كشفت دراسة أميركية حديثة أن الفوضى البصرية التي تظهر في مجال رؤيتنا تغير كيفية تدفق المعلومات في الدماغ.

وأجرى الدراسة باحثون من جامعة ييل في الولايات المتحدة الأميركية، ونُشرت في 22 أكتوبر الجاري في مجلة نيورون (Neuron)، وكتب عنها موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).

الفوضى البصرية

تشير الفوضى البصرية إلى كل ما يوجد في خلفية مجال رؤيتنا أثناء تركيزنا على شيء معين؛ فعندما تقرأ كتابا أو تنظر إلى شخص ما، لا تكون الأشياء التي تركز عليها معزولة تماما عن المحيط الذي يحيط بها، وهذا المحيط هو ما يقصد بالفوضى البصرية.

ووفقا لمجلة الاتجاهات في العلوم المعرفية، يعرف الازدحام البصري بأنه عدم القدرة على تمييز الأشياء الموجودة في الفوضى، مما يشكل عائقا أساسيا أمام الإدراك البصري الواعي.

تسهم نتائج هذه الدراسة في توضيح الأساس العصبي لعملية الإدراك، وتقدم فهما أعمق لوظيفة القشرة البصرية في الدماغ.

يقول أنيرفان ناندي، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بجامعة ييل وهو أحد المؤلفين الرئيسيين المشتركين في هذه الدراسة: "أظهرت الأبحاث السابقة أن الفوضى البصرية تؤثر على هدف الإدراك البصري بدرجات مختلفة،  وذلك اعتمادا على موقع تلك الفوضى بالنسبة للموضع الذي تنظر إليه حاليا" "على سبيل المثال، إذا طلب مني قراءة كلمة "cat" من زاوية عيني، فإن الحرف "t" سيكون له تأثير أكبر بكثير من الحرف "c" في عدم قدرتي على التعرف بدقة على الحرف "a"، على الرغم من أن كلا الحرفين يبعدان نفس المسافة عن الحرف "a""، تسمى هذه الظاهرة "الازدحام البصري" "visual crowding".

يضيف الدكتور ناندي: "ولهذا السبب لا نستطيع القراءة من زاوية أعيننا مهما حاولنا، ويعكس هذا التحدي الصعوبة التي نواجهها في تمييز الأشياء عندما تحيط بها الفوضى و نحاول رؤيتها من حافة مجال رؤيتنا."

في هذه الدراسة الجديدة، سعى الباحثون إلى فهم ما يحدث تحديدا في الدماغ عند وجود هذه الفوضى البصرية؛ للقيام بذلك، قام فريق البحث بتدريب نوع من القرود – يمتلك نظاما بصريا مشابها للنظام البصري لدى الإنسان – على التركيز في مركز شاشة عرض أثناء تقديم محفزات بصرية داخل وخارج نطاق رؤيتها. أثناء ذلك، سجل الباحثون النشاط العصبي في القشرة البصرية الأولية لدى القرود، والقشرة البصرية تمثل المدخل الأساسي للدماغ في معالجة المعلومات البصرية.

أظهرت نتائج الدراسة أن الموقع المحدد للفوضى داخل المجال البصري للقرد لم تؤثر تأثيرا كبيرا على كيفية انتقال المعلومات بين الخلايا العصبية في القشرة البصرية الأولية، ولكنه أثر على كفاءة تدفق هذه المعلومات،  بمعنى آخر لم يؤثر موقع الفوضى البصرية على ترتيب إدراك الأشياء بصريا، لكنه قلل من جودة نقل الصورة البصرية.

تضيف مونيكا جادي -أحد المؤلفين المشتركين في الدراسة-: "قد تؤدي الفوضى البصرية في موقع معين إلى تحفيز المعلومات في طبقة معينة من القشرة البصرية الأولية بدرجة أقل مقارنة بالفوضى في موقع آخر"

اكتشاف جديد

كما كشف الباحثون أيضا عن خاصية عامة للقشرة البصرية لم تكن معروفة سابقا.

من المعروف سابقا أن هناك عدة مناطق في الدماغ تشارك في عملية الرؤية والتمييز بين الأشياء، حيث يتم تمرير المعلومات عبر هذه المناطق بترتيب معين؛ على سبيل المثال، تقوم القشرة البصرية الأولية بإرسال مجموعة من المعلومات إلى القشرة البصرية الثانوية، والتي تقوم بدورها بإرسال هذه المعلومات إلى المنطقة التالية.

