذ البداية لا تعاون مع حكم الإخوان فى مصر، ولا إساءة إلى المصريين العاملين فى دولة الإمارات، كان القلق يساورهم على مصر والمنطقة، كانوا يعرفون ويدركون حجم المخاطر التى تهدد المنطقة بعد وصول هذه الجماعة الإرهابية إلى قمة الحكم فى أكبر دولة عربية.

كانت مهمتهم الأولى وتحديدًا الشيخ محمد بن زايد وشقيقه الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية، كيف يمكن إقناع الغرب بحقائق ما جرى فى مصر، وبالدور الخطير الذى تلعبه جماعة الإخوان فى تهديد أمن المنطقة والعالم، لم يكن المجتمع الغربى مستعدًّا لتغيير مواقفه فى هذا الوقت، كانوا يسدون آذانهم ويتعاملون مع الجماعة الإرهابية ومندوبها فى القصر الرئاسى على أنهم جاءوا إلى الحكم، عبر الصندوق وتعبيرًا عن إرادة الشعب المصري، ولذلك لا خيار إلَّا بالتعامل معهم.

كان الشيخ محمد بن زايد يدرك فى هذا الوقت أن المخطط أكبر من هذه الادعاءات، وأن هناك أجندة تم الاتفاق علىها مع الجماعة، ولذلك تجد الدعم والمساندة، خصوصًا من أمريكا والغرب وبعض الدول الإقليمية.

كانت الإمارات تراهن على عنصر الزمن، وتدرك أن الإخوان لن ينجحوا فى الحكم، ولن يحققوا الأهداف والشعارات التى رفعوها فى فترة الانتخابات، لكنهم كانوا على ثقة ويقين من أن السقوط قادم لا محالة.

وفى لقاء جرى مع الشيخ محمد بن زايد ووفد مصرى برئاسة المستشار أحمد الزند فى ديسمبر ٢٠١٣ تحدث ولى عهد أبوظبى عن هذه الفترة وقال: «بعد أحداث الربيع العربى رفعنا مستوى الخطر الأول (الإخوان) ومن يتبعهم، أدركنا دورهم التآمرى فى توظيف غضب الجماهير لإحداث الانهيار والفوضى لصالح جماعتهم».

قال: «كان الهدف الرئيسى لنا فى هذا الوقت هو كيف نقنع حلفاءنا فى الغرب، بذلنا جهودًا كثيرة ولم ننجح فى البداية، ولكن فى اللحظة التى سقط فيها نظام حكم الجماعة فى مصر وسقطت معها الأقنعة المزيفة عرف العالم أن الوضع يحتاج إلى وقت، بدأوا يراقبون الأوضاع، ولكن عندما أدركوا أن مصر ثابتة وتتقدم بخطوات واثقة بدأوا يعودون ليدقوا الأبواب من جديد».

تحدث محمد بن زايد مطولًا عن تجربة الدولة مع فلول الإخوان فى الإمارات، تحدث عن محاولتهم تغييب عقول الشباب، ودفعهم إلى الموت بعيدًا عن الأوطان، ولحسابات هذه الجماعة، قال: «خسرنا 130 من شباب الإمارات قتلوا فى حروب اليمن وأفغانستان وسوريا»، لكن أخطر ما قاله الشيخ محمد بن زايد فى هذا الأمر أن نحو 34 ممن ذهبوا للجهاد فى سوريا وغيرهم كانوا ينتمون تنظيميًّا إلى جماعة الإخوان بالأساس، لقد قال: إن هناك من كانوا يخطفون أولادنا باسم الدفاع عن الدين، فيقتلون دون قضية، ويزهقون أرواحهم بأيديهم دون هدف، ولذلك كان يقول إن أصعب لحظة كانت تواجه الإنسان عندما يذهب للعزاء فى أحدهم أن يقول «أحسن الله عزاءك»، وكان السؤال: على إيه، هذا الشاب لم يشرف وطنه وخرج يقاتل دون إذن ودون قضية، ولذلك علىنا أن نبحث الأسباب.

لقد تولى الشيخ محمد بن زايد هذا الملف بنفسه شخصيًّا أدرك أن الأزمة فى المناهج التعلىمية والمدرسين المنتمين إلى هذه الجماعة وأئمة المساجد والمدارس الصيفية التى يسخرها الإخوان لبث الأفكار المتطرفة فى عقول الشباب والبعيدة عن صحيح الدين.

قال الشيخ محمد بن زايد لقد اصطدمنا بالإخوان، وكان ذلك طبيعيًّا ومتوقعًا لأنهم أرادوا جر البلاد إلى الفوضى، كانوا يتحدثون عن الديمقراطية وهم أعداؤها، وكنا نقول: «إننا لن نقبل من أحد أن يفرض علىنا ديمقراطية بعينها، لا تناسب مجتمعاتنا العربية»؟ نريد من البرلمان الإماراتى أن يقاتل لمصلحة البلد وليس لحساب آخرين، لا نريد للإنسان الوطنى أن يكون ولاؤه «لقم» أو «مزار الشريف» أو ولاء لمكتب الإرشاد، نحن شعب ووطن وأرض، هناك دولة اسمها الإمارات الولاء لها وحدها وليس لأحد آخر، رفضنا أن يكون الإنسان الإماراتى مجرد جواز سفر للتنقل والولاءات المتعددة، فشعب الإمارات منتمٍ إلى بلده وترابه، ولذلك راهنَّا على الشعب، وكان الرهان صحيحًا.

