بينها السودان.. اليونيسف: غالبية الأطفال المصابين بشلل الأطفال يعيشون في بلدان متأثرة بالنزاعات
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
ذكرت منظمة اليونيسف أن 85% من الأطفال المصابين بشلل الأطفال في عام 2023 – والبالغ عددهم 541 طفلا على مستوى العالم – يعيشون في 31 دولة هشة ومتأثرة بالنزاعات. جاء ذلك في دراسة نشرتها الوكالة الأممية بمناسبة اليوم العالمي لشلل الأطفال.
التغيير _ وكالات
وفقا لليونيسف، تضاعفت حالات الإصابة بشلل الأطفال في هذه البلدان بأكثر من الضعف خلال السنوات الخمس الماضية، بينما انخفضت معدلات التحصين الروتيني للأطفال من 75% إلى 70%، وهي نسبة أقل بكثير من نسبة 95% اللازمة لتحقيق المناعة المجتمعية.
هذه البيانات، وفقا لليونيسف، تمثل تحذيرا صارخا بأن هذا المرض المهدد للحياة لا يزال ينتشر في المناطق التي تكون فيها الحياة أكثر هشاشة، حيث تُعيق النزاعات والكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية وغيرها من عوامل عدم الاستقرار تقديم الرعاية الصحية الأساسية.
مخاطر تتعدى القنابلوقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل إن المخاطر التي يواجهها الأطفال في مناطق النزاع لا تقتصر فقط على القنابل والرصاص، “فهم معرضون لخطر الإصابة بأمراض قاتلة كان من المفترض أن تكون قد اختفت. نشهد في العديد من البلدان انهيارا في أنظمة الرعاية الصحية، وتدميرا للبنية التحتية للمياه والصرف الصحي، ونزوحا للعائلات، مما يُؤدي إلى عودة ظهور أمراض مثل شلل الأطفال. يُترك الأطفال مشلولين، وغير قادرين على المشي أو اللعب أو الذهاب إلى المدرسة.”
كما أدى الانخفاض العالمي في معدلات تحصين الأطفال إلى زيادة تفشي شلل الأطفال، بما في ذلك في البلدان التي كانت خالية من شلل الأطفال لعقود. ويتجلى هذا بشكل واضح في المناطق المتأثرة بالنزاعات، حيث تُعاني 15 دولة من أصل 21 دولة – تشمل أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان واليمن – شلل الأطفال حاليا.
جهود الاستجابة لحالات تفشي الشللفي الأشهر الأخيرة، كثفت اليونيسف وشركاؤها جهود الاستجابة لحالات تفشي شلل الأطفال. ففي غزة، على سبيل المثال، وصلت اليونيسف، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية، إلى ما يقرب من 600 ألف طفل دون سن العاشرة خلال الجولة الأولى من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في منتصف سبتمبر.
تم تنفيذ الجولة الثانية والأخيرة بنجاح في جنوب ووسط غزة، لكن تجدد النزوح الجماعي والتفجيرات أدى إلى تأخير العملية في الشمال. تأتي هذه الحملة بعد عودة شلل الأطفال إلى غزة لأول مرة منذ 25 عاما.
أما في السودان، فقد انخفضت التغطية الوطنية للتحصين من 85% قبل الحرب إلى 53% في عام 2023، بينما انخفضت التغطية في مناطق النزاع النشطة إلى 30% فقط. واستجابةً لذلك، قادت اليونيسف وشركاؤها حملتين طارئتين للتطعيم ضد شلل الأطفال في الأشهر الأخيرة، حيث وصلتا إلى 2.9 مليون طفل دون سن الخامسة من خلال التطعيمات من منزل إلى منزل.
تُعد حملات التطعيم ضد شلل الأطفال الناجحة في البلدان الهشة والمتأثرة بالنزاعات أمرا بالغ الأهمية لوقف المزيد من الحالات وحماية الأطفال المعرضين للخطر. وأكدت اليونيسف أن الهدن الإنسانية ضرورية لضمان وصول العاملين في مجال الرعاية الصحية إلى الأطفال وتقديم اللقاحات بأمان.
ما دور الحكومات؟مكافحة شلل الأطفال تكون أكثر صعوبة في الأماكن الأكثر تحديا، لكن القضاء عليه في متناول اليد. وتقدم اليونيسف أكثر من مليار جرعة من لقاحات شلل الأطفال سنويا – وهي أكبر حصة من عمليات تسليم اللقاحات العالمية. وحثت المنظمة الحكومات والشركاء والجهات المانحة على:
إعطاء الأولوية لتحصين جميع الأطفال ضد شلل الأطفال، خاصة في حالات النزاع والأزمات الإنسانية وفي البلدان ذات التغطية التحصينية المنخفضة في جميع أنحاء أفريقيا وأجزاء من آسيا.
تعزيز أنظمة التحصين لضمان حصول جميع الأطفال على اللقاحات الأساسية المنقذة للحياة.
