اختار رئيس حماس في الخارج خالد مشعل "ملتقى كوالالمبور للفكر والحضارة" ليلقي خطابه بمناسبة مرور الذكرى الأولى للسابع من أكتوبر (تشرين الأول). خطاب مطول غارق في الإسهاب والإنشاء بنبرة إرشادية والكثير من الوصف.
يمكن تقسيم الخطاب، إضافة الى المسافة وفرق التوقيت بين غزة وكوالالمبور، إلى أربعة أقسام، الاقتباسات والأدعية، إعادة سرد رواية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بصيغة الراوي مع كثير من الإنشاء، القسم التعليمي، نصائح وإرشادات وشكر وتحيات، ثم تحليل سطحي من ذلك النوع المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يمكن ببساطة ومن دون جهد الحصول عليه في أي وقت من بعض محللي استوديوات قناة الجزيرة.في وصف خطاب "كوالالمبور" وقبل الدخول في "تداعياته" يمكن الإشارة إلى الارتباك في الأداء وعدم تنظيم للأفكار أو السيطرة على الوقت الممنوح. أطال الرجل وأسهب واستطرد بحيث اضطر المنظمون إلى تذكيره أكثر من مرة بضرورة الالتزام بالوقت، هذا يحدث عادة حين لا يتوفر لديك ما تقوله. الفكرة المركزية في تحليل خالد مشعل، والتي حاول أن يضعها كخلاصة حاسمة تتعلق بتصنيف الخسارة والإنجاز بعد سنة طويلة من حرب صنفت إلى حد كبير كحرب إبادة، "خسائرنا تكتيكية وخسائر العدو استراتيجية".
هذه الخلاصة التي ألقاها في قاعة "المؤتمر" كنوع من قراءة حركة حماس للمشهد، وما تحمله عبر مفارقة المصطلح من شبهة التذاكي، لم تذهب بعيداً وبقيت تراوح في زمن السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 معزولة عن الزمن الذي حدث بعد ذلك، ولكنها تركت ما يشبه الصدمة لدى المراقبين، ومن بينهم مجاميع الفلسطينيين الذين يذرعون جهات قطاع غزة المحاصرة منذ سنة كاملة فيما يشبه الطواف في حلقة قتل دموية لا نهاية لها، وبدا حتى في تلك القاعة النائية أن بلاغة الخطيب بقيت عاجزة عن إغلاق الثغرات الهائلة والحفر العميقة التي أضيفت إلى الأرض ومصائر الناس منذ تلك الصبيحة.
ومن باب الاعتراف بملكية وحقوق الفكرة، التكتيك والاستراتيجية، يعود الحق مباشرة إلى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في الأسابيع الأولى للحرب وعشية الاجتياح البري لغزة حين حذر نظيره الإسرائيلي غالانت الغاضب والمندفع، في محاولة لثنيه عن الاجتياح البري، بأنه قد يحقق عبر هذا الهجوم إنجازات تكتيكية ولكن ذلك قد يؤدي إلى خسارة استراتيجية.
لم يكن هذا ما انتظره الفلسطينيون في غزة من رئيس حماس في الخارج بعد سنة طويلة من الإبادة والدمار وتحطيم كل ما له علاقة بالحياة.
ليست هذه الإجابة السليمة عن سؤال القتل والتهجير المعلق فوق غزة، السؤال المتدحرج الذي يحلق فوق الناس في دائرة هجراتهم المفتوحة؛ من البحث عن الغذاء والدواء والمأوى وصولاً إلى "أين سنذهب"، السؤال حول "المعبر" والشراكة الوطنية في إدارة شؤون الحياة ومصائر الناس وحملة التطعيم ضد شلل الأطفال والحلول البديلة للموت... ورغم ذلك قدم لهم خالد مشعل خطاب انتصار في كوالالمبور.
ليس هذا ما انتظره الفلسطينيون في الضفة الغربية والشتات.