كان محمد بن زايد يتحدث عن التجربة فى الإمارات ثم يعود ليعرج علىها فى مصر، كان الموقف مع مصر ليس مبنيًا فقط على أسس عاطفية أو انتماء قومى مشترك، بل كان مبنيًا على رؤية منهجية واضحة تحدد مكمن الخطر وتتعامل معه، تعرف أن انهيار مصر وسقوطها فى قبضة هذه الجماعة الإرهابية إنما يعنى أن مصير الأمة كلها فى مهب الريح.

وقال: «نحن مع مصر إلى آخر الطريق، ليس عندنا بديل، وهذا ليس كرهًا فى الإخوان، مصر أقدر على مواجهتهم والانتصار علىهم، لكن مصر ثقل وتاريخ، نقطة اتزان، إنها أكبر دولة فى المنطقة، يجب أن تكون قوية».

قال: إن «من يرغب فى أن يرى مصر ضعيفة وجيشها ضعيفًا، فهو إما مجنون وإما خائن، لذلك نحن على يقين بأن مصر ستخرج من كبوتها سريعًا بفضل الرجال المخلصين على أرضها».

وقال: لو سقطت أى دولة لا قدر الله، فالعالم العربى سيظل بخير، ولكن إذا سقطت مصر سقطت الأمة بأسرها.

وتحدث «بن زايد» عن عوامل القوة الكامنة على الأرض المصرية وقال: إن «خوفى الأكبر كان على مؤسسة (الأزهر) لأن الإخوان لو كانوا قد تمكنوا من الأزهر فى فترة حكمهم هنا سيحققون الهدف، ويدخلون كل بيت لنشر أفكارهم المتطرفة والبعيدة عن الدين ولكن باسم الأزهر».

تحدث الشيخ محمد بن زايد عن الموقف السعودى الداعم لمصر وأشاد بمواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وقال: «لقد كان مهمومًا منذ البداية بالأوضاع فى مصر، وقال إن الموقف السعودى كان حاسمًا وواضحًا فى رفض الإرهاب وحكم الجماعة».

كان حديث الشيخ محمد بن زايد فى هذا الوقت يدعو إلى التفاؤل، قال: المهم أن تحافظوا على وحدتكم وأن تسعوا إلى تنفيذ خارطة الطريق سريعًا، الإمارات لن تترك مصر أبدًا، نحن معكم حتى نهاية الطريق.

لقد تعرّضت الإمارات فى أوقات سابقة لتطاولات من الإخوان وعناصرهم، إلا أن ذلك لم يؤثر فى موقف الشعب والقيادة الإماراتية من المصريين العاملين لديهم، كانت لديهم ثقة كبيرة فى أن الإخوان فصيل ليس وطنيًّا، وأن تطاولهم على شعب الإمارات لن يزيد الإمارات إلَّا صلابة وقناعة بمواقفها.

لقد وجد الفريق صدقى صبحى فى هذه الزيارة، كل الترحاب، أدرك أن للصدق رجالًا، وأن هؤلاء الرجال يقرأون الواقع جيِّدًا، ويتحركون بدافع من الضمير الوطنى والمصلحة القومية، ليست لديهم أهداف سياسية أو مصالح بعينها، مصلحتهم فى بقاء مصر قوية، شامخة، مرفوعة الرأس.

اقرأ أيضاًفي ذكرى 30 يونيو | مصطفى بكري يرصد أسرارَ أخطر عشرة أيام في تاريخ مصر (11).. اعتصام رابعة المسلح

في ذكرى 30 يونيو | مصطفى بكري يرصد أسرارَ أخطر عشرة أيام في تاريخ مصر (10).. التفويض الشعبى

في ذكرى 30 يونيو | مصطفى بكري يرصد أسرارَ أخطر عشرة أيام في تاريخ مصر (9).. ما بعد ٣ يوليو

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السعودية الإمارات الإخوان مصطفى بكري الجيش المصري 30 يونيو ثورة 30 يونيو ذكرى ٣٠ يونيو كتاب ثورة 30 يونيو أخطر عشرة أیام فی تاریخ مصر خادم الحرمین الشریفین مصطفى بکری یرصد أسرار الجماعة الإرهابیة الشیخ محمد بن زاید فی ذکرى 30 یونیو الدولة المصریة دولة الإمارات وزیر الخارجیة جماعة الإخوان بن عبد العزیز الشعب المصرى الإرهاب الذى ثورة 30 یونیو فى هذا الوقت هذه الجماعة منذ البدایة عبد الله بن الإخوان فى لا یمکن أن العدید من التدخل فى فض اعتصام فى سیناء دعم مصر أن مصر فى هذه عدد من لم یکن ضد مصر مصر من فى مصر رئیس ا

إقرأ أيضاً:

المشير يحذر من مؤامرة كبيرة.. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 66»

فى الثانى من فبراير 2012 عقد مجلس الشعب جلسة مهمة لمناقشة أحداث مباراة الأهلى والمصرى البورسعيدى، تلك الأحداث التى أدت إلى استشهاد 74 وإصابة نحو 1000 من المشجعين.

