عربي21:
2025-05-21@12:13:37 GMT

هل انتصر نتنياهو فعلا؟!

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

في خطابة الأخير أمام الكنيست، أكد نتنياهو أن إسرائيل تتعرض لتحدٍ مختلف يهددها "ويهدد الشرق الأوسط والعالم أجمع"! وقال: "إذا سقطت إسرائيل سقط العالم كله، ونحن لن نخسر وسننتصر للبشرية جمعاء"! كما أكد على ما أسماه انتصار كبير في "حرب النهضة" كما في "حرب الاستقلال"، وأنه يعيد رسم خرائط الشرق الأوسط ويستعد لتوسيع اتفاقات أبراهام!

فهل انتصر نتنياهو حقا؟ أم أنه وضع إسرائيل في مأزق كبير، وجعلها في مهب الريح، بل وألقى بها في أتون تحديات لا تقوى على مجابهتها، ووضعها بحق أمام مصيرها المحتوم؟

ومن هنا تأتي أهمية القراءة المتأنية للتصريحات المضللة والصورة الزائفة التي يحاول الإعلام الصهيوني أن يرسمها، فهزيمة نتنياهو وإسرائيل ومشروعها بعد طوفان الأقصى هي هزيمة حقيقية، تتجلى مظاهرها الاستراتيجية والسياسية والعسكرية في مشاهد عديدة:

تبدأ هذه المشاهد بالفشل الاستخباراتي الكبير، فلم تتمكن إسرائيل من توقع أو منع هجوم بهذا الحجم على الرغم من التكنولوجيات المتقدمة وشبكات التجسس التي تديرها في غزة.

هذا الهجوم كشف ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية.

كما تمتد مظاهر الهزيمة لتبلغ درجة الصدمة العسكرية، حيث فاجأت العمليات العسكرية لحركة حماس الجيشَ الإسرائيلي بقدرتها على اختراق الحدود وشن هجمات نوعية، ما أدى إلى خسائر بشرية وعسكرية كبيرة، وهو ما لم يحدث بهذا الحجم منذ عقود.

تعدد جبهات المقاومة يعني أن قدرة إسرائيل على فرض سياسة الردع أصبحت أقل فاعلية، إذ لم يعد الرد على جبهة واحدة كفيلا بوقف التصعيد أو إحكام السيطرة، بل تحتاج إسرائيل للرد على جبهات متعددة، وهذا يؤدي إلى استنزاف عسكري ويضعف من قدرتها على ردع الفصائل المختلفة
وقد تسبب ذلك في التفكك السياسي الداخلي وتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل ضد نتنياهو وحكومته، حيث اعتُبر مسؤولا عن الفشل في حماية الجبهة الداخلية وتوفير الاستعدادات الأمنية اللازمة. هذا التفكك يمكنه أن يؤدي إلى أزمة سياسية داخلية حادة.

كما أن الضغط الدولي والإعلامي غير المسبوق وتزايد الانتقادات ضد إسرائيل بعد عدوانها الوحشي على قطاع غزة، الذي أدى إلى وقوع ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية، وضع إسرائيل في موقف حرج ويؤثر على صورتها التي كانت تنجح دائما في تسويقها للمجتمع الدولي.

وبالمقابل، تم تعزيز صورة المقاومة الفلسطينية التي أظهرت الأحداث قدرتها على التخطيط والتنفيذ بفعالية، مما عزز من شعبيتها داخليا وخارجيا، وأثبتت أنها لا تزال قادرة على مواجهة إسرائيل على الرغم من الظروف الصعبة والحصار.

كما أن التحديات العسكرية التي واجهتها إسرائيل على الجبهة الشمالية أدت إلى تصاعد التوترات، مما جعلها تواجه تحديين في آن واحد، وهو ما يضعف قدراتها ويشتت قواتها، مما يشكل تهديدا أمنيا أكبر، ومع تعدد جبهات المقاومة، لم تعد إسرائيل قادرة على التركيز على جبهة واحدة أو السيطرة عليها، بل أصبحت تحتاج إلى تقسيم جهودها ومواردها بين غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، بل وحتى التهديدات الناشئة من سوريا والعراق وإيران. هذا التشتت يضعف إسرائيل ويستنزفها، ويجعلها عرضة للهجمات على عدة أصعدة.

