ثمّة رسائل مهمة نحتاج لقراءتها بتأنّ وَرَوِيّة في الاعتداء الأخير الذي قام به الاحتلال الصهيوني على الدولة الإيرانية، مرسلةٌ لكل أطراف المعادلة عربيا وإسلاميا، ولا يجب أبدا أن تمر مرور الكرام، ولسوف نستعرضها تباعا كالتالي:

1- الاعتداء الفاجر بمثابة ناقوس خطر لحالة الهوان التي أضحت عليها دولنا العربية والإسلامية؛ التي أصبحت كَلَأ مباحا للراغبين في تركيع قوى الممانعة المُعبئة لمواجهة المخططات المعلنة بكل صفاقة، بعدما كانت في الغرف المغلقة بعيدا عن كاميرات المصورين، وهو ناقوس خطر نحتاج قَرْعه بقوة لانفراط لُحْمة العرب والمسلمين وانكشاف سوءتهم، حتى عَدَى الذئب على فرائسه من النعاج والشياه المستكينة كلما شعر بالجوع، أو كلما أراد تحريك أسنانه وقواطعه -اتقاء للملل!- غارسا إياها في جسد الحملان الوديعة من القطيع الهائم على وجهه!

2- دعوة عاجلة لتحرك بعض الدول العربية والإسلامية -البعض لا الكل!- اتقاء لمحاولات الإفشال التي يتقنها البعض ممن سار طابورا خامسا لمصلحة الصهيونية العالمية، ولتتبوأ تركيا الدعوة مدعومة جنبا إلى جنب بالمملكة العربية السعودية ومصر وباكستان وماليزيا، ومعها الجزائر وقطر، ولتكن أهم مُخْرَجات القمة هو الرفض العملي للبلطجة الإسرائيلية ورفض الدعم الصارخ المقدم لها من البيت الأبيض، وذلك من خلال خطوات قوية وملموسة على الأرض، والحذر من البيانات الشاجبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتي نالت من هيبتنا حتى في مواجهة شعوبنا، وجرّأت العدو على بلادنا وأعراضنا ومُقَدَراتنا.



3-الحاجة للتكاتف لعدم انكسار الدولة الإيرانية في مواجهة العربدة الصهيونية التي بلغت أشدها، حتى لا يتوحش الكيان كتوحش الذئب الجائع في مواجهة قطيع الحِملان التي لا راعي لها! ولا بد من التفاهم مع بعض القوى الدولية الرافضة للاعتداء كالصين وروسيا، فالأمر جلل ويحتاج للتنسيق السياسي والعسكري مع القوى المذكورة كأهم قوتين تضررت مصالحهما من تلك المقامرة التي يقوم بها الاحتلال مدعوما من اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية.

4-العالم الظالم يُذكِّرنا دوما بظلمه بل ويلحّ علينا حتى لا ننسى أنه لا يكيل بمكيال واحد، فأين الهيئات والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن مما يحدث؟ ولنا أن نتخيل ردة الفعل المنتظرة لو حدث الاعتداء من دولة غير اسرائيل! ثم وهو الأهم من أعطى الكيان الصهيوني حق العقاب لدولة عضوا في الأمم المتحدة مثل إيران، لمجرد إقامتها برنامجا نوويا أعلنت مرارا أنه من أجل الأغراض السلمية؟ وهبّ أنها تخطط لصناعة القنبلة النووية فمن أعطى إسرائيل الحق في إنزال العقاب بها، وهي تملك وحدها أكثر من مائة رأس نووية؟! ما هذا الصلف والكِبر الزاعق؟! وما هذا الضعف المشين لبلادنا المُعتدى عليها دون سكان كوكب الأرض؟! وكيف وصلت النطاعة بالمجتمع الدولي إلى هذا الحد المستفز؟!

