عقلية الحلول واستدامة الإنجاز
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
فاطمة الحارثية
يَمُرُّ علينا الكثير من المُعضلات والتَّحديات في حياتنا، المسار يستمر بحكم سُنة الله على الأرض، البعض ينغمس في تلك المشكلات، والبعض الآخر يُسوف، وآخرون يتجاهلونها، ولا بأس في ذلك؛ فالمشكلات والأزمات أنواع قد تكون جزءًا من مخاطر خيار أو قرار، وقد تكون عقدة الخلاص، فقط لا ترهق نفسك في تحليل المشكلة أو التعمق بها؛ بل عش عقلية الحلول وتحويل التحديات إلى فرص.
وربما يرى البعض لو أنَّ الحل موجود لما تأزمت الأمور وتحول الوضع إلى مشكلة، في الحقيقة مُعظم المشكلات ما كانت لتتأزم إلّا بسبب الأطراف التي تُحقق المبتغى والهدف، والاختلاف أو الشخصنة، وأطراف ثالثة لا دخل لهم بالموضوع غير سماح أصحاب الشأن بتدخلهم، بصياغ واضح أننا نمتلك القدرة على صناعة المشكلات مثل امتلاكنا القدرة على صناعة الحلول وتنفيذها؛ علما بأنَّ الثقة نمنحها لمن نشاء بغض النظر إن كان مستحقاً أم لا، وفي هذا التأثير المطلق في التعقيدات اللاحقة في الشؤون المختلفة وحلها.
ويتفق الكثير منَّا على أنَّ الحل الأولي للمشكلة هو حُسن التواصل، وفهم جذورها أو مسبباتها، وللأسف الغالبية تنغمس في مناقشة المشكلة أكثر من اللازم، مما يتسبب في تفاقم الوضع وارتفاع شدة الخلاف، فتتحول العقبة البسيطة إلى عُقد، والاختلاف في وجهات النظر إلى قطيعة، والعائق الصغير إلى مأزق، مما يُعيق الإنجاز ويُشتت بلوغ الأهداف، على المستوى الفردي أو الأسرى أو حتى المؤسسي. واللهث خلف الحل والفوز السريع يُفقد الساعي مُتعة التعلم، وسعة الإدراك ولذة الإنجاز الحقيقي، ونحن الآن مُقبلون نحو التقييم وقياس الجهد، يبذل المتقاعس طوال العام جهدا جبارا وبما أنه كان في "الراحة"؛ فطاقته أعلى من المرهق الأمين المجتهد طوال العام، وهذا ينطبق على جميع المستويات، كلا يُقيم على شاكلته، علماً بأنَّ الجهد يحتاج إلى حصاد وبرهان بين، ولتحقيق الظلم يُمارس بعض المسؤولين فن تغيير المهام بحجة التأخر لينال خاصتهم ثمار جهد الغير، والبعض الآخر يبحث عن الصغائر ليفاضل ويُميل الدفة حيث يهوى. إنه موسم تقلب الوجوه والقلوب وتبيان الأنفس. حكت لي فتاة فاضلة في لقاء عارض في إحدى المؤتمرات، عن ممارسات التنمر التي تسبق فترة التقييم السنوي، وتعمد المسؤول الضغط عليها حتى تفقد صبرها وتدافع عن نفسها ليجد ثغرة السلوك ليُدمر جهد عام كامل، ويُجحف حقها مع سبق الإصرار والترصد، وما أن أتمت قصتها حتى بادر أحد الشباب على ذات الطاولة بسرد عن الإذلال - تقشعر منه الأبدان- الذي يتعرض له في موسم الحصاد، قد يقول البعض إنهم يبالغون، وأقول السرد الصادق لا يتناقض في الوصف والقول لذلك أصدق ما بلغني وقيل لي، لو يستطيع القلم رسم مشاعر القهر على وجههم لما ذهب بعيدا عن صور ألم الظلم والاستعباد من القرون الماضية.
لا شك أنَّ عقلية الحلول، مهمة في تنظيم وضبط قياس الإنجاز والمنجزات وأيضاً القائمين والعاملين عليها، وعلى القياس أن يتجاوز الفرد إلى الفريق والقسم، وتعزيز استراتيجيات وأنظمة التقييم بات ضرورة حقيقية لحفظ الولاء والانتماء واستدامة الأداء المُرضي. ينضم إلى سوق العمل جيل مختلف له قواعده ورؤيته الخاصة في الأمور، وعقلية الحلول السريعة أحد أهم صفاته الذي وُجدت فيه ليتأقلم، ويواكب سرعة التغيير والتعاقب الاقتصادي والاجتماعي، وعلى الأجيال الأقدم منه أن تُراعي ذلك، وتوليه الاهتمام اللازم لتحقيق التوازن المطلوب، لتستمر الجهود في تحقيق الرؤية والرفاه.
وإن طال...
