"كيف تؤثر خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا اليومية".. ندوة بآداب عين شمس
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
نظم قطاع شئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة بكلية الآداب جامعة عين شمس ندوة بعنوان "البشر والخورازميات كيف تؤثر خوارزميات وسائل التواصل الإجتماعي في حياتنا اليومية " وذلك تحت رعاية الدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس الجامعة ، الدكتورة غادة فاروق نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، الدكتورة حنان كامل عميد الكلية ، وتحت إشراف الدكتورة حنان سالم وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أدار الندوة الدكتور صالح سليمان أستاذ علم الإجتماع بالكلية وحاضر فيها د.
استهل الدكتور صالح سليمان أستاذ علم الإجتماع كلمته بالترحيب بالسادة الضيوف مشيرا إلى أن الندوة تسلط الضوء على الدور الكبير الذي تلعبه الخوارزميات في تشكيل تجربة المستخدم على منصات التواصل الاجتماعي مثل( فيسبوك، إنستغرام، ويوتيوب، وتيك توك)، وتتعمق في التأثير الجذري الذي تُحدثه الخوارزميات على التجربة الإنسانية في الفضاء الرقمي. يشمل النقاش استكشافاً للعلاقة المعقدة بين المستخدمين والخوارزميات التي تدير منصات التواصل الاجتماعي و تمتد هذه التأثيرات إلى جوانب نفسية، اجتماعية، اقتصادية.
استعرض الدكتور محمود فرح الباحث في علم الإجتماع الرقمي عدة محاور للندوة تضمنت فهم الخوارزميات وكيف تعمل كأنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، والتي تُستخدم في تنظيم المحتوى وتخصيصه بناءً على تفضيلات المستخدمين وسلوكهم السابق.، كما تُستخدم الخوارزميات لتعزيز تفاعل المستخدمين عبر إبراز المحتويات التي تُحقق أعلى قدر من التفاعل الشخصي.، لكنها ليست مجرد أدوات حيادية؛ إذ أنها مبرمجة لتفضيل نوع معين من المحتوى بشكل ديناميكي ومستمر، بالاضافة إلى تأثيرها على العادات والسلوكيات.
كما أشار د.محمود فرح إلى أن الخوارزميات تؤثر على سلوكيات المستخدمين من خلال إغراقهم بمحتوى متشابه يدعم اهتماماتهم الحالية، ما قد يؤدي إلى حصرهم في "فقاعة" فكرية. يُعرف هذا الأمر بـ "غرف الصدى"، حيث يتم تعزيز المعتقدات الموجودة مسبقًا وعدم التعرض لوجهات نظر مغايرة، مما يمكن أن يعزز الانقسام الاجتماعي.
كما تطرق إلي التأثير السلبي للخوارزميات على الصحة النفسية، فيمكن أن يؤدي التركيز المستمر على التفاعل مع المنشورات ذات الشعبية أو المحتويات المثيرة للجدل إلى زيادة مشاعر القلق و الاكتئاب، وقلة الثقة بالنفس، خاصةً بين الفئات العمرية الأصغر، كما تم مناقشت قضية إدمان منصات التواصل الاجتماعي، حيث تُصمم الخوارزميات لدفع المستخدمين للبقاء لفترات طويلة.
و أستعرض د. فرح تأثيرات الفقاعات المعلوماتية وغرف الصدى
"فقاعات التصفية" و"غرف الصدى" التي تنتجها الخوارزميات، هذه الفقاعات تؤدي إلى تعزيز الآراء الشخصية وتجاهل وجهات النظر المخالفة، إذ تتسبب الخوارزميات في تخصيص المحتوى بما يتناسب مع سلوك المستخدمين السابق، مما يعزز الأفكار المسبقة ويقلل من التعرض لآراء مغايرة، وهذا يعمق الانقسامات الاجتماعية ويؤثر على الحوار الديمقراطي.
كما تم تسليط الضوء على العلاقة بين الخوارزميات وجمع البيانات الشخصية، حيث تقوم الشركات بتحليل سلوكيات المستخدمين واستخدام هذه المعلومات لأغراض تسويقية أو بيعها لأطراف ثالثة، تثار تساؤلات حول أخلاقيات هذا الاستخدام وكيفية حماية الخصوصية في عصر تتبع البيانات.
