صرخة الطيور في صورة.. عدسات ترسم الأمل في مسابقة مصور الطيور 2024
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
في عالم تتجسد فيه الطبيعة بأبهى صورها، تأتي "صرخة الطيور" كأحد أجمل اللحظات التي يسجلها المصورون بشغفهم وموهبتهم، فمع مسابقة مصور الطيور لعام 2024، لم تعد الصور مجرد لقطات، بل تحولت إلى رسائل تعبر عن الأمل والجمال رغم التحديات التي تواجهها الطيور في بيئتها.
ومن خلال عدساتهم، استطاع هؤلاء المصورون التقاط لحظات عفوية تعكس القوة والضعف في نفس الوقت، حيث تتناغم ألوان الطيور المبهجة مع تفاصيل الطبيعة، مما يترك أثرًا عميقًا في النفوس ويشجع على التفكير في أهمية الحفاظ على البيئة.
وتسعى المسابقة إلى إبراز الدور الحيوي للطيور في النظام البيئي، وتشجيع الفنانون على تسليط الضوء على القصص التي قد تُروى من خلال عدساتهم، ليظهر لنا كيف يمكن للصورة أن تكون صرخة أمل تنطلق من قلب الطبيعة
أُعلن عن الفائزين في مسابقة مصور الطيور لعام 2024، حيث حصلت المصورة الكندية باتريشيا هومونيلو على الجائزة الكبرى عن صورتها المؤثرة "عندما تتصادم العوالم".
تظهر الصورة المذهلة أكثر من 4000 طائر لقوا حتفهم بعد اصطدامهم بنوافذ المباني في مدينة تورنتو، مسلطةً الضوء على مشكلة بيئية خطيرة تتسبب في وفاة ما يُقدَّر بمليار طائر سنويًا في أمريكا الشمالية بسبب اصطدامهم بالنوافذ الزجاجية.
تعمل باتريشيا هومونيلو كمصورة صحفية متخصصة في قضايا الحفاظ على البيئة، وهي متطوعة مع برنامج التوعية بالضوء القاتل (FLAP) في تورنتو، ويهدف البرنامج إلى إنقاذ الطيور المصابة نتيجة اصطدامها بالمباني وزيادة الوعي حول مخاطر النوافذ العاكسة، وتأمل باتريشيا أن تُحدث صورتها صدمة إيجابية تدفع الجمهور لاتخاذ إجراءات مثل استخدام زجاج آمن للطيور ودعم المنظمات البيئية.
الفائزون في الفئات الأخرى:
المصور الشاب للعام
فاز أندريس لويس دومينغيز بلانكو (14 عامًا) من إسبانيا بهذه الفئة عن صورته الإبداعية لطائر النثات وهو ينزل على جذع شجرة بلوط، مُظهراً مهارة فنية عالية في التقاط الحركة.
فئة "الطيور الحضرية":
فاز المصور البولندي جريجورز دوغوش فاز عن صورته "رحلة خطرة"، التي تُظهر أمًا من طيور الغوساندر تقود صغارها لعبور طريق مزدحم للوصول إلى نهر فيستولا. الصورة تعكس التحديات التي تواجهها الطيور في البيئات الحضرية بسبب التوسع العمراني.
فئة "سلوك الطيور"
فاز الأمريكي ناثانييل بيك بهذه الفئة عن صورته "الزبّال"، التي تُظهر نسرًا تركيًا يقف على جثة دب أسود، مما يُبرز دور النسور في تنظيف البيئة والتوازن البيئي.
فئة "الطيور في بيئتها"
المصورة الأمريكية كات زو فازت عن صورتها "اندماج"، التي تُظهر طائرًا يندمج بشكل فني مع البيئة المحيطة، معبرةً عن التناغم بين الكائنات الحية ومواطنها الطبيعية.
فئة "الطيور في الطيران"
المصور الهندي هيرميس هاريداس حصل على الجائزة عن صورته "همسات الفجر"، التي تُظهر طائرًا في لحظة طيران مبهرة خلال شروق الشمس.
فئة "التصوير بالأبيض والأسود"
الأسترالي ديفيد ستو فاز عن صورته "انطباع فرس النهر"، التي تجمع بين البساطة والدراما في تصوير طائر بجانب فرس النهر.
أهمية المسابقة ودورها في الحفاظ على البيئة:
شهدت المسابقة مشاركة أكثر من 23,000 صورة من مصورين حول العالم، مما يعكس الشغف العالمي بتصوير الطيور ورغبة المصورين في تسليط الضوء على جمالها والتحديات التي تواجهها. بالإضافة إلى ذلك، تدعم المسابقة جهود الحفاظ على الطيور من خلال شراكتها مع مؤسسة Birds on the Brink الخيرية، حيث تم التبرع بمبلغ 5000 جنيه إسترليني هذا العام لدعم مشاريع الحفاظ على الطيور حول العالم.
أُعلن عن فتح باب التقديم لمسابقة مصور الطيور لعام 2025، ودعت اللجنة المنظمة المصورين من جميع المستويات للمشاركة والمساهمة في نشر الوعي حول أهمية حماية الطيور وموائلها الطبيعية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه الطيور الطيور تصوير الطيور سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مصور الطیور الحفاظ على التی ت ظهر الطیور فی عن صورته
إقرأ أيضاً:
جنةُ الطيور الساحلية والمهاجرة
مكانٌ لم يُلمس بعد، لم يُشوه بالجرافات وناطحات الإسمنت، رغم أنّه لا يبعد عن مسقط أكثر من خمس ساعات بالسيارة. مكانٌ تحتفـي به الكائنات وتُربي أسراره تحت سخونة أجسادها. هنالك حيث يتوجب على أحدنا أن يمشي لأربعة كيلومترات، قبل أن يصل إلى حافة الشاطئ، فـيخترقه المكان الساحر بكامل ألفته.