تكليف خلافة الأرض لتعميرها كان على الجميع، لم نُكلف بالفردية؛ بل النفع العام، فلا تبع آخرتك من أجل بضع ريالات، ولا تضع معايير أنت ذاتك لا تستطيع أن تُحققها، أطلب المستطاع لتُطاع، والممكن لتتمكن. وإن كُلفت أن تحاسب وتقييم على الأرض، ومتكئ على عذر "رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا" وإن كان عليك شداد غلاظ، تذكر رد الحق في عُلاه "يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإمارات في المركز العاشر عالميا في تقرير منظمة رقابة البيانات المفتوحة
حققت دولة الإمارات إنجازاً نوعياً جديداً يعكس ريادتها العالمية في تبني مفاهيم الحكومة الرقمية والبيانات المفتوحة، إذ حلّت في المركز العاشر عالمياً في تقرير مخزون البيانات المفتوحة “ODIN” للعام 2024/2025، الصادر عن منظمة رقابة البيانات المفتوحة، متقدمة على دول كبرى مثل السويد، وهولندا، وألمانيا، وكندا، والولايات المتحدة الأمريكية.
ويُقيّم التقرير الذي يصدر من منظمة رقابة البيانات المفتوحة “ODIN” كل عامين، مدى شمول وانفتاح البيانات المنشورة على المواقع الإلكترونية للمكاتب الإحصائية الوطنية في 197 دولة، ويغطي قطاعات حيوية مثل الإحصاءات الاقتصادية، والمالية، والاجتماعية، والبيئية، ويعد واحداً من أبرز التقارير العالمية المتخصصة.
ويعتمد تقرير مخزون البيانات المفتوحة في تصنيفه على 64 مؤشراً، تقيس مدى توفر البيانات الإحصائية التي تتيحها الدول عبر منصات البيانات المفتوحة الرسمية، وما إذا كانت تلبي المستوى الدولي لمعايير الانفتاح في إتاحة البيانات التي حددتها منهجية التقرير، بعدة عناصر تشمل؛ قدرة الحواسيب والآلات على قراءة البيانات وتحميلها بدون شروط، وتوفير البيانات الوصفية لها مع التوسع في التغطية الجغرافية لها.
وحققت دولة الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في عدد من المؤشرات، منها المؤشرات النقدية والمصرفية، والأمن الغذائي والتغذية، ومؤشر الأسعار والتضخم الذي تقدمت فيه الدولة 45 مرتبة، كما سجلت الدولة المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر التجارة العالمية، ومؤشر مخرجات التعليم، بقفزة بلغت 54 مرتبة، إضافة إلى مؤشرات أخرى مثل البيئة والصحة والتوازن بين الجنسين.
وقال سعادة المهندس ماجد سلطان المسمار مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، إن هذا الإنجاز يأتي ليؤكد التزام دولة الإمارات برؤية مستقبلية طموحة تتكامل فيها السياسات الرقمية مع جهود التنمية الشاملة، عبر إتاحة بنية تحتية رقمية قوية قائمة على البيانات المفتوحة أداة للتمكين المجتمعي، وتعزيز التنافسية العالمية، وترسيخ ثقافة الابتكار المبني على البيانات، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تعزز مكانتها منصة عالمية لصنع القرار المستند إلى المعرفة، ومركزاً لريادة التحول الرقمي الشامل على مستوى المنطقة والعالم.
وأضاف أن هذا الإنجاز يعكس الدور التمكيني الذي تؤديه الهيئة في تعزيز الجاهزية الرقمية للدولة، من خلال تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، ودعم السياسات الوطنية في البيانات المفتوحة، وتوفير البنية التحتية الرقمية، بما يضمن التكامل بين الجهات الحكومية، ويُرسخ مكانة دولة الإمارات كمرجع عالمي في تبني مفاهيم الحكومة الرقمية والشفافية والابتكار القائم على البيانات.
من جهتها أكدت سعادة حنان منصور أهلي مدير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، أن تقدم دولة الإمارات في تقرير مخزون البيانات المفتوحة للعام 2024/2025 يُجسد نموذجاً رائداً لحكومة المستقبل، يرتكز على الشفافية والانفتاح وتوظيف البيانات كأداة إستراتيجية لدفع عجلة التنمية الشاملة.
وقالت إن هذا الإنجاز يمثل ثمرة الرؤية الاستشرافية لدولة الإمارات، واستثماراً متواصلاً في بناء منظومة إحصائية مرنة ومتقدمة، تعتمد على الجاهزية الرقمية، وتسهم في تعزيز تنافسية الدولة عالمياً، وتدعم التوجهات الرئيسية في تحقيق التكامل بين الجهات، ما يسهم في دعم التخطيط المستقبلي في مختلف القطاعات الحيوية وتطوير السياسات، وتعزيز المشاركة المجتمعية، وترسيخ مكانة الإمارات نموذجاً ريادياً في تبني مفاهيم الحكومة الرقمية والبيانات المفتوحة.
يذكر أن البيانات المفتوحة هي مجموعة من البيانات والإحصاءات المتاحة مجاناً التي يمكن لأي فرد أو مؤسسة استخدامها أو إعادة استخدامها أو توزيعها أو مشاركتها مع الغير، وتقوم الحكومات العالمية بتوفيرها للجميع عبر الإنترنت دون قيود تمنع الوصول إليها، وقد حققت دولة الإمارات في نسخة التقرير الحالي 92 نقطة لعنصر انفتاح البيانات، و74 نقطة لعنصر شمول البيانات، وجاءت المحصلة الإجمالية للدولة في التقرير 84 نقطة.وام