أين وصلت مشاريع تحلية مياه البحر في المغرب؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2024 GMT
في قرية سيدي بوشتة المغربية، لم يتوقع السكان الذين يعيشون على صيد السمك يوما أنهم سيروون عطشهم من مياه المحيط الأطلسي بعد تحليتها بمحطات متنقلة، في تقنية باتت أساسية لمواجهة جفاف مزمن.
وبالقرب من هذه القرية الواقعة في محافظة آسفي في وسط البلاد الغربي، أقيمت منشأة متنقلة صغيرة مؤلفة من صهريجين وحاويتين فوق رمال شاطئ رأس بدوزة، تعمل على تحلية المياه لتوزع على نحو 45 ألفا من سكان القرى المجاورة.
وبينما تعتمد مدن ساحلية عدة منذ عام 2022 على مصانع التحلية التقليدية لتلبية حاجاتها كليا أو جزئيا من مياه الشرب، لجأت السلطات إلى هذه المحطات الصغيرة المتنقلة التي "مكنت من تفادي الأسوأ"، على ما يقول مدير الوكالة المحلية لتوزيع الماء والكهرباء ياسين الملياري.
فبعد 6 سنوات متتالية من الجفاف، لم يعد سد المسيرة الواقع على بعد نحو 220 كيلومترا شمال آسفي قادرا على تلبية حاجات المنطقة من مياه الشرب، على غرار كل سدود البلاد التي لا يتجاوز مخزونها معدل 28%.
إجهاد مائيوإزاء الإجهاد المائي الحاد، جهزت السلطات 44 محطة تحلية متنقلة بدءا من أبريل/نيسان 2023، بينما ثمة 219 أخرى في طور الإعداد، لتلبية حاجات نحو 3 ملايين من سكان الأرياف، وفق معطيات رسمية.
يقول الملياري إنه يمكن لهذه المحطات الصغيرة إنتاج 360 إلى 3600 متر مكعب يوميا من المياه وذلك يجعلها "الحل الأفضل لسهولة تركيبها وإمكانية نقلها"، منوّها أيضا بكلفتها المنخفضة التي تقارب 1.3 مليون دولار في المتوسط للوحدة.
وفي غفلة من المصطافين، تضخ مياه البحر من شاطئ رأس بدوزة، وتخضع للمعالجة قبل أن تضاف إليها المعادن الضرورية، ثم تنقل في صهاريج لتوزع على سكان القرى المحتاجة "يوميا بالمجان في مجال يصل حتى 180 كيلومترا"، على ما يؤكد الملياري.
ويقول الصياد المتقاعد خير حسن (74 عاما) إنه حتى وقت قريب كان سكان قرية سيدي بوشتة يعتمدون على المياه الجوفية "لكنها نضبت أخيرا.. لم نشهد مثل هذا الوضع منذ الثمانينيات".
ويضيف كريم (27 سنة)، وهو أيضا صياد سمك، "كنا نسمع أن مدنا أخرى تعتمد على مياه البحر، لكننا لم نكن نتخيل أننا سنلجأ إليها أيضا".
وقد أتى برفقة عدد من سكان القرية الصغيرة إلى باحة المسجد حيث وضع خزان بلاستيكي تفرغ فيه المياه المحلاة، ليأخذ حاجته.
هنا يبدو الوضع أقل سوءا مقارنة بقرى أخرى نائية حيث نقلت وسائل إعلام محلية معاناة قرويين من ندرة المياه خلال الصيف.
وتنذر التوقعات باستمرار الجفاف في أفق العام 2050، إذ يرتقب تراجع الأمطار (-11% ) وارتفاع درجات الحرارة (+1.3 درجات)، وفق دراسة لوزارة الزراعة.
محطات تحلية أخرىيعوّل المغرب على مياه البحر أيضا لإنقاذ الزراعة التي خصص لها عام 2023 قرابة 25% من المياه المحلاة في 12 محطة، وفق وزارة التجهيز والماء.
ويستهلك هذا القطاع أكثر من 80% من موارد البلاد المائية، ويوظف ثلث اليد العاملة النشطة.
لكن الأولوية تعطى لتوفير مياه الشرب بعدما واجهت مدن بأكملها خطر العطش، مثل آسفي التي انقطع ربطها بسد المسيرة ثاني أكبر سدود البلاد.
فقد تراجع مخزون السد "من 75% في عام 2017 إلى 0.4% حاليا"، بحسب المسؤول في محطة التحلية التابعة للمكتب الشريف للفوسفات (رسمي) عبد الغني آيت باحسو.
وإزاء الخطر المحدق، لجأت السلطات إلى رائد الفوسفات العالمي الذي يستغل مصانع في المنطقة، لبناء محطة تحلية.
