جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@12:25:35 GMT

أُمِّيَّة العصر

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

أُمِّيَّة العصر

 

د. بدر بن أحمد البلوشي

baderab_2000@hotmail.com

في زمن تتزايد فيه الأزمات والتحديات، تبرز الحاجة الملحة ليس فقط للتعليم، ولكن لتعليم ينير العقول ويحرك الأيدي. الأمية ليست فقط عدم القدرة على قراءة الكلمات وكتابتها، بل هي العجز عن قراءة الواقع وتحويل الأفكار إلى أفعال تعيد رسم ملامح هذا الواقع. الكثيرون يحملون الشهادات، ولكن قليلون هم الذين يحملون مفاتيح التغيير الحقيقي.

في ظل التحولات العالمية السريعة، تبرز الحاجة الملحة لتعليم يتجاوز الأساسيات إلى بناء قدرات فهم وتحليل الواقع، لا يزال التحدي قائمًا في تحويل هذه الإنجازات إلى فعالية عملية تسهم في التطور الوطني.

الأمية الفكرية تتجلى في عدم قدرة الفرد على استيعاب التحولات الجذرية في مجتمعه وعالمه، وعجزه عن مواجهة التحديات بأدوات المعرفة التي توفرها التعليمات المتطورة. هذا النوع من الأمية يشكل العائق الأكبر أمام التقدم الذي نصبو إليه جميعًا. الأمية الفكرية تتمثل في عدم القدرة على استيعاب التغيرات الكبيرة وتحويل المعرفة إلى أفعال تعيد تشكيل معالم المجتمع. في السياق العماني، يعتبر هذا التحدي أكثر حدة، حيث يظهر جليًا من خلال الفجوة بين المهارات المكتسبة ومتطلبات السوق الفعلية، الأمر الذي يُبطئ من وتيرة الابتكار والتحديث الاقتصادي.

من الضروري أن نسلط الضوء على أهمية تنمية الوعي العميق والفهم السليم كأدوات للتعليم الفعال. الإحصاءات تشير إلى أنَّ هناك حاجة ماسة لتعزيز مهارات التفكير النقدي والتحليلي لدى الطلاب، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة السلطان قابوس أن 65% من الخريجين يفتقرون إلى المهارات التحليلية الكافية لمواكبة تطورات العمل. التعليم في عمان يحتاج إلى تحول يشمل تكامل المهارات الحياتية مع المعرفة الأكاديمية، بحيث يُعطى الأولوية للتعليم التفاعلي والمشاركة العملية. الفعالية الحقيقية للتعليم تكمن في قدرته على إعداد جيل قادر على التفاعل بإيجابية مع تحديات العصر، وليس فقط حمل الشهادات.

يجب أن نسعى لتعزيز وعي عميق بأهمية تطبيق المعرفة في حل المشاكل العملية وتطوير الحلول المبتكرة التي تلامس حياة الناس اليومية. التعليم الذي لا يصاحبه تفكير نقدي ولا يُثمر عن تحليل وفهم عميق للواقع، يظل ناقصًا وغير مُجدٍ. هذه الأمية الفكرية إذا لم يتم معالجتها، ستستمر في تعطيل قدراتنا على التطور والابتكار. يجب أن نعمل جاهدين لضمان أن يكون التعليم في عمان ليس مجرد عملية تلقين، بل مسار تحول يفتح آفاقاً جديدة للفهم والتطبيق العملي الذي يسهم في بناء مستقبل أكثر إشراقاً للجميع. نحن بحاجة إلى رؤية جديدة لمنظومتنا التعليمية، منظومة تُركز ليس فقط على الكم، بل على الكيف. التعليم يجب أن يكون تفاعليًا ويشجع على البحث والاستقصاء وليس فقط التلقين. يجب أن نعيد تشكيل فلسفتنا التعليمية لتشمل تنمية المهارات الحياتية والقدرة على التكيف والابتكار. فقط عندما نُحرر عقولنا من قيود الأمية الفكرية، سنتمكن من تحقيق الإبداع والتطور الذي نسعى إليه جميعًا.