وقد ذهبت إلى مقر البرلمان مبكرًا فى هذا اليوم فى محاولة لقراءة سيناريو الجلسة قبيل انعقادها، وقد علمت فى هذا الوقت أن أعضاء المجلس من الإخوان وبعض أنصارهم يعدون العدة لإجبار د.الجنزورى على إقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم يوسف.

وفى الموعد المحدد بدأ المجلس أعماله بحضور د.كمال الجنزورى رئيس الوزراء ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم يوسف ووزير الدولة لشئون مجلس الشعب والشورى المستشار محمد عطية وعدد من الوزراء الأخرين.

فى البداية طلب رئيس المجلس د.سعد الكتاتنى منذ االبداية عدم بث الجلسة تليفزيونيًا على الهواء، إلا أن الأعضاء ثاروا ضد ذلك وصمموا على إذاعة الجلسة مباشرة رغم حساسية الموقف وتداعيات الحدث.

ومع بدء الجلسة اتهم د.الكتاتنى الحكومة بالتقصير فى حادث بورسعيد وقال إن هناك إهمالا أمنيا جسيما يصل إلى الإخلال بواجبات الوظيفة.

وقال الكتاتنى: إن ما حدث بالأمس فى بورسعيد يدل على أن ثورتنا فى خطر، خاصة أن هناك تحذيرات كانت قد أبلغت قبل المباراة، غير أن جهاز الأمن لم يفلح فى القيام بواجبه -على حد قوله-.

وقد تسببت كلمات د.الكتاتنى فى إثارة الأعضاء وتحميلهم المسئولية كاملة لوزارة الداخلية، وقد تحدث د.كمال الجنزورى فى هذه الجلسة بالقول: «إن ما يحاك لمصر أكثر بكثير من أن نختلف عليه»، وقال: «إن أمن الشارع المصرى لن يتحقق إلا إذا اتفقتم جميعًا».

وتساءل الجنزورى: كيف يحدث ما حدث فى إسنا وبورسعيد والضبعة والهتاف واحد؟!

وقال: «لقد اتخذنا عدة قرارات منها قبول استقالة محافظ بورسعيد وإيقاف مدير الأمن ومدير مباحث بورسعيد وإقالة رئيس اتحاد الكرة والتحقيق معه»..

وهنا قام عدد من أعضاء المجلس بمقاطعته أثناء الحديث وحملوه المسئولية كاملة عن هذه الأحداث.

كنت أتابع الموقف عن كثب، ورأيت كيف اتفق الجميع ضد الحكومة فى هذا الوقت، حيث راح النواب سعد عبود وأمين اسكندر وطارق سباق بمقاطعة رئيس الوزراء واتهامه بالمسئولية الكاملة عن الأحداث.

وعندما تدخل د.سعد الكتاتنى وطالبهم بالتوقف عن المقاطعة، استأنف الجنزورى حديثه بالقول: «أنتم تقولون أنى مسئول، هل تلقون بالمسئولية على رجل خرج منذ 15 عامًا وعاد فى وقت حرج لتحمل المسئولية بهذا البلد فى ظل الظروف الحرجة»؟!

وقال: «أنا اتحمل المسئولية كاملة، ولكن هل أنا من أخل بالأمن؟ وهل أنا مسئول عن الإعلام الذى يعمل ضد مصر أكثر من أى دولة معادية أخرى؟

وقد تحدث عدد كبير من النواب وطالبوا بإقالة القيادات الأمنية وعلى رأسها وزير الداخلية، وهناك من طالب بإنهاء ما اسموه بالحكم العسكرى، بل وطالب بعضهم بمحاكمة المجلس العسكرى بجميع أعضائه.

وطلبت الكلمة وتحدثت وقلت: كيف نطلب من وزارة الداخلية حماية الوطن من الفوضى وهى لا تستطيع حماية مجلس الشعب؟ خاصة أن رئيس المجلس لا يستطيع الخروج من باب المجلس إلا خلسة بسبب المظاهرات التى تحاصر مبنى البرلمان، فكيف للداخلية أن تحمى مباراة بها 13 ألف مشجع فى بورسعيد!!

وقلت إن البلاد تتعرض لمؤامرة خارجية تقف وراءها أمريكا وإسرائيل، خاصة أن البلاد تتعرض حاليًا لانهيار كبير ومطلوب أن يستمر هذا الانهيار لحين إسقاط الدولة وتحقيق أهداف المخطط، وقلت فى هذا الوقت إننا أمام صراع مجتمعى رهيب، الكل فيه يخون بعضه البعض، وقلت إن المتآمرين صرفوا على الجمعيات الأهلية المعادية مليار و200 مليون جنيه لتنفيذ مخطط الفوضى فى الفترة من فبراير إلى نوفمبر 2011.

وتقدم د.عصام العريان بطلب موقع من 143 نائبًا إلى د.سعد الكتاتنى لتوجيه الاتهام إلى وزير الداخلية بالتقصير والإهمال وعدم القيام بواجبه فى حفظ الأمن.

