بوابة الوفد:
2025-06-27@13:08:47 GMT

الفن والأدب وفظائع الحروب

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

منذ مآسى وفظائع الحربين العالميتين الأولى والثانية، تظل تداعيات العنف بمثابة شرارة تشعل فى نفوس الكتّاب والفنانين أشكالاً جديدة من التعبير والإبداع. يستعرض هذا المقال كيف استجاب المبدعون، من بابلو بيكاسو إلى جورج أورويل وصموئيل بيكيت، لهذه الفظائع، وكيف يمكن أن تثير الحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة ولبنان حركات فنية جديدة.

شهدت حروب القرن العشرين سقوط ملايين من القتلى والجرحى وشكلت نقطة تحول فى وعى الكتّاب والفنانين. فقد عكس بيكاسو من خلال لوحاته فظائع الحرب الأهلية الإسبانية. وغيرنيكا هى لوحته الزيتية التى تعود لعام 1937؛ رسمها استجابة لقصف مدينة باسكية، مجسداً فيها بشاعة العنف والمعاناة، حيث تلتف الأشكال المشوهة كأشباح تتراقص على أنقاض الإنسانية.

على نفس النسق، يتجلى نقد البريطانى جورج أورويل فى أعماله 1948 ومزرعة الحيوان، حيث يتلاعب بالحقائق ويعرض كيف تخفى السرديات السياسية معاناة البشر. إن مفهوم newspeak "اللغة الجديدة" فى 1984 يعكس أساليب ازدواجية المعايير فى عبارات خادعة من عينة "الحرب سلام" عن التبريرات المتناقضة للصراع. وتعبر رؤى أورويل عن قلق متجدد إزاء العلاقة بين السلطة والعنف وتعكس غطرسة القوى العظمى فى عصرنا الراهن.

وفى عالم المسرح، تجسد مسرحية صموئيل بيكيت ( Waiting for Godot فى انتظار غودو) حالة من الانتظار حيث تعيش الشخصيات فى حالة من اليأس المستمر، ما يعكس الإحباط الذى يعترى النفوس بعد الكوارث. فبينما ينتظرون مخلصاً لا يأتى، يدعو المؤلف الجمهور إلى التأمل فى عبثية الوضع البشرى بعد إزهاق الأرواح ودمار العمران.

أما العنف المستمر فى غزة وإسرائيل ولبنان مؤخراً، وسقوط ضحايا من كل الأطراف، فهو كالجرح النازف فى ضمير الإنسانية، يترك آثاراً وندوباً غائرة تتطلب التعبير عنها فى الفنون. ومع تكشف بشاعة أحداث هذه الحرب، يظهر سؤال ملح: هل يمكن أن تُلهم هذه الفظائع حركة أدبية جديدة لم نعهدها أوتعيد إحياء العدمية أو مسرح العبث؟

إن العدمية تتناغم مع سقوط المعانى واختلاط الأمور، فى حين يعكس مسرح العبث الطبيعة السريالية للحياة فى مناطق النزاع، حيث تتحول الحقائق بفعل العنف إلى مشاهد درامية تظهر تناقضات مؤلمة. وهذا ما قد يقدم للكتّاب والفنانين ما يحفزهم على أن يخلقوا أشكالاً جديدة تعبر عن مآلات هذه الحرب الآنية. وقد تمثل الفنون متعددة الوسائط، بما فيها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى، منصة لأشكال من الشعر والفن البصرى والأداء المسرحى تترابط معا لتعكس مشاهد الموت والدمار، وتقدم بذلك عرضا مشتركا غنياً من التعبير عن مآسى البشرية.

يمكن أن تسهم الجهود التعاونية بين الفنانين من خلفيات متنوعة فى تقديم رؤى جديدة تعزز الفهم والتعاطف. فتكون هذه المشاركة وسيلة للاحتجاج والشفاء معاً، من خلال توفير مساحة للتفكير فى كيفية الخروج من دائرة الحرب الحالية. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحربين العالميتين تداعيات العنف القرن العشرين

إقرأ أيضاً:

النساء في السودان .. ضحايا العنف الجنسي والاقتصادي

 

كشف تقرير حقوقي حديث عن تعرض النساء في السودان لانتهاكات واسعة خلال الفترة من 15 أبريل 2023 وحتى أبريل 2024 في ظل الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

التغيير _ كمبالا

ويوثق التقرير الصادر عن الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية «YCON» وحملة «آمنات» أشكالاً متعددة من العنف القائم على النوع الاجتماعي بما في ذلك الاغتصاب الفردي والجماعي، والتحرش الجنسي، والابتزاز، والإكراه الجنسي خاصة في مناطق النزوح.