وعن الجانب الاقتصادي، استعرضت الندوة كيف تعتمد منصات التواصل الاجتماعي على الخوارزميات لزيادة الإيرادات من خلال الإعلانات المستهدفة، إذ يتم جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات الشخصية لإنشاء ملفات شخصية دقيقة عن المستخدمين، مما يتيح للشركات توجيه إعلانات مخصصة بدقة
بجانب التأثيرات السلبية، تم تناول بعض الفوائد المحتملة للخوارزميات، تسهم الخوارزميات في تحسين تجربة المستخدم من خلال تقديم محتوى مخصص، مساعدة الشركات على الوصول إلى الجمهور المستهدف، وتسريع الوصول إلى المعلومات ذات الأهمية الشخصية أو المهنية.
أختتمت الندوة بمناقشة المستقبل المحتمل للعلاقة بين البشر والخوارزميات، حيث يُطرح السؤال حول كيفية تطوير منصات التواصل الاجتماعي وخوارزمياتها لتكون أكثر شفافية وإنصافًا، وكيف يمكن للمستخدمين والمجتمعات المطالبة بتحسينات تحافظ على القيم الإنسانية وتحمي من التأثيرات السلبية.
وأوضح د. محمود فرح بعض التوصيات والتوجيهات التى يجب اتباعها عند استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بما فيها من خوارزميات سواء للمستخدمين او الشركات ،فيجب أن تكون الشركات أكثر وضوحًا بشأن كيفية عمل خوارزمياتها وماهية البيانات التي تستخدمها، وتشجيع الشركات على تحمل مسؤولية أكبر فيما يتعلق بالمحتوى الذي تروج له خوارزمياتها.، كذلك يجب تمكين المستخدمين من أدوات تتيح لهم السيطرة على أنواع المحتوى التي تظهر لهم.والدعوة إلى لوائح تنظيمية تحكم استخدام البيانات وتحد من الاستغلال التجاري المفرط.
بالإضافة إلى تعزيز الوعي الرقمي لدى الأفراد حول كيفية التعامل مع خوارزميات وسائل التواصل، ودعم برامج تعليمية حول التفكير النقدي والاستخدام الآمن للتكنولوجيا.
واكدت الندوة على الحاجة إلى التفكير في المستقبل الذي نريد أن نشهده بين البشر والخوارزميات، يُدعى المشاركون إلى استكشاف سبل جديدة لجعل التكنولوجيا أكثر انسجامًا مع احتياجاتنا الإنسانية، مع الحفاظ على قيم الشفافية، الخصوصية، والعدالة في العصر الرقمي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: منصات التواصل الاجتماعی علم الإجتماع التی ت
إقرأ أيضاً:
شات جي بي تي.. نظامٌ ذكيّ برتبة دكتُور مختصّ أم عرّاف خوارزميات !
لم يكن الذكاء الاصطناعي منذ بدايات تطويره غير نظام ذكيّ موجه للنخب والكفاءات، غير أنه وبسبب الانتشار الرهيب لاستعمالاته اليومية، بات آلة سهلة الاستخدام بين أيدي عامة الناس، ما مكن من تعدد استعمال تطبيقاته ومساحاته الذكية، وما بين التعلم والبحث والترفيه وحتى الاستهزاء به، واستعماله خارج سياقه الذي وُجد من أجله، هناك ثغراتُ سوءِ فهم، دفعت نحو استخدامه كمحرك بحث ودردشة، دونما النظر في جوانبه العلمية الواسعة. لنلقي نظرة على الواقع الجزائري، وعلاقته بالذكاء الاصطناعي، عبر نافذة شات جي بي تي كأحد أبرز الأنظمة المنتشرة في الجزائر، وذلك من خلال التركيز على أحد جوانب الحياة اليومية للمواطن الجزائري.