وقد قرر مجلس الشعب فى نهاية هذه الجلسة تشكيل لجنة لتقصى الحقائق سافرت إلى بورسعيد واستمعت إلى شهادات العديد من المسئولين حول الأحداث وأسبابها وعما إذا كان هناك تقصيرًا أمنيًا قد حدث.

وقد أدلى وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم يوسف بشهادته أمام اللجنة، وقد أكد براءة الأمن من هذه الأحداث، وقال: إنه اتخذ إجراءات احترازية بوقف مدير الأمن ورئيس المباحث، وأن التحقيقات لا تزال مستمرة، وفى لقاء تليفزيونى فى وقت لاحق اتهم الوزير ما اسماه بالطرف الثالث وكان يقصد جماعة الإخوان بالمسئولية عن تلك الأحداث.

كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتابع هذه الأحداث وتداعياتها، وقد طلب المشير طنطاوى ترتيب لقاء مع عدد قيادات البرلمان بهدف تهدئة الحملة التى كان يقودها مجلس الشعب والتى تطالب بالإقالة.

انتهت جلسة مجلس الشعب بعد عدة ساعات من المناقشات الساخنة، وكان الشارع يتابع المناقشات على الهواء مباشرة من خلال بث التليفزيون المصرى لوقائع الجلسة.

وفى الرابع من فبراير أى بعد ثلاثة أيام من الأحداث، كان المشير حسين طنطاوى يتقدم على رأس وفد لاستقبال بعثة النادى الأهلى القادمة من بورسعيد بعد هذه الأحداث على متن طائرة خاصة، حملت معها جثامين الشهداء.

وقد رفض الكابتن محمد أبو تريكة مصافحة المشير طنطاوى خلال الاستقبال وراح يصرح للصحافة بأنه لم يصافح المشير لأنه لم يكن راضيًا عن الأحوال فى البلاد مما أثار سخط الشارع على هذا التصرف الذى يخرج عن كل حدود اللياقة والأدب.

كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتابع هذه الأحداث وتداعياتها، وقد طلب المشير طنطاوى ترتيب لقاء مع عدد من قيادات البرلمان بهدف تهدئة الحملة التى كان يقودها عدد من أعضاء مجلس الشعب والتى تطالب بإقالة وزير الداخلية وتحميله المسئولية كاملة عن الأحداث التى شهدتها مباراة كرة القدم بين النادى المصرى البورسعيدى والنادى الأهلى على استاد بورسعيد.

وبالفعل فى ظهر الثالث عشر من فبراير 2012، طلب منى د.سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب الاستعداد غدًا للمشاركة فى وفد مجلس الشعب الذى سيلتقى المشير حسين طنطاوى بمقر وزارة الدفاع بوصفى ممثلًا للمستقلين داخل المجلس.

وبالفعل التقينا بعد ظهر اليوم المحدد 14 فبراير 2012 بوفد من المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوى وعضويه الفريق سامى عنان رئيس الأركان واللواء محمد العصار عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة واللواء ممدوح شاهين المسئول عن الشئون القانونية والدستورية بالمجلس الأعلى.

وحضر من المجلس د.سعد الكتاتنى رئيس المجلس وأشرف ثابت وكيل المجلس وحسين إبراهيم ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة ود.عصام العريان رئيس لجنة العلاقات الخارجية ود.محمد السقا رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد ولواء عباس مخيمر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى ومصطفى بكرى ممثل المستقلين باللجنة العامة للمجلس.

كان المشير يبدو مهمومًا، ووضح منذ البداية أن هذا اللقاء كان هدفه الأساسى وضع حد للأزمة المتصاعدة بين مجلس الشعب ووزير الداخلية والتخلى عن مطلب إقالته على خلفية أحداث بورسعيد.

بدأ المشير حديثه بالقول: نحن دائمًا نريد أن نتشاور معكم ونُطلعكم على الحقائق، لأننى أقرأ فى كثير من الأحيان كلامًا غريبًا فى الصحافة وكذلك وسائل الإعلام المختلفة، وهى أمور فى غالبيتها لا أساس لها من الصحة، لكنها تعطى انطباعًا للشعب بصورة مختلفة عن الواقع.

- وقال د.سعد الكتاتنى: أنا أطلب من سيادتكم إطلاعنا على الموقف الراهن والجدول الزمنى لتنفيذ خارطة الطريق.

- وقال المشير طنطاوى: لقد بدأنا بوضع خارطة طريق مرتبطة بجدول زمنى وقلنا إننا مصممون على التنفيذ حتى نستطيع الوفاء بالتزاماتنا كاملة ويعود الجيش إلى ثكناته ونسلم السلطة فى 30 يونية المقبل، وأنا أسألكم: هل نحن ماضون فى تنفيذ خريطة الطريق كما حُددت أم لا؟

- وقال د.عصام العريان: نحن ماضون فى تنفيذ الخريطة، ولكن هناك من يريد أن يربك الأوضاع، نحن كلنا ثقة فى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سوف يفى بكلمته، وندرك أنكم ملتزمون بما أعلنتموه سابقًا، وأن السلطة ستُسلم للإرادة الشعبية، هذه الإرادة التى تجلت فى الانتخابات البرلمانية والاستفتاء الشعبى، ولكن هناك من يرى أن استمرار المجلس العسكرى بعد الفترة سيزيد من تأزم الموقف، ونتمنى أن يتم ضغط الفترة الانتقالية لشهر أو أكثر.

