تأثير بقعة الضوء.. لماذا تعتقد أن الجميع يراقب أفعالك؟
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
من الطبيعي أن يشعر كل شخص منا أنه البطل الأساسي لقصته، حيث يرى معظمنا أن جميع الأشخاص ممن حولنا هم "ممثلون ثانويون" يؤثرون بشكل أو بآخر على مجريات حياتنا، لكننا وحدنا من نقود الخط الأساسي للقصة.
ومع ذلك، هناك مرحلة معينة قد يبالغ فيها الإنسان في اعتبار نفسه البطل الرئيسي لكل ما هو مهم، حينها يبدأ في الشعور بأن كل شيء يتمحور حوله بشكل حصري، وهو ما يُعرف في علم النفس بـ"تأثير بقعة الضوء".
تأثير بقعة الضوء هو ظاهرة نفسية يميل فيها الأفراد إلى الاعتقاد بأنه تتم ملاحظتهم أو مراقبتهم من قبل الآخرين أكثر مما يحدث بشكل حقيقي في الواقع. بعبارة أخرى، يبالغ المصابون بهذا التأثير في تقدير درجة اهتمام الآخرين بهم أو بمظهرهم أو بسلوكهم أو بأفعالهم.
يمكن أن يؤدي هذا التحيز المعرفي لدى الناس إلى أن يُفْرطوا في التركيز على أنفسهم، أو يصبحوا قلقين بشكل بالغ من الطريقة التي ينظر إليهم بها الآخرون.
على سبيل المثال، قد يشعر شخص ما بوعي ذاتي مبالغ فيه بشأن ما يعتبره "عيبا" في مظهره، معتقدا أن كل من حوله يلاحظه ويشكل أحكاما سلبية عنه، في حين أن معظم الناس في الواقع قد لا ينتبهون للأمر كثيرا.
لذلك يمكن أن يكون لتأثير بقعة الضوء تأثير على جوانب مختلفة من التفاعلات الاجتماعية والحياة اليومية والصحة النفسية للشخص الذي يعاني منها.
وقد يدفع هذا الأمر الفرد إلى تجنب مواقف أو أنشطة معينة خوفا من التعرض للتعليقات أو الملاحظات ممن حوله، على الرغم من أن الآخرين قد لا ينتبهون كثيرا لما يشغل باله.
كذلك يمكن أن يسبب التأثُّر الشديد بهذه الحالة في قدرة الشخص على اتخاذ القرار وقدرته على احترام ذاته، وقد تؤثر بشكل جذري على سلامته النفسية والعقلية.
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي، يمكن أن يكون تأثير بقعة الضوء لديهم أسوأ بكثير، لدرجة أنه يؤثر على قدرتهم على العمل أو الشعور بالراحة مع الآخرين وبناء العلاقات.
ويُعتقد أن هذا التأثير يأتي من الإفراط في الوعي الذاتي وعدم القدرة على وضع النفس مكان الشخص الآخر لإدراك أن منظورهما يختلف، إذ يركز جميع الأشخاص، وخاصة أولئك الذين يعانون من القلق الاجتماعي، بشكل كبير على أنفسهم وأفعالهم ومظهرهم، ويعتقدون أن الجميع يدركون تماما ما يفكرون فيه.
ويحدث ذلك لأن القلق الاجتماعي هو أكثر بكثير من مجرد عصبية، فهو متعلق بنشاط الدماغ. ومع القلق الاجتماعي، قد يعلم المصاب أن مشاعره غير منطقية، لكن لا يمكنه تغيير شعوره.
لذلك يمكن أن يكون تأثير بقعة الضوء منهكا إذا كان الشخص يعاني حالة أساسية سابقة من القلق الاجتماعي، مما يجعل كل موقف أكثر رهبة وإثارة للخوف.
تؤثر هذه الظاهرة على المصاب من نواحٍ عدة، أبرزها ما يلي:
يُنظر إليه على أنه منصب على ذاته: إذا كنت غالبًا ما تسأل الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل عما إذا كانوا منزعجين منك، أو إذا قلت شيئًا خاطئًا، أو إذا تصرفت بشكل مناسب في موقف ما، فقد يشعرون أنك تفكر في نفسك فقط.