مخاوف البداياتما إن بدأت رقعة استعمالات الذكاء الاصطناعي في الجزائر بالتوسع، حتى أخذت مخاوف المئات من الجزائريين تتكشف حيال الاستخدامات السلبية المحتملة، والثغرات الأمنية الواردة، والملقاة داخل عالم جديد وغامض، خاصة أولئك الذين يحملون هواجس الخوف والتوجس بين أيديهم، وفي هواتفهم التي باتت تلازمهم، ولا يملكون الجرأة في التخلص منها ولو إلى حين، مفارقة صعبة لا يمكن للإنسان أن يتخلص منها، ولا أن ينهي أحد طرفيها دون إغفال الطرف الآخر، إلا أن السير في هذا الطريق ببصيرة إيجابية وبُعدٍ واضح قد يُسهم في تقدير المواقف وتغليب المنافع على الأضرار.
في هذا الحيّز المختصر، نحاول أن ندق أبوابا مختلفة من الحياة الاجتماعية للمواطن الجزائري من أجل أن نتقصى نفعا للاقتداء أو ضررا للتجنب، ولعل من أبرز ما يمكن الحديث عنه ضمن جوانب مختلفة ليوميات الجزائريين، الرعاية الصحية، نعم مقصدنا الصحة التي طالما اعتبرها الجزائريون التاج والعدو في آن واحد، فما هي الصحة يا ترى في عالم الذكاء الاصطناعي؟ وكيف ينظر إليها هذا الأخير ضمن شبكة معلوماته الواسعة اتساع الشبكة العنكبوتية؟
استشارة “شات جي بي تي” أولى من زيارة الطبيب !لقد أخذ منا الهاتف الذكي وقتا طويلا بملازمته لحياتنا اليومية، أو بالأحرى لتشبثنا المستمر به، فأصبح الرفيق والصاحب والخليل، وليس هذا لملء أوقاتنا فحسب، إنما اتخاذ القرارات والتأثير في حياتنا، بات الجانب الأكثر احتكارا لاستعمالاتنا اليومية، دون غيرها من الأغراض الترفيهية الأخرى.
إذ يعتقد الكثيرون في عصرنا الحالي، أن مراتب التقدم التي يحوزها الذكاء الاصطناعي باتت تعوض عنا الكثير من الضروريات، كما توفر عنا جهدا كبيرا في البحث والتنقل خاصة، وهو ما يمكن إسقاطه على مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك الجانب الصحي للمواطن، وفي ذلك تقول السيدة زينب، وبصفتها موظفة بدوام كامل، إنها غالبا ما تلجأ لاستشارة تطبيق شات جي بي تي، كخطوة أولية قبل الذهاب إلى الطبيب، وذلك لضيق الوقت، وكثرة التزاماتها المهنية واليومية، مؤكدة في حديث لـ “النهار أون لاين”، أنها جد مرتاحة لكل ما تتحصل عليه من معلومات، وقد سألناها عن بعض الحالات التي تلجأ فيها إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فاختصرت هذه الحالات في الشعور بالغثيان، وحالة دوار شديد وبعض الحركات الغريبة بالأمعاء، وقد وجدت - حسبها – في شات جي بي تي، ما يخفف عنها ذلك، مشيدة في سياق حديثها إلينا، بمستوى الوقاية المبكرة التي يمكن تحصيلها، باتباع إرشادات وتنبؤات شات جي بي تي.
أما تجربة الشاب يونس، مع استعمال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فهي تنطبق على مئات الجزائريين، من خلال ما يعرف بالطب الذاتي، إذ أكد أنه بعد استنفاد جلسات التشخيص لدى بعض الأطباء، طرح مشكلة ألمه، الذي كان يعاني منه على مستوى البطن، على تطبيق “شات جي بي تي” وبعد أخذ ورد للأسئلة والإجابات، نصحه ببعض التمارين الرياضية، دون اللجوء إلى تعقيد حالته الصحية، وقد أحسن بذلك رأيا – حسبه -.
بالمقابل حالة السيدة عائشة، تختلف تماما عن السيدة زينب والشاب يونس، ورغم أنها لم تنكر لجوءها لشات جي بي تي، في بعض الحالات المرضية، إلا أنها أتبعت كلامها بشيء من التذمر حيال المبالغة التي يحترفها التطبيق، حيث أكدت أنه يلجأ في بعض الأحيان إلى طرح بعض التكهنات الغريبة والمؤدية إلى تعقيد الحالة الصحية، من خلال تهويل الأمر، وزرع الخوف عندها، وقد أثبتت خطأ المعلومات المقدمة لها كم من مرة، بعد اللجوء لطبيبها الخاص، وتشخيص الحالة تشخيصا طبيا – حسب تصريحها -.