كما أن تعدد جبهات المقاومة يعني أن قدرة إسرائيل على فرض سياسة الردع أصبحت أقل فاعلية، إذ لم يعد الرد على جبهة واحدة كفيلا بوقف التصعيد أو إحكام السيطرة، بل تحتاج إسرائيل للرد على جبهات متعددة، وهذا يؤدي إلى استنزاف عسكري ويضعف من قدرتها على ردع الفصائل المختلفة.

المجتمع الإسرائيلي بات يشعر بأن إسرائيل محاطة بجبهات متعددة من المقاومة، مما يخلق شعورا بعدم الأمان وانعدام الثقة في الحكومة. هذا الشعور قد يؤدي إلى تراجع الإقبال على الخدمة العسكرية والعيش في المستوطنات الحدودية، وبالتالي زعزعة التوازن السكاني في المناطق الحساسة.

كما أن تعدد الجبهات أدى إلى تكاليف باهظة على المستويات الاقتصادية والبشرية، فالإنفاق العسكري المتزايد لاستيعاب التهديدات المتعددة يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي ويُرهق المجتمع، كما أن استمرار المقاومة يؤدي إلى خسائر بشرية تزعزع ثقة المجتمع الإسرائيلي في قيادته وقدرتها على توفير الأمن.

إن اعتماد إسرائيل على الحلول العسكرية كأداة أساسية في مواجهة المقاومة أصبح غير مجدٍ، فقد أثبتت طوفان الأقصى أن أي تصعيد عسكري على إحدى الجبهات لا يُخمد المقاومة بشكل نهائي، بل يُؤدي إلى انتعاش جبهات أخرى. هذا يبرز فشل المشروع الصهيوني الذي كان يستند إلى القوة العسكرية لضمان بقائه، ويظهر أن القوة لم تنجح في كبح المقاومة المتنامية.

وبفضل نجاح هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وتداعياتها، وجدت إسرائيل نفسها مضطرة لإعادة ترتيب أولوياتها الأمنية والعسكرية، وهو ما جعلها تستدعى قوات الاحتياط وتطلب الدعم من الحلفاء، وهو ما يؤثر على استقرارها وقدرتها على الحفاظ على توازن القوى في المنطقة.

كما أن المتابع لتزايد الاحتجاجات والانتقادات من الجمهور الإسرائيلي ضد القيادة السياسية والعسكرية، يجدها تعتبر نتنياهو وحكومته مسؤولين عن الفشل في توفير الحماية الكافية للإسرائيليين وعن تقصيرهما في التعامل مع التهديدات المتزايدة. هذه الضغوط تؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة والمطالبات بإجراء تحقيقات أو استقالات في صفوف القيادات الأمنية والسياسية.

مع استمرار التصعيد العسكري وتزايد التهديدات الأمنية، تعرض الاقتصاد الإسرائيلي لضغوط كبيرة، بما في ذلك انخفاض الاستثمارات الأجنبية وتراجع السياحة وارتفاع الإنفاق العسكري. هذه العوامل أدت إلى ضغوط اقتصادية إضافية تزيد من الأعباء على الحكومة والمجتمع.

المظاهر تعكس حجم الأزمة التي تواجهها حكومة نتنياهو وإسرائيل بشكل عام بعد طوفان الأقصى، مما قد يكون له تبعات طويلة الأمد على سياساتها الداخلية والخارجية، كما تؤكد أن هزيمة نتنياهو وإسرائيل ليست فقط عسكرية، بل هي أيضا سياسية واجتماعية واقتصادية
كما خلق طوفان الأقصى والرد الإسرائيلي الهمجي عليه حالة من التلاحم الداخلي الفلسطيني وزيادة الدعم الشعبي للمقاومة، ليس فقط داخل فلسطين، بل أيضا في الدول العربية والإسلامية. هذا التلاحم يزيد من قوة الموقف الفلسطيني ويشكل ضغطا أكبر على إسرائيل في الساحة الإقليمية.

بعد طوفان الأقصى، أصبحت أي مبادرات سياسية أو محاولات للتهدئة أو المفاوضات أكثر تعقيدا، وبات من الصعب على نتنياهو أو أي قيادة إسرائيلية تقديم تنازلات أو التفاوض تحت ضغط الأحداث والخسائر التي تعرضوا لها. يؤدي ذلك إلى انسداد في الأفق السياسي وتعميق الأزمة لفترة طويلة، وهو ما يمثل عبئا قاسيا على الكيان الصهيوني الهش ويضيف إلى أزمته الوجودية بعدا جديدا.