ويضيف باحسو "في ظرف وجيز.. كنا في سباق مع الزمن منذ 2022، وبدأ تزويد المدينة تدريجيا بالماء الشروب منذ أغسطس/آب 2023، وبشكل تام ابتداء من فبراير/شباط 2024".
ويرتقب توسعة المحطة لتزويد عاصمة السياحة مراكش (150 كيلومترا شرقا) ونواحيها، في أفق عام 2026.
توسع نحو مدن أخرىوبحسب معطيات رسمية، بدأ بناء 6 محطات تحلية مياه جديدة، أبرزها بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، ويرتقب الشروع في إنشاء 8 أخرى، بينها محطة بالرباط.
وقد تفادت العاصمة منذ سبتمبر/أيلول الماضي خطر العطش بفضل "طريق الماء"، وهي قناة بنيت على امتداد 67 كيلومترا، تنقل المياه من منطقة سبو الماطرة شمالا.
ومع أن بعض سكان سيدي بوشتة يجدون مياه البحر المحلاة أقل عذوبة من مياه الينابيع، إلا أن حدة التقلبات المناخية تجعلها خيارا إستراتيجيا في المغرب الذي له واجهتان بحريتان شاسعتان.
وأعلن الملك محمد السادس في خطاب مؤخرا أن المغرب يعول عليها لتوفير "أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا" و"تغطية أكثر من نصف حاجته من الماء الصالح للشرب" و"سقي مساحات فلاحية كبرى" في أفق 2030.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات میاه البحر من میاه
إقرأ أيضاً:
شيرين دعيبس: كل فلسطيني له قصصه العائلية التي تتعلق بالنكبة وهذا سبب تقديمي لـ«اللي باقي منك»
يقام مساء غدا الثلاثاء العرض الثاني لفيلم «اللي باقي منك» للمخرجة شيرين دعيبس بسينما 4 بميدان الثقافة ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، وحصل صناع العمل على تصفيق حار من الجمهور استمر لأكثر من تسع دقائق.
واستطاع العمل لمس مشاعر الكثير من الحضور الذين أكدوا نجاحه في نقل معاناة الشعب الفلسطيني. كما شهدت القاعة حضور عدد من الفلسطينيين، خاصة من أهالي حيفا، الذين أعادتهم قصة الفيلم إلى ذكريات مؤلمة عاشوها أو سمعوا عنها من أجدادهم.
وعن تنفيذها لهذا العمل الغني بالتفاصيل، قالت دعيبس: «لقد كان عملاً صعباً، وتكمن صعوبته في كونه يحكي قصة حقيقية وشخصية. أردت أن أعطي للقضية حقها، فهي قضية شخصية وتحدٍ نفسي لي. لقد كنا نصور فيلماً عن النكبة التاريخية، بينما كنا نعيش نكبة أكبر أثناء التصوير نفسه، لذلك كانت التجربة صعبة نفسياً. كل صانعي الفيلم وضعوا ألمهم وحزنهم الشخصي في العمل. الحقيقة أن كل فلسطيني لديه قصص عائلية، وكل منا له قصة في العائلة تتعلق بالنكبة».
وأضافت شيرين: «كتبت السيناريو عام 2020، خلال فترة جائحة كورونا، عندما توقّف كل شيء. لكنني كنت أفكر في بنائه قبل ذلك بسنوات، وكنت أعرف تفاصيل كثيرة. لسنوات، ظللت أدوّن في دفتر خاص ملاحظاتي عن الشخصيات وأفكاراً للحوار. كنت أكتب كل ما يخطر ببالي. لذلك، كانت كتابة السيناريو سهلة ومُتدفّقة. من المسودة الأولى، شعرت أنّ هناك شيئاً خاصاً. كتبت ثلاث مسوّدات، قدّمت الأولى منها لبعض الأصدقاء للقراءة، فكان رد الفعل قوياً. أحبّوا النص، ومن بينهم أمريكيون، ووكيل أعمالي في هوليوود.لذا وجدت منتجاً بسهولة نسبياً. الحقيقة أنه منذ أن جاءتني الفكرة، عرفت أنها تحتاج إلى فيلم كبير يُنجز، فيلم عن عائلة فلسطينية من ثلاثة أجيال، يتناول ما حدث لأفرادها عام 48، وكيف أصبحوا لاجئين».
وتابعت: «من خلال التركيز على الإنسانية وتجاوز المعاناة، أردنا خلق معنى والحفاظ على إنسانيتنا، لإظهار الفلسطينيين الذين قدموا نموذجاً للإنسانية رغم أكثر من ثمانين عاماً من التحديات، وتكريم من يقودون حياتهم بهذه الروح الإنسانية».
