لفظ رضيع أنفاسه الأخيرة بسبب فوهة نار وُضع فيها باستهتار، لم ينطق الصغير سوى بأنينٍ مكتوم، فلم يكن لسانه قد اشتد بعد ليُطلق زفرات الشكوى والتذمر.

رحل الرضيع إلى دار الحق، ولكنه ترك شعور المرارة يُلاحق أمه المُستهترة إلى الأبد، فإهمالها هو من دون بحروفٍ غليظة كِلمة الختام في رحلته القصيرة للغاية مع الدُنيا.

اقرأ أيضاً: أم تُنهي حياة ابنيها وتختلق قصة وهمية للنجاة من القصاص

أم تُنهي حياة ابنيها وتختلق قصة وهمية للنجاة من القصاص دماء طفل تُلطخ يدي والده.. تفاصيل صادمة

تأتينا القصة البشعة من ولاية إلينوي الأمريكية التي ألقت فيها الشرطة يوم 16 سبتمبر الجاري القبض على الشابة أندريا لونكسفورد – 25 سنة بعد أن وُجه لها الاتهام بالتسبب في وفاة رضيعها. 

الإهمال والجفاف يفتكان بضحية الأم المُستهترة 

وبحسب تقارير محلية فإن المُتهمة تركت ابنها الرضيع جايسون لونكسفورد الذي كان يبلغ من العُمر شهراً واحداً وحيداً داخل سيارة مُوصدة النوافذ والأبواب دون تهوية أو تكييف لفترة ليست بالقصيرة. 

وذكرت مجلة بيبول الأمريكية أن الطفل فارق الدُنيا بعد أن حاصرته درجة الحرارة المُرتفعة، وتسببت الأجواء في مُعاناته من جفافٍ حاد. 

وفي يوم الواقعة تلقت الشرطة بلاغاً بشأن وجود حالة وفاة لرضيعٍ، وحينما وصل رجال السلطة العامة لمكان البلاغ أبصروا الرضيع بعد أن فقد القدرة على التنفس. 

وأكد جِد الطفل أنه لا يعرف كم الوقت الذي مكثه الرضيع المسكين داخل السيارة الحارة دون طعام أو شراب، ولا يعلم بالضبط توقيت الوفاة. 

وألقت الشرطة القبض على الأم المُتهمة بالإهمال، وتم نقلها لمقر الاحتجاز تمهيداً لعرضها على المحكمة.

الطفل الرضيع مع جِده وجِدتهعقار الكوكايين يصنع المأساة 

ونقل تقرير نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية تصريحاً لجد الطفل (والد الأم) أكد فيه أن تتبع مسار ابنته، وساهم ذلك في العثور على حفيده بعد أن توقف عن التنفس.

وحينما وصل المُسعفون إلى مكان البلاغ شاهدوا الطفل مُلقى على الأرض العشبية، وحاولوا إنعاشه وإعادته للحياة، قبل أن يرفعوا الراية البيضاء ويُعلنوا وفاته.

وأكد التقرير أن رجال الشرطة عند وصولهم لمكان البلاغ شاهدوا الأم وهي تتصرف بهيستيرية، وخضعت لفحص تعاطي المُخدرات، وخرجت النتائج إيجابية بخصوص تعاطي مُخدر الكوكايين. 

وقال الجِد أندرو أن ابنته تجاهلت رسائله في اليوم الذي سبق إخبارها إياه بأن رضيعها توقف عن التنفس

الرضيع في حضن جدته تونيا 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ولاية إلينوي الأمريكية الشرطة الجفاف جريمة إنهاء الحياة جريمة قتل سيارة بعد أن

إقرأ أيضاً:

أسبوع من الدنيا في لبنان

في بيروت:

«كنتُ أكتشف الدنيا لأولِ يومٍ

كنتُ أكتشف الدنيا...

وأرجعُ من موتي

وأنتحرُ».

من قصيدة «صُور سياحية للأبيضِ المتوسط».

لم نكد ننتصر بتحرر جورج إبراهيم عبدالله من سجنه الفرنسي وعودته إلى بيروت، بعد واحد وأربعين عامًا، حتى باغتنا زياد الرحباني بفقده المفاجئ في اليوم التالي. لكن الدنيا هي الدنيا؛ تلك عادتها القديمة ما بين مولودٍ ومفقود. والدنيا هي الدنيا، تجري في لبنان كما تجري في أي مكان آخر، إلا أنها تمتاز هناك بفُكاهة استثنائية تخفف تركيز المأساة، فتعدِّل مزاج القانطين حتى حين.