عدم الانتباه للآخرين بما يكفي: عندما يكون الشخص مشغولاً بالتفكير في مظهره وسلوكه بهذا القدر، فهو يفقد قدرة التركيز على أشياء مهمة أخرى، مثل أحبته والأفراد من حوله، الأمر الذي يضعف قيمة العلاقات لديه.
نظرة أكثر انغلاقا للعالم: التفكير المفرط في الذات يجعلك أكثر عرضة للإغفال عن فهم واستيعاب شخصيات من حولك، لذا قد يجد المصاب بتأثير بقعة الضوء صعوبة في التعاطف مع الآخرين لأنه يفترض أن أفكارهم تركز عليه، فيغفل فهم واستيعاب تجاربهم المتنوعة.
تصنع شخصية غير حقيقية: معاودة التفكير في كل كلمة أو فعل قبل القيام به بما يتناسب مع رغبة الشخص في رؤية الآخرين له ستؤدي لا محالة إلى الادعاء وتصنّع شخصيات ليست هي حقيقته الواقعية.
يمكن معالجة أعراض القلق الاجتماعي وتأثير بقعة الضوء بمزيج من العلاج النفسي والسلوكي لتصحيح التفكير.
وقد يتم وصف بعض الأدوية للحالات التي تؤثر على حياة الشخص، مثل مضادات الاكتئاب، لمساعدة المصاب على درء مشاعر الرهبة والعجز والشك.
يمكن أيضا ممارسة التمارين التي يرشحها المعالج النفسي في العلاج السلوكي للمساعدة على إدارة الأنشطة اليومية، مما يمنح المصاب مزيدا من الثقة ويقلل من شعور بالقلق والإحراج.
كما تتمثل إحدى طرق التغلب على تأثير بقعة الضوء في التركيز على الخارج وملاحظة ردود الآخرين تجاه الشخص المعني. سيساعد هذا الأمر المصاب بفرط الانتباه لأفعاله على التوقف عن التركيز الداخلي على قلقه، بالإضافة إلى ملاحظة مدى ضآلة اهتمام الآخرين به مقارنة بما يتخيله عنهم.
وفي حين قد يبدو الأمر كما لو أن الجميع يعرف ما يفكر فيه الشخص المصاب، إلا أنه في الواقع لا أحد لديه هذه القدرة على قراءة الأفكار وتحليل الأفعال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الترکیز على یمکن أن
إقرأ أيضاً:
تسرّب الميثان من شقوق في قاع القارة القطبية الجنوبية.. اكتشاف يُثير القلق
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتسرّب غاز الميثان المسبّب لارتفاع حرارة الكوكب من شقوق في قاع البحر في القارة القطبية الجنوبية مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة، حيث تم اكتشاف منافذ تسرّب جديدة بمعدّل "مذهل"، بحسب ما توصّل إليه العلماء، الأمر الذي يثير المخاوف من أن التنبؤات المستقبلية للاحترار العالمي ربما تم التقليل من شأنه.
توجد كميات هائلة من غاز الميثان في خزانات تشكّلت على مدى آلاف السنين تحت قاع البحر في أنحاء مختلفة من العالم. ويمكن لهذا الغاز غير المرئي والمسبب لتلوّث المناخ أن يتسرّب إلى الماء عبر الشقوق في قاع البحر، وغالبًا ما يظهر على شكل فقاعات ترتفع إلى سطح المحيط.
ولا يُعرف الكثير عن هذه المنافذ تحت الماء، أي كيف تعمل، وكم عددها، وكمية الميثان التي تصل إلى الغلاف الجوي مقارنةً بما تستهلكه الميكروبات التي تتغذى على الميثان وتعيش تحت سطح المحيط.
لكن العلماء حريصون على فهمها بشكل أفضل، نظرا لأن هذا الغاز فائق التلوّث يحبس حرارة تفوق تلك الناتجة عن ثاني أكسيد الكربون بنحو 80 مرة، خلال أول 20 عامًا من وجوده في الغلاف الجوي.