تقول الدكتورة جادي: "ما كان مفهوما من قبل أن هناك عمليات معقدة تحدث داخل كل منطقة بصرية على حدة، ثم يتم نقل مخرجات هذه العمليات إلى المنطقة التالية في التسلسل البصري لإكمال عملية التعرف على الأشياء بشكل كامل".

إلا أن ما وجده الباحثون  في هذه الدراسة الجديدة أن هناك أيضا وحدات فرعية داخل هذه المناطق الأكبر تقوم بعمليات خاصة وتنقل جزءا من هذه المعلومات إلى وحدات فرعية أخرى.

تقول الدكتورة ناندي "إن هذا الاكتشاف يملأ الفجوة التي كانت موجودة بين مختلف المجالات التي تدرس الرؤية البصرية"

ماذا بعد؟

يدرس الباحثون حاليا كيفية تأثير الفوضى على معالجة المعلومات بين مناطق الدماغ،  وأيضا كيفية تأثير التركيز على نقطة محددة في هذه العمليات.

تشرح الدكتورة ناندي ذلك، قائلا: "على سبيل المثال: عندما تقود السيارة، قد تنظر إلى السيارة التي أمامك، لكنك قد توجه انتباهك إلى السيارة في المسار المجاور بينما تحاول معرفة ما إذا كانت تقترب منك أم لا"

بالتالي؛ فإن التفاصيل المرئية التي تحصل عليها تكون في الغالب من السيارة التي أمامك، ولكن المعلومات الأكثر أهمية بالنسبة لك تقع خارج نطاق تركيزك المباشر.

تقول الدكتورة جادي: "رغم أنك لا تحصل على أدق المعلومات الممكنة عند النظر جانبا، إلا أنك أثناء ذلك تستطيع إدراك المنطقة التي تراقبها جانبا بشكل جيد وأفضل من تلك التي توجه نظرك إليها أمامك مباشرة، كيف يحدث ذلك؟؟ وكيف يؤثر التركيز على تدفق المعلومات في القشرة البصرية؟ هذا ما نسعى إلى استكشافه".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المعلومات فی هذه الدراسة فی الدماغ فی هذه

إقرأ أيضاً:

دراسة أهمية تقييم المضادات الحيوية المستخدمة في تربية الحيوانات

"عمان": أجرى فريق بحثي برئاسة الدكتورة سمية بنت عبدالله الكندية، أخصائية أبحاث ودراسات في كلية الصيدلة بالجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا، دراسة علمية بعنوان "تقييم متبقيات المضادات الحيوية في الحليب والبيض المتوفر في السوق العماني".

ويأتي إجراء هذه الدراسة بعد الاطلاع على الدراسات البحثية العالمية والأدبيات المنشورة السابقة، التي أثبتت واقع التهديدات المتزايدة المرتبطة بسلامة الغذاء، خاصةً فيما يتعلق بوجود بقايا الأدوية البيطرية، كالمضادات الحيوية، في المنتجات الحيوانية المستهلكة يوميًا مثل الحليب والبيض.

حيث تمثل بقايا هذه الأدوية خطرًا على الصحة العامة، ليس فقط من ناحية التأثيرات السامة المباشرة، بل لارتباطها المباشر بتفاقم ظاهرة مقاومة المضادات الحيوية، التي تُعد من أكبر التحديات الصحية في العصر الحالي، وهو ما يبرز الحاجة إلى دراسات علمية معمقة لتقييم مستوى الخطر، وتعزيز وعي المستهلك، وتحسين السياسات الرقابية ذات الصلة.

وأوصت الدراسة بضرورة توسيع نطاق التحليل ليشمل عددًا أكبر من العلامات التجارية والمنتجات، سواء كانت محلية أو مستوردة؛ لضمان مراقبة شاملة وأكثر تمثيلًا للسوق العماني. كما أبرزت النتائج أهمية رفع مستوى الوعي المجتمعي حول الاستخدام البيطري للمضادات الحيوية في تربية الحيوانات وآثاره المحتملة على صحة الإنسان ومشكلة مقاومة المضادات، وشددت الدراسة على أهمية الاستمرار في دعم برامج الرقابة والفحص الدوري، وتعزيز التعاون بين الجهات الأكاديمية والمختبرات الرقابية لضمان سلامة الأغذية ومطابقتها للمعايير الصحية العالمية.

