بعد عام من ثورة الطوفان..كيف سقط “شمشون” العصر في فخ سلفه الأسطوري؟
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
إبراهيم محمد الهمداني
مما لا شك فيه أن توقيت عملية طوفان الأقصى، كان ذا أهمية بالغة، وحساسية كبيرة جدا، لأنها عكست حالة متقدمة جدا، من التفوق الاستراتيجي والاستخباري والعسكري، وأرست معادلة جديدة، غير مسبوقة في الصراع، ومواجهة العدو الإسرائيلي الغاصب، وعلاوة على ذلك، فقد كان عامل السبق الزمني – واستراتيجية المبادرة والمباغتة – أحد أهم أسباب نجاحها، وتحقق انتصارها وبقائها واستمرارها، بهذا العنفوان والقوة والقدرة والمرونة، حتى أصبحت عصية على الاجتثاث والمحو، وقد اجتمعت عليها أعتى القوى الاستعمارية العالمية، بكل إمكاناتها الوحشية والتدمير ية والإجرامية، على مدى عام كامل، لتغرق – ومعها ربيبتها إسرائيل – في رمال غزة، تطوقها أغلال هزيمتها الأبدية.
قبل عملية طوفان الأقصى، كانت القوى الاستعمارية العالمية، قد منحت الكيان الإسرائيلي الغاصب، دور البطولة، في مسرحية صناعة الشرق الأوسط الجديد، وكان المخرج الأمريكي، يلقن “البطل اليهودي”، الكلمات الأخيرة في خطاب النصر، ويضع اللمسات الفنية الأخيرة، على إطلالة نتنياهو “شمشون العصر”، الذي فضَّلَ ممارسة الانتقام والتدمير والقتل والإبادة الجماعية، على طريقة مخلص إسرائيل، البطل “شمشون” اليهودي الأسطوري، الذي احتفت أسفار التوراة، بتخليد أسطورته، بوصفه بطلا من أبطال الخلاص اليهودي.
إن أهمية وخطورة مشروع إبادة ومحو المقاومة، في أبعادها الثلاثة (الزمان والمكان والإنسان)، تحتم على القوى الاستعمارية الكبرى، اختيار بطلها (الإسرائيلي/ اليهودي) حامل المشروع، بعناية فائقة، وفق أعلى المواصفات والمعايير، لتصبح شخصية رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي – بنيامين نتنياهو – المرشح الأول، لتنفيذ هذا المشروع الإمبريالي، التسلطي الإحلالي الغاصب، فعلاوة على ما تمتلكه هذه الشخصية، من رصيد إجرامي توحشي وتدميري استعماري سابق، فإن نزعتها العنصرية العدائية، وتوقها لممارسة العنف والتوحش، على طريقة المخلص المتعالي، أوضح وأكبر من أن تستر قبحها، شعارات إنسانية مزعومة، أو تفوق حضاري زائف.
ولأن الموهبة وحدها لا تكفي – كما يقال – فقد رأت القوى الاستعمارية، أن تلك المؤهلات والخبرات الإجرامية، لم تكن مقنعة لتحقيق التفرد، ولا كافية للقيام بالدور المستقبلي، الذي يتطلب شخصية يهودية فارقة، هي شخصية “اليهودي الجريء”، الذي يمتلك الجرأة للتنكيل بأعدائه، دون أن يرف له جفن، والقدرة على قتل عشرات الآلاف منهم، بضربة واحدة، والشجاعة على مواجهتهم وحيدا أعزلا، دون أدنى تهيب أو خوف، غير أن “اليهودي الجريء”، المتباهي بقوته الإلهية، قد سقط في عقوبة التيه، ولعنة الخذلان والضلال، وأغلال الذلة والمسكنة والغضب، والاحتقار والمسخ إلى قردة وخنازير، ولذلك كانت محاولات استعادة اليهودي الجريء، من أعماق هذا الكم الهائل، من مستنقعات الانحطاط، والعار والذل والقبح والجبن، ومساوئ الأخلاق، بمثابة الإنجاز الخارق للعادة، لأن الوضعية العامة لليهود، كانت هي الضعة والذل والاحتقار دائما، ولإخراجها من تلك الوضعية المنحطة، يجب مراعاة أمرين؛الأول:- تحفيز خبث وعنصرية وعدوانية وإجرام النفس اليهودية، وشحنها إلى أقصى درجات الغيظ والحقد، والثاني:- تمكين تلك النفس سلطويا، ودعمها وإسنادها بالقوة العسكرية اللازمة.