وتعد منافذ تسرّب الميثان في القارة القطبية الجنوبية بين الأقل فهمًا على كوكب الأرض، لذلك قام فريق من العلماء الدوليين برحلة لاكتشافها. واستخدموا مزيجًا من المسوحات الصوتية من السفن، ومركبات يتم التحكم فيها عن بُعد، وغواصين لأخذ عينات من مواقع عدّة في بحر روس، وهو خليج في المحيط الجنوبي للقارة القطبية الجنوبية، على أعماق تتراوح بين 5 و240 مترًا.
وما وجدوه كان مفاجئًا لهم، إذ حدّدوا أكثر من 40 منفذًا لتسرّب الميثان في المياه الضحلة لبحر روس، وفقًا للدراسة التي نُشرت هذا الشهر في الدورية العلمية Nature Communications.
وقد عُثر على العديد من هذه المنافذ في مواقع دُرست مرارًا في السابق، ما يشير إلى أنها حديثة الظهور. وقد يدلّ هذا على وجود "تغيّر جذري" في الميثان المنبعث من هذه المنطقة، وفق التقرير.
وتعد منافذ الميثان شائعة نسبيًا على مستوى العالم، وكان هناك منفذ نشط واحد فقط ومؤكد في القارة القطبية الجنوبية سابقًا، بحسب ما ذكرته سارة سيبروك، إحدى مؤلفي التقرير، وعالمة أحياء بحرية في مؤسسة علوم الأرض بنيوزيلندا.
وأضافت في حديثها لـCNN: "ما كان يُعتقد أنه نادر، يبدو الآن أنه أصبح واسع الانتشار".
وأشارت سيبروك إلى أن كل منفذ اكتشفوه كان مصحوبًا بـ"حماسة فورية" سرعان ما تحوّلت إلى "قلق وتوتر".
ويكمن الخوف في أن هذه المنافذ قد تنقل الميثان بسرعة إلى الغلاف الجوي، ما يجعلها مصدرًا لتلوّث الكوكب بالحرارة لم يتم احتسابه بعد في توقعات تغيّر المناخ المستقبلية.
كما يشعر العلماء بالقلق من أن يؤثر الميثان على الحياة البحرية على نحو متسلسل.
ولا يزال من غير الواضح لماذا تحدث هذه التسربات في المنطقة، لكن الباحثين يحققون في ما إذا كانت ناتجة عن تغيّر المناخ.
وفي الطرف الآخر من العالم، في القطب الشمالي، ارتبط تزايد انبعاث الميثان من تحت الأرض بتأثيرات تغيّر المناخ، بحسب سيبروك، ضمنًا ارتفاع درجات الحرارة، وتغيّر مستويات سطح البحر، والارتفاع البطيء المستمر لليابسة بعد ذوبان الأنهار الجليدية في نهاية العصر الجليدي الأخير.
وقد يُحدث ذلك حلقة تغذية مرتدّة، كما أوضحت سيبروك، إذ يؤدي تغيّر المناخ إلى زيادة منافذ تسرّب الميثان، التي بدورها تسرّع من وتيرة تغيّر المناخ.
ويستعد العلماء للعودة إلى القارة القطبية الجنوبية الأسبوع المقبل، لمدة شهرين، بغية تحليل هذه التسربات بمزيد من التفصيل.
وقال أندرو ثيربر، أستاذ علم الأحياء البحرية في جامعة كاليفورنيا، وأحد مؤلفي الدراسة: "الميثان يعد لغزًا حقيقيًا، فهو يرتفع في الغلاف الجوي ولا نعرف السبب".
وأضاف ثيربر في حديثه لـCNN: "واحدة من أكثر المخاوف إثارة للقلق تتعلّق بما يحدث في القارة القطبية الجنوبية، حيث توجد خزانات هائلة من غاز الميثان. وإذا استمر البشر في تسخين الكوكب، فقد تتحوّل هذه المنافذ من مختبر طبيعي إلى بؤرة للخطر".