5- تضامننا مع إيران ينبغي أن يصبح في جوهره وجوديا في مواجهة البلطجي الذي نصَّبَه الغرب الراغب في الإستيلاء على ثرواتنا وخيرات بلادنا، ولا يصح أن نَنْجرَ لعادة البعض ممن جهلوا أبسط قواعد الأولويات التي قعّدَتها السنة المباركة وذكرها أئمة المسلمين أمثال شيخ الإسلام"بن تيمية" قدس الله روحه. ربما للبعض الحق خاصة ممن طالهم الأذى من التدخلات الإيرانية ومن قُبح خطابها الطائفي الموتور ضد السنة في سوريا والعراق ولبنان واليمن، لكنني لا بد وأن أُذَكِّر للأهمية بالمعادلة الصعبة بين عدم انكسار إيران وبين انتصار الصهيونية على أهم أركان الممانعة في المنطقة، وأنه سوف يفتح الطريق أمام الكيان من أجل تركيع المنطقة بأسرها وضرب كل من تسول له نفسه رفع رأسه في مواجهتها!

6- الرسالة المهمة التي لا بد من ذكرها مُوجَّهَة إلى إيران نفسها وإلى جميع الدول الإسلامية التي تمتلك من السلاح والعتاد والذخائر والمدمرات الحربية والطائرات المقاتلة تقول: أين كنتم وغزة تُباد على مدار 600 يوم؟! ولماذا لم تُحركوا صواريخكم ومُسيّراتكم لرفع الظلم عن غزة؟! تبا لحساباتكم ولدولتكم القُطْرية ولقومياتكم العفنة التي لم تغنِ شيئا عن المسلمين ولم تغن شيئا عن مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ومعراجه، وبنو صهيون يتجهزون لهدم المسجد الأقصى، فماذا أنتم فاعلون؟!..

إيران لم تحرك قطعة واحدة من مخزوناتها الجبارة من الأسلحة لأجل المُعذّبين في غزة.. وما حدث رسالة تحذير شديدة اللهجة للدولة التركية تحديدا، فالمعركة ليست مع حزب العمال الكردستاني وحده! والمعركة ليست معركة الليرة والاقتصاد وحدهما.. والتحذير لكل ذي شأن وأولهم حضرة صاحب الفضيلة شيخ الجامع الأزهر..

احذروا فالله حين يغضب لن تهنأوا برغد العيش بعدها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الاعتداء الإيرانية العربية الإسرائيلية إيران إسرائيل اعتداء اسلامي عربي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی مواجهة

إقرأ أيضاً:

الخديوي توفيق.. قائد مصر في زمن العواصف الكبرى

عندما نتحدث عن الخديوي توفيق، نجد أنفسنا أمام شخصية تاريخية مثيرة للجدل، لكنه بلا شك كان نقطة مفصلية في تاريخ مصر الحديث. 

تولى توفيق الحكم في وقت عصيب، بعد أن أجبر الإنجليز والفرنسيون والده إسماعيل على التنحي، إثر تراكم الديون وفساد الإدارة، وكانت البلاد على أعتاب تغييرات كبيرة لم يكن أحد يتوقعها. 

كان الخديوي توفيق الابن الأكبر لإسماعيل من شفق نور هانم، ولعل هذه الحقيقة وحدها شكلت بداية حياة مليئة بالتحديات، حيث لم ينل الفرصة للدراسة في أوروبا مثل أشقائه، مما جعله يعتمد على حكمته وتجربته الشخصية أكثر من التعليم الغربي، لكنه استطاع أن يثبت وجوده في المشهد السياسي رغم كل الصعوبات.

حكم توفيق مصر في فترة شهدت أحداثا فاصلة، منها الثورة العرابية التي أرادت حماية مصر من التدخل الأجنبي، واحتلال إنجلترا الذي أصبح واقعا لا يمكن تجاهله. 

في بدايات حكمه، حاول توفيق تنظيم الدولة من الداخل، وأصدر القانون النظامي في 1883، الذي شكل مجلس شورى القوانين، في خطوة نحو تأسيس مؤسسات تشريعية، لكنها كانت محكومة بالضغوط الأوروبية والتوازنات المعقدة بين السلطة والمراقبين الأجانب.

كان توفيق شخصية عملية، تدرك حدود سلطتها، وتحاول مواجهة الضغوطات بحذر، لكنه في الوقت نفسه لم يكن غافلا عن أهمية الإصلاحات الداخلية.