فـي سبعينيات القرن الماضي تمكن العلماء من الولوج إليه، عندما حصل المكان على اعتراف دولي، فقد احتوى على حفريات تعود إلى عصر الهولوسين، كما أنّ صخوره تُقدم دليلا لا يمكن دحضه بأنّها كانت ذات يوم فـي قاع البحر!
فـي معرض الكتاب الأخير، وقعت يدي على كتابٍ تصويري، بعنوان: «بر الحكمان، جنة الطيور الساحلية فـي عُمان»، شارك فـي كتابته عددٌ من علماء الأحياء ومستشاري البيئة: جيم دي فو، ورولاند بوم، ووارد هاجمير، وآندرو ثورب، وريمون كلاسين. كتابٌ اعتنى بالصور الأخاذة تماما كما اعتنى بالنصّ العلمي، تصوير: جان فان دي كام. فالكلمات لا يمكنها أحيانا إيضاح القوة الجمالية، بينما الصور تفعل ذلك وهي تكشف عن قصصٍ شديدة الثراء.
الكتاب خلاصة عمل شاق، استمر لعشر سنوات، يُوثق طبيعة «بر الحكمان»، حيثُ يتبدى لنا أنّ مراقبة الطيور ليس بالأمر السهل فـي مكان شاسع ومفتوح كذاك!
تبزغ الحياة بكل تنوعها الأحيائي فـي محمية الأراضي الرطبة بمكوناتها الفريدة، جزرٌ وأخوارٌ وغابات شجر القرم والشعب المرجانية والأعشاب البحرية ومواقع تعشيش السلاحف، والحوت الأحدب النادر، والدلافـين، مالك الحزين، وطيور الدراج بلونها الباهت، والنحام بلونه الوردي اللافت. التقاط مُقرب لتنوع حركة هجرة الطيور بين إفريقيا وآسيا وأوروبا، إذ تغدو المحمية أشبه ما تكون بملاذٍ آمن.
تكشفُ الصور عن السهول التي تزخر بعشرات الآلاف من الطيور كنسيج متصل من عالم خيالي، لا نتصور له وجود. حركة المد والجزر تسمحُ بانكشاف السهول الطينية، فتظهرُ الحيوانات اللافقارية والرخويات لتصبح غذاء للطيور. تظهر أيضا رواسب الملح بسبب التبخر السريع، الأشجار التي تتكيف مع الجفاف مثل أشجار «السنط»، ومن مكان ما تشعُ قصّة ذكر طائر «المكاء» المتودد، ليحظى بإعجابنا وهو يرفرفُ بإيقاع جناحيه ثم يهبط مدندنا بأغنية، بنبرة أخاذة.
تدعم المحمية أكثر من نصف مليون طائر، وتعد من الموائل الأكثر قدما، فوفرة الحياة فـيها قد لا تكون مرئية بشكل مباشر، لأنّ معظم الحياة مدفونة فـي الترسبات أو مختبئة بين الأعشاب. هنالك حيث تقتنص الكائنات فرص العيش فـي سلسلة غذائية مُعقدة.
المياه الضحلة تزخر بالأسماك والسلطعون. وتوفرُ النباتات النضرة فـي البحيرات الزرقاء مشهدا جديرا بالتأمل، كما تصنعُ الخلجان الصغيرة بشواطئها البيضاء والمرجان تغيرا فـي المنظر الطبيعي. تفرزُ غابات القرم الملح كيلا يتراكم فـيها، تُسقط بذورها عن عمدٍ لتنمو على الفور على السهول الطينية المجاورة.
يمثلُ «بر الحكمان» حلقة رئيسية فـي شبكة المواقع العالمية، للتزاوج والتزود بالطعام أثناء الرحلات الطويلة للطيور. ولنا أن نتصور رحلتها الممتدة من السهول الجليدية بالمنطقة القطبية الشمالية فـي الحافة الشمالية بالقارة. رحلات مُذهلة حيثُ تُقطع الآلاف من الكيلومترات بين مواقع التزاوج وفصل الشتاء البارد. وعلى سبيل المثال: طائر الطيطوى النهقية يقطعُ ١٢ ألف كيلو متر فـي إجمالي رحلته الشاقة، وينبغي عليه قبل خوضها أن يحصل على غذاء جيد. تقف الطيور أثناء الرحلة فـي عدة محطات من أجل التزود بالغذاء، ويعد فقدان هذه المواقع، انهيارا مأساويا لمسار الرحلة الغامضة والمحفوفة بالمخاطر.
لقد ساعدت مؤخرا أجهزة الإرسال المثبتة على أجساد الطيور والمتصلة بالأقمار الصناعية فـي معرفة بعض أسرارها.
يطرحُ الكتاب أسئلة مهمة: كيف نحفظ جوهر الطبيعة بعيدا عن الأيدي المتطفلة؟ كيف نحميها من البلاستيك المُدمر؟ إذ بقدر ما يبدو النظام البيئي كامل وسليم إلا أنّه هشٌ أيضا، لأنّ أي خلل فـي توازناته سيقضي عليه. فكما يبدو... الموقع النائي هو ما أمن له الحماية حتى البرهة الراهنة.
لقد عرفتُ «بر الحكمان» من خلال ثلاثية الروائي العُماني يونس الأخزمي. وها قد قدمت لنا وزارة البيئة والشؤون المناخية (سابقا) كتابا فريدا حقا، وآمل أن تتبعه سلسلة من الأفلام الوثائقية التي تجعلنا على مقربة من نبض الواقع الخفـي لهذه الحيوات المُلهمة.
هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير «نزوى»