- وقال المشير طنطاوى: نحن ملتزمون بالموعد المحدد الذى سبق أن أعلنَّاه وهو 30 يونية المقبل، أما مسألة ضغط الفترة أو غير ذلك من المقترحات فأنا أحترم كل ذلك، لكننا ملتزمون أمام الشعب بالفترة المعلنة، وليس لدى أحد منّا جميعًا أى أطماع فى السلطة.

- وقال د.عصام العريان: لقد رفضنا مطلب من قالوا بتسليم السلطة لمجلس الشعب، لأن ذلك ضد نتائج الاستفتاء والإعلان الدستورى.

- وقال المشير طنطاوى: ونحن فى حاجة إلى أن تمضى هذه الفترة بسلام.. أنا أسألكم هنا: هل ترضيكم لغة الخطاب التى تستخدم أحيانًا ضد القوات المسلحة؟

- وقال د.سعد الكتاتنى: نحن فى مجلس الشعب مع ضرورة إتمام الفترة الانتقالية وفقًا للجدول الزمنى المحدد لها ولكنها الديمقراطية، الأغلبية مع الموقف، ولكن هناك بعض الأفراد يرون غير ذلك، ولكن فى كل الأحوال علينا أن نقرأ جيدًا الدعوة إلى العصيان المدنى ولماذا لم تنجح.

- وقال المشير طنطاوى: التحول الديمقراطى هو على رأس أولوياتنا، ولو كنا نريد غير ذلك لفعلناه مع بدايات الثورة، لقد تحملنا الكثير وما زلنا نتحمل، نحن لسنا ضد النقد، نحن نتحمل، ولكن على هؤلاء الذين يتطاولون أن يدركوا أن لدينا قوات مسلحة لا تقبل الإهانة ولا الإساءة، وأنا أبذل جهودًا كبيرة فى تهدئة الضباط والجنود الثائرين لكرامتهم ونقول لهم دائمًا: تحملوا من أجل مصر، قدرنا أن نتحمل، لكن الجيش غاضب من الإهانات المتكررة.

وتحدثت قائلًا: نحن جميعًا نقدر القوات المسلحة ونعرف جهودها فى حماية أمن واستقرار البلاد، ولدينا قناعة بصدق التزامكم بتنفيذ خارطة الطريق فى الجدول الزمنى المحدد لها، غير أن القلق لا يزال يساورنا حول الأوضاع الأمنية فى البلاد وكذلك عمليات الاختراق الأجنبى للعديد من المنظمات الأهلية والدور الذى تقوم به فى إثارة المشكلات والأزمات على أرض الوطن، نحن ندرك أن الوطن مستهدف، ولكن يتوجب اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية الأمن الداخلى.

- وقال د.محمود السقا: أود أن أشكركم على هذه الدعوة الكريمة، والحقيقة أن المصريين جميعًا يقدِّرون دور القوات المسلحة فى حماية الثورة، وأنا أقولها بصراحة، لولا تدخل الجيش لانهارت البلاد، خاصة أن مصر تعرضت لمؤامرات ومشكلات عديدة، واستطاع جيشنا العظيم أن يكون عند مستوى التحديات المفروضة، ولكن ما نريده هو ضمان الالتزام بتنفيذ الجدول الزمنى وصولاً إلى إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، وقال: إننى لن أنسى لك يا سيادة المشير وقفتك الأولى فى ميدان التحرير، إن هذه الصورة ترسخت فى أذهان الجماهير ولولا الجيش ووقفته ولولا الثورة وصمودها ما استطعنا إجراء انتخابات نزيهة حرة.

- وقال المشير طنطاوى: أنا مقتنع أن مجلس الشعب الجديد جاء تعبيرًا عن إرادة الشعب من خلال انتخابات حرة، وهذه الانتخابات هى واحدة من أهم مراحل خارطة الطريق، ونحن سنواصل تنفيذ بقية المراحل، وقال: صحيح أن هناك صعوبات تواجهنا، من بينها: الأوضاع الاقتصادية والمظاهرات الفئوية، الاعتصامات، وكل ذلك يؤثر بالسلب على الوضع الاقتصادى، ومع ذلك أقول إنَّا ماضون فى طريقنا.

- وقال سعد الحسينى: نحن نقدِّر دور القوات المسلحة وحمايتها للثورة، لقد قال د.سعد الكتاتنى فى البرلمان السابق 2005 - 2010 إن القوات المسلحة خط أحمر، وهذه وجهة نظرنا جميعًا.

- وقال المشير طنطاوى: القوات المسلحة هى جزء من الشعب، ونحن إخوتكم جميعًا.

- وقال سعد الحسينى: بيانكم فى الأول من فبراير 2011 كان عظيمًا.. يشبه فى مضمونه قرار حرب أكتوبر، نحن لدينا قلق على الأوضاع فى البلاد سواء كانت الاقتصادية أو الأمنية.