في سياق متصل، يقول الشاب أيمن صاحب الثلاثين عاما، إن اعتماده اليومي على منصة شات جي بي تي، تعدى الترفيه وطرح الأسئلة، وحتى جمع المعارف المختلفة، إلى طرح أسئلة أكثر تعمقا، خاصة فيما يتعلق ببعض الأعراض والأمراض، كما أن تقنيات تعديل الصور وقراءتها، تعدى إلى تحميل كشوف الفحوصات الطبية، وقراءة بياناتها بالذكاء الاصطناعي، في خطوة لم تكن يوما مطروحة في عالم التكنولوجيا، ولم تكن قراءة بيانات هذه الألواح السوداء، في متناول الأطباء كافة، بل بعض المختصين من يمكنهم تشخيصها وإدراك مكمن الداء فيها، أما اليوم فليس أمام الشاب أيمن من مشكلة في قراءة أولية واستشارة سريعة، قد تطلعه على بعض التفاصيل وتنمي معارفه الطبية قبل استشارة الطبيب المختص، مع أنه أكد لنا في حديث مطول، وبلهجة فخرية وحماسية، وجود تطابق كبير في تفاصيل ما يوضحه “الدكتور” شات جي بي تي – حسبه -، وما يكاد يجزم به الطبيب.
مجهر الطبيب ينسف باحتمالات “جي بي تي”بعد الوقوف على بعض الحالات، والأصداء المختلفة، أردنا أن نأخذ برأي أهل الاختصاص، حيث أكد الدكتور عبد الحفيظ عيادة، بصفته طبيبا عاما، وبعد اطلاعه على الحالات المذكورة سالفا، أن تقديم أعراض مختلفة لنظام شات جي بي تي، ليس بالضرورة تشخيص المرض، بل وضع بعض الاحتمالات للأمراض المشتركة في الأعراض المقدمة، مضيفا أن التشخيص لدى الأطباء، يعتمد أساسا على عدة نقاط مختلفة، كتصريحات المريض خلال جلسة الفحص، وأسئلة الطبيب الدقيقة، والتي تضاف إليها حالة المريض وتعابير وجهه، وحتى استجابة الأعضاء المعنية بالفحص، وهي أمور لا يمكن لنظام إلكتروني ملاحظتها كما الطبيب نفسه، ولهذا خلص حديث الدكتور عبد الحفيظ إلى “النهار أونلاين”، أنه لا يمكن لنظام شات جي بي تي أن يوفر تشخيصا دقيقا للمريض، إنما تقديم احتمالات مختلفة، ومن ذلك مثال مريض في بداية مراحل إصابته بإنفلونزا، مع رصد أعراض سيلان في الأنف وألم في العضلات، وقليل من الحمى، بعد 24 ساعة قد تتعقد حالته مع ضيق في التنفس وانخفاض في ضغط الدم، حينها يستحيل على نظام ذكاء اصطناعي متابعة الحالة بتكهناته، حسب اختلاف الأعراض المسجلة.
خوارزميات بلا روح.. قد تصيب وقد تخطئ !ندرك بعد هذا كله، أن الذكاء الاصطناعي وبالأخص نظام “جي بي تي” موضوع مقالتنا هذه، ومهما بلغ في مساعدة المرضى، من خلال تشخيص حالاتهم، والتعرف على مآلات أعراضهم، وتقديم النصائح والإرشادات لهم، إلا أنه لا يمكنه اتخاذ القرارات المصيرية في حياة الناس، وما يتعلق برعايتهم الصحية، فمهما كان للذكاء الاصطناعي، من أياد خفية تعتمد على الخوارزميات المعقدة، فإن للطبيب تشخيص علمي دقيق للأمراض والأعراض، ولا يمكن الاستغناء عنه، مهما بلغت ثقة الإنسان في أنظمة الذكاء الاصطناعي ما بلغت.