حماية العاملين في المجال الإنساني والرعاية الصحية الذين يُقدمون اللقاحات، واحترام الهدن الإنسانية الأساسية اللازمة لنجاح الحملة.
توفير الموارد الأساسية للمبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (Gavi) لوقف تفشي المرض بسرعة وضمان تحصين الأطفال.
إبراز قضية القضاء على شلل الأطفال على الأجندات السياسية على جميع المستويات، مع إعطاء الأولوية للحلول المبتكرة والإجراءات المنسقة لتعزيز جودة حملات التحصين.
وقالت كاثرين راسل إن انتشار شلل الأطفال لا يُعرض الأطفال في البلدان المتضررة للخطر الفوري فحسب، بل يُشكل أيضا تهديدا متزايدا للبلدان المجاورة. “حان الوقت الآن للعمل. لا يُمكننا أن نستريح حتى يكون كل طفل، في كل ركن من أركان العالم، في مأمن من شلل الأطفال”.
الوسومالأطفال الحروب النزاعات اليونسيفالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأطفال الحروب النزاعات اليونسيف
إقرأ أيضاً:
تزايد المخاطر على اقتصاد العالم
- ترجمة: قاسم مكي
نحن نعيش في المراحل المبكرة من ثورة تحاول إحلال الجمهورية الأمريكية بدكتاتورية مستبدة. وليس واضحا حتى الآن ما إذا كان دونالد ترامب سينجح في ذلك. لكن ما يريد أن يفعله واضحا ولا يحتاج إلى شرح كما يبدو. فالطريقة التي يحكم بها والتي لا تتقيد بالقانون، ولا تمكِّن الآخرين من التنبؤ بما يفعله، والمعادية للفكر وذات النزعة القومية سيكون لها أعظم الأثر على الولايات المتحدة نفسها. لكن -وهذا حتمي- أثرها هائل على باقي العالم أيضا؛ نظرا إلى الدور المهيمن للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. ولا يستطيع -أو يرغب- أي بلد آخر أو مجموعة من البلدان الحلول محلها. هذه الثورة تهدد بالفوضى.
الوقت مبكر جدا لمعرفة كل العواقب التي ستترتب عن ذلك. لكنه ليس مبكرا جدا للتوصل إلى تكهنات مستنيرة -ترتكز على معلومات- حول بعض الجوانب خصوصا انعدام القدرة على التنبؤ بالسياسات والقرارات؛ بسبب رسوم ترامب الجمركية، وما ينشأ عن ذلك من فقدان للثقة.
هذا الافتقار للثقة كان موضوع مدونة صوتية أدرتُ فيها حوارا مع بول كروجمان مؤخرا. فبدون سياسات يمكن التنبؤ بها لا يمكن لاقتصاد السوق أن يعمل بشكل جيد. وإذا جاء عدم اليقين من القوة المهيمنة لن يعمل اقتصاد العالم ككل على نحو جيد أيضا.
في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي حلل البنك الدولي هذا بالضبط. استنتاجاته حتما غير نهائية، لكن يلزم أن تكون وجهته صحيحة. ينطلق التقرير من الافتراض بأن الرسوم الجمركية السارية في أواخر مايو ستظل كذلك خلال الأفق الزمني لتوقعاته. قد يكون ذلك إفراطا في التفاؤل أو في التشاؤم. لا أحد يعلم؛ ربما حتى ترامب. جاء في التقرير: « في هذا السياق من المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ إلى معدل يبلغ 2.3% في عام 2025 (أقل بنحو 0.4% من توقعات يناير 2025.) وهذه أبطأ وتيرة له منذ عام 2008 بخلاف سنتين شهدتا انكماشا عالميا واضحا في 2009 و2020. وخلال الفترة 2026- 2027 من المتوقع أن تدفع زيادة في الطلب المحلي نموَّ اقتصاد العالم إلى 2.5%. وهذا معدل ليس كبيرا وأدنى كثيرا من متوسط نمو بلغ 3.1% خلال فترة العقد الذي سبق جائحة كوفيد-19.»
كل هذا سيئ بما يكفي. لكن الاحتمالات السلبية هي الطاغية في الغالب. وهكذا من الممكن أن تقود حالة البلبلة وعدم اليقين التي أوجدتها حرب ترامب التجارية إلى تدهور في التجارة والاستثمار يفوق كثيرا ما هو متوقع. ويقينا سيكون من الصعب الثقة في أية اتفاقيات مفترضة تُعلن الآن. مرة أخرى سيزيد تباطؤ النمو الهشاشةَ الاجتماعية والسياسية والمالية ما سيفاقم الشعور بالمخاطر في الأسواق. وهذا قد يوجد «دوامة تدهور» يزيد فيها ارتفاعُ تكاليف التمويل المخاطر، ويخفِّض النمو. وقد يعجز المقترضون الضعاف سواء في القطاعين الحكومي والخاص عن سداد الديون. حينها ستكون الصدمات التي تنشأ عن كوارث طبيعية أو صراع أكثر ضررا من الناحية الاقتصادية.