- وقال المشير طنطاوى: موضوع الأمن الداخلى هو مسئولية جهاز الشرطة، والحقيقة أن الشرطة خطت خطوات مهمة ومتقدمة، أنا أدعوكم للعودة إلى شهر فبراير من عام 2011 عندما انهارت الشرطة وتولت القوات المسلحة مسئولية أمن البلاد، لم يكن لدينا جهاز يتابع أو يضبط أحدًا، ومع ذلك استطاع الجيش أن ينقذ البلد من الانهيار، فقد انتشر الجيش فى أنحاء مصر، حافظنا على المؤسسات والمنشآت، وقام رجال القوات المسلحة بحماية معسكرات الأمن المركزى والذخيرة التى تركها الجنود خلفهم، كان كل هدفنا هو إرجاع الشرطة لتمارس دورها الطبيعى، وكان مطلوبًا إعادة الثقة لرجالها ليعودوا إلى ممارسة دورهم، نحن نساعدهم ونوفر لهم الإمكانات المطلوبة بقدر الإمكان، وقال: لقد قبضت الشرطة العسكرية على آلاف الهاربين من السجون.

وأضاف: إنه خلال الأيام الماضية جاء موضوع حادث بورسعيد ليقلب الأوضاع رأسًا على عقب واستُشهد العديد من شبابنا، وهذه مسألة ليست بريئة، أعداء الوطن وأعداء الاستقرار لن يتركونا وحالنا، ومع كل ذلك أقول: نحن لن نألو جهدًا فى تحقيق الاستقرار الكامل فى البلاد، والجهود التى تبذلها الشرطة هذه الأيام ووزيرها الجديد اللواء محمد إبراهيم يوسف هى جهود جيدة وتحقق نجاحات كبيرة.

- وقال د.عصام العريان: من يوم 8 أبريل وحكاية الضباط المفصولين أوضحت أن هناك من يريد ضرب الجيش والتآمر عليه.

- وقال المشير طنطاوى: هناك مؤامرة كبيرة تُحاك ضد الجيش، لكنهم لا يعرفون جيش مصر، ولذلك لن يفلحوا، ولن ينجحوا أيضًا فى هدم الداخلية، ليس صحيحًا أن هناك متآمرين فى الداخلية كما يحاول البعض أن يشيع ذلك، نحن يجب أن نشد من أزر جهاز الشرطة، لقد قلنا لهم إن عليهم أن يحاولوا إصلاح الأوضاع بقدر استطاعتهم، ولكن يجب أن نعطيهم فرصة، لقد نزل الجيش مؤخرًا بكثافة إلى الشارع ولكن الجيش لن يكون بديلاً عن الشرطة، أعداؤنا يطالبون بأن يتحول الجيش إلى إدارة مدنية حتى ننسى الحدود والأمن القومى، كيف ذلك؟! إن مهمة الجيش هى حماية حدود البلاد.. نحن لدينا مشكلات كبرى فى الحدود، خاصة الاتجاه الشرقى.. إن الصراع المسلح يحدث عندما تسعى إحدى القوى إلى تنفيذ مصالحها على حساب دولة أخرى، وعندما تشعر هذه القوى أن الجيش قد ضعف ودخل فى أزمات داخلية ساعتها لن يتركونا، وساعتها لن يكون الجيش بقدرته الدفاع عن أمن البلاد وحدودها، كما أن الجيش لن يستطيع العمل بالداخل كثيرًا، لأنه غير مدرب على مواجهة المشكلات الداخلية، الجيش يجب أن يتفرغ لمهمته، جيشنا قوى ومهمته الأساسية حماية الحدود، ويجب أن ندعم جيشنا بكل ما نملك حتى يتفرغ لمهمته الأساسية، ولذلك فنحن ننتظر العودة الكاملة للشرطة لتقوم بمهمتها فى شتى أنحاء البلاد، لدينا أوضاع غير مستقرة فى الحدود الغربية مع ليبيا، ولدينا مشكلات باتجاه الجنوب، وهناك مشكلات فى دارفور والشرق السودانى، والسودان بالنسبة لنا عمق استراتيجى.

- وقال د.سعد الكتاتنى: الناس تتساءل عن العلاقة مع الأمريكان فى ضوء قضية التمويل الأجنبى، هناك ضغوط تُمارَس ونحن نريد إطلاعنا على آخر الأوضاع.

- أجاب المشير قائلًا: لقد كان لى لقاء مع رئيس الأركان الأمريكى، هناك اتفاقية المعونة بيننا وبين الأمريكان منذ عهد السادات، وهذه الاتفاقية تتضمن بنودًا عديدة مصر لا تزال ملتزمة بها، وضمن بنود هذه الاتفاقية منح مصر منحة عسكرية تُخصص لشراء أسلحة أمريكية، والحقيقة أن قضية التمويل الأجنبى أزعجتهم كثيرًا، وقد جاء رئيس الأركان الأمريكى لبحث موضوع التمويل الأجنبى وإحالة عدد من الأمريكيين للمحاكمة أمام القضاء المصرى، وهذه المنظمات الأمريكية تعمل فى مصر بدون ترخيص، والدولة قررت وضع حد لذلك بعد الكشف عن تلقيها ملايين الجنيهات من الخارج، وقد أبلغت رئيس الأركان الأمرىكى عندما تحدث معى فى هذا الموضوع أن القضية منظورة أمام القضاء وأننا لا نستطيع أن نتدخل فى شئون القضاء.