ليس هذا ما انتظرته القوى الوطنية والفصائل الفلسطينية التي تبحث منذ سنة طويلة، آخرها في بكين العاصمة الصينية عن أفق داخلي حول الحد الأدنى من الوحدة والشراكة في اتخاذ القرار الوطني، وحول ما سيكون عليه المشهد الفلسطيني الآن مع بداية السنة الثانية من الحرب وغداً عندما يطرح "اليوم التالي" على الطاولة.
يعرف الناس على نحو متزايد، معظمهم على الأقل، أن خالد مشعل لا يملك الإجابة عن أسئلتهم التي تتدفق من المقابر الجماعية والبيوت المدمرة والاجتياحات والاغتيالات ومصادرة الأرض والانهيار الاقتصادي وهجمات المستوطنين والحياة التي حطمتها "الحرب".
لم يكن هذا ما انتظره حلفاء حماس في "جبهة الممانعة" أيضاً، حين كال الكثير من المدائح وعدّد "الإنجازات" ووضعها في محفظته، معتبراً، بقصد أو من دون قصد، بقية مكونات الجبهة بمن فيهم حزب الله، عوامل مساعدة "مشكورة"، وسيذهب بعيداً في ذلك عندما يعتبر في سياق قراءته مشهد الهجوم الإسرائيلي المتوحش على لبنان، وكل ما اشتمل عليه من ضربات قاسية لحزب الله من "عملية البيجر" إلى اغتيالات القادة وعمليات القصف والقتل والتهجير التي تجاوزت حسب الإحصاءات الرسمية المليون نازح لبناني، وصولاً إلى اغتيال الأمين العام لـحزب الله حسن نصر الله.كل هذا تحول في "خطاب كوالالمبور" إلى محاولة من نتانياهو "لتصدير أزمته للخارج"، بحيث يبدو ما يتعرض له لبنان وكأنه جزء من منجزات "طوفان الأقصى".
لا يملك مشعل شيئاً زائداً عن حاجة "جماعته" يوزعه على "الآخرين" مما يعتبره "إنجازاً حصرياً لحماس"، لأن "الإخوان المسلمين"، حسب خبرة المنطقة، لا يفعلون ذلك، ولأنه أبعد هو وجناحه السياسي، على نحو ما، عن الحلقة الضيقة لاتخاذ القرار ورسم السياسات، خاصة بعد تولي جناح الداخل والمنظومة العسكرية الأقرب إلى "جبهة الممانعة" زمام الأمر في حركة حماس، أو لأنه ببساطة لا يعرف.
لذلك سيتقمص، كخيار وحيد، دور المعلق السياسي الذي يفتقر إلى المصادر، وسيكون سطحياً وخارج الواقع ومعزولاً عن الناس، كما ظهر تماماً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة خالد مشعل هذا ما
إقرأ أيضاً:
تحرك استيطاني جديد.. الائتلاف يضغط لرفع العلم الإسرائيلي شمال غزة
قدّم وزراء وأعضاء كنيست من أحزاب الائتلاف اليميني المتطرف، اليوم الخميس، طلبًا جديدًا يعكس تصعيدًا سياسيًا منظّمًا، موجَّهًا إلى وزير الأمن يسرائيل كاتس، للموافقة على إقامة فعالية استيطانية كبرى لرفع العلم الإسرائيلي شمالي قطاع غزة .
وطالب مقدّمو الطلب بتنظيم الفعالية خلال عيد "الأنوار" (حانوكا) في موقع مستوطنة "نتسانيت"، التي أُخليت عام 2005 ضمن خطة "فك الارتباط"، وذلك بالتزامن مع ما وصفوه بأنه "عودة إسرائيل إلى مستوطنات غوش قطيف". وأوضحوا أن توقيت هذا الحدث يأتي بعد عامين على هجوم السابع من أكتوبر، مؤكدين أن الحرب الطويلة "لم تصل إلى تعريف واضح للنصر"، وأن الوضع الميداني "لا يعكس استعادة الردع أو القضاء على قوة حماس ".