ذلك ما فعلته الماسونية العالمية – بواسطة قوى الاستكبار العالمي – في عملية إعادة بناء شخصية نتنياهو، وإخراج اليهودي الجريء/ شمشون العصر من داخله، وهو ما وافق هوى في أعماقه، وهو المفتون بحكايات ونبوءات الخلاص، في الموروث الديني والتاريخي اليهودي، المشغوف بأسطورة المخلص شمشون، الغارق في تفاصيل شخصية البطل اليهودي، المتشبع بكل كلمة في سردية الخلاص، منطلقا من محاكاة شخصية شمشون الأسطوري، إلى تقليد سلوكياتها وتصرفاتها وحضورها وسكناتها وحركاتها، تقليدا حرفيا مرآويا، حتى وصل به الأمر، إلى تسمية نفسه “مخلص اليهود”، و”مخلص إسرائيل”، و”شمشون العصر”، معلنا خروج “اليهودي الجريء”، ليلعب دور الخلاص المزعوم، على طريقة سلفه القاتل المثالي، شمشون اليهودي، وبينما كان نتنياهو يتهيأ للقيام بذلك الدور القيادي التسلطي، حيث يقضي على جميع أعدائه، في عملية خاطفة قاتلة، ويضع بقية شعوب العالم، بين قوسي خضوع مهين، وخيار تبعية مذلة، وبينما كان يتهيأ للظهور، على مسرح الأحداث السياسية الإقليمية – بعد نجاحه في تجارب الأداء خلف الكواليس – متباهيا بقوته العسكرية والتكنولوجية، وإسناد رعاته في الغرب الاستعماري، جاءت عملية السابع من أكتوبر 2023م، متقدمة عليه خطوات كبيرة، من الجرأة والشجاعة والتخطيط والإنجاز، وصعدت فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية، على مسرح الأحداث الإقليمية والعالمية، الذي كان مهيأً لشمشون العصر، وقد تلقى صفعات مدوية، بكفي المقاومة الباسلة، من خلف الستار، ليسقط مبهوتا، غير قادر على استيعاب، حقيقة ما يحدث، وقد تبعثرت على لسانه بقايا حوار متهالك، من مسرحية خلاص مزعوم، تعفنت خلف سردها، أوهام قوة بطل أسطوري، عجز الخيال اليهودي، عن تجميل قبح نهايته المأساوية، ودوزنة ألحان قوته المتنافرة، وتشذيب نشاز أغاني جرائمه، التي صيغت لإشباع نزعة الحقد والعداء والانتقام اليهودي، ليس إلا.
ربما استطاع شمشون العصر، ممارسة الانتقام والتدمير والقتل والإبادة، لفترة زمنية ما، خاصة في ظل الإسناد والشراكة الأمريكية الغربية، لكنه لن يستطيع – بعد الآن – القضاء على أعدائه بضربة واحدة، ولا وضع العالم، بين قوسي خضوع قهري، وخط تبعية مذلة، ولا إزاحة السابع من أكتوبر، من مسرد التاريخ الإنساني، ولا محو بطولات قادة وأبطال فصائل ومحور الجهاد والمقاومة، بعمليات اغتيالات متوحشة دنيئة، ولن يجني من توسيع جغرافيا المعركة، غير المزيد من الهزائم النكراء، لأن ثورة الطوفان، لن تخمدها مجازر العدوان، وعلى الكيان الإسرائيلي الوظيفي – ومن خلفه الغرب الاستعماري – أن يعي جيدا، أن الجهاد والمقاومة عقيدة إيمانية متأصلة، ومشروع نهضوي تتوارثه الأجيال، ومن المحال أن تهزمه أعتى القوى، أو تجتثه أشد الصواريخ والقنابل فتكا وتدميرا، بينما وجود هذا الكيان الوظيفي الإجرامي وحلفائه، وجود مؤقت، وزواله أمر حتمي، آتٍ لا محالة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوى الاستعماریة
إقرأ أيضاً:
معاناة بسبب مرض قاتل.. تفاصيل شخصية كريم فهمي في «220 يوم»
يستعد الفنان كريم فهمي لعرض أحدث أعماله الدرامية، وهو مسلسل «220 يوم»، والذي يشاركه البطولة فيه الفنانة صبا مبارك، حيث من المقرر انطلاق عرضه خلال الأيام المقبلة على منصة شاهد.
كريم فهمي في مسلسل «220 يوم»ويجسد الفنان كريم فهمي، شخصية روائي يعاني من مرض قاتل، بينما تؤدي صبا مبارك دور زوجته التي تحبه كثيرا وتعيش معه تجارب قاسية، وتعمل مصورة فوتوغرافية.
View this post on InstagramA post shared by CAP - Sabbah Brothers (@cedarsart)
ويعد مسلسل «220 يوم» العمل الثاني الذي يجمع بين كريم فهمي وصبا مبارك، حيث كان العمل الأول مسلسل «حكايات بنات» الذي عرض في موسم رمضان لعام 2012 وحقق نجاحًا ساحق.
مسلسل «220 يوم»وظهر كريم فهمي في بوستر المسلسل حليق الرأس وفي أحضانه صبا مبارك، والعمل مكون من 15 حلقة، وتدور أحداثه في شق درامي رومانسي اجتماعي والتوتر النفسي.
موعد عرض مسلسل «220 يوم»ومن المقرر عرض مسلسل «220 يوم» خلال شهر يونيو عبر منصة شاهد الرقمية، وشوقت «شاهد» الجمهور عبر «إنستجرام»: «ما بيم حلم استناه طول عمره وعمره اللي ممكن يخلص في أي لحظة.. أحمد كان لازم ياخد أصعب قرار».
ويشارك في بطولة المسلسل نخبة من أبرز نجوم الفن، وعلى رأسهم، كريم فهمي، صبا مبارك، حنان سليمان، على الطيب، عايدة رياض، يوسف رأفت، ولينا صوفيا ومن إنتاج شركة صباح إخوان، والمسلسل من تأليف محمود زهران، سيناريو وحوار نديم نادر ومن إخراج كريم العدل.
اقرأ أيضاًمسلسل وتقابل حبيب الحلقة 5.. نجاة كريم فهمي من الحادث وندا موسى فى حالة خطيرة
كريم فهمي يوجه رسالة لصناع «سنو وايت» قبل عرضه
بعد عرض وتر حساس.. كريم فهمي لـ صبا مبارك: «مهببة إيه للناس يا أحلام»