وأشار التقرير إلى أن العنف الجنسي اتخذ طابعاً ممنهجاً وارتكب في بعض الحالات أثناء سعي النساء للحصول على الغذاء أو التنقل بين المناطق، ما يربط بين غياب الأمن الغذائي واستخدام الجسد كساحة للصراع. وأفادت الشهادات أن بعض الانتهاكات ترافقت مع عنف لفظي مهين يحمل طابعا عنصرياً أو جندرياً.

وعلى الصعيد الاقتصادي أوضح التقرير أن الحرب تسببت في فقدان آلاف النساء لوظائفهن في القطاعين الحكومي والخاص وتوقف مصادر دخلهن في السوق غير الرسمي مثل بيع الشاي والخياطة والزراعة، ولفت إلى أن الغالبية الساحقة من النساء النازحات لم تتلق أي دعم حكومي أو دولي ملموس.

كما تطرق التقرير إلى أشكال من العنف النفسي والمعنوي تمثلت في الوصم الاجتماعي والشعور بالعزلة وانعدام الأمان خاصة داخل مراكز الإيواء التي وصفت بأنها غير آمنة وتفتقر للخصوصية مما أدى إلى تفاقم حالات الاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة.

ورغم هذه التحديات أبرز التقرير مبادرات نسائية ذاتية قاومت ظروف الحرب عبر تقديم الدعم النفسي وتوثيق الانتهاكات وتأسيس مشاريع صغيرة بديلة .

وفي ختام التقرير دعت الشبكة الشبابية و حملة آمنات المنظمات الدولية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية النساء وتقديم الدعم القانوني والنفسي وتفعيل آليات العدالة والمساءلة عن الجرائم المرتكبة بحقهن خلال النزاع.

و تعمل الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية «YCON» كمنصة مستقلة تجمع منظمات شبابية ولجان مقاومة وكيانات مدنية سودانية تعنى برصد وتوثيق الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في السودان من منظور شبابي.

وتهدف الشبكة إلى تعزيز الشفافية وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والدعوة إلى السلام والعدالة والتحول الديمقراطي من خلال توحيد جهود الشباب وتمكينهم من مناصرة قضاياهم الحيوية.

في المقابل تعد حملة «آمنات» مبادرة نسوية نشطة في سياق الحرب السودانية تركز على تسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها النساء وتعمل على تمكين أصوات الناجيات والمدافعات عن حقوق الإنسان.

وتسعى الحملة إلى توفير مساحة آمنة لسرد التجارب الشخصية، ومناصرة قضايا النساء في أوضاع النزاع واللجوء بما في ذلك تقديم الدعم النفسي والتوثيقي والمجتمعي.

الوسومالإكراه الجنسي الابتزاز الاغتصاب الفردي والجماعي الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية «YCON» العنف القائم على النوع الاجتماعي تقرير حملة «آمنات» مناطق النزوح والتحرش

مقالات مشابهة

  • النساء في السودان .. ضحايا العنف الجنسي والاقتصادي
  • إذا كانت الحروب تُقاس بخواتيمها
  • مستذكرًا تجربة الاتحاد السوفيتي.. وزير بولندي: هكذا يمكن إسقاط حكم فلاديمير بوتين
  • طهران: لا يمكن الوثوق بوعود العدو الإسرائيلي وردنا سيكون حازما على أي عدوان
  • حرب.. وحُب!
  • المحامي زنون يكتب : ماذا تعلمنا من الحرب الايرانية الإسرائيلية
  • هل يمكن لأطراف الحرب في الشرق الأوسط الزعم بأنهم انتصروا؟
  • هل يمكن لأطرف الحرب في الشرق الأوسط الزعم بأنهم انتصروا؟
  • بعد إعلان ترامب نهاية الحرب.. كيف يمكن أن تُغير 14 قنبلة الشرق الأوسط؟
  • الصفعة الختامية في الحروب.. كيف تكتب سردية الانتصار في الدقيقة التسعين؟