وجاء في الرسالة أن "حماس تخرق التفاهمات مرارًا، وأن قوتها لم تُدمَّر بل تتزايد مع مرور الوقت"، في حين تتحدث المؤسسة الأمنية – بحسب وصفهم – عن إزالة التهديد وعودة سكان الغلاف، وهي رواية اعتبرها مقدّمو العريضة غير دقيقة. وأضافوا أن الحرب أثبتت أن الحسم العسكري وحده غير كاف، وأن استمرار العمليات "لا يضمن النصر"، مؤكدين أن "عامين من القتال وسقوط مئات الجنود يثبتان أن النصر لا يتحقق بالسلاح فقط".
وانتقد الوزراء وأعضاء الكنيست ما قالوا إنه "محاولات دولية لفرض ترتيبات على قطاع غزة" ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب، معتبرين أن غزة "جزء من ميراث الآباء، النقب الغربي". وشددوا في رسالتهم على أن الطريق الوحيد لتحقيق النصر – وفق رؤيتهم – يتمثّل في السيطرة الكاملة على الأرض وضمّها إلى إسرائيل، قائلين: "النصر يتحقق فقط عندما تُؤخذ الأرض".
اقرأ أيضا/ حمـاس ترفض وتستهجن التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية
وأضافوا أن "خطوة من هذا النوع، تقوم على أخذ الأرض وتحويلها إلى منطقة يهودية مزدهرة، ستُحدث ردعًا طويل المدى ضد جميع أعدائنا، وسترسّخ في الواقع وفي وعي العدو والعالم بأسره أن إسرائيل انتصرت في الحرب، والأهم من ذلك أنها ستُثبّت الانتماء الأبدي لأرض إسرائيل للشعب اليهودي".
وتابعوا: "لقد حان الوقت لنقول بوضوح: غزة جزء من أرض إسرائيل، وهي ملك حصري للشعب اليهودي، ويجب ضمّها فورًا إلى دولة إسرائيل"، مشددين على أن "الوضع القائم اليوم لا يستوفي تعريف النصر في الحرب".
وأوضح موقعو الرسالة أن حركة "نحالاه" الاستيطانية تعمل على تنظيم فعالية واسعة خلال "حانوكا"، تتمحور حول رفع العلم الإسرائيلي بشكل جماهيري فوق أنقاض "نتسانيت"، مطالبين الحكومة بالمصادقة على الحدث "دون تأخير".
وجاء في ختام الرسالة: "نطلب الموافقة على إقامة الفعالية في موقع نتسانيت هذا العام، باعتبارها خطوة رمزية وسيادية تعكس انتصار الشعب الإسرائيلي وتُثبّت الانتماء الأبدي لأرض إسرائيل".
ووقّع على الرسالة عدد من أبرز وزراء الحكومة الإسرائيلية، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير الاقتصاد نير بركات، ووزير الرياضة ميكي زوهار، إلى جانب وزراء آخرين مثل زئيف إلكين، إيلي كوهين، ميري ريغيف، عيديت سيلمان، بالإضافة إلى رئيس الائتلاف.
وشارك أيضًا نحو 33 عضو كنيست من أحزاب اليمين واليمين المتطرف، من بينهم تالي غوتليب، دافيد بيتان، تسفيكا فوغل، ليمور سون هار ميلخ، يتسحاق غولدكنوف، غاليت ديستل، أرئيل كالينر، وأوشر شكّليم.
المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية مكان: ضغط مصري على إسرائيل لفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين العاصفة "بيرون" تضرب إسرائيل بقوة وتحذيرات من فيضانات خطرة كشف تفاصيل عملية سرّية إسرائيلية بغزة قبل يوم من هجوم 7 أكتوبر الأكثر قراءة زيارة أم البنين كاملة PDF حماس: استشهاد 3 أسرى بسجون الاحتلال يؤكد سياسة القتل المتعمدة لجنة الانتخابات تعلن المدد القانونية للانتخابات المحلية 2026 شهيدة وإصابات برصاص الاحتلال شرق غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025