والحقيقة أننا لا نسعى إلى التصعيد مع الأمريكان فأنتم تعرفون قوة أمريكا وتأثيراتها على دول العالم، ولكننا فى الوقت نفسه نسعى إلى علاقات سوية ونرفض التدخل فى شئوننا الداخلية أو الاعتداء على سيادتنا الوطنية.

- وقال الفريق سامى عنان: نحن نعمل فى ظروف صعبة للغاية ومع ذلك نعمل على التواصل مع الجميع من أجل مصلحة مصر، نحن نعمل على أكثر من محور وأكثر من صعيد من أجل أن تنجح التجربة وتتحقق الديمقراطية الكاملة، ونحن ملتزمون بتنفيذ خارطة الطريق وتسليم السلطة لرئيس منتخب فى الموعد المحدد.

وقال: عندما أصدرنا البيان الأول فى الأول من فبراير عام 2011 والذى أعلنَّا فيه انحيازنا للثورة، لم نكن واثقين أن الثورة ستنجح، ولكننا اتخذنا الموقف الصحيح، لقد تساءلنا بعد ذلك: ماذا لو نجحت موقعة الجمل؟ ساعتها بالتأكيد الموقف كان سيختلف، ومع ذلك كنا مستعدين لكل شىء.

إن ما نهدف إليه فى الوقت الراهن هو إتمام عملية التحول الديمقراطى، ونحن لا نقبل المزايدات من أحد، هناك من يشكك فى كل شيء، وهناك من يريد إظهار الدولة بأنها غير مستقرة، وهناك من يسعى إلى ابتزازنا فى كل شيء، لكننا لن نستجيب أبدًا لمحاولات الاستفزاز، نحن ليس لدينا رغبة للبقاء يومًا واحدًا بعد نهاية يونية المقبل.

وقال الفريق سامى: لقد قال لنا المشير طنطاوى فى 13 من فبراير 2011 ومع صدور الإعلان الدستورى الأول إن المدة الانتقالية لا يجب أن تزيد على ستة أشهر، قلنا له: لن تكفى، فأصر على موقفه، ثم جاءت إلينا بعض الأحزاب وائتلافات الشباب وطلبوا تأجيل الفترة الانتقالية، فوافقنا بعد إلحاح، وقلنا لهم: مستعدون نساعدكم على إنشاء أحزاب سياسية، ومع ذلك مضت الشهور وظلت الخلافات هى المسيطرة على الجميع.

- وقال حسين إبراهيم: البلد يعانى أزمات كثيرة فى الأمن والاقتصاد، نحن نريد كمجلس شعب مساعدة الناس على حل أزماتهم وإلا سيفقدون الثقة فينا جميعًا، هناك أزمات فى البوتاجاز ورغيف العيش وغيرها كثير.

- قال المشير طنطاوى: إمكانات الدولة ضعيفة، ونحن نحتاج إلى الهدوء والتوقف عن المظاهرات لفترة من الوقت حتى نستطيع تجاوز هذه الأزمة الصعبة والخطيرة، الحكومة تقوم بدورها وتبذل كل الجهود، وعلينا أن نساعدها على أداء مهمتها.

- قال الفريق سامى عنان: هناك مؤامرات خارجية يتعرض لها أمن البلاد، هناك جهات تقيم ندوات تهدف إلى اختراق القوات المسلحة وتأليب الضباط على القيادة وتأليب الشعب على الجيش، وهناك محاولات لهدم مجلس الشعب.

- قال المشير طنطاوى: نتيجة انتخابات مجلس الشعب هى سبب المؤامرة وتصاعدها، ولكننا سنحمى مجلس الشعب وندافع عنه، فهذا المجلس جاء عبر انتخابات حرة ونزيهة.

- وقال الفريق سامى عنان: قبل انتخابات مجلس الشعب هناك من جاء إلينا وطالب بتأجيل الانتخابات لكننا تعهدنا بإجراء الانتخابات فى موعدها رغم المشكلات والقلاقل التى سادت البلاد فى هذا الوقت وأجرينا انتخابات أصبحت نموذجًا أمام العالم للحرية والنزاهة.

وقال اللواء عباس مخيمر: الوطن يحتاج إلى جهد الجميع لكن حدة المشكلات تتزايد، والإجراءات الأمنية لم تستطع حتى الآن إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، لابد من التطهير وإعادة الهيكلة، نحن نستطيع أن نحقق أهداف وأمانى الشعب، إذا ما خلصت النيات وكانت هناك إجراءات فاعلة فى كل المجالات.

- وقال المشير طنطاوى: علينا جميعًا أن نوحد جهودنا، وسوف نتمكن من عبور الأزمة وتحقيق ما نصبو إليه من توافر الأمن لكل المواطنين ووقف تدهور الأوضاع الاقتصادية.. وقال: إن ثقتى فى مجلس الشعب كبيرة ويمكنكم القيام بدور رئيس من خلال الممارسة البرلمانية فى تهدئة الشارع وتدعيم مؤسسات الدولة لممارسة دورها.