كما أن الصورة التي صدرها الطوفان لإسرائيل وهي تتلقى الضربات من كل جانب وتحارب على عدة جبهات؛ ترسم بوضوح كيف أنها لم تحقق الأمن الذي جعلته على رأس أولويات مشروعها ولم تحقق الردع الذي هو من أهم مستلزماته.

تعدد جبهات المقاومة يعزز التضامن الإقليمي ضد إسرائيل ويجعل من الصعب عليها بناء تحالفات ثابتة مع الدول المحيطة. العديد من الدول العربية والإسلامية باتت تدرك أن قضية فلسطين والجبهات المقاومة أصبحت جزءا من التحدي الذي تواجهه المنطقة ككل، وهذا يضع إسرائيل في عزلة دبلوماسية ويقلل من قدرتها على التأثير في الساحة الإقليمية.

هذه المظاهر تعكس حجم الأزمة التي تواجهها حكومة نتنياهو وإسرائيل بشكل عام بعد طوفان الأقصى، مما قد يكون له تبعات طويلة الأمد على سياساتها الداخلية والخارجية، كما تؤكد أن هزيمة نتنياهو وإسرائيل ليست فقط عسكرية، بل هي أيضا سياسية واجتماعية واقتصادية، مما يفتح المجال لمزيد من التحديات التي تؤثر على مستقبل إسرائيل وعلى وجودها في المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو إسرائيل غزة الردع إسرائيل غزة نتنياهو الردع طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نتنیاهو وإسرائیل بعد طوفان الأقصى إسرائیل على قدرتها على إسرائیل فی یؤدی إلى وهو ما کما أن

إقرأ أيضاً:

ذي هيل: تجنب ترامب زيارة إسرائيل إشارة أن نتنياهو لم يعد حليفا

نشر موقع "ذي هيل" مقالا للباحث جون ماك غليون قال فيه إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعد حليفا لأمريكا، وقد اكتشف الرئيس دونالد ترامب هذا أخيرا".

وبدأ مقالته بالقول إن انتقاد نتنياهو، الرجل والسياسي والمتآمر ليس معاداة للسامية ولكن واقعية وقد طال انتظارها، ورغم ذلك يرى الكاتب أن "معاداة السامية حقيقة وقبيحة ومستمرة ويجب إدانتها في كل مناسبة".

وتابع: "عليه، فعندما تجاوز دونالد ترامب إسرائيل في جولته الأخيرة في الشرق الأوسط، واختار بدلا من ذلك مصافحة يد الرياض والدوحة متجاهلا تل أبيب تماما، فلم يكن هذا كراهية ولا خيانة. بل كانت ابتعادا وبراغماتية. وكان هذا تذكير بأن الولايات المتحدة هي القوة العظمى وليست دولة تابعة ولا مانحة، ولا خادمة. ولا تحتاج إلى التوقف في تل أبيب لإثبات هذه النقطة".

وقال إن "هذا الابتعاد يؤشر إلى شيء كانت الطبقة السياسية في أمريكا تخشى النطق به وهو: بنيامين نتنياهو ليس صديقا للولايات المتحدة، فقد يسمي نفسه حليفا وقد يلقي خطابا أمام الكونغرس وربما تحدث عن القيم المشتركة وعن الحضارة الغربية، لكن إن جردنا الصورة من مضمونها، فلن نجد سوى رجل حريص على التمسك بالسلطة، مستعد لتعريض الاستقرار العالمي للخطر وتأجيج نيران الحرب وقطع العلاقات مع الدولة التي يدعي تبجيلها، إن كان هذا يعني إبعاد نفسه عن زنزانة السجن".



وأضاف أن "ترامب يحسب له إدراكه لهذا أخيرا. وعلى عكس الرؤساء السابقين الذين كانوا يتحدثون بهدوء بينما كانوا يحررون شيكات مفتوحة لإسرائيل، يتحدث ترامب بنفوذ لأنه يفهم ما لا يرغب الكثيرون في قوله بصوت عال: أمريكا هي من تتحكم بزمام الأمور".