وعن سبب اختيارها التركيز على شخصيات الرجال في الفيلم، أوضحت: «اخترت ذلك لأن الرجال غالباً ما يتعرضون للقمع تحت الاحتلال، وأردت تكريم والدي وجدي، وتجسيد انتقال الصدمات النفسية عبر الأجيال. رغم أن القصة تدور حول الرجال، أردت وجود صوت نسائي قوي يروي القصة ويحاول شفاء العائلة، ليمنح الفيلم بعداً روحياً».
وأكدت أن فيلم «اللي باقي منك تعتبره هدية كبيرة، خاصة خلال الظروف الصعبة التي نشاهدها كل يوم»، مضيفة: «وضعنا كل ألمنا وتعاطفنا وغضبنا في هذا الفيلم».
من جانبها، أعربت الممثلة ماريا زريق عن التأثير العاطفي العميق للفيلم عليها، قائلة: «هذه المرة الرابعة التي أشاهد فيها الفيلم، وفي كل مرة أبكي وأتأثر بشدة، لأن العمل مرتبط بي شخصياً. جدتي من قرية عيلبون في الجليل، وبعد النكبة وقعت مذبحة في القرية، فسافرت هي وأهلها إلى لبنان لمدة ثمانية أشهر، وانقطعت علاقتها بخطيبها. وعندما عادت، وجدته قد توفي في تلك المذبحة».
يذكر أن فيلم «اللي باقي منك» للمخرجة الفلسطينية المرشحة لجائزة الإيمي، شيرين دعيبس، سيبدأ عرضه السينمائي في محطته الأولى بالمنطقة في الأردن، حيث يمثل الفيلم المملكة الأردنية الهاشمية رسمياً في سباق جائزة الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم الصور المتحركة «الأوسكار» ضمن فئة أفضل فيلم روائي طويل دولي، بمشاركة متميزة للنجمين العالميين خافيير بارديم ومارك رافالو كمنتجين تنفيذيين.
تم تصوير الفيلم لمدة عام ونصف في مواقع حقيقية بين: رام الله، الأردن، قبرص، واليونان.
وكان العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان «صندانس» السينمائي، حيث حظي بإشادة واسعة من النقاد، بينما كان عرضه الأوروبي الأول في مهرجان «كارلوفي فاري».
حصد الفيلم لاحقاً عدداً من الجوائز في مهرجانات دولية بالولايات المتحدة وأستراليا وماليزيا. ومن أبرز الجوائز التي نالها: جائزة البوابة الذهبية، وجائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي، وجائزة الجمهور لأفضل فيلم روائي دولي في مهرجان سيدني السينمائي، وذلك من أصل ثماني جوائز جمهور حصل عليها الفيلم حتى الآن، إضافة إلى جائزتي أفضل فيلم وأفضل سيناريو في مهرجان ماليزيا السينمائي الدولي.
تدور أحداث الفيلم حول قصة مراهق فلسطيني ينجرف في احتجاج بالضفة الغربية المحتلة، ويعيش لحظة عنف تهز عائلته. تتوالى الأحداث بينما تروي والدته الخيوط السياسية والعاطفية التي أدت إلى تلك اللحظة المصيرية. يمتد الفيلم على مدى سبعة عقود، ويتتبع آلام وآمال عائلة مُهجّرة، شاهداً على ندوب التهجير وإرث البقاء الذي لا يُمحى.
يشارك في بطولة الفيلم نخبة من أبرز الممثلين الفلسطينيين والعرب، وهم: صالح بكري، شيرين دعيبس، آدم بكري، محمد بكري، ماريا زريق، ومحمد عبد الرحمن. تصوير كريستوفر عون «مصور فيلم كفرناحوم»، أزياء زينة صوفان، وموسيقى أمين بوحافة.
«اللي باقي منك» من كتابة وإخراج شيرين دعيبس، وإنتاج ثاناسيس كاراثانوس، شيرين دعيبس، مارتن هامبل، وكريم عامر. بالاشتراك مع OSN+، ومدينة الإنتاج الإعلامي بقطر، وMedan Productions، وBaird Films، والمجموعة الوطنية للصناعات الإبداعية، وTEN X Group، وفيلم كلينك، ومؤسسة الدوحة للأفلام. والإنتاج التنفيذي من قبل صندوق البحر الأحمر. تتولى توزيع الفيلم عالمياً شركة The Match Factory، وفي العالم العربي تتولى التوزيع شركة «فيلم كلينك» المستقلة.
اقرأ أيضاًسوق البحر الأحمر السينمائي يواصل فعالياته ببرنامج حافل بالعروض والجلسات الحوارية
العرض العربي الأول لفيلم «فلسطين 36» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي
ريم سامي تثير الجدل بفسان مفتوح وتلفت الأنظار في مهرجان البحر الأحمر