- وقال أشرف ثابت: نحتاج جميعًا إلى توحيد جهودنا حتى نستطيع أن نعبر بالبلاد من مشكلاتها الحالية إلى تحقيق أمانى المصريين جميعًا، وقال: نعرف أن هناك قوى لا تريد لمصر الاستقرار ولكنى أعود لأتساءل عن آخر تطورات قضية التمويل الأجنبى والضغوط التى تمارسها أمريكا على مصر.

- وقال المشير طنطاوى: كما قلت سابقًا، القضاء المصرى هو صاحب الحق الوحيد فى إصدار القرارات فى هذه القضية وغيرها، ونحن نحترم القضاء واستقلاليته.

- وقال الفريق سامى عنان: لقد كلف السيد المشير وزير الخارجية بنقل رسالة للسفيرة الأمريكية مفادها التحذير من تهريب المتهمين الأمريكيين الموجودين فى مصر على ذمة القضية، كما طلب المشير تحذير السفيرة من القيام بأى تصرف غير مسئول فى هذا الأمر.. وأنا أكرر أيضًا: نحن لا نتدخل فى شئون القضاء، لقد أعلينا سيادة القانون وأمور التقاضى على كل شىء، نحن بالتأكيد فى حاجة إلى علاقات دولية متوازنة، لأن مصلحة مصر هى الأساس، وأود أن أقول لكم هنا فيما يتعلق بالمعونة العسكرية الأمريكية لمصر: نحن لا يأتينا شيك بقيمة هذه المعونة التى تبلغ 1.3 مليار دولار، لكننا نحصل عليها فى صورة سلاح وقطع غيار لهذا السلاح، والقيمة الحقيقية السوقية لهذه المعونة لا تساوى أكثر من 500 مليون دولار.

- وقال المشير: عليكم أن تثقوا أن هدفنا الأساسى هو مصلحة هذا البلد.. وأخطر ما يواجهنا هذه الأيام هو المؤامرة على وحدة الشعب المصرى، وسعى البعض لإثارة الفتنة الطائفية، شعبنا نسيج واحد، وسيُسقط كل المؤامرات، لكننا يجب أن نحرص جميعًا على كشف هذه المخططات ومواجهتها، ونحن من جانبنا سنمضى فى طريقنا ولن نسمح بتعويق المرحلة الانتقالية، نحن مصممون على الاستمرار فى الوفاء بتعهداتنا، وليس لنا أى مطامع فى السلطة.

- وقال د.سعد الكتاتنى: ونحن أيضًا فى مجلس الشعب معكم فى ضرورة إتمام مهام المرحلة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة وصولاً بالبلاد إلى بر الأمان.. ونشكر سيادتكم على هذا اللقاء.

- وقال المشير: نحن نشكركم ونتمنى لكم التوفيق.

انتهى الاجتماع بعد مضى أكثر من ساعة ونصف الساعة، أدركنا فى هذا الوقت أن المشير لن يستجيب لمطلب البرلمان بإقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم يوسف، ولذلك بدأ الإخوان فى تهدئة الأوضاع ووقف عمليات التصعيد تدريجيًا.

وقد أحدث اللقاء ردود فعل عديدة داخل البرلمان، حيث قال النائب محمد أبو حامد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار: «إن المشير التقى من يطبلون له فقط»، فرد عليه د.عصام العريان بالقول: إن اللقاء اقتصر على دعوة رؤساء الهيئات الثلاث الكبار فى المجلس وكان يقصد (الحرية والعدالة والنور والوفد).

وكان أهم ما قاله عصام العريان فى أعقاب هذا اللقاء: «إن المشير طنطاوى أكد أنه لا يطمع فى السلطة ولن يترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية بأى حال من الأحوال، غير أن الإخوان عادوا ليرددوا كلا ما مختلف فيما بعد»!!

وينشر موقع «الجمهور» يوم الجمعة من كل أسبوع، شهادة الكاتب والبرلماني مصطفى بكري عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها، خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسي والرئيس السيسي.

اقرأ أيضاًالجنزوري يرفض عرض «الإخوان».. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 65»

مخطط نشر الفوضى.. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 64»

«إلا البرادعي».. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 63»

مقالات مشابهة

  • بكلمات مؤثرة.. مصطفى بكري ينعى وفاة الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق
  • “فلسطين 36”.. دراما تاريخية تستحضر لحظة مفصلية من تاريخ فلسطين
  • قبل حظر النشر .. من يخاف العلن ؟ الشموسة… حين اغلق نواب الشعب وصوتهم الأبواب أمام الحقيقة
  • مصدر أمني: عناصر الجماعة الإرهابية يروّجون صورًا مفبركة عن تجمعات لمواطنين بالمحافظات
  • مصطفى بكري ينعى وفاة والدة الإعلامي إسلام الكتاتني
  • المشير يحذر من مؤامرة كبيرة.. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 66»
  • لتخفيف الأعباء الاقتصادية.. مصطفى بكري: الحكومة ستتغير بعد الانتخابات (فيديو)
  • أمر لا يصح.. مصطفى بكري: توقفوا عن نشر وقائع التحــ.رش بالأطفال فورا.. فيديو
  • مصطفى بكري: هناك رموز ستختفي والحكومة ستتغير بعد الانتخابات.. فيديو
  • شموعى التى لا تنطفئ