يمكن تخيل الجوانب الإيجابية. قد يتم التوصل إلى اتفاقيات تجارية جديدة يتجرأ البعض في الثقة بها. وقد يقود «الوهم الجميل» بقدرات الذكاء الاصطناعي إلى ارتفاع في الإنتاجية العالمية والاستثمار. أيضا قد يهدأ كل شيء. لكن المشكلة أن صدمة ترامب الحالية تأتي بعد ما يقارب عقدين من الصدمات بما في ذلك الأزمة المالية العالمية، والأزمة المالية بمنطقة اليورو، والجائحة، وتضخم ما بعد الجائحة، والحرب الأوكرانية الروسية. ويلزم أن تكون النزعة الفطرية للاستثمار قد ضعفت.
والمؤسف كما كتب اندرميت جيل كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي في مقدمة تقرير البنك «أفقر البلدان هي التي ستكون أكثر تضررا». بحلول عام 2027 سيكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في بلدان الدخل المرتفع عند نفس المستوى الذي كان متوقعا تقريبا قبل جائحة كوفيد-19. لكن البلدان النامية ستكون أسوأ حالا؛ حيث تقل مستويات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6%». وباستثناء الصين؛ قد تحتاج هذه البلدان إلى عقدين لاستعادة خسائرها في فترة العشرية الثالثة.
هذا ليس فقط نتيجة للصدمات الأخيرة. هكذا؛ بحسب التقرير «ظل النمو في البلدان النامية يتراجع لثلاثة عقود على التوالي من متوسط 5.9% في العشرية الأولى من هذا القرن إلى 5.1% في العشرية الثانية ثم إلى 3.7% في هذه العشرية الثالثة».
هذا التراجع يقتفي أثر التدهور في نمو التجارة العالمية من متوسط 5.1% في العشرية الأولى إلى 4.6% في العشرية الثانية وإلى 2.6% في العشرية الثالثة.
في الأثناء يتراكم الدين. وفي الأجل الطويل لن يفيد أيضا إصرار ترامب على أن التغير المناخي أسطورة (غير حقيقي).
إذن ما الذي ينبغي عمله؟ أولا: تحرير التجارة. ففي حين حررت البلدان النامية تجارتها بقدر كبير في السنوات الأخيرة إلا أن معظمها لديه رسوم جمركية أعلى كثيرا من بلدان الدخل المرتفع.
يمكن أن تنجح السياسة التي تستهدف تعزيز صناعات ناشئة محددة. لكن حين لا يكون لدى البلد نفوذ عالمي يُذكر تظل السياسة الأفضل هي حرية التجارة إلى جانب تبني أفضل السياسات الممكنة لجذب الاستثمار، وتحسين رأس المال البشري، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. وهذا أكثر أهمية في بيئة رديئة -كما هي الحال الآن- منه في بيئة حميدة ومعافاة. الخيارات أكثر تعقيدا بالنسبة للقوى الأكبر كالصين والاتحاد الأوروبي واليابان والهند وبريطانيا وغيرها. فأولا: هي أيضا بحاجة إلى تحسين سياساتها بأفضل قدر ممكن. كما يلزمها التعاون في محاولة الحفاظ على القواعد الدولية فيما بينها وليس أقلها قواعد التجارة. وتحتاج بعض القوى إلى الإقرار بأن الاختلالات العالمية قضية مهمة حقا على الرغم من أنها لا تتعلق بالسياسة التجارية، ولكن باختلالات في الاقتصاد الكلي العالمي.
هذا ليس كل شيء. فمع تراجع الولايات المتحدة عن دورها التاريخي يجري دفع الآخرين لتولي مواقع المسؤولية الدولية. ويعتمد استمرار التقدم في معالجة تحديات التغير المناخي والتنمية الاقتصادية على هذه القوى. فعلى سبيل المثال من الضروري إيجاد طريقة أفضل لحل مشكلة الإفراط في الديون. وهذا يتطلب التخلي عن الاتجاه الحالي للشكوك المتبادلة بين الدول والتي تتزايد باطراد.
من الممكن بل حتى الراجح أننا نشهد اضمحلال جهود عظيمة لتعزيز عالم أكثر ازدهارا وتعاونا. سيقول بعض الناس مثل هذه النهاية (للجهود) مؤشر على «واقعية» صحية. لكنها ستكون حماقة؛ فنحن نشترك في كوكب واحد، وبالتالي مصائرنا مترابطة. لقد جعلت التقنية الحديثة ذلك أمرا لا مفر منه، ونحن عند نقطة تحول؛ لذلك يجب أن نختار بحكمة.
مارتن وولف كبير معلقي الاقتصاد بصحيفة الفاينانشال تايمز