الاهتمام بالتعليم كان أحد أبرز ملامح حكمه، منذ أن كان وليا للعهد، بدأ في إنشاء المدارس، وحرص على تأسيس مدرسة القبة على نفقته الخاصة، وعندما أصبح خديويا، أصدر مرسوما لتأسيس لجنة لتنظيم التعليم، وأنشئت المدرسة العليا للمعلمين، والمجلس الأعلى للمعارف، وتم إنشاء مدارس ابتدائية وثانوية وعليا. 

لم يكن التعليم بالنسبة له مجرد واجب رسمي، بل كان رؤية لتطوير مصر وتجهيز جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل، كما حرص على تطوير البنية التحتية، بدءا من القناطر الخيرية، مرورا بمشروعات الري، وصولا إلى إنشاء الشركات والبنوك التي ساهمت في دفع عجلة الاقتصاد رغم القيود الأجنبية.

لكن حكم توفيق لم يكن مجرد إنجازات، بل شهد أيضا صراعات كبرى، الثورة العرابية، بقيادة أحمد عرابي، كانت اختبارا حقيقيا لقدرة الدولة على مواجهة المطالب الشعبية والتدخلات الأجنبية. 

حاول توفيق التوسط بين الضغوط الأوروبية ومطالب الشعب، لكنه كان محاصرا من كل الجهات، وقد أدى الصراع إلى الاحتلال البريطاني عام 1882، لتبدأ مرحلة جديدة من التحديات لمصر، لم يكن لتوفيق القدرة على مواجهتها بمفرده، ومع ذلك، لم يكن خديويا متواطئا، بل كان رجل دولة يحاول التوازن بين مصالح بلاده ومتطلبات القوى الكبرى.

خلال فترة حكمه، لم يغفل توفيق عن العناية بالمساجد والأوقاف، وإصلاح المؤسسات الدينية والخيرية، وإصدار لوائح للموظفين المدنيين والعسكريين تضمن حقوقهم. 

كما حاول مواجهة التحديات المالية، على الرغم من سيطرة الدائنين الأوروبيين على الاقتصاد المصري، بما في ذلك بيع جزء من حصة مصر في قناة السويس، كانت سياسته تمثل محاولة لتأمين استقرار الدولة بقدر الإمكان في ظل ضغوط خارجية هائلة.

في النهاية، يظل الخديوي توفيق رمزا لشخصية تاريخية واجهت مصاعب كبيرة، لكن لم تستطع الظروف القاسية والضغوط الأجنبية أن تلغي جهوده في إصلاح التعليم، ودعم البنية التحتية، وتنظيم الدولة. 

قصته تذكرنا بأن القيادة في أوقات الأزمات تتطلب شجاعة وحكمة، وأن الحب الحقيقي للوطن لا يقاس بالانتصارات فقط، بل بالقدرة على الصمود والإصلاح في أحلك الظروف. 

تاريخه يعلمنا درسا: أن مصر، رغم كل الصعاب، كانت دائما أرضا للأبطال الذين يسعون لتقدمها، حتى وإن واجهوا الرياح العاتية والتحديات المستمرة.

مقالات مشابهة

  • إيران: ألحقنا أضرارًا جسيمة بالكيان الصهيوني خلال حرب الـ12 يوما
  • «حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
  • اللقاء الأخير لحسم التأهل.. عمان تواجه جزر القمر في مواجهة مثيرة بكأس العرب 2025
  • الكيان الصهيوني ومشروع تقسيم السودان
  • طبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني في ندوة بجامعة الحديدة
  • إيران ترفض رسائل أمريكية لاستئناف المفاوضات النووية
  • طبيبتان فلسطينية وسورية في مواجهة اللوبي الصهيوني (بورتريه)
  • بارك:أمريكا بعد 2003 سلمت العراق إلى إيران ورئيس الوزراء السوداني بلا سلطة والإطار الإيراني من يحكم البلاد
  • بارك:أمريكا بعد 2003 سلمت العراق إلى إيران ورئيس الوزراء السوداني بلا سلطة والإطار الإيراني من يحكم البلد
  • الخديوي توفيق.. قائد مصر في زمن العواصف الكبرى