لحظةً بلحظة كنتُ أتابع البثَّ الحي لاستقبال جورج عبدالله على قناة «الميادين». كم تمنيتُ لو كنتُ هناك بين اللبنانيين واللبنانيات الذين توافدوا لاستقباله حتى لا أشعر هنا بالوحدة أمام المشهد المنتظر! ربما لم يتوقع أحد منّا أن يخرج المناضل السبعيني من سجنه المديد بتلك الطاقة الثورية الشابة التي بدت في حديثه المرتجل أمام الإعلام والناس الذين طوقوه على باب المطار. في عودته عودةٌ للغة مهجورة لم يعد يتكلم بها أحد، بل أصبحت موصومة بـ«المراهقة الثورية»، لغة تتحدث عن مقاومة الاستعمار والصهيونية والإمبريالية العالمية وكأنها تعيدنا إلى زمن وديع حداد وشعاره «وراء العدو في كل مكان»، الشعار الذي دفع جورج عبدالله في سبيله أكثر من نصف عمره في السجون الفرنسية. لغة جورج عبدالله التي تنفض الغبار عن الكلمات المنسية هي في واقع الأمر تحرج «الجماهير» و«المناضلين المتقاعدين» أكثر مما تحرج الأنظمة والحكومات، ولعل الأسير المحرر كان يعي ذلك ويقصده في هذا المناخ العام من الهزيمة. ولذلك أيضًا لا بدَّ أن نخشى عليه من لحظة إدراك يدرك فيها أن زمنه الثوري الموازي لم يعد يشبه زمن الناس المهزومين. نخشى عليه من غربة في الوطن، كما نخشى عليه من أي انتقام صهيوني أمريكي قد يتهدده.

أسبوع لبناني مشحون بالأيقونات الرمزية: جورج عبدالله وزياد الرحباني وفيروز. لبنان الثقافي والسياسي يتجلى في أسبوع استقبال ووداع غريب. حضور فيروز الصامت في عزاء ابنها كان الأكثر بلاغة في ذلك الطقس الحزين الذي لم يخلُ من حفلة نفاق تنكرية ودموع «14 آذارية» كان أصحابها دائمًا على النقيض الصارخ الذي لا يشبه زياد الرحباني، خاصة في موقفه من المقاومة والصراع مع إسرائيل. ولكن ليس لأحد أن يُصادر دموع أحد ما دمنا نتحدث عن فنان وساخر هو زياد الرحباني الذي «يحق لأي إنسان أن يدّعي صداقته لو لم يره حتى» كما كتب الفنان السوري بسَّام كوسا في صحيفة الأخبار.

ضاق لبنان على نفسه. ضاق من احتقانه بالصدى، ومن لعنة سايكس بيكو التي خلقت منه قطعة انفصال واتصال وظيفية ما بين الجوار السوري والجوار الفلسطيني المحتل، لولا نافذته المفتوحة على الأبيض المتوسط. وهو الآن رهينة لابتزاز دولي وإقليمي يقوده الموفد الأمريكي: لا دولارات من أجل إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل إلا بعد نزع سلاح المقاومة وتدميره! شرط يضع لبنان على حافة حرب أهلية. الأخبار تتحدث هذا الأسبوع أيضًا عن عودة مرتقبة لمورجان أورتاجوس لاستلام المهمة، وذلك بعد أيام من تصريح توم براك الذي هدد لبنان بإلحاقه ببلاد الشام في حال لم ينصع للشروط الأمريكية.

أسبوع من الدنيا في لبنان يكفي لنتأمل شغل التناوب المرهق، بين إشارات الأمل وإشارات اليأس، بين شارات النصر المرفوعة على باب المطار في استقبال المناضل المُحرر بقميصه الأحمر، وأجراسِ الجُنَّاز في وداع العبقرية الموسيقية. يجرحنا هذا التناوب في بلد يتصدَّع بالتناقضات. يجرحنا، نحن كبعيدين عن بلد الأرز، مشغوفون بصورته السياحية، أن ننظر إليه من خارجه وهو يتغرَّب اليوم أكثر فأكثر عن صورته، تلك التي ساهم الرحابنة في اختراعها، والتي كان زياد الرحباني نفسه قد وصفها بأنها «شِي فاشل»... ويجرحنا أن لبنان الذي نعرفه بات يتصحَّر بهجرات أبنائه وموت مبدعيه بلا ورثة. لكننا لا نستطيع أن نطالب لبنان الجميل بأكثر من طاقته؛ لا نطالبه الآن إلا بالحفاظ على نفسه.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • تطور جديد في قضية "ضحايا دلجا ".. إيداع والدة الأطفال مستشفى العباسية للأمراض النفسية
  • أمين الفتوى: خدمة الابن لأخواته البنات بعد وفاة الأم من أبواب البر
  • الغذاء والدواء توضّح فوائد حليب الأم للأطفال
  • أطفالي ينامون على الماء والملح.. المجاعة تلاحق أهل غزة كل صباح
  • وفاة غامضة لبريطاني قبل عملية زراعة الشعر في تركيا
  • شاهد.. معلول يعود لفريقه الأم الصفاقسي بعد 9 سنوات في الأهلي المصري
  • ما وراء الخبر يناقش أهداف زيارة الرئيس الإيراني لباكستان
  • أسبوع من الدنيا في لبنان
  • سكان العقبة يواجهون لهيب فواتير الكهرباء و الحر معا…
  • منتجع ستي فاضمة ... الوجهة السياحية المفضلة للمغاربة والأجانب للابتعاد من لهيب الصيف (صور)