هذا التحول في نهج التعليم والتعلم ليس مجرد تحسين؛ إنه ضرورة قصوى لتحقيق مستقبل أفضل. نحتاج إلى التأكيد على أن كل فرد في مجتمعنا مسؤول عن التعلم الفعال والعميق الذي يتجاوز الحفظ إلى استيعاب وتطبيق. الأمية الفكرية هي العدو الأكبر لأي مجتمع يطمح للريادة والتقدم، وعلى كل منا أن يكون جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة.

** دكتوراه في الإعلام والعلاقات العامة وباحث في التخطيط الاستراتيجي وعلم النفس في الإدارة الحديثة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“مبروكة” تحتفل باليوم العالمي للتراث والملكية الفكرية

نظمت وزارة الثقافة والتنمية المعرفية بحكومة الدبيبة صباح أمس الأربعاء، إحتفالية بقاعة محمود اللبلاب بديوان الوزارة، إحياءً لليوم العالمي للتراث واليوم العالمي للملكية الفكرية، تحت شعار “إيقاع الموسيقى وحقوق المبدعين… إبداع محمي، فن مزدهر”، وذلك بالتعاون مع الهيئة الليبية للبحث العلمي.

وبحسب بيان الوزارة، شهدت الفعالية حضور وزير الثقافة والتنمية المعرفية مبروكة توغى عثمان، ومدير عام الهيئة الليبية للبحث العلمي فيصل عبدالعظيم العبدلي، ووكيل الوزارة لشؤون المسرح والفنون عبدالباسط أبوقندة، ووكيل الوزارة لشؤون الأنشطة الثقافية وداد الدويني، إلى جانب عدد من مديري الإدارات والمكاتب، وثُلة من المثقفين والفنانين والباحثين.

وأكدت مبروكة خلال كلمتها أهمية الاحتفاء بهاتين المناسبتين الدوليتين، لما تمثلانه من رمزية ثقافية وإنسانية، مشيرةً إلى أن حماية التراث وصون الملكية الفكرية هما حجر الأساس في دعم المبدعين، والحفاظ على الهوية الثقافية والوطنية، والنهوض بالإنتاج الفني والمعرفي والثقافي في ليبيا.

من جانبه، أوضح العبدلي ان هذه الاحتفالية تعكس التلاقي بين الفنون والتراث، مؤكداً انها مناسبة للدعوة لصون الإنتاج الفني بوصفه ملكية فكرية تستحق الحماية والتقدير.

وتضمنت الفعالية سلسلة من المحاضرات التي تناولت التراث والملكية الفكرية من جوانب متعددة، منها: “المعارف التقليدية والملكية الفكرية” لخبير التراث بالوزارة عبد المطلب أبو سالم، و”مفهوم الملكية الفكرية ومجالاتها” لربيعة الطياري، و”التنوع الغنائي الليبي وحقوق الملكية” للدكتور ناصر بن جابر، و”المنتج الموسيقي الليبي بين الطموح والحماية” لأحمد دعوب، إضافة إلى محاضرة حول آليات التوثيق القانوني للأعمال الإبداعية ليوسف رمضان.

واختُتمت الفعالية بتأكيد وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، وعلى رأسها الوزير مبروكة توغى عثمان، على حرصها الراسخ لحماية الملكية الفكرية وصون التراث الثقافي، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في استراتيجية الوزارة للنهوض بالثقافة.

مقالات مشابهة

  • الجامعة اللبنانية ووزارة الاقتصاد تبحثان تعزيز التعاون في مجال الملكية الفكرية
  • الري: تعزيز البحث العلمي وتبادل المعرفة فى تحلية المياه بالطاقة الشمسية
  • برلماني: مبادرات التحالف الوطني لمحو الأمية تُمكن المواطنين وتدعم التنمية
  • إدارة ترامب تطرد أمينة مكتبة الكونغرس.. استهداف للتعليم
  • «كيف نواجه الشبهات الفكرية بالقرآن؟».. نص خطبة الجمعة اليوم 9 مايو 2025
  • مؤتمر الشارقة للتعليم الاثنين المقبل
  • مكتبة الإسكندرية تطلق «سفارة المعرفة» في جامعة الوادي الجديد| فيديو
  • “مبروكة” تحتفل باليوم العالمي للتراث والملكية الفكرية
  • محاضرة لرئيس الجهاز المصري للملكية الفكرية بجامعة القاهرة
  • نائب رئيس جامعة أسيوط يشارك في أول اجتماعات اللجنة العليا لمشروع محو الأمية