أهداف الدراسة

سعت الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العلمية والعملية، منها تقييم مدى وجود بقايا المضادات الحيوية في عينات من الحليب والبيض المتوفر في السوق العماني، سواء من المنتجات المحلية أو المستوردة؛ لتحديد مدى التزامها بالحدود المسموح بها من قبل الهيئات الرقابية الدولية. وهدفت الدراسة إلى تحديد المصادر الأكثر أمانًا من حيث خلوها من بقايا الأدوية البيطرية، وتكوين قاعدة بيانات علمية حول مستويات هذه المتبقيات في الأغذية المحلية، فضلاً عن دراسة انعكاساتها الصحية المحتملة. كما طمحت الدراسة إلى المساهمة في تطوير برامج توعوية تسهم في رفع الوعي المجتمعي بقضايا سلامة الغذاء، وتعزيز الشراكة البحثية بين المؤسسات الأكاديمية والجهات التنظيمية المعنية.

منهجية الدراسة

اعتمدت الدراسة منهجًا تحليليًا تجريبيًا قائمًا على الفحص المخبري الدقيق لعينة ممثلة من المنتجات الغذائية الحيوانية في السوق المحلي، حيث تم جمع (124) عينة من الحليب الطازج، و(129) عينة من البيض البني. وشملت العينات علامات تجارية محلية ومستوردة، وتم استخدام طريقة تحضير وتحليل عينات معتمدة في المختبرات تُستخدم لاستخلاص بقايا المبيدات أو الأدوية (مثل المضادات الحيوية) من المنتجات الغذائية قبل تحليلها بالأجهزة الدقيقة، وذلك لاستخلاص المواد المستهدفة. تلتها عملية تحليل كيميائي باستخدام تقنية الكروماتوغرافيا السائلة المقترنة بمطياف الكتلة، وهي من التقنيات المتقدمة التي تتيح الكشف عن كميات ضئيلة جدًا من المركبات الكيميائية. وشمل التحليل (35) مركبًا دوائيًا بيطريًا ينتمي إلى خمس مجموعات رئيسية من المضادات الحيوية.

نتائج الدراسة البحثية

أظهرت نتائج التحليل المختبري أن جميع عينات الحليب، سواء المحلية أو المستوردة، كانت خالية تمامًا من أي بقايا للمضادات الحيوية الخاضعة للفحص، مما يشير إلى مستوى عالٍ من الرقابة والامتثال للمعايير الصحية في منتجات الألبان. أما فيما يتعلق بعينات البيض، فقد كانت أيضًا خالية من المتبقيات، باستثناء ست عينات من علامة تجارية واحدة احتوت على مادة التايلوسين، وهي من مجموعة الماكروليدات، إلا أن تركيز هذه المادة في العينات كان ضمن الحد الأقصى المسموح به وفقًا للمعايير الدولية. وبناءً على هذه النتائج، خلصت الدراسة البحثية إلى أن الحليب والبيض المتوفرَين حاليًا في السوق العماني يُعدان آمنين للاستهلاك البشري. كما أشارت النتائج إلى وجود نظام رقابي فعال في المزارع وأسواق التوزيع، ساهم في الحد من انتقال بقايا الأدوية البيطرية إلى المستهلك.

الجدير بالذكر، أن هذه الدراسة البحثية نُشرت في مجلة علمية محكمة متخصصة في مجالات الصيدلة والتغذية والأمراض العصبية، مما يعكس جودة البحث وأهميته العلمية، وجاءت ضمن المشاريع البحثية الممولة من برنامج التمويل المؤسسي المبني على الكفاءة، التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

مقالات مشابهة

  • 10 أعراض قد تنذر بانخفاض خطير في ضغط الدم
  • دراسة تكشف بدء الشيخوخة البيولوجية في الثلاثين.. كيف ذلك؟
  • دراسة: أكثر من 10 آلاف نوع مهدد بالانقراض بشدة
  • الاكتئاب من نصيبهم.. دراسة تصدم مواليد فصل الصيف
  • معاريف تكشف عن تغير لافت في إدارة المعركة ضد قيادة حماس
  • العراق على أبواب صناديق جديدة: هل تغير انتخابات 2025 قواعد اللعبة
  • دراسة تحذر: سرطان البروستاتا منخفض الدرجة ليس آمنًا دائمًا
  • مفكر سياسي: ترامب أدخل حالة الفوضى التي حاول من خلالها التحكم بكل مفاصل الدولة
  • دراسة: مرض نفسي يهدد الرجال المولودين في هذه الأشهر
  • دراسة أهمية تقييم المضادات الحيوية المستخدمة في تربية الحيوانات