ويعلق الكاتب أن المدافعين عن إسرائيل أصيبوا بنوع من الانهيار، ومن بينهم بن شابيرو [معلق محافظ وكاتب عمود في أكثر من وسيلة إعلامية أمريكية]، حيث اتهم ترامب بخيانة إسرائيل والشعب اليهودي وما يسمى بالنظام الأخلاقي.

ويؤكد الكاتب أن "من قام بالخيانة هنا، لم يكن ترامب بل نتنياهو، وهو يفعل هذا منذ سنوات"، مضيفا أنه "يجب ألا ننسى أن نتنياهو قوض عندما ناسبه الأمر، السياسة الخارجية الأمريكية وأكثر من مرة. وعارض علانيةً اتفاق إدارة أوباما مع إيران، حتى أنه شن حملةً ضده على الأراضي الأمريكية بمخاطبة الكونغرس دون موافقة البيت الأبيض. وتخيلوا الغضب لو فعل زعيم دولة أخرى الشيء نفسه".

وأردف قائلا: "حكومة نتنياهو باعت التكنولوجيا العسكرية والسيبرانية للصين من وراء ظهر أمريكا"، مشيرا إلى أن نتنياهو "استهزأ بكل رئيس أمريكي ولم يفعل ما يريده بالضبط، بينما كان يجني مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية دون مساءلة أو محاسبة".



وذكر أن "بقاء نتنياهو السياسي بات على المحك، لذلك يقوم بلعبة خطيرة للغاية، ويطيل أمد الحرب الوحشية في غزة، ليس بدافع المبدأ أو الضرورة لكن بدافع اليأس السياسي، فكل قنبلة ترمى وكل مستشفى يقصف وكل مدني يقتل (..)".

وأشار إلى أنه "إذا لم يكن جر غزة إلى الهاوية كافيا، فإن نتنياهو يحاول الدفع بشكل متزايد باتجاه عملية عسكرية ضد البرامج النووية الإيرانية، ليس لأنها عملية منطقية من الناحية الاستراتيجية، أو أنها تخدم المصالح الأمريكية، بل لأنه يعلم أن الحرب هي الطريقة الوحيدة لحرف النظر والإلهاء والدرع الواقي له".

وأكد الكاتب أنه "للمرة الأولى، اختار ترامب التحايل والعمل من خلف الرجل الذي نصب نفسه لفترة طويلة حارسا للسياسة الأمريكية في المنطقة. لقد تصرف كما ينبغي لرئيس قوة عظمى: بشروطه الخاصة، وهذا جيد".

وأوضح أنه "نتنياهو بحاجة لأمريكا أكثر من حاجة الأخيرة له، وهذه ليست غطرسة، بل واقع، لأن واشنطن توفر الأسلحة والغطاء والفيتو في الأمم المتحدة، ودون أمريكا لا يمكن لإسرائيل البقاء في شكلها الحالي".

وختم قائلا: "على الحزب الجمهوري أن يقرر هل يخدم مصالح الولايات المتحدة أم يدافع عن بقاء وشرعية سياسي أجنبي غارق في فضيحة؟"، منوها إلى أن "انتقاد نتنياهو لا يعني التخلي عن إسرائيل، بل هو فضح لرجل حوّل تل أبيب إلى وعاء لأنانيته (..)".

مقالات مشابهة

  • "نتنياهو": جولان شجع على عصيان أوامر الجيش وشبه إسرائيل بالنازيين
  • إدارة ترامب تهدد نتنياهو والوفد الإسرائيلي يبقى بالدوحة ليوم إضافي
  • ذي هيل: تجنب ترامب زيارة إسرائيل إشارة إلى أن نتنياهو لم يعد حليفا
  • ذي هيل: تجنب ترامب زيارة إسرائيل إشارة أن نتنياهو لم يعد حليفا
  • تعرف على أشهر شركات الطيران التي ألغت رحلاتها إلى إسرائيل
  • هذه الشركات التي ألغت رحلاتها إلى "إسرائيل" خشية صواريخ الحوثيين
  • غولان: لا بد من إنقاذ إسرائيل من حكومة نتنياهو
  • ‏نتنياهو: حماس لن تستطيع الوصول للمساعدات التي تدخل قطاع غزة
  • ضغوط أميركية تثير غضب اليمين الإسرائيلي على نتنياهو
  • عمرو أديب: إسرائيل تستهدف